ترامب يعيد تشكيل التحالفات.. أين أفريقيا في المشهد الجديد؟
أعاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، من خلال سياسة "أميركا أولا" التي يتبناها، رسم خريطة النفوذ الدولي، فاتحا المجال أمام تقارب غير مسبوق بين الصين وروسيا والهند.
وفي خضم هذا التحول، تجد أفريقيا نفسها في قلب المشهد، لكن من دون أن تمسك بزمام المبادرة.
تراجع الحضور الأميركي
وفق مجلة أفريكا ريبورت، أدى انكماش الدور الأميركي في أفريقيا إلى تقليص المساعدات، وتفريغ برامج التجارة، وتشديد قيود التأشيرات، مما جعل القارة بالنسبة لواشنطن أولوية متأخرة في أجندة خارجية تهيمن عليها الصفقات القصيرة الأمد.
ويقول المحلل الأميركي كيرتس سميث إن "أميركا أولا" في عهد ترامب تعني عمليا "أفريقيا أخيرا".
الرئيس الصيني (وسط) مع قادة الدول الأفريقية أثناء حفل افتتاح منتدى الصين الأفريقي 2024 (رويترز)
تقارب أوراسي على حساب واشنطن
دفعت الحروب التجارية التي أطلقها ترامب بكين وموسكو ونيودلهي إلى تنسيق أوثق.
ففي بكين، جمع الرئيس الصيني شي جين بينغ نظيريه الروسي فلاديمير بوتين والهندي ناريندرا مودي، في مشهد عكس محورا جديدا يرى في الأسواق الأفريقية ومعادنها النادرة وأصواتها في المحافل الدولية جوائز إستراتيجية.
– الصين: تموّل وتبني البنية التحتية، وتسيطر على الكوبالت والليثيوم في الكونغو وزيمبابوي.
– روسيا: تقدم السلاح والطاقة، وتدعم أنظمة في الساحل مقابل امتيازات تعدين.
– الهند: توسع تجارتها واستثماراتها في الطاقة والاتصالات والزراعة، بخطاب "تعاون جنوب-جنوب" أقل إغراقا بالديون وأبعد عن أدوات القوة الصلبة.
الرئيس الروسي (وسط) مع رؤساء الوفود خلال قمة روسيا وأفريقيا (أسوشيتد برس)
مسار متعدد الأقطاب… وفرص محدودة
يرى محللون أن التعددية القطبية تمنح أفريقيا شركاء أكثر، لكنها تقلص هامش المناورة إذا ما تقاطعت مصالح القوى الأوراسية.
ويشير سميث إلى أن فقدان الثقة بواشنطن سرّع بحث القارة عن بدائل مثل "بريكس" وتركيا ودول الخليج، بل وعن شراكات أفريقية أفريقية.
وتوضح أفريكا ريبورت أن مشاهد التنافس الدولي في أفريقيا تتجسد في 4 ساحات محورية:
منطقة الساحل: نفوذ روسي عبر حضور عسكري مباشر، يقابله نشاط اقتصادي صيني أكثر هدوءا.
كينيا: بين مطرقة الديون الصينية وسندان الاستثمارات الخليجية، وسط فتور أميركي في التجارة.
نيجيريا: رغم مقومات القيادة القارية، فإن انعدام الأمن وتفاقم الديون يحدان من تأثيرها.
إثيوبيا: استثمارات صينية وهندية وخليجية تتقاطع مع طموحات إقليمية كبيرة، لكن الهشاشة الداخلية تعرقل تحقيقها.
زيمبابوي… نموذج مصغر
يعتمد الرئيس إيمرسون منانغاغوا على بكين وموسكو، مع دخول نيودلهي على الخط بصفقات بمئات ملايين الدولارات.
لكن خلف خطاب "تنويع الشركاء" تكمن، وفق محللين، منافسات داخلية بين النخب، حيث تُستخدم الشراكات الخارجية كأدوات صراع سياسي.
مفترق طرق ديمغرافي
بحلول عام 2035، سيكون ثلث شباب العالم أفارقة، وسيتجاوز عدد السكان في سن العمل نظراءهم في الصين والهند مجتمعين.
ويحذر سميث من أن "قارة من الشباب العاطلين تمثل هشاشة، أما قارة من المبرمجين والمهندسين فهي قوة عظمى".
ويؤكد خبراء أن تحقيق ذلك يتطلب عملا جماعيا عبر اتفاقية التجارة الحرة القارية، وتجنب الصفقات الثنائية التي تضعف الموقف الموحد، وحماية الشراكات من "الاستحواذ النخبوي".
اجمالي القراءات
7