اللاجئون السوريون في مصر واحتمال العودة طوعياً أو قسرياً
يطرح سقوط نظام بشار الأسد في سورية احتمال عودة أكثر من مليون لاجئ سوري من مصر، وفق تقديرات غير رسمية، 156,444 منهم مسجلون رسمياً وفقًا للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. ويتمتع اللاجئون السوريون في مصر بظروف معيشية مقبولة نسبيًا مقارنة بدول اللجوء الأخرى، حيث تمكن العديد منهم من الاندماج في المجتمع المصري عبر العمل في قطاعات مختلفة، لا سيما التجارة والصناعة، لكن مع ذلك، يبقى حلم العودة إلى الوطن هو الهدف النهائي للكثيرين.
ولا تقتصر تحديات عودة اللاجئين فقط على وجود قيادة جديدة في سورية؛ فهناك العديد من العقبات التي تجب معالجتها، منها إعادة الإعمار، إذ تحتاج سورية إلى سنوات طويلة لإعادة بناء البنية التحتية التي دُمرت خلال سنوات الحرب. وأيضاً هناك الضمانات الأمنية، إذ يطالب اللاجئون بضمانات دولية حقيقية لحمايتهم من أي اضطهاد أو انتقام. وهناك التعويضات وإعادة الممتلكات، حيث يواجه اللاجئون مشكلات في استعادة ممتلكاتهم التي صودرت أو دُمرت خلال النزاع.
العودة الطوعية وفق القانون الدولي
يؤكد الدكتور أيمن سلامة، أستاذ القانون الدولي وخبير حفظ السلام الدولي، أن اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1951 بشأن حقوق اللاجئين تشكل حجر الزاوية في تنظيم عمليات عودة اللاجئين، حيث يجب أن تكون العودة طوعية وليس قسرية، وتتم بناءً على رغبة اللاجئين أنفسهم، مشيراً إلى أمثلة من لبنان، حيث توجّه عشرات الآلاف من اللاجئين السوريين إلى بلادهم فور سقوط النظام. ويشدد على أن العودة لا يجب أن تكون تحت التهديد أو الضغط، بل يجب أن تكون مبنية على استقرار الأوضاع في سورية، بما يضمن أمان العائدين وسلامتهم الجسدية. وأضاف أن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين هي الجهة المسؤولة عن تقييم الوضع في سورية، والتحقق من وجود خدمات أساسية مثل الصحة والتعليم والنقل التي تضمن استيعاب العائدين. ويلفت سلامة، الانتباه إلى أن التدمير الواسع الذي لحق بالبنية التحتية والمرافق العامة في سورية يشكل تحديًا رئيسيًا أمام عودة اللاجئين، مما يتطلب تعاونًا دوليًا لضمان سلامتهم وكرامتهم وتلبية احتياجاتهم الأساسية.
تاريخ من الترحيلات القسرية
من جهته، صرح نور خليل، المدير التنفيذي لمنصة اللاجئين في مصر لـ"العربي الجديد"، بأن السلطات المصرية سبق وأن قامت بعمليات ترحيل قسرية للاجئين السوريين، وهو ما يمثل مخالفة للقواعد والالتزامات الدولية. وأكد أن الوضع الحالي في سورية لا يسمح باعتبارها بلدًا آمنًا لعودة اللاجئين، حيث إن الظروف الأمنية والاقتصادية لا تزال تشكل تهديدًا كبيرًا لهم. وأشار نور إلى أن هناك تقارير عن توقيف عدد من السوريين في مصر عقب سقوط نظام الأسد. ورغم الإفراج عن بعضهم لاحقًا، إلا أن أسرًا عديدة أفادت بعدم الإفراج عن ذويها وعدم عرضهم على النيابة العامة، مما أثار مخاوف بشأن مستقبل اللاجئين في مصر. وعلى الرغم من الدعوات الدولية لعودة اللاجئين، فإن الواقع على الأرض يشير إلى صعوبات كبيرة. إذ يرى خبراء أن سورية، في وضعها الحالي، تفتقر إلى البنية التحتية والخدمات الأساسية التي تمكنها من استيعاب العائدين. إضافة إلى ذلك، فإن استمرار انعدام الاستقرار الأمني والسياسي يعقد مسألة العودة ويجعلها محفوفة بالمخاطر.وبينما قد تضغط بعض الأطراف لإعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم بعد سقوط نظام الأسد، يظل الوضع القانوني والإنساني حجر العثرة أمام أي عمليات ترحيل، لا سيما إذا كانت قسرية. في ظل الظروف الراهنة. يقول كثيرون من اللاجئين السوريين في مصر إنهم مستعدون للعودة إذا توفرت الظروف الأمنية والمعيشية المناسبة، خصوصًا إذا رافقت مرحلة ما بعد الأسد جهودًا دولية ضخمة لإعادة الإعمار وضمان الاستقرار السياسي. ودعا العديد من الأطراف الدولية، بما في ذلك الأمم المتحدة، إلى إدراج ملف اللاجئين كأولوية في أي تسوية سياسية مستقبلية في سورية. وأكدت المنظمات الدولية أهمية العودة الطوعية والآمنة، مشيرة إلى أن العودة يجب أن تكون مدعومة ببرامج دولية لإعادة التوطين وإعادة الإعمار.
اجمالي القراءات
189