الحكومة المصرية تواصل إهدار المليارات على الجيش وتترك الشعب يغرق في الفقر
في ظل أزمة اقتصادية طاحنة يعيشها المواطن المصري العادي وتفاقم المعاناة اليومية، يكشف الواقع المؤلم عن أرقام صادمة تتعلق بإنفاق الحكومة المصرية على المجال العسكري، حيث سجلت مصر في عام 2023 إنفاقًا عسكريًا بلغ 96.9 مليار جنيه، مقارنة بـ89.2 مليار جنيه في عام 2022، بزيادة قدرها 9%.
هذه الأرقام تكشف عن توجه لا مبالٍ من الحكومة المصرية تجاه الأزمة الاقتصادية الحادة التي تسببت في انهيار مستوى المعيشة وارتفاع معدلات الفقر والتضخم، مع استمرار توجيه الموارد العامة نحو زيادة الإنفاق على الجيش، بدلًا من العمل على حل المشكلات الاجتماعية والاقتصادية التي تعصف بالبلاد.
الارتفاع الكبير في الإنفاق العسكري الذي شهدته مصر في العام الأخير يعكس سياسة حكومية تبدو معزولة تمامًا عن احتياجات المواطن البسيط، حيث يشير هذا الارتفاع بنسبة 9% إلى تجاهل واضح للأولويات الاقتصادية التي يجب أن تركز على تحسين أوضاع المواطنين المتردية، وليس ضخ المزيد من الأموال في المجال العسكري، دون أن يكون هناك أي مبرر حقيقي يفسر هذا التضخم في النفقات الدفاعية.
المثير للجدل هو أن هذه الزيادة جاءت في وقت تتفاقم فيه أزمة الغذاء والطاقة، ويعاني ملايين المصريين من تداعيات ارتفاع الأسعار بشكل جنوني، وسط تجاهل حكومي واضح للحد من هذه الأزمات.
بدلاً من توجيه المليارات إلى تحسين البنية التحتية أو التعليم أو الخدمات الصحية، تواصل الحكومة ضخ الأموال في مشروعات عسكرية يصعب تبريرها أمام الشعب المصري الذي يئن تحت وطأة الأوضاع الاقتصادية الكارثية.
يجب التساؤل هنا عن الجهة التي تستفيد من هذه الزيادات المتكررة في الإنفاق العسكري. فمن الواضح أن الفساد المستشري في مؤسسات الدولة المصرية يلعب دورًا كبيرًا في توجيه الأموال العامة بعيدًا عن الأولويات الاجتماعية والاقتصادية.
فقد أصبح من المعتاد في السنوات الأخيرة أن تتصدر المؤسسات العسكرية المشهد الاقتصادي، حيث تسيطر على جزء كبير من الأنشطة الاقتصادية، بدءًا من قطاع العقارات مرورًا بقطاع التصنيع وحتى الزراعة، مما يؤدي إلى تقويض المنافسة الشريفة ويعزز من هيمنة الجيش على مقدرات الدولة الاقتصادية.
يبدو أن الحكومة المصرية بقيادة الدكتور مصطفي مدبولي لا تدرك حجم الفجوة المتزايدة بين الإنفاق الحكومي واحتياجات المواطن.
في وقت تتراجع فيه قدرات الأسر المصرية على تلبية احتياجاتها الأساسية بسبب التضخم المتسارع، تستمر الحكومة في تجاهل الوضع المزري بتخصيص المزيد من الموارد لصالح الإنفاق العسكري دون أن توفر للمواطن أي تفسير حول ضرورة هذه الزيادات في هذا التوقيت الحرج.
وهنا تبرز تساؤلات مشروعة حول الدور الذي تلعبه الحكومة المصرية في تفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية.
فبينما يدعو المواطنون لإصلاحات اقتصادية حقيقية تهدف إلى تحسين أوضاعهم المعيشية وتوفير فرص العمل، ترد الحكومة بزيادة الإنفاق العسكري، وكأنها تعيش في عالم موازٍ، لا يعنيها معاناة شعبها.
الأدهى من ذلك أن هذه الزيادة الكبيرة في الإنفاق العسكري تأتي وسط تقارير دولية تفيد بتراجع مستوى الحريات العامة وازدياد القمع ضد المعارضين السياسيين والنشطاء الحقوقيين،
مما يوحي بأن جزءًا من هذا الإنفاق يذهب لتعزيز قبضة الدولة الأمنية على المواطنين، بدلاً من توجيه هذه الأموال لتحسين الخدمات الاجتماعية والصحية والتعليمية التي يحتاجها الشعب المصري بشدة.
وفي ظل هذا الواقع المحزن، باتت تتزايد الشكوك حول نوايا الحكومة الحقيقية وراء تضخيم ميزانية الدفاع بهذا الشكل. فهل تستعد مصر لمواجهة تهديد خارجي حقيقي يستدعي هذه الزيادة، أم أن الأمر لا يعدو كونه محاولة لتوسيع نفوذ الجيش داخل البلاد على حساب المواطن العادي؟
وما الذي دفع الحكومة إلى تجاهل المشكلات الحقيقية التي يعاني منها المواطنون، وتوجيه مليارات الجنيهات لصالح الجيش بينما تستمر معدلات الفقر في الارتفاع، ويزداد العبء على كاهل الشعب؟
في هذا السياق، تأتي تساؤلات عديدة حول مدى تأثير الفساد على هذه القرارات. فمن المعروف أن مشاريع التسليح والإنفاق العسكري غالبًا ما تكون مجالًا خصبًا لانتشار الفساد، حيث يصعب مراقبة نفقات هذا القطاع بالشكل الكافي.
وتظل الشفافية غائبة تمامًا فيما يخص تفاصيل هذه النفقات، مما يثير الشبهات حول توجيه جزء من هذه الأموال إلى جيوب المنتفعين والمتنفذين داخل المؤسسة العسكرية.
لقد بات من الواضح أن الحكومة المصرية، بدلًا من أن تستجيب لمطالب الشعب وتعمل على تخفيف المعاناة اليومية، اختارت أن تستمر في سياسة الإنفاق العسكري المفرط، متجاهلة بذلك أولويات التنمية الاجتماعية والاقتصادية.
وإذا استمرت الأمور على هذا النحو، فإن الفجوة بين الدولة والمواطن ستتسع أكثر فأكثر، مما يهدد بمزيد من التوترات الاجتماعية والسياسية في المستقبل القريب.
يواجه المصريون اليوم واقعًا مؤلمًا، حيث يبدو أن الحكومة لا تستمع إلى أصواتهم ولا تستجيب لمطالبهم المشروعة بحياة كريمة.
فبدلًا من العمل على تحسين الوضع الاقتصادي وتخفيف العبء عن المواطنين، يتم توجيه المليارات إلى مجالات لا تخدم سوى مصالح قلة قليلة على حساب الشعب. وإذا استمر هذا الاتجاه، فإن العواقب قد تكون وخيمة على مستقبل مصر وشعبها.
اجمالي القراءات
43