مقال ابراهيم عيسى : (نحن . و.. هم ).!!
نحن وهم!
من أول السطر
إبراهيم عيسي
في قلب إسرائيل خرجت مظاهرة ضخمة ضمت أكثر من عشرة آلاف إسرائيلي ينددون بمجازر الجيش الإسرائيلي في غزة ويطالبون بوقف العدوان ويهاجمون رؤوس حكومتهم الثلاثة أولمرت وباراك وليفني.
مظاهرة من عشرة آلاف إسرائيلي في قلب تل أبيب، بينما حكومة مصر العظيمة تعتقل وتضرب وتسحل المتظاهرين وتمنع وتحاصر المظاهرات، ويقف آلاف الجنود من عساكر الأمن المركزي وقوات مكافحة الشغب وفرق الكاراتيه ليعتدوا علي المتظاهرين بكل قسوة وغل وانتقام بما لم تفعله بنسبة واحد إلي مليون قوات أمن إسرائيل في مواجهة مظاهرات مواطنيها المعارضين للحكومة والرافضين لحربها علي غزة والمنددين بتصرفاتها الهمجية!
سبحان الله!.. الأعداء الذين يطلقون صواريخهم لقتل أطفال غزة ضعاف ومتسامحون مع مظاهرات شعبهم ضد حكومتهم، بينما حكومة مصر التي تقول عن نفسها إنها تضحي من أجل فلسطين - (والنبي لتقولوا ضحي بإيه حاتم الجبلي ولا بطرس غالي ولا محيي الدين ومميت القطاع العام والمغربي والمشرقي وغيرهم ضحوا بإيه من أجل فلسطين ثم مين قال لهم إن فلسطين عايزة تضحية سعادة البيه الوزير!!) - تعامل مظاهرات شعبها بكل قمع وقهر!
كان وجود المظاهرات المعارضة للحرب في إسرائيل قويا وحاضرا، لا أتكلم هنا عن عرب 48 من حاملي الجنسية الإسرائيلية، والذين تظاهروا تضامنا مع غزة بعشرات الألوف ولم تجر وراءهم عربات الأمن المركزي الإسرائيلي لسحهلم والقبض عليهم!! بل نتكلم عن مظاهرات يهود إسرائيليين يتكلمون العبرية، حين كان يتظاهر الآلاف منهم في تل أبيب يرفعون أصواتهم عالية مدوية ضد حكومتهم ورؤسائهم ومع ذلك لم يخرج مسئول حكومي أو مقدم برنامج «البيت الإسرائيلي بيتك» يندد بهؤلاء المتظاهرين ويصفهم بالخونة والعملاء لإيران، كما يصف ويتهم ويسب ويلعن مسئولونا وطبولهم الجوفاء في الصحف الحكومية والمخصوصة والإعلام العام والمخصص كل من يعارض موقف حكومة مصر في حصار غزة وتعاونها السياسي مع إسرائيل، لاحظ أن الهجوم علي موقف حكومة مصر وليس علي مصر، ومع ذلك يخرج هؤلاء يتهمون معارضي حكومتهم بأنهم يهاجمون مصر ويتنكرون لتضحيات مصر ويهددون دور مصر مع أن مصر حاجة وحكومتها حاجة تانية، دعك أصلاً من أنها حكومة مزورة جاءت إلي مقاعد الحكم بالتزوير، بل حتي لو جاءت بتصويت حر نزيه (وطبعا من سابع المستحيلات أن تأتي حكومة حزب وطني للحكم في انتخابات حرة أو حتي نصف حرة بل ربع حرة) حتي مع انتخابات حرة لا تصبح الحكومة هي مصر، فالحكومات هي حكومات قابلة لسحب الثقة وللسقوط في الانتخابات، ومِنْ ثَمَّ ليست هي الوطن ولا البلد ولا الدولة، ولا يصح أبدا أن يتم التعامل مع مَنْ يعارض سياسة الحكومة وموقف الحكم بأنه غير وطني، بل غير مصري فالحقيقة أننا نتحمل بالعافية أن يكون بعض وزرائنا مصريين، لكن أن يكونوا هم مصر فتبقي مصيبة زرقاء، فمصر الوطن أكبر من مواطنيه ومن وزرائه ولا يحتكر حزب أو نظام حكم الوطن لنفسه، فنحن لسنا حديد عز، بل نحن وطن العزة (لا أقول وطن العز فأنا لا أري عزا ولكنني أري العزة والكرامة حتي وإن أهدروها فهي داخلنا جوهرة كل مصري المدفونة كأنها مومياء في تابوت يأتي يوم لنكتشف كنزها).
إسرائيل لم تتهم معارضي حكومتها بالخيانة أو العمل لصالح إيران، وللمفارقة إيران هي العدو المعتمد الآن لدي تل أبيب والقاهرة، أما واشنطن فهي العاصمة الحليفة والصديقة لدي تل أبيب وواشنطن!!
بينما حكومة مصر وطبالوها وراقصو التَّنُّورة من رجالها لا يتوقفون خمس دقائق عن اتهام كل من يري غير ما يراه السيد الرئيس والسادة نجل الرئيس وسكرتارية الرئيس بأنهم عملاء قُوَي إقليمية، بينما تل أبيب تتعامل مع معارضي حربها ضد غزة باعتبارهم معارضين للحكومة وللحرب وليسوا خونة لإسرائيل!!
هذا هو بالضبط الفارق بين حكومة مصر وإسرائيل، فالحكومتان ضد إيران وسوريا وحزب الله وحماس، ومع ذلك إسرائيل تحارب الفلسطينيين، بينما مصر تحارب المصريين!!
اجمالي القراءات
1952