مترجم: كيف يمكن ترويض ترامب؟

اضيف الخبر في يوم الأحد ١٣ - نوفمبر - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: ساسه


مترجم: كيف يمكن ترويض ترامب؟

أثار فوز دونالد ترامب بانتخابات الرئاسة في أمريكا حالة من الصدمة لم يفِق العالم منها بعد. أطلق الرجل عشرات التصريحات المثيرة للجدل والتي تنبئ بنوايا سيئة خلال فترة رئاسته. وكانت أبرز تصريحاته هي فرض حظر على دخول المسلمين إلى أمريكا، ونيته بناء جدار يفصل بين أمريكا والمكسيك لوقف تدفق المهاجرين غير الشرعيين، وإعلانه عدم ممانعته التعامل مع بشار الأسد في سوريا، وغيرها من التصريحات. ولكن السؤال المطروح الآن؛ هل سينفذ ترامب وعوده الانتخابية المتطرفة، أم أنه سيسير وفقًا للسياسة الأمريكية البراجماتية السائدة منذ عقود؟

يناقش تقرير على موقع بروجكت سينديكيت هذا الأمر فيقول «وعد ترامب بالانسحاب من الشراكة الاقتصادية الإستراتيجية عبر المحيط الهادئ واتفاقية التجارة الحرة بين دول أمريكا الشمالية، وزيادة الضرائب على الواردات الصينية، وترحيل ملايين من العاملين غير القانونيين، وإلغاء قانون التأمين الصحي الذي أصدره أوباما، الذي سيترك الملايين من الأمريكيين دون تأمين صحي».

يعتزم ترامب خفض ضرائب الدخل على الشركات والأثرياء، بما سيقلل حصيلة الخزانة الأمريكية من الضرائب بواقع تسعة تريليونات دولار خلال عشر سنوات. لكنه في نفس الوقت يعتزم زيادة الضرائب على بقية أطياف الشعب، وتشجيع الشركات على إعادة رؤوس أموالها من الخارج.

ويشير التقرير إلى أن ترامب سينتهج سياسة مالية مغايرة تبدأ بالتخلص من «جانيت يلين»؛ محافظة البنك الاحتياطي الفيدرالي، وبعض أعضاء مجلس إدارة البنك. وسيتخلص من مكتب حماية المستهلك وكافة تشريعات حماية البيئة التي تقيد يد الشركات الكبرى.

وفيما يخص السياسة الخارجية، أعلن ترامب عدم التزامه بالدفاع عن حلفائه التقليديين، مما قد يشعل سباق تسلح نووي، ويحد من تأثير أمريكا على مستوى العالم. وأكد أنه لن يتسامح مع أعداء الولايات المتحدة.

لكن التقرير يوضح أن كل ما أعلن عنه ترامب من إجراءات يعتزم اتخاذها ليس إلا دعاية انتخابية وأنه على الأرجح سيتبع سياسة معتدلة. ترامب بالأساس رجل أعمال يتقن «فن إبرام الصفقات»، واختياره كسب الشعبية تكتيك أكثر منه معتقدات.

إن دهاء ترامب بوصفه رجلَ أعمالٍ جعله يظفر بتأييد الطبقة العاملة من الجمهوريين وبعضٍ من الديمقراطيين الذين ساندوا بيرني ساندرز في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي. وقد أتاح له ذلك البروز بين أقطاب السياسة الأمريكية التقليديين.

وبمجرد جلوسه على المكتب البيضاوي، يشير التقرير، سيعود ترامب إلى انتهاج سياسات التوريد التقليدية واتباع سياسات الأثر الانتشاري الاقتصادية (والمقصود بها استفادة الطبقة الفقيرة من زيادة ثروة الأغنياء) التي لطالما اتبعها الجمهوريون. بل إن حتى اختياراته لطاقم إدارته يوضح استعانته بنجوم الإعلام من الجمهوريين، مثل «مايك بنس» في منصب نائب الرئيس، والمتحدث السابق باسم الكونجرس «نيوت جنجرش».

وهكذا، فإن الزعماء الجمهوريين التقليديين هم من سيضعون السياسات. إذ سيقوم مسؤولو التنفيذ بتحديد السيناريوهات المحتملة لكل مشكلة، ثم تزويد الرئيس بقائمة محددة من البدائل التي يمكنه الاختيار من بينها. وبالنظر إلى ضعف خبرة ترامب السياسية، فإن اعتماده على مستشاريه سيكون كبيرًا.

ويؤكد التقرير أن الكونجرس سيحد من تطرف سياسات ترامب، وذلك بالتدقيق في كافة التشريعات التي سيسعى إلى تمريرها. كما أن المتحدث باسم الكونجرس الحالي «بول رايان» وعددًا من الأعضاء الجمهوريين تختلف آراؤهم عن آراء ترامب حيال التجارة والهجرة وعجز الموازنة. كما أن الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ ستتصدى لمحاولات تمرير أي إصلاحات جذرية، لا سيما فيما يتعلق بالأمن الاجتماعي والرعاية الصحية.

وسيخضع ترامب لرقابة صارمة من قبل السلطات السياسية الأمريكية المختلفة، والهيئات الحكومية شبه المستقلة مثل مكتب التحقيقات الفيدرالي، والإعلام الحر المتحفز.

ولكن إذا ما حاول ترامب إدخال تغييرات جذرية على الأسواق، فإن رد الفعل سيكون عنيفًا للغاية. فقد تنهار قيمة الأسهم والدولار، وستتفجر أسعار الذهب ويهرب المستثمرون الأجانب. أما إذا لجأ إلى إجراءات معتدلة تدعم رجال الأعمال، فلن تتأثر الأسواق. وعلى الأرجح سيفضل اتباع سياسات آمنة عن تحقيق الوعود الانتخابية.

يقول التقرير إن آثار وجود ترامب رئيسًا ستكون محدودة إذا ما اتسم بالبراجماتية. عندما أعلن عزمه الخروج من الاتفاقية الاقتصادية والإستراتيجية مع المحيط الهادئ، كان ذلك نفس ما تعتزم هيلاري كلينتون، المرشحة الخاسرة، فعلَه. كما أنه على الأرجح لن ينسحب بشكل كامل من اتفاقية «نافتا» لأن ذلك قد يضر بالعمال ذوي الياقات الزرقاء. وبالنسبة لوضع قيود على الواردات الصينية، ستقف قوانين منظمة التجارة العالمية الخاصة بتعريفات «الإغراق المستهدف» حائلًا أمامه. وسيدرك في نهاية المطاف أن التعاون مع الصين له منافع أكبر.

لا يمكن لترامب التخلص من كافة المهاجرين غير الشرعيين الذين يقدر عددهم بالملايين، لكنه على الأرجح سيلاحق مَن لهم سجلات جنائية فقط. كما أنه سيمنع استخراج تأشيرات دخول للأجانب إلا للعاملين ذوي المهارات العالية.

لكن عجز الموازنة سيزيد حتى إذا ما اتبع ترامب سياسات براغماتية. على سبيل المثال، إذا ما اتبع خطة الضرائب التي اقترحها أعضاء الكونجرس من الجمهوريين، فستنخفض إيرادات الضرائب بمقدار تريليوني دولار خلال عشر سنوات.

وبوجه عام، إذا ما اتبع ترامب سياسات معتدلة، فإن ذلك سيتعارض مع وعوده الانتخابية الراديكالية التي أطلقها أمام مؤيديه. لكنها ستكون مقبولة بالنسبة للمستثمرين والعالم ككل.

اجمالي القراءات 2384
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق