بعضكم لبعض عدو

الأربعاء ١٧ - مايو - ٢٠٢٣ ١٢:٠٠ صباحاً


نص السؤال:
قال جل وعلا لآدم ( اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ) الاعراف ) ( هْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ) البقرة ) ( اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ) طه ). لى عدة تساؤلات عن معنى الهبوط واين جنة آدم ؟ وهل هى موجودة الآن ؟ ولماذا العداء بين أبناء آدم ؟ وهل لقصة ابنى آدم وقتل أحدهما الآخر صلة بهذا العداء ؟
آحمد صبحي منصور :

أولا :

1 ـ كان آدم وحواء فى جنة برزخية . نعرف عنها بالإشارات القرآنية فى قوله جل وعلا : (   اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنْ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً (12)الطلاق ). الأرض المادية تغلفها ست أرضين برزخية ، وثم تغلفها سبع سماوات برزخية . أرضنا المادية هى الأضعف والأسفل ، وبالترتيب يعلوها ويتخللها ويغلفها برازخها الستة ، كل منها فوق الآخر ، ثم يغلفها جميعا برازخ السماوات السبع ، بنفس الترتيب ، السماء الدنيا ثم الثانية .. وهكذا الى الأعلى وهى السماء السابعة حيث الروح جبريل والملأ الأعلا من الملائكة .  وتعبير ( السماء الدنيا ) يعنى التى تعلوا البرزخ الأخير من برازخ الأرض ، هذه السماء الدنيا هى الأدنى والأسفل من السماوات السبع فوقها ، ولكنها تعلو البرزخ الأعلى من من برازخ الأرض .

2 ـ محمد عليه السلام حين تلقى القرآن الكريم مكتوبا فى قلبه وفؤاده من جبريل لم يصعد الى السماء ، بل إن جبريل هو الذى هبط من البرزخ العلوى ( السماء السابعة ) لأنه من ( الملأ الأعلى ) ، فنزل وهبط ومحمد وقتها عند جبل الطور ( المسجد الأقصى ) ، ورأى محمد ليس بعينيه بل بقلبه وفؤاده جبريل ب ( الأفُق الأعلى ) . إقرأ قوله جل وعلا عن رؤية محمد جبريل نزلتين أو مرتين : ( وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى (6) وَهُوَ بِالأُفُقِ الأَعْلَى (7) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (8) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (9) فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (10) مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى (11) أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى (12) وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (13) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (14) عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى (15) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى (16) مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (17) لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى (18) النجم ).

3 ـ فى برزخ من تلك البرازخ الأرضية كان يعيش أدم وزوجه ، ولعل جنة آدم هى المشار اليها فى سورة النجم : ( عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى (15) ، ولعلها الجنة التى يعيش فيها الذين يُقتلون فى سبيل الله جل وعلا ، يروننا ولا نشعر بهم ولا نراهم . إقرأ قوله جل وعلا : ( وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (170) يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنْ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (171)  آل عمران )  (وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لا تَشْعُرُونَ (154) البقرة ).

ثانيا : عن العداء بين بنى آدم

1 ـ كان آدم وزوجه يعيشان فى الجنة رغدا ، أى يأكلان من ثمرها بلا تعب . بعصيانهما وأكلهما من الشجرة المحرمة هبطا الى الأرض ليختلف الوضع ، إذ أصبح عليهما وعلى بنى آدم أن يتعبوا وأن يشقوا فى الحصول على الطعام واللباس والمسكن ، وعلى هامش هذا يكون حسد وطمع وتنافس وصراع وعداء ، من مستوى الأخوة الى الأقارب والجيران الى العائلات والدول  .

2 ـ قال جل وعلا : ( وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنْ الظَّالِمِينَ (35) فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (36) البقرة ).

3 ـ  وجاء تحذيرهما بالشقاء لو هبطا من الجنة : (  فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنْ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى (117) إِنَّ لَكَ أَلاَّ تَجُوعَ فِيهَا وَلا تَعْرَى (118) وَأَنَّكَ لا تَظْمَأُ فِيهَا وَلا تَضْحَى (119) فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلَى (120) فَأَكَلا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (121) ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى (122) قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ) (123) طه).

عن صلة النزاع بين إبنى آدم بهذا العداء

1 ـ قال جل وعلا لآدم وزوجه وذريته التى ستأتى فى الأرض : ( اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (24) الاعراف ).

2 ـ وبدأ هذا العداء فى أول حرب عالمية فى التاريخ البشرى ، بقتل إبن آدم شقيقه فى حياة آدم وزجته . وكانت جثة القتيل أول جثة بشرية لأن القاتل لم يكن يعرف كيف يواريها .

3 ـ يمكن أن نتصور سبب عداء القاتل لشقيقه فى أن الله جل وعلا تقبّل قربان شقيقه المتقى لأنه جاء بالحلال عكس قربانه، حسده ، فقتله . نقرأ قوله جل وعلا : (  وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنْ الآخَرِ قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنْ الْمُتَّقِينَ (27) المائدة )



مقالات متعلقة بالفتوى :
اجمالي القراءات 2862
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 5225
اجمالي القراءات : 61,798,161
تعليقات له : 5,495
تعليقات عليه : 14,893
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي


تقوى القلوب: قالوا ويقول ون:إس ال الإزا روإرخ اؤه على...

جامعة أهل القرآن: السلا م عليكم ورحمة الله وبركا ته اود...

مفيش فايدة ..؟؟: كلما تكلمت بالقر آن أنتقد البخا رى اجد...

عذاب القبر وثعبانه: أشكرك على مقال عذاب القبر والثع بان الاقر ع ...

البقرة 257 : ما معنى (اللّ هُ وَلِي ُّ الَّذ ِينَ ...

العدوان والاعتداء: قرأت لك إن الاسل ام هو دين السلا م فى تعامل...

حوارات: حوارا ت أولا من الاست اذ عبد المجي د ...

البخس: ما هو المرا د بقول الله جل وعلا ( ولا تبخسو ا ...

قانون الجنسية: بعض الدول لا تعطى الجنس ية للمول ود فيها إن...

تطبيق العقوبات: إذا كان الإسل ام جاء بشريع ة العدل بين جميع...

التكقير من تانى : أری ;د أن أتمنّ ی منکم أن لا تکفّر وا ...

عدنا بحمد الله تعالى: لماذا لم تنشر من 19 - 3 - 20118 لحد الان ارجو ان تكون...

المعاش والطلاق: توفى ابى وترك معاش 5 آلاف جنيه . وأنا وريثت ه ...

حسبنا الله جلّ وعلا .: هل لنا قناة تلفزي ونية او محطة اعلان ية ...

ميراث ابن الزنا: أكتشف أنه ابن زنا . فهل يطالب بميرا ث أباه...

more