لا اكراه في الدين

السبت ٠٩ - يوليو - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً


نص السؤال:
اية "لا اكراه في الدين" حمالة أوجه؛ فمنهم من يفسرها بلا إكراه في دخول الاسلام فقط، واخرون يفسرونها بلا اكراه داخله.. وأنتم تفسرونها بلا اكراه في دخول الاسلام ولا اكراه في البقاء فيه ولا اكراه ايضا بالالتزام داخله بالشرائع... هنا نفهم أن القران حمال أوجه في الفهم والعمل به. هل ترى، وانت صاحب كتاب حد الردة والقران وكفى، أن هناك مشكلا في النص (القران) او في فهم القران (تأويله)؟ وهل يحق العمل بالنص المختلف في تأويله وتفسيره؟
آحمد صبحي منصور :

1 ــ القرآن الكريم كتاب مبين بذاته وآياته بينات ومبينات . وقد نزل بلسان عربى مبين . وقلت فى كتاب ( حد الردة ) إنه لو كان المعنى ( لا إكراه فقط فى دخول الدين ) لكان الاستعمال هو ( لا إكراه على الدين ) . ولكن التعبير ب ( لا إكراه فى الدين ) يؤكد أنه لا إكراه فى كل ما يخص الدين ـ عموم الدين  ، فى دخوله وفى الخروج منه وفى الايمان وفى الكفر وفى الشعائر والعبادات . هذا هو تدبر الآية فى سياقها الخاص المحلى. أما تدبر الموضوع بأكمله فى القرآن فإن هناك أكثر من ألف آية قرآنية تؤكد الحرية المطلقة فى الدين تأسيسا على أن للدين يوما هو يوم الدين يتم فيه حساب البشر على هذه الحرية الدينية المُعطاة لهم ، ولذلك فلا مؤاخذة على الناسى والمجبور والمُكره .

2 ــ القرآن الكريم له منهج فى فهمه وتدبره ، شأن أى كتاب يُراد بحثه . وقد كتبنا كثيرا فى كيف نفهم القرآن . وقلنا أن ندخل على القرآن بدون رأى مسبق نريد إثباته أو نفيه ، ثم نفهم المصطلح القرآنى من داخل القرآن نفسه ـ ثم نتتبع الموضوع فى سياقه المحلى فى الآية الكريمة ما قبلها وما بعدها ، ثم نتتبع كل الموضوع فى السياق العام فى القرآن الكريم ، نتتبع كل الآيات المتصلة بالموضوع والقريبة منه ، ونبحث هذا كله معا ـ وبلا رأى مسبق بل فقط للبحث عن الرأى القرآنى . وهذا منهجنا الذى نطبقه من اربعين عاما وإكتشفنا به حقائق الاسلام . ويتهمنا البعض بأننا نأتى بدين جديد ، مع أن كل إستشهاداتنا بالقرآن .  الحقيقة أننا نكتشف الاسلام المهجور منذ خلافة أبى بكر الصديق وحتى الآن ، نحن أول من قرأ القرآن وأول من تدبره من الداخل . ولهذا تفتحت لنا حقائق القرآن وتعرفنا على الاسلام الذى ظل غائبا طيلة 14 قرنا .

3 ـ الطريقة التى سار عليها ( المفسرون ) وغيرهم هى أن يدخلوا على القرآن برأى يريدون نفيه وإثباته ، فينتقون من الايات ما يوافق ظاهره رأيهم فيؤولونها حسب هواهم ، ويتجاهلون غيرها ، ثم يستشهدون بالأحاديث المفتراة ، ويتعاملون بالنسخ ( المزعوم ) الذى يعنى عندهم إبطال المعنى ، ولنا بحث فى أن النسخ فى القرآن يعنى الكتابة والإثبات وليس الحذف والالغاء .

4 ــ يترتب على منهجهم هذا إنهم يختلفون على كل المستويات ، ليس فقط بين السنة والشيعة والتصوف والمعتزلة .. الخ ، بل على مستوى المذاهب والطوائف . ولو قرأت أى ( تفسير ) لأوقعك فى متاهة بين ألاراء المتعارضة والأحاديث المتناقضة ، ولو قرأت كتابا فى الفقه أو فى ( الفرق الاسلامية ) لوجدت إختلافا فى كل شىء ، وكل منهم يستشهد بالقرآن بلا علم ، مجرد الانتقاء لما يناسب ظاهره رأيه ، ويقوم بتأويله . وهم يبررون هذا بقولهم ( القرآن حمّال أوجه ) وبقولهم عن إختلافاتهم أنها ( رحمة ) . ولنا مقالات فى الردّ على هذا  الافك .

5 ــ بالتالى فان المشكلة ليست فى القرآن بل فى الكافرين بالقرآن .

والله جل وعلا قال عن القرآن أنه  شفاء ورحمة للمؤمنين وفى نفس الوقت فلا يزيد الظالمين إلا خسارا : (  وَنُنَزِّلُ مِنْ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلاَّ خَسَاراً (82) الاسراء  )، أى يتوقف الأمر على الذى يبحث القرآن ، هل يتدبره علميا وموضوعيا ، أم يتتبع المتشابهات ليحرف المعنى بسبب أن فى قلبه زيغا ، يقول جل وعلا : (   هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُوا الأَلْبَابِ (7) آل عمران )

الله جل وعلا لم يُنزل مع القرآن الكريم ملائكة تحمل السيف لإرغام الناس على الايمان به وعدم تحريف معانيه ، بل ترك لهم الحرية فى الايمان به أو الكفر به وقال : (  قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا ) (107) الاسراء ) وتوعد من يلحد فى القرآن بعذاب أليم يوم القيامة قائلا لهم : إعملوا ماشئتم : (  إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (40)  فصلت  )

وعليه فلكل فرد مطلق الحرية فى الايمان بالقرآن أو الكفر به ، فى محاولة تحريف معانيه أو الالتزام به ، فى تطبيقه أو عدم تطبيقه ، وكل فرد سيؤتى به يوم الحساب مؤاخذا بما قال وبما فعل .



مقالات متعلقة بالفتوى :
اجمالي القراءات 6792
التعليقات (1)
1   تعليق بواسطة   لطفية سعيد     في   السبت ٠٩ - يوليو - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً
[82426]

هل يتبع الآيات ، أم يتبع زيغ قلبه ؟


حتى تدبر القرآن لم يُترك دون تحديد ، فقد تحدث القرآن عن نوعية من الناس تتبع المتشابهات لتحرف المعنى بسبب أن فى قلبهم زيغا ، يقول تعالى : (   هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُوا الأَلْبَابِ (7) آل عمران ),

أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 5130
اجمالي القراءات : 57,285,142
تعليقات له : 5,458
تعليقات عليه : 14,839
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي


مكنون: ما معنى مكنون فى قوله تعالى (لُؤْ ُؤٌ ...

ويمسك السماء: الشعب السنى من بين عقائد هم في علمهم نشأة...

مُتعة المتوفاة: ابنتى مُطلق ة ، ولها مُتعة طلاق مدة عام. ماتت...

شرع ابن تيمية: هناك شخص له آراء دينية تتفق معكم مثل رفض...

لا أعياد فى الاسلام: هل عيدا الأضح ى و الفطر مذكور ان في القرآ ن؟ ...

التوبة النصوح: تعرفت حديثً ا على رجل أسلم قبل ستة أعوام بعد...

اللحم الحلال : ما هو اللحم الحلا ل وكيف يتم الذبح بالطر يقة ...

الحديث السنة الصلاة: قي الحقب قة انا كنت من القار ئين والدا رسبن ...

ممثل فى نيوجيرسى: أبحث عن ممثل لكم في ولاية نيوجي رسي ...

تارك الصلاة: ما رأيك فيمن يصوم ولا يصلى ؟ ...

زوج مع وقف التنفيذ: عليك يا شيخ ممكن احكيل ك قصتي انا فتاة...

لا زلنا نحلم بمسجد !: انا من المعج بات والمش جعات للفكر...

فى بيتى لحم خنزير: زوجتى مسيحي ة ونعيش فى بلد أوربى ، وهى...

ليس صحيحا ا : اتق شر من احسنت اليه . هل هذا القول يتفق مع...

زكاة الذهب: أنا أحتقظ بمشغو لات ذهبية وعملا ت ذهبية . ...

more