آحمد صبحي منصور Ýí 2012-06-23
مقدمة
ترى ما هو منبع الفساد فى مصر ؟
طرحت هذا السؤال وأجبت عليه فى مقال نشرته جريدة الأحرار بتاريخ 7 مارس 1994 . كانت لهجة المقال غاضبة حادة . لم أكن أعرف وقتها أننى سأظل أؤذن فى خرابة . والآن وبعد الثورة المصرية والشروع فى صياغة دستور فإننا نهدى هذا المقال لمن يهمه الأمر .
مـنـبـع الفســـاد
1 ـ يبدو أن المواعظ لم تعد تجدي، والأفضل أن نجتهد في توضيح أسباب الفساد وجذوره
2 ـ إن الأصل في الدولة أن وظيفتها محددة بإقامة العدل وتوفير الأمن . ومن مستلزمات العدل والأمن حراسة الوطن من الخارج والداخل، أى بالجيش والشرطة والعلاقات الدولية وإنشاء جهاز قضائي مستقل عن الدولة وظيفته تحري العدل التام ،ثم قيام جهاز مالي يجعل للضرائب وظيفة اجتماعية تأخذ من الغني لتعطي للفقير ما يعيش به حياة كريمة، يتعلم ويتداوى.. وفيما عدا ذلك تترك الدولة الأفراد ليعملوا وينتجوا ويبدعوا وفق منطق السوق وما يستلزمه من ضوابط تتدخل فيها الدولة لإصلاح الميزان ، خصوصا في أوقات الأزمات منعا للاحتكار والسيطرة الأجنبية ..
3 ـ تلك هى فلسفة الدولة الحديثة. وأقول أنها أيضا فلسفة الدولة الإسلامية التي عرفها عصر الرسول عليه السلام قبل أن تتحول إلى دولة دينية مستبدة تحكم بغير ما أنزل الله تعالى، ويريد التيار المتطرف إرجاعها دون أن يعرف ماهية الإسلام الحقيقي..
4 ـ والعادة أن الدولة الدينية أو الدولة التي يحكمها فرد أو حزب أو يحكمها العسكر تحاول أن تتدخل في كل شيء لأنها تعتقد أنها تملك كل شيء ،وأن الناس أو الجماهير مجرد رعايا يملكهم الحاكم وينفق عليهم. ولكي تدس الدولة أنفها في كل شيء فإنها تحتاج إلى جيوش من الموظفين. وأولئك يكونون بحكم العادة أصحاب مرتبات هزيلة ونفوذ قوي، ومن هنا ينبع الفساد ، فصاحب النفوذ يحتاج للنقود ، وصاحب النقود يحتاج للنفوذ ، وبتحالف الإثنين معاً: ( الموظف والمقاول مثلا) يكون الفساد ..
5 ـ ومهما قلنا من قصائد وعظ تحث على مكارم الأخلاق وتدعو للطهارة فإنها لا تجدى مع موظف لا يكفيه مرتبه الشهري عدة أيام ، ولكن معه صلاحيات يمكن أن تجعله من أصحاب الملايين. كما أن من العبث المطالبة بزيادة المرتبات، فالخزانة العامة تعجز، ثم إن زيادة المرتب عشرة جنيهات ستضيع في حمأة التضخم والغلاء ، ولن تجدي أمام عمليات فساد مضمونة ويربح منها عشرات الألوف في أقل وقت ..
6 ـ إن الحل في تغيير فلسفة الحكم .. بتقليص دور الدولة ورجوعها إلى وظيفتها الطبيعية في إقامة القسط وتوفير الأمن .. صحيح أن ذلك يستلزم وقتاً، فالدولة المصرية عمرها في البيروقراطية والاستبداد الحكومي سبعون قرنا من الزمان ومن المستحيل تغيير ذلك في يوم وليلة ، ولكن المهم أن نبدأ من اليوم .
7 ـ ويقال إن هناك خطوات عملية في الإصلاح ولكن فضائح الفساد تغطي عليها أو تصاحبها .. ولكني أعتقد أن البداية المثلي تبدأ بالصيغة التشريعية القانونية،أى بمراجعة عشرات الألوف من القوانين بعد أن عشنا سنوات من الإسهال التشريعي .
8 ـ إننا نحتاج إلى لجنة من القمم القانونية في مصر لتكون في حالة انعقاد تام ، وتخرج لنا في النهاية بدستور جديد محدد البنود ، صارم في أحكامه ، لا يعطي الحرية باليمين ثم يسمح للقوانين بأن تقيد الحرية إذا شاءت. ونحتاج من هذه اللجنة إلى تنقية القوانين المصرية المتضاربة والمتعارضة والمتداخلة في شتى الشئون السياسية والاقتصادية والاجتماعية. 9 ـ وبعدها نتعلم احترام القانون، ويتعلم المسئول أنه خادم للقانون وأنه يطبق القانون اليوم وهو في السلطة، ثم بعد أن يخرج من السلطة ويصير فرداً يعيش في حماية ذلك القانون . وبذلك يعيش الحاكم في أمن حتى بعد أن يترك المسئولية..
10 ـ إن الإصلاح التشريعي والقانوني هو البداية الحقيقة للدخول في الدولة العصرية، وهو البداية الحقيقة للخروج من سرداب الفساد.
تاريخ الانضمام | : | 2006-07-05 |
مقالات منشورة | : | 5111 |
اجمالي القراءات | : | 56,684,453 |
تعليقات له | : | 5,445 |
تعليقات عليه | : | 14,818 |
بلد الميلاد | : | Egypt |
بلد الاقامة | : | United State |
فك طلاسم هروب بن علي للسعودية .!!
نداء للأمم المتحدة لمحاكمة الحكام المستبدين المتهمين بالتعذيب
دعوة للتبرع
شرع ابن تيمية: هناك شخص له آراء دينية تتفق معكم مثل رفض...
هجص صلاة الجنازة: حضرت جنازة ،و عند صلاة الجنا زة دخلت في...
الصلاة بغير العربية: هل يجوز الصلا ة بلغة غير العرب ية ؟...
معدودات ومعلومات : ما هو الفرق بين ( معلوم ات ) و ( معدود ات ) فى...
زكاة الركاز: قبل وفاته رحمه الله وموتى المسل مين ، أخي كان...
more
الدكتور / صبحي منصور يعيد علينا قراءة مقال كتبه في جريدة الأحرار منذ أكثر من عشرين عاماً وكأن ما نواجهه اليوم من فساد قانوني بيروقراطي.. متعمد من جانب الحاكم ومن جانب الملأ الذي يساعده في الإستبداد والفساد.. ما زال هو خطر الأخطار .. الذي يطيح بأجيال ورا أجيال من أبناء هذا الوطن المصري..
وإضافة إلى ما جاء بالمقال .. أؤكد أن تخبط القوانين وتضارب القوانين, هو من أشر ما يحيكه الحاكم والحكومة لتقييد الحياة الكريمة ..و الابداع.. ففي المصلحة التي أعمل بها جاءت قرارت بشأن المرتبات المتاخرة وتلتها قرارات القرار مثل 70 وخصموا منا ثلث الحوافز بزعم أنهم سوف يضيفونها إذا توفر تعزيز مالي .. منذ شهر سبتمبر الماضي .. وإلى الآن لم نحصل على شئ بزعم أن هناك قرارات أخرى سوف تصدر . لتحسين الأوضاع المالية للعاملين بالوزارة.
لايستطيع وكيل الوزراة أن يبت في قرار مالي إلا بعد أن يأتي له التصريح من موظف صغير بمبنى الوزارة بالقاهرة..
إنه الفساد الاداري والقانوني والبيروقراطي العتيق إنه سرداب ونفق مظلم أعتقد اننا لن نخرج منه أبداً في ظل الأنفس المريضة المتصارعة على جثة مصر.
شكرا لك وإلى لقاء.