محمود علي مراد Ýí 2011-03-24
أردت أن أستغل شيخوختي وغربتي وفراغي في شيء مفيد فقررت منذ سنوات أن أعد رسالة دكتوراه في إحدى الجامعات الفرنسية في موضوع "السيرة النبوية في كتابات المحْدَثين" . وكان موضوع السيرة النبوية يشغلني منذ عشرات السنين , وقد تجمع في مكتبتي ما يزيد عن مائة كتاب بالعربية وبلغات أخرى , عن الرسول صلى الله عليه وسلم وعن عصره .
فإذا كانت العصبية القبلية وحدها هي التي دفعت حمزة إلى الإسلام فما الذي جعله الشخص الوحيد من أعمام الرسول صلى الله عليه وسلم الذي آمن , أما قصص إسلام عمر وسعد بن معاذ وأسيد بن حضير فهي تقوم على افتراض أن هؤلاء الصحابة لم يتصل علمهم بالقرآن إلا حين سمعوه من الرسول صلى الله عليه وسلم أو من مصعب بن عمير , وهذا شيء مستحيل فقد كان القرآن يذاع أولا بأول على الناس لدى نزول آياته , وكانت هناك ألوف من هذه الآيات على ألسنة المسلمين وغير المسلمين في مكة كما كانت الجلسات العامة التي لا بد أن الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة كانوا يعقدونها لشرحها وللتعريف بمبادئ الإسلام في مواسم الحج وفي غير هذه المواسم قد أتاحت قطعا لعمر ولسعد بن معاذ وأسيد بن حضير مئات الفرص لسماع القرآن والإلمام بمبادئ الإسلام قبل المناسبات التي ذكرها النص .
كذلك فإن ما ذكره النص عن حالات تعذيب المسلمين لردهم عن دينهم لا تعطي فكرة صحيحة عن الأبعاد الحقيقية لهذه الظاهرة , إن النص يقول : إن 83 شخصا من أهل مكة هاجروا إلى الحبشة فرارا من الاضطهاد الذي كان يلاقيه المسلمون على أيدي قبائلهم , وكان هؤلاء المسلمون ينتمون إلى نحو العشرين من قبائل مكة , ومعنى ذلك أن هذا الاضطهاد كان ظاهرة واسعة النطاق ، ومع ذلك فإن حالات التعذيب التي ذكرها النص , وذكرها بإيجاز شديد , لا تتجاوز حالتي بلال بن رباح , الذي كان عبدا , وأسرة ياسر التي لم تكن من أهل مكة بل كانت حليفة فقيرة لإحدى قبائلها , ولو أن مؤلف السيرة كان منصفا في نظرته إلى مسلمي مكة لخصص صفحات كثيرة من كتابه لذكر تفاصيل هذا الاضطهاد وللحديث عن القبائل التي كانت أكثر ضراوة فيه من غيرها , وعن الاجتماعات التي لا بد أن تكون قد عقدت بين القبائل لتنسيق سياستها حيال مسلميها , وعن موقف قبيلتي بني عبد المطلب وبني هاشم بالذات من هذه الظاهرة , وعن جميع المسلمين الذين تعرضوا للتعذيب , وعما أظهره بعضهم من بطولات وبعضهم الآخر من ضعف ولردود فعل المجتمع المكي وهو يرى , لأول مرة في تاريخه , أفرادا تعذبهم قبائلهم لأسباب دينية , وعن موقف الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة من إخوانهم الذين يتعرضون للتعذيب , وعن مشاهد التعذيب , ولكن شيئا من هذا لم يرد في النص .
رابعا : يؤخذ من النص أن بقاء الرسول صلى الله عليه وسلم في العقبة مع ستة من حجاج المدينة قبل سنتين من الهجرة كان نقطة التحول في حياة الرسول وفي تاريخ الإسلام , وأحد هؤلاء الستة كانوا أول من آمن برسالة محمد من غير قريش , وهذا قول لا يعوّل عليه , لقد كانت مكة منذ القدم عاصمة بلاد العرب الدينية و التجارية , وكان عشرات الألوف من الحجاج يأتونها من معظم أنحاء الجزيرة كل عام في موسم الحج , وخارج هذا الموسم , للعمرة أو للتجارة أو للزيارة , وكان الرسول صلى الله عليه وسلم والمسلمون ينتهزون بالتأكيد فرصة وجود هؤلاء الناس بين ظهرانيهم لدعوتهم إلى الإسلام , ولا بد أن مئات أو ألوفا منهم قد استجابوا لهذه الدعوة , ليس فقط لما لمسوه من إعجاز القرآن الذي اكتسحت بلاغته أروع ما قيل من شعر ومن حكمة قبله , بل كذلك لأن الإسلام استبدل بالخرافات التي كانوا يؤمنون بها وبفوضى أخلاقهم دينا قيما يقرر حقوقا للفقراء ويكرّمهم ويعتبرهم مسئولية الجميع ويحب من يعطيهم ويهدد من يحرمهم , ويحض على مكارم الأخلاق , ويربط الإنسان بإله واحد وهو خالق الكون كله والناس قاطبة , ويقرر مسئولية الإنسان عن أعماله ويكافئ المحسن بالجنة ويعاقب المسيء بالنار ويحقق المثل الأعلى والقاعدة السليمة لحياة الناس , وليس هناك سبب واحد يجيز التسليم بأن الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة في مكة , والقرآن الذي كان ينتشر في الآفاق , لم ينجحوا , على مدى إحدى عشرة سنة من البعثة , في استمالة نفر كثيرين من عرب الجزيرة إلى الإسلام , وأن الطفيل بن عمرو الدوسي كان الوحيد من مئات الألوف الذين وفدوا إلى مكة خلال هذه الفترة , الذي لان قلبه لهذا الدين , بل إن من المحقق أن الإسلام قد انتشر في الجزيرة , وأن المسلمين من غير أهل مكة والمدينة كانوا أكثر عددا في الفترة المكية من مسلمي هاتين المدينتين , وأن الإسلام دخل المدينة ذاتها لا قبل سنتين من الهجرة , كما يقول النص , وإنما قبل ذلك بسنوات .
تمثل السير جزء مهم ومؤثر من العقل والقلب المسلم .. وتحتل سرة النبي الذي نزل عليه الأسد المرتبة الأولى بالإهتمام ..
ومن هنا تأتي اهمية دراسة السير ..
السير جاءت في القرآن الكريم بمعنى القصص .. والقصص القرىني حافل بمئات الموضوعات والحوادث المهمة .
لذلك فإن دراسة السيرة النبوية تساهم بشكل مباشر في الأصلاح الديني .. فسيرة النبي الحقيقية الخالية من العتداء على الآخرين ، هي خير طريقة لبث روح التسامح داخل العالم الإسلامي ، وابعاده عن التطرف .
كما ورد في سيرة ابن هشام ولم يذكر في المقال ولكن قرآته في مواضع أخرى .
من أن بني هاشم أعمام الرسول وأولاد أعمامه عندما أخبرهم محمد عليه السلام أنه يريد الزواج من خديجة بنت خويلد من أعلام سيدات قريش وأنها كانت امرأة سيدة من أثرياء مكة ولها مكانة اجتماعية كبيرة في قومها وبين بيوتات العرب جميعاً .
أراد محمد عليه السلام أن يتزوجها - وهذا قبل بعثته وهو يبلغ من العمر حمسة وعشرون عاما - فطلب من عمومته أن يذهبوا إلى أبيها ليخطبوها منه لمحمد وكانوا يعلمون مسبقا وعلى حد ما ورد في سيرة ابن هشام أنهم سوف يرفضون هذا الفتى الفقير زوجاً لإبنته خديجة التي تقدم لخطبتها سادة سادات قريش ، ومع ذلك رفضتهم جميعا مع قبول أبوها لبعضهم
زعم ابن هشام أن عمومة الرسول وأبناء عمومتهم قد سهروا الليل بطوله يسقون خويلد الخمور الكثيرة حتى اصبح لا يملك زمان امره ، وأصبح موافقا لكل ما يلقى على سمعه في هذا الوقت.
وهم يعلمون عنه أنه إذا أعطى وعدا بلسانه لا يرجع فيه أبداً ، وعندما أصبح الصباح أتاه عمومة الرسول وأبناءهم واستشهدوا بغلمان وعبيد خويل بأنه قبل هذا النسب في الليلة السابقة
ولكن يمكن الرد العقلي على هذا الزعم من ابن هشام بأن السيدة خديجة سيدة ناضجة وتملك زمام أمرها وولها شخصيتها المستقلة ولم يتمكنوا من إجبارها على الزواج من سادات قريش .
فكيف يمكن تصديق هذا الادعاء لابن هشام بأن الرسول عليه السلام لجأ ووافق على هذا السلوك المشين بأن يسكر والدها وينتزع منه الموافقة على هذه المصاهرة وهو الذي كانوا يلقبونه بالصادق الأمين كما كانوا يلقبونه قبل البعثة .
وجاء أيضا أنها هى التي بعثت بجاريتها لكي تبلغه أنها تريده زوجا لها وتبعث فيه الثقة بأن يتقدم لأبوها ليخطبها وأنها سوف تقنع والدها بالموافقة .
فكيف يمكن التوفيق بين هذه الروايات المتضاربة
تحليل نقدي لصحيفة يثرب ولآراء المستشرقين بشأنها - الفصل الثالث: علماء الإسلاميات الآخرون
تحليل نقدي لصحيفة يثرب ولآراء المستشرقين بشأنها - الفصل الثاني: ر.ب. سرجنت - 5
تحليل نقدي لصحيفة يثرب ولآراء المستشرقين بشأنها - الفصل الثاني: ر.ب. سرجنت - 4
تحليل نقدي لصحيفة يثرب ولآراء المستشرقين بشأنها - الفصل الثاني: ر.ب. سرجنت - 3
دعوة للتبرع
سجدة شكر فى الملعب: هل تجوز سجدة الشكر فى الملا عب عند الفوز ؟...
ثلاثة أسئلة: السؤا ل الأول لو تكرمت ... امرأة كبيرة في...
ثلاثة أسئلة: السؤا ل الأول : أشكر كم جزيل الشكر على...
بالشر والخير فتنة : كيف يكون الابت لاء بالشر والخي ر فتنة ؟ ؟...
الإنزال مفطر: هل الوصو ل إلى النشو ة الجنس ية من غير لمس...
more
وكما ذكر الأستاذ محمود مراد كاتب هذا لمقال المنقح : " ان القرآن يذاع أولا بأول على الناس لدى نزول آياته , وكانت هناك ألوف من هذه الآيات على ألسنة المسلمين وغير المسلمين في مكة كما كانت الجلسات العامة التي لا بد أن الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة كانوا يعقدونها لشرحها وللتعريف بمبادئ الإسلام في مواسم الحج وفي غير هذه المواسم قد أتاحت قطعا لعمر ولسعد بن معاذ وأسيد بن حضير مئات الفرص لسماع القرآن والإلمام بمبادئ الإسلام قبل المناسبات التي ذكرها النص . " والدليل على ذلك أيضا رصد القرآن لظاهرة سماع القرآن وحلقات السماع المنعقدة في مكة ، وكان هذا الرصد في سورة مكية شهيرة ، هي : " سورة الجن " : "قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن فقالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا ." إلى نهاية السورة أي إنه كان مسموعا في مكة . مما أدي بالطبع غلى دخول أعداد كبيرة في الإسلام ومن ثم قاموا بحماية الرسول الكريم بأنفسهم . .. لكن كتب السير تحتاج لعرضها على آيات القرآن ، لكي تعرف الصحيح منها من الملفق ، الذي وضع لغرض ما أو ساهم في تفضيل عصبية قبلية على عصبية أخرى