مدحت قلادة Ýí 2010-06-07
جانب المال في حياة المهندس عدلي أبادير يوسف
"العيش الحاف يربي الكتاف " كلمات سمعتها كثيراً من فم أبينا الغائب عنا بالجسد، لم أفهم مغزاها إلا بعد مرور الوقت بجانبه، فأثناء تواجده بالمكتب يومياً كان يطلب وقت الغذاء طبق العيش "الناشف" فقلت له: أجيب لحضرتك جبنة أو أي شيء آخر ربت على كتفي مردداً العيش الحاف يربي الكتاف!!
ومع مرور الوقت رأيت المهندس عدلي شخصاً مختلفاً عن بقية ال&Eg البشر فهو يضن بالمال على نفسة ولايعبأ بالمال على الاخرين،كان لدية قدرة على دفع ملايين الدولارات على مؤتمرات تطالب برفع الظلم عن أقباط مصر لتحقق لهم الحياة العادلة الإنسانية الكريمة، لتساهم في تدويل القضية عالمياً ويضن بالمال على نفسه، وكانت سعادته في شيء واحد هو العطاء لمن حوله ومن يطلب مساعدته بل عرفت أنه سعى للكثيرين ليسد عوزهم وإلى الآن رغم رحيله عن عالمنا الفاني ما زال عمل الخير للجميع يقدم من خلال من خلفوه في رسالة الحب والعطاء.
تذكرت يوم انعقاد مؤتمرات الأقباط في زيورخ وواشنطن ونيوجيرسي وكيف كان كريماً حتى صاح الكاتب الكبير الأستاذ شاكر النابلسي ذات مرة في مؤتمر واشنطن قائلاً: أنت فقت حاتم الطائي في الكرم وانتم تقولون بانا الذى فى السموات ونحن نقول (أبانا الذي في زيورخ...)، ورأيت في مؤتمر واشنطن كيف كانت السيدة زوجة رجل الاعمال الكبير "يملك ملايين من الدولارات" وقفت مندهشة من كرم المهندس مع الجميع.
حينما نتذكر المال في الكتاب المقدس نتذكر الشاب الغني الذي ذهب للسيد المسيح متسائلاً:
ماذا أفعل لأرث الحياة الأبدية؟
فقال له:احفظ الوصايا..
فرد الشاب على المعلم الصالح: حفظتها منذ حداثتي
فقال له: يعوزك شيئاً واحداً اذهب وبع كل أموالك وأعطها للفقراء فيكون لك كنزاً في السماء فمضي الشاب حزينا لأنه كان ذو أموال كثيرة...
أما المهندس عدلي طبق هذه الوصية بالقلب والفعل والعمل الصادق فمنذ بدايته لم يكون عبداً للمال بل صار المال عبد له ينفق على الجميع من ماله الخاص.. المعوزين والمحتاجين وهناك الكثير من الأعمال التي تؤكد سلوك المهندس عدلي كيف أنه سخر المال لخدمته، إليك بعض النبذات عن حياة أبينا الغائب عنا جسدياً الساكن معنا ايديولوجياً وفكرياً وعاطفياً:
بعد عقد مؤتمراته العملاقة نشرت الصحف الصفراء أكاذيبها المعتادة في تمويل خارجي فأرسل للمستشار أحمد عزت مستشار السفارة المصرية آنذاك وطلب منه رسمياً في خطاب نُشِر في جميع الصحف القبطية تطالبه بالحضور ومراجعة الحسابات لفضح كذب الصحف الأمنية.
وقت التأميم كان المهندس عدلي ملك الكاوتش والحديد وأمُمت شركته وأصبح لا يملك شيء ولديه 270 موظف فجمع موظفيه وطلب منهم البحث عن عمل في شركات أخرى مع استمرار راتبهم من مدخراته الشخصية ولم يرتاح إلا بعد أن تم تعيين الجميع في شركات أخرى وصرف كل ما لديه لتأمين موظفيه "في حب أبوي عجيب".
"توكيلات تجارية وضمير حي" كلمة غريبة في قاموس التجارة والتوكيلات التجارية "صاحب توكيلات بضمير حي" سألته ذات يوم لماذا لم تحصل على توكيلات الشركات الأجنبية في الأدوية فكانت إجابته درس لي شخصياً لأفهم جيداً من هو المهندس عدلي أبادير يوسف ذكر أنه منذ بداية حياته قرر البعد عن توكيلات الأدوية وتوكيلات الأغذية لأنه مؤلم جداً أن يرى الشعب يحتاج لغذائه وتتضخم حساباته على حساب احتياج الشعب من المواد الأساسية (أغذية وأدوية)!! ولهذا قرر البعد عن هذه التوكيلات، كما أنه رفض أخذ توكيلات الأسلحة لأسباب إنسانية أيضاً.
حينما قامت الثورة ذهب إليه أحد أفرادها وكان صديق جداً له، وكان المهندس عدلي مصاب بالبرد راقداً في الفراش فقال له: "يا أبو العدول الثورة قامت وأنت راجل خدمتني كثيراً .. خذ بناتك وهاجر للخارج" لان الثورة اخوانية اسلامية.. مع مرور الوقت اتضحت الرؤية وفي عام 1955 صرح السادات في مؤتمر العالم الإسلامي بجدة أنهم في طريقهم لإخلاء المسيحيين من مصر ومن يريد البقاء سوف يكون ماسح أحذية أو خدام...
ومنذ ذلك الوقت تحمل المهندس عدلي على عائقة مساعدة الطلبة الأقباط بالصرف عليهم واتاحة الفرص لهم بالالتحاق بالجامعات الغربية لاكمال دراستهم للحصول على شهادات الدكتورة " الجديرين بها طبقا لكفائتهم العلمية" بعد ان اغلقت امامهم كل الفرص بمصر لشيوع الفرز على الهوية الدينية مع انقلاب يوليو...
شاركت في مؤتمر بون في ألمانيا وتعرفت على دكتور مهندس قبطي كبير فإذ به يصرح لي أنه تلميذ للمهندس عدلي تساءلت كيف فقال لي: إنني ممن صرف عليهم المهندس عدلي لتعليمه في كلمات تنم عن حب وإكبار لأب خيِّر بأعمال لا بكلمات.
شارك المهندس عدلي في تأسيس جريدة وطني مع المرحوم يوسف سيدهم وعدد من أراخنة الأقباط فكرمته جريدة وطني في اليوبيل الذهبي للجريدة عام 2008، وكان اهتمامه الوحيد بالخدمة ونشر الوعي لدى المصريين.
الموسوعة القبطية حضر إلى المهندس عدلي العلامة القبطي الدكتور عزيز سوريال متألماً من عدم قدرته على طبع الأنسكلوبيديا القبطية فطلب منه المهندس عدلي أن يستمر في إكمال الأنسكلوبيديا وتحمل هو مصاريف طبع السجل التاريخي للأقباط بمصر.
وطني من طراز نادر هكذا كان المهندس عدلي إبان الحقبة الساداتية أعلن أن مصر ستقوم بإنشاء محطة طاقة نووية وكان مزمع استيراد المياه الثقيلة من دولة أوروبية ستكلف مصر ملايين الدولارات سنوياً فأرسل المهندس عدلي خطاب لوزير الكهرباء المصرية يعرض خدماته بإرسال أجهزة إنتاج خط المياه الثقيلة بثمن التكلفة بملغ 175 ألف دولار لتوفير ملايين الدولارات سنوياً لخزينة الدولة، فى توصيف دقيق لوطنية المهندس عدلى ابادير يوسف فى حديث خاص مع الدكتور عصام عبد الله اسكندر استاذ الفلسفة بجامعة عين شمس ذكر ان المهندس عدلى " عملة غير مغشوشه من تراب وطين هذا الوطن " .
إن المهندس عدلي مثل أبيه الصالح ما زال يعمل للآن: فبعد رحيله ما زال يهتم بالفقراء والمساكين وذوي الحالات الخاصة فحياة المهندس عدلي لم تتوقف برحيله عن عالمنا الفاني بل أن عمل يديه مازال مستمر في رعاية المسنين والمحتاجين وكان يردد دائماً حينما يسمع أن أغنياء الأقباط لم يساهموا بجنيهاً واحدا في عمل الخير يقول: (يا ريتهم يعرفوا إن الكفن مالوش جيوب).
إن حياة المهندس عدلي أبينا الغائب عنا جسدياً لم تكن حياة كسل وتهاون ونظرة لشخصه بل كان يبحث عن الفقراء والمساكين حتى في سويسرا كان يعطي الجميع من ماله يغدق على من حوله حب ابوى وعطف وعطاء دائم .
من عجائب القدر أن المهندس عدلي أفلس في سويسرا ثلاثة مرات وقام ونهض ومن الأعجب أن إفلاسه لم يكن دافعاً للاحتفاظ بالمال بل كان دافعاً لإكمال مسيرته في العطاء للكل بلا استثناء... أتذكر عدد الأخوة المسلمين الذين أرسلوا للمهندس عدلي طلبات لإكمال تعليمهم في دول أوروبا وأتذكر كم الإخوة المسلمين الذين قام بتعيينهم في شركات ألمانية... أتذكر عطاءه للمحتاجين من الإخوة المسلمين.. أتذكر هذا العملاق الراحل عنا جسدياً فقط الباقي داخلنا بأعمال مجيدة سجلها في قلوب كل من عرفوه.
أتذكر أبينا الراحل جسديا الساكن فينا وعطاءه وكرمه وبذله... وأتساءل أين أثرياء الأقباط؟!! إنها ليست إدانة لأحد ما.. بل إنها دعوة للكل لأخذ المثل الصالح من أبينا الراحل جسدياً.
طوباك أبينا الغالي لقد صار المال خادماً لك تهتم بأخوة الرب في كل المسكونة تهتم بالمرضى من أبنائك في بقاع المسكونة تهتم بهم وتعلمهم كنت أمينا في القليل فأقامك الرب على الكثير أدخل لفرح سيدك.
"المال أصل لكل الشرور إذا ابتغاه قوم ضلوا عن الإيمان وطعنوا أنفسهم بأوجاع كثيرة"
"لا يموت الإنسان إلا حينما لا يتذكرة أحد" من أقوال برتوليت بريشت الشاعر والمخرج الألماني
ملحوظة:
عزيز سوريال عطية (5 يوليو1898- 24 سبتمبر1988) أحد مؤسسي جامعة الإسكندريةومؤسس معهد الدراسات القبطيةكان يعمل أستاذاً لتاريخ العصور الوسطى بقسم التاريخ بآداب الإسكندرية حتى أوائل الخمسينات بالقاهرة الذى كان محل تقدير فى الداخل والخارج صاحب الاكتشافات الوثائقية الهامة فى تاريخ الحروب الصليبية والدراسات الاسلامية الذى كرمتة جامعة يوتا فاطلقوا اسمة على المكتبة بها ووضعوا صورته بالحجم الطبيعى عند مدخلها ، استكثر هذا التكريم وقال فى تواضع جم " اننى عبد اشتغل عندكم " فقالوا له " نحن نتوج العبيد متى استحقوا التتويج " عزيز عطية سوريال ليس علامة وليس مؤرخ عالمى فقط بل مثال ورمز لبر الابناء لكنيستهم الام.
مدحت قلادة
دعوة للتبرع
أديان الجاهلية: السلا م عليكم ورحمة الله الدكت ور احمد...
الراقصة وحضرة الناظر: كنت ناظر مدرسة ثانوى وخرجت على المعا ش بمعاش...
الابتلاء من تانى .!!: هل صحيحٌ ما يقوله السّن ة أنّ كل شيء في هذه...
أنا فعلا أخطأت : ( وَلَو ْ جَعَل ْنَاه ُ مَلَك اً ...
لا يهمنا أمرك.!!: رغم رصيدي المعر في الضعي ف لمواج هة الحجة...
more