الحكاية الثانية:
صدام ونوى البلح
محمد شعلان
Ýí
2006-11-27
* في واحة من الوحات المصرية وبطريقة عصرية كنت أحاور على أحد المحاور طبيب زميل وبسمع هزيل تلقت أذناي أنين القصة كأنين الناي أسمع وتخور قواي. هذا الزميل يحكي عن عميل كان يأتي له في العيادة في أوقات معتادة، لكي يكشف هذا العميل على طفله العليل عند الطبيب الزميل ، ولاحظ الطبيب الزميل من سلوك هذا العميل ، ما يتوجس منه خيفة القصير والطويل ، فسأله الطبيب عن حاله وأجابه العميل عن سؤاله : أن سبب ما حدث لي بعد عودتي من رحلتي ، كنت أعمل بالعراق وكان عقلي معي في وفاق ، أكدح وأربح وأدخر من المال لأطعم أولادي من الحلال وكانت الأيام نضرة والصحة متوفرة ، وذات مرة أخذت على حين غرة ، وسولت لي نفسي أن أعبر عن رأيي وعن يأسي من حزب البعث وزعيم حزب البعث ،وفي سذاجة قلت وياليتني ما قلت ، وفي سماجة وشى بي الواشون ونُلْت غياهب السجون , مكثت في السجون العراقية بدون محاكمة ورقية مكثت طويلا طويلا وأصبحت هزيلاً عليلاً ، وفي السجن ماذا رأيت ؟ رأيت رجالاً كهولاً وشباباً يملئون مليون بيت وبيت !
* تسأل كل المحيطين ولاتجد إجابة إلا الأنين عن سبب كونه سجين ! اللهم إلا أنه قال ـ لاـ وكأنه قالها لإلاه ، أو رجل كان لديه سبعة أبناء ذكور قتل منهم ستة في الحرب مع إيران حرب ذات شرور ورفض الرجل المقهور أن يبعث بابنه السابع والأخير على جبهة التحرير خوفا عليه من ذاك المصير ، فألقى بالرجل في الحبس وسألته عن المدة فقال كأني دخلت بالأمس ، أنا وهذا الرجل الحزين وكل الملايين من المساجين، تعرضنا للإهانات وتعرضنا للعذابات، وللمجاعات .
* ترى يا قارئ الحكايات ما هو نوع الفتات الذي به نقتات ؟ أنا والملايين من المساجين وذلك الرجل الوهين ذو الستة قتلى من أبنائه المساكين . ما نوع الطعام الذي يستعان به على مر الأيام؟ في السجون العراقية وفي المعتقلات البعثية ذو السياسة العبثية .
كانوا لكثرة الرجال من العراقيين ومن الرُحّال في السجون يطعمون ، ماذا يطعمون؟ طبيخ وخبز! أما عن الطبيخ، فوصفه الرجل المصري المسجون المأفون بأنه يصهر الأمعاء ويحرق الأحشاء ، كالماء المهل وما هو بالسهل أن تأكله وأن تتقبله .
* وما الوقع الآتي على أذنيك من معرفة نوع الفتات أى الخبز أورغيف العيش الذي لابد منه للعيش مما يصنع ؟ وهل يمكن أن تسمع أن خبزاً يصنع من شئ غير القمح أو الشعير وإن كان الشعير يطعم للعير فبالأولى للإنسان أن لا يأكله مثل الحيوان وليته كان من الأذرة كنا سنأكله ولو كانت حتى نفوسنا منه مستنفرة ،
* كانوا قد بخلوا علينا نحن المعتقلين من العراقيين ومن أبناء السبيل وأطعمونا المستحيل من خبز النوى نعم والله نوى النخيل كانوا يطحنونه طحناً ويخبزونه خبزاً ونتجرعه ولا نكاد نسيغه لحفظ الحياة أملا في النجاة من براثن البعثيين وبراثن زعيم البعثيين صدام الطاغية اللعين ، عذبنا وأُهِنّا حتى هُنّا على أنفسنا وعلى أنفسهم ،
* وخرجنا من المعتقلات العراقية ونفسي متدنية غير راقية ومن يومها وأنا كل حين وحين أهزو بيني وبين نفسي وبيني وبين الآخرين .
* إلى هنا تنتهي هذه الحكاية على لسان الطبيب الزميل عن حال هذا الرجل المسكين ولتكن هناك تأملات في الحكايات.
تأملات في الحكايات :
* في أمتنا العربية والإسلامية هذا يكون مصير من يبدي رأيه أو يعبر عن شعوره أو فكره في الحزب الحاكم وزعيم الحزب الحاكم سواء كنت من أبناء البلد أو من أبناء السبيل .
* إن من فعل هذا الذل والهوان والتعذيب وإهدار الكرامة بهؤلاء المعتقلين بغير وجه حق هم يدعون بأنهم مسلمون وعلى رأس أنظمة الحكم في البلدان العربية
* إن المعتقل في حكم الأسير
اجمالي القراءات
13337