صلاح الدين الأيوبي بين الحقيقة والأسطورة

كمال غبريال Ýí 2009-04-19


ننهي جولتنا مع تاريخ الأقباط، والتي استغرقت منا خمس مقالات بعنوان "الأقباط في عالم متغير"، بهذه المقتطفات من كتاب تاريخي، مسطر بيد مؤرخة محايدة إلى حد كبير، والذي ترجم ونشر بالقاهرة عام 1900م، بعنوان "تاريخ الأمة القبطية"، هي الإنجليزية أ.ل. بتشر.


نورد هذه المقتطفات كنموذج يوضح لنا حجم الكذب والتزييف، الذي تُغسل به أدمغتنا، نتيجة سيطرة من يقرأون -ليس فقط الواقع، بل والتاريخ أيضاً- بعيون أيدولوجية ودوجماطيقية، تجعل من الأقزام عمالقة وأبطالاً، ومن أعمال &Cc النهب والسلب، فتوحاً وجهاداً في سبيل الله، ومن الطموح الشخصي في السلطة والثروة، ولو على جثة أبسط المبادئ الإنسانية، تجعل منها نضالاً مجيداً وشريفاً.رأيت أن ثمة فائدة في أن تقرأ الأجيال التي حقنها الإعلام برؤية الراحل يوسف شاهين، في فيلمه الناصر صلاح الدين، ما أوردته أ. ل. بتشر في المجلد الثالث من كتابها، عن هذا البطل الإسلامي الأسطورة. . نورد الفقرات التالية مقتبسة بنصها من الكتاب المذكور دون تدخل منا، لتصير مسئولية مايرد على المؤلفة وحدها:
"أحب الخليفة العاضد أن يبين محبته لشيركويه، فولى مكان شاور، ابن أخيه يوسف صلاح الدين، ولقبه بالملك الناصر، وكان لايزال شاباً. . . وكان متمسكاً بالتقاليد الإسلامية القديمة، ومتطرفاً جداً في تأدية فروضه الدينية، وكان يحتقر ويزدري الرفاه والنعم، كما كان يستخف ويهزأ بالعلوم والفنون على السواء، ويعتقد أن الصنايع الفنية والفنون الجميلة ضرب من عمل الشيطان، إنما مطامعه في الشهرة العالمية كانت لا تحد، وقد قوى فيه ذلك الطبع، لأنه كان قد حلم مدة حداثته، أنه لا يموت قبل أن يكون سلطان دمشق وبابليون، أي سوريا ومصر أو المملكة البابليونية كما كانوا يسمونها."."وفي عام 1187م تقدم بجيشه إلى بيت المقدس، ففتحها وأسر ملكها، لأن بيت المقدس كانت خالية من القوة التي تتمكن من مقاومة حصار جيش العرب لها، وكان جل ما بداخلها فريق من العوام والفقراء، الذين لا طاقة لهم على القتال، ولم يكن لها جيش سوى 1400 رجلاً من الفرسان، فدافعوا عن المدينة مع الكهنة المسيحيين والشمامسة، الذين كانوا يعتقدون أنهم يدافعون ويجاهدون جهاداً دينياً، وفرضاً واجباً عليهم للمحافظة على هذه المدينة المقدسة، ولكن عاد الشعب فالتفت حول البطريرك وعلا صياحه وضجيجه، وهاج ضد الكهنة من داخل المدينة، طالباً التسليم بشروط مناسبة، وبعد جهاد دام أربعة عشر يوماً، سلم البطريرك المدينة تحت شرط، أنه بعد أن يدخلها المسلمون لا يأخذون سكانها المسيحيين أسرى، بل تكون قاعدة الصلح، أن يؤدي كل مسيحي عشرين ديناراً فدية عن نفسه، وكل مسيحية عشرة دنانير، وكل طفل دينارين، فمن أحضر فديته نجا بنفسه، وإلا أخذ أسيراً، وكان بين الأهالي أربعة عشر ألف نفس، غير قادرين على دفع الجزية المفروضة عليهم، فأطلق صلاح الدين سبيل بعضهم دون فدية، لأنه رآهم لا يصلحون لأي عمل، وأسر النصف الآخر، بعد أن نكس الصليب القائم على قبة الصخرة، وكان عظيم الحجم. . . . قام إمبراطور الغرب فردريك بروسيا حاملاً صليبه، وكتب إلى صلاح الدين يدعوه إلى القتال. . . . فأجابه صلاح الدين بكتاب لا يقل غطرسة (لم يكن قصد المسلمين التسلط على المسيحيين وقهرهم في الشرق فقط، بل وفي عزمهم مهاجمة أوروبا واكتساحها كلها، وسوف تؤخذ كل بلادك منك. . . . ) وذيل كتابه هذا بإمضائه الحامل لثلاثة عشر لقباً أعطاها لنفسه، كلقب (المخلص) و(المصلح) و(منظم العالم) و(مصحح القانون) و(منقح الشريعة) . . . إلخ.وما وصل هذا الكتاب إلى الإمبراطور فردريك، حتى قاد جيشاً عرمرماً من جميع أمم أوروبا، وسار به لمقاتلة المسلمين، ولكن سوء الطالع أدركه، فغرق في الطريق. . . . بينما كان المقيمون من الإفرنج في فلسطين قد حاصروا مدينة عكا في شهر أغسطس سنة 1189، دون أن ينتظروا مجيء إخوانهم الصليبيين لنجدتهم من أوروبا، ولم يكن في وسع صلاح الدين طردهم عنها، فاستمروا على حصارها سنتين، ولو أن صلاح الدين أرسل ليتقدم أسطول مصر الراسي في الإسكندرية، محملاً بالمؤن والذخائر، وجمع كل قواه حول المدينة، لما استطاع خلاصها من أيدي المحاصرين لها، لأن الصليبيين أو حملة فردريك، قد أتوا من أوروبا وهم ألفا فارس، وثلاثون ألف مقاتل من المتدربين، فاشتركوا مع أفرنج فلسطين، في تضييق الحصار على المدينة، وكان بين الصليبيين القادمين من أوروبا، الملك فيليب ملك فرنسا، وريكاردو (قلب الأسد) ملك انجلترا. ولما رأى صلاح الدين أنه لا يستطيع مقاومة تلك القوة الهائلة، اضطر أن يسلم المدينة تحت شروط اشترطها عليه الصليبيون، لا تمس بشرفه ولا شرف الإسلام، ومفادها أولاً تسليم المدينة، وثانياً تسليم الصليب الحقيقي الذي صلب عليه السيد المسيح، وأخذه المسلمون يوم فتح أورشليم، وثالثاً إطلاق سراح ألفي نفس، من أشراف المسيحيين أسرهم صلاح الدين، وخمسمائة شخص من طبقات مختلفة من المسيحيين، ورابعاً أن يقوم المسلمون بدفع 200 ألف دينار غرامة حربية.

فقام صلاح الدين وكبار المسلمين الذين معه، بتنفيذ الثلاثة بنود الأولى من شروط الصلح، أما البند الرابع وهو الغرامة الحربية، فقد تأجل دفعها إلى وقت آخر، لعدم وجود قيمتها في خزينة الحكومة، مسلماً بدلها للصليبيين كل أشراف المسلمين وأولادهم بصفة أسرى تحت أمر ملكهم، حتى تسدد هذه الغرامة الكبيرة، فقبل ريكاردوس (قلب الأسد) ذلك الاقتراح من صلاح الدين، ولكن لما أبطأ في تنفيذ البند الثالث، كما وفي تسديد الغرامة الحربية كوعده، قام ريكاردوس ملك الصليبيين وصلب أولئك الأشراف المسلمين وكانوا 2700 علناً خارج مدينة عكا، انتقاماً من صلاح الدين ومن المسلمين. . . . أما المسيحيين الذين كانوا أسرى عند صلاح الدين وعددهم 12 ألف نفس، فقد خلى سبيلهم بعد كل تلك الحوادث، بالرغم من ضعف إيمانهم بالله، وأرسلهم إلى بابليون في مصر، بحراسة قوة صغيرة من الجنود التركية، واتفق في هذه الأثناء أن قام الملك ريكاردوس بحرسه إلى داخلية، الواقعة على مقربة من دائرته، لمعرفة البلاد وما فيها، واكتشاف آثارها، وهو مع قلة من الجنود التي كانت معه يومئذ، فإن شهرته في القوة والبأس، قامت مقام القوة الحربية الكافية له، بحيث أن الجنود الأتراك الذين كانوا يحرسون الأسرى، بمجرد ما وقع نظرهم على علم ريكاردوس، دب في قلوبهم الرعب والارتجاف، فتركوا الأسرى وفروا هاربين من وجهه، ولما رأى ريكاردوس ذلك، انقض على المسلمين الذين كانوا مع الأسرى المسيحيين، وأمر حرسه بذبحهم، وأسر عشرين ضابطاً، وأطلق سراح الأسرى جميعهم."تلك رواية مؤرخ غير مسيس ولا مؤدلج لأسطورة الناصر صلاح الدين، الذي جعل منه الخطاب العروبي المتأسلم، والمطبلون والمزمرون على أنغامه، مثل الراحل يوسف شاهين، جعلوا منه أسطورة إسلامية، وصوروه بصورة البطل الشهم الهمام، بل والعالم الطبيب، رغم عدائه للعلوم والفنون كما ورد، في حين لا يبدو أكثر من مغامر طموح، يسعى وراء السلطة والثروة، مسوقاً باعتقادات جامدة ومتعصبة واستعلائية، ويتقاتل عبر مسيرته مع قادة لا يختلفون عنه في التوجهات والمنهج، وإن اختلفوا في البيارق والشعارات التي يخدعون بها جماهيرهم، عميقة الإيمان سليمة الطوية فادحة الجهل. . في هذا السياق كانت معركة حطين، التي يصورونها لنا على أنها فتح مبين وخالد، ولم تكن في الحقيقة أكثر من واحدة من مئات المعارك الصغرى، التي يخوضها المغامرون الذين وفدوا على المنطقة من هنا ومن هناك، ولا يحمل أي منهم في قلبه وذهنه غير الجشع وحب المغامرة.

اجمالي القراءات 32927

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (6)
1   تعليق بواسطة   Awni Ahmad     في   الإثنين ٢٠ - أبريل - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً
[37339]

منبر أهل القران !!!!!!!!

!!!!!!!!!


2   تعليق بواسطة   أحمد بغدادي     في   الإثنين ٢٠ - أبريل - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً
[37343]

-------------------------

-------------------------------


3   تعليق بواسطة   آية محمد     في   الجمعة ٢٤ - أبريل - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً
[37544]

أين المراجع سيدي الفاضل؟؟؟؟؟؟؟؟

السيد كمال مع كامل احترامي لقلمك فلا ارى اي قيمة فعلية لهذه المقالة غير نبرة حقد على شخص مسلم لا اكثر ولا اقل


صلاح الدين يصوف بالطيب في كتب العرب والبربري في كتب الغرب


وريتشارد قلب الأسد يوصف بالبربري في كتب العرب والطيب في كتب الغرب


اين المشكلة؟



ولما نعلي رأي الكاتبة فوق الكثير من الأراء!


اما عن المخرج المسيحي يوسف شاهين والذي اعترضت حضرتك على فيلمه واعترض عليه ايضا... ولكن ماذا تقول عن فيلم ملكوت السموات للمخرج الأمريكي اوليفر ستون والذي اظهر فيه الناصر بمظهر إنساني في مقابل خنازير اوروبا؟ فيما عدا بعض الرجال الأشراف المسيحيين المخلصين؟ فهل اوليفر ستون مأجور ايضا يا سيدي ويلعب على وتر الدين ليرضي العالم الإسلامي



4   تعليق بواسطة   عصام عمر     في   الخميس ٠٧ - مايو - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً
[38474]

ردا على المقال

لم أقرأ المقال سوى الآن فاسمحوا لي بالتعليق


" ننهي جولتنا مع تاريخ الأقباط، والتي استغرقت منا خمس مقالات بعنوان "الأقباط في عالم متغير"، بهذه المقتطفات من كتاب تاريخي، مسطر بيد مؤرخة محايدة إلى حد كبير، والذي ترجم ونشر بالقاهرة عام 1900م، بعنوان "تاريخ الأمة القبطية"، هي الإنجليزية أ.ل. بتشر."

كيف عرف العزيز كمال غبريال أن الإنجليزية أ.ل. بتشر مؤرخة محايدة؟ بالعكس فهي أنجليزية وكلنا نعرف أن ريتشارد كان إنجليزيا فبالتأكيد ستنحاز لابن جلدتها. كما أنها غالبا نصرانية بالتالي فتحيزها للصليبيين أمر حتمي وهذا ما سنراه في ما كتبته.



" نورد هذه المقتطفات كنموذج يوضح لنا حجم الكذب والتزييف، الذي تُغسل به أدمغتنا، نتيجة سيطرة من يقرأون -ليس فقط الواقع، بل والتاريخ أيضاً- بعيون أيدولوجية ودوجماطيقية، تجعل من الأقزام عمالقة وأبطالاً، ومن أعمال &Cc النهب والسلب، فتوحاً وجهاداً في سبيل الله، ومن الطموح الشخصي في السلطة والثروة، ولو على جثة أبسط المبادئ الإنسانية، تجعل منها نضالاً مجيداً وشريفاً.رأيت أن ثمة فائدة في أن تقرأ الأجيال التي حقنها الإعلام برؤية الراحل يوسف شاهين، في فيلمه الناصر صلاح الدين، ما أوردته أ. ل. بتشر في المجلد الثالث من كتابها، عن هذا البطل الإسلامي الأسطورة. . نورد الفقرات التالية مقتبسة بنصها من الكتاب المذكور دون تدخل منا، لتصير مسئولية مايرد على المؤلفة وحدها:"

وطبعا حضرتك قمت بتوجيه كل هذا النقد الباطل وغير المنطقي بناءا على ما كتبته مؤلفة بريطانية منذ أكثر من مئة عام وتتجاهل في المقابل كم الكتابات من الغرب قبل الشرق التي أنصفت هذا الرجل! أين المنهجية؟



" "أحب الخليفة العاضد أن يبين محبته لشيركويه، فولى مكان شاور، ابن أخيه يوسف صلاح الدين، ولقبه بالملك الناصر، وكان لايزال شاباً. . . وكان متمسكاً بالتقاليد الإسلامية القديمة، ومتطرفاً جداً في تأدية فروضه الدينية، وكان يحتقر ويزدري الرفاه والنعم، كما كان يستخف ويهزأ بالعلوم والفنون على السواء، ويعتقد أن الصنايع الفنية والفنون الجميلة ضرب من عمل الشيطان، إنما مطامعه في الشهرة العالمية كانت لا تحد، وقد قوى فيه ذلك الطبع، لأنه كان قد حلم مدة حداثته، أنه لا يموت قبل أن يكون سلطان دمشق وبابليون، أي سوريا ومصر أو المملكة البابليونية كما كانوا يسمونها."."

أين الدليل على كل هذا الكلام؟ هل اوردت الكاتبة لنا أمثلة تؤكد ما تقوله هنا؟ أم أننا يجب أن نأخذ كل ما تقوله كأنه حقيقة إلهية؟

النقطة الوحيدة التي قد تؤخذ على صلاح الدين هي حرق مكتبة شيعية في مصر حسب علمي, وحتى هذه مشكوك فيها.

أم حلم صلاح الدين في أن يحكم سوريا ومصر فياليت حكام مصر وسوريا بربع صلاح الدين!



" ."."وفي عام 1187م تقدم بجيشه إلى بيت المقدس، ففتحها وأسر ملكها، لأن بيت المقدس كانت خالية من القوة التي تتمكن من مقاومة حصار جيش العرب لها، وكان جل ما بداخلها فريق من العوام والفقراء، الذين لا طاقة لهم على القتال، ولم يكن لها جيش سوى 1400 رجلاً من الفرسان، فدافعوا عن المدينة مع الكهنة المسيحيين والشمامسة، الذين كانوا يعتقدون أنهم يدافعون ويجاهدون جهاداً دينياً، وفرضاً واجباً عليهم للمحافظة على هذه المدينة المقدسة، ولكن عاد الشعب فالتفت حول البطريرك وعلا صياحه وضجيجه، وهاج ضد الكهنة من داخل المدينة، طالباً التسليم بشروط مناسبة، وبعد جهاد دام أربعة عشر يوماً، سلم البطريرك المدينة تحت شرط، أنه بعد أن يدخلها المسلمون لا يأخذون سكانها المسيحيين أسرى، بل تكون قاعدة الصلح، أن يؤدي كل مسيحي عشرين ديناراً فدية عن نفسه، وكل مسيحية عشرة دنانير، وكل طفل دينارين، فمن أحضر فديته نجا بنفسه، وإلا أخذ أسيراً، وكان بين الأهالي أربعة عشر ألف نفس، غير قادرين على دفع الجزية المفروضة عليهم، فأطلق صلاح الدين سبيل بعضهم دون فدية، لأنه رآهم لا يصلحون لأي عمل، وأسر النصف الآخر، بعد أن نكس الصليب القائم على قبة الصخرة، وكان عظيم الحجم"

وأين الخطأ الذي قام به صلاح الدين هنا؟ بالعكس فإن معاملته للسكان تدل على معاملة متحضرة إنسانية في وقته على غرار ما فعله الصليبيون حينما احتلوا القدس وجعلوا دماء المسلمين وحتى اليهود تصل لركب الخيل ولم يرحموا عجوزا أو إمرأة أو طفلا.

أما عن الصليب الذي أزاله صلاح الدين فالعيب أساسا على الصليبيين الذين لم يراعوا حرمة بيت الله في البداية فحولوا المسجد لاسطبل لخيولهم وأزالوا هلال المسجد ووضعوا مكانه صليبهم.

فصلاح الدين أرجع الوضع لما كان عليه فقط.


5   تعليق بواسطة   عصام عمر     في   الخميس ٠٧ - مايو - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً
[38475]

ردا على المقال 2

" . . . قام إمبراطور الغرب فردريك بروسيا حاملاً صليبه، وكتب إلى صلاح الدين يدعوه إلى القتال. . . . فأجابه صلاح الدين بكتاب لا يقل غطرسة (لم يكن قصد المسلمين التسلط على المسيحيين وقهرهم في الشرق فقط، بل وفي عزمهم مهاجمة أوروبا واكتساحها كلها، وسوف تؤخذ كل بلادك منك. . . . ) وذيل كتابه هذا بإمضائه الحامل لثلاثة عشر لقباً أعطاها لنفسه، كلقب (المخلص) و(المصلح) و(منظم العالم) و(مصحح القانون) و(منقح الشريعة) . . . إلخ"

رغم أن الجواب متغطرس بالفعل إلا أن غطرسة فردريك بروسيا وإعلانه القتال استحقت هكذا جواب من صلاح الدين يضعه في حجمه.



" .وما وصل هذا الكتاب إلى الإمبراطور فردريك، حتى قاد جيشاً عرمرماً من جميع أمم أوروبا، وسار به لمقاتلة المسلمين، ولكن سوء الطالع أدركه، فغرق في الطريق. . . . بينما كان المقيمون من الإفرنج في فلسطين قد حاصروا مدينة عكا في شهر أغسطس سنة 1189، دون أن ينتظروا مجيء إخوانهم الصليبيين لنجدتهم من أوروبا، ولم يكن في وسع صلاح الدين طردهم عنها، فاستمروا على حصارها سنتين، ولو أن صلاح الدين أرسل ليتقدم أسطول مصر الراسي في الإسكندرية، محملاً بالمؤن والذخائر، وجمع كل قواه حول المدينة، لما استطاع خلاصها من أيدي المحاصرين لها، لأن الصليبيين أو حملة فردريك، قد أتوا من أوروبا وهم ألفا فارس، وثلاثون ألف مقاتل من المتدربين، فاشتركوا مع أفرنج فلسطين، في تضييق الحصار على المدينة،"

الكثرة تغلب الشجاعة للأسف.



" وكان بين الصليبيين القادمين من أوروبا، الملك فيليب ملك فرنسا، وريكاردو (قلب الأسد) ملك انجلترا. ولما رأى صلاح الدين أنه لا يستطيع مقاومة تلك القوة الهائلة، اضطر أن يسلم المدينة تحت شروط اشترطها عليه الصليبيون، لا تمس بشرفه ولا شرف الإسلام، ومفادها أولاً تسليم المدينة، وثانياً تسليم الصليب الحقيقي الذي صلب عليه السيد المسيح، وأخذه المسلمون يوم فتح أورشليم، وثالثاً إطلاق سراح ألفي نفس، من أشراف المسيحيين أسرهم صلاح الدين، وخمسمائة شخص من طبقات مختلفة من المسيحيين، ورابعاً أن يقوم المسلمون بدفع 200 ألف دينار غرامة حربية.



فقام صلاح الدين وكبار المسلمين الذين معه، بتنفيذ الثلاثة بنود الأولى من شروط الصلح، أما البند الرابع وهو الغرامة الحربية، فقد تأجل دفعها إلى وقت آخر، لعدم وجود قيمتها في خزينة الحكومة، مسلماً بدلها للصليبيين كل أشراف المسلمين وأولادهم بصفة أسرى تحت أمر ملكهم، حتى تسدد هذه الغرامة الكبيرة، فقبل ريكاردوس (قلب الأسد) ذلك الاقتراح من صلاح الدين،"

صراحة صلاح الدين عداه العيب فيما فعل. فأين المشكلة هنا بالضبط؟



" ولكن لما أبطأ في تنفيذ البند الثالث، كما وفي تسديد الغرامة الحربية كوعده، قام ريكاردوس ملك الصليبيين وصلب أولئك الأشراف المسلمين وكانوا 2700 علناً خارج مدينة عكا، انتقاماً من صلاح الدين ومن المسلمين. . . ."

يا له من مجرم ذلك الريتشارد. طبعا الكاتبة البريطانية لم تعلق على جرائم ابن جدلتها!



" أما المسيحيين الذين كانوا أسرى عند صلاح الدين وعددهم 12 ألف نفس، فقد خلى سبيلهم بعد كل تلك الحوادث، بالرغم من ضعف إيمانهم بالله، وأرسلهم إلى بابليون في مصر، بحراسة قوة صغيرة من الجنود التركية،"

قارنوا بين إنسانية صلاح الدين الذي نفذ بنود الاتفاق رغم خرق ريتشارد للاتفاق وجرائمه بحق الأسرى المسلمين وبين وحشية ريتشارد وإجرامه لتعلموا من هو صلاح الدين.



" واتفق في هذه الأثناء أن قام الملك ريكاردوس بحرسه إلى داخلية، الواقعة على مقربة من دائرته، لمعرفة البلاد وما فيها، واكتشاف آثارها، وهو مع قلة من الجنود التي كانت معه يومئذ، فإن شهرته في القوة والبأس، قامت مقام القوة الحربية الكافية له، بحيث أن الجنود الأتراك الذين كانوا يحرسون الأسرى، بمجرد ما وقع نظرهم على علم ريكاردوس، دب في قلوبهم الرعب والارتجاف، فتركوا الأسرى وفروا هاربين من وجهه،"

يا سلام إن تعصب الكاتبة المقيت يصور أولئك الجنود كما لو أصيبوا بالإسهال عندما رأوا ريتشارد وكأنهم جنودا غير مدربين ولم يخوضوا معارك ضد الصليبيين من قبل.

ثم لنا سؤال أخر. من أين عرفت الكاتبة بهذه القصة الخرافية؟ هل من الروايات التي نقلها الصليبيون أم أنها ربما كانت هي هناك شخصيا؟


6   تعليق بواسطة   عصام عمر     في   الخميس ٠٧ - مايو - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً
[38476]

ردا على المقال 3

" ولما رأى ريكاردوس ذلك، انقض على المسلمين الذين كانوا مع الأسرى المسيحيين، وأمر حرسه بذبحهم، وأسر عشرين ضابطاً، وأطلق سراح الأسرى جميعهم."

مرة أخرى يثبت هذا الريتشارد وحشيته وعدم آدميته فبدلا من شكر الجنود على توصيل الأسرى له يقوم بذبحه وأسرهم. طبعا هذه الجرائم تبدو كبطولات في عين الكاتبة البريطانية التي لم يقول الكاتب كمال غبريال أنها غير مسيسة ومحايدة لحد كبير!!!!



" تلك رواية مؤرخ غير مسيس ولا مؤدلج لأسطورة الناصر صلاح الدين، الذي جعل منه الخطاب العروبي المتأسلم، والمطبلون والمزمرون على أنغامه، مثل الراحل يوسف شاهين، جعلوا منه أسطورة إسلامية، وصوروه بصورة البطل الشهم الهمام، بل والعالم الطبيب، رغم عدائه للعلوم والفنون كما ورد،"

لقد تم الرد على كل هذا.



" في حين لا يبدو أكثر من مغامر طموح، يسعى وراء السلطة والثروة، مسوقاً باعتقادات جامدة ومتعصبة واستعلائية، ويتقاتل عبر مسيرته مع قادة لا يختلفون عنه في التوجهات والمنهج، وإن اختلفوا في البيارق والشعارات التي يخدعون بها جماهيرهم، عميقة الإيمان سليمة الطوية فادحة الجهل."

بالنسبة للطموح والسلطة فليست عيب. ليس عيبا أن يكون الإنسان طموحا ويسعى للسطلة إن كان سيحقق الخير والمنفعة لقومه.

ليت كل الحكام كانوا مثل صلاح الدين

أم الحديث عن الثروة فهل تعلم يا عزيزي كم كانت "ثروة" صلاح الدين وقت وفاته؟



" في هذا السياق كانت معركة حطين، التي يصورونها لنا على أنها فتح مبين وخالد، ولم تكن في الحقيقة أكثر من واحدة من مئات المعارك الصغرى، التي يخوضها المغامرون الذين وفدوا على المنطقة من هنا ومن هناك،"

أنصحك بالعودة لصف التاريخ وقرائته مرة أخرى فمعركة حطين بشهادة الغرب قبل الشرق كانت المعركة الحاسمة في تاريخ الحملات الصليبية ويكفي أنها أعادت القدس للمسلمين.



" ولا يحمل أي منهم في قلبه وذهنه غير الجشع وحب المغامرة."

هذا ما فعله الصليبيون وليس صلاح الدين.



إن مآثر وإنسانية وعظمة صلاح الدين قد تكلم بها الكتاب الأوروبيون قبل المسلمون. يكفي أن الأوروبيون قد ألفوا أبيات الشعر تخليدا لعظمة ونبل صلاح الدين, وإن ما تقوله كاتبة بريطانية مزورة متعصبة لبني جلدتها لن يغير من حقائق التاريخ شيئا التي يعرفها القاصي والداني.


أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2007-03-23
مقالات منشورة : 598
اجمالي القراءات : 5,548,928
تعليقات له : 0
تعليقات عليه : 264
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : Egypt