ابراهيم عيسى Ýí 2009-03-17
يحيي العظام وهي رميم
نعلم جميعاً أن مصر تحكمها دار مسنين في الحكومة والمعارضة وأن أمراض الشيخوخة السياسية مشابهة تقريباً لأمراض الشيخوخة الفسيولوجية، والمؤسف أن أحزاب المعارضة (أقصد أحزاب الوفد والتجمع والناصري ) بطريقة قيادتها ونهج أصحابها جعلتها تمزق تاريخها الذي كنا نظنه ومستقبلها الذي ظننا أننا نتمناه، أعضاء أحزاب علي الورق وقيادات تستقيل وتودع حزبها إلي مثواه الأخير ومواقف كارثية وانشقاقات وانقسامات وصغائر وصغار ;ر وانحناءات للدولة وتراجع للنخوة وتقلص للعضوية وانحدار للشعبية وتفريط في القيادات والرموز الوطنية ودفع لمن فيهم الرمق إلي تجميد عضويتهم في الأحزاب وانسحابهم.. ماذا تقول في أحزاب تحمل نعوشها بنفسها وتحفر قاعها بعرق جبينها وتسلب من تيارات اليسار والناصرية والليبرالية علي اختلاف المشارب والمشارف أهم ما يملك أصحابها، بل لعلهم لا يملكون غيره، القدرة علي الحلم وكبرياء المعارك...لقد جعلت سياسة إدارة دار مسنين هذه الأحزاب أَعِزة الوطنية المصرية أذلة؛ للديون والجمود ولشروط الحكومة وضوابط رجال الأمن وتعليمات الأجهزة وتنسيقات لجنة الأحزاب والأصدقاء المشتركين مع النظام والقصر الجمهوري.
أحزاب تحسبها أيقاظا وهم رقود تماما... آخر ما تسأل عنه في هذه الأحزاب هو الديمقراطية (المستثني في هذه فقط هو التجمع ) فكلها صارت بالزمن وبالمرض المزمن مجرد أبعديات صرفتها الحكومة لأشخاص ذوي ثقة، ومن ثم فأنت تري أن المعارضة راضية ولا تهش ولا تنش وتري الحكومة وديعة ورزينة مع المعارضة فقد تقاسموا تركة البلد وقسموا الورث علي بعض، لكنهم وللحق يتميزون بالثرثرة طول الوقت عن الديمقراطية وهو مثل الحكومة الخالق الناطق يتكلم عن الديمقراطية وفاكر أن الديمقراطية هي أن تتكلم عنها وفقط !
لائحة أحزاب تمنح بعضها منصب الرئاسة بلا حد ولا توقف، فهل هناك أكثر من هذا ديمقراطية، كما أن رئيس أي حزب بحيل الليل والنهار يملك وحده تعيين أعضاء لجنته أو هيئته العليا كما يحلو له، وهو أيضا قادر بعون الله علي رفد أي عضو ولو كان من هيئة الحزب العليا في أي وقت وهم موافقون مصفقون، ولم يحدث أن قراراً أراده رئيس حزب معارض عارضه فيه أحد، ولم يحدث أن أباظة أو السعيد أو داود أراد شيئاً وقال له رجاله «كُفواً أحد»، ولعلي أكرر أن نفس الداء الذي ابتلي به نعمان جمعة - رئيس حزب الوفد السابق - أصاب محمود أباظة - الرئيس الحالي - فهو رئيس ديمقراطي جداً؛ كل يوم صوره وتصريحاته ومقابلاته في الصفحة الأولي من جريدة حزبه بل حواراته للتليفزيونات تنشر علي عرض وطول الصفحة الأولي ! كما أنه يدير يوماً بيوم ويشرف لحظة بلحظة علي جريدته بنفسه؛ وهو مسلك معيب ومشين في عالم السياسة والأحزاب.. لكن ليس هذا فقط ما تفعله فينا أحزاب كبيرة صَغُرتْ ولا شخصيات عظيمة عجزت ولا تيارات سياسية تراخت ولا جماهير عريضة تكرمشت، ولا برامج حزبية تحولت إلي برامج ربات بيوت.
ليس هذا ما فعلته تلك الأحزاب فقط، بل فعلت باستسلامها للأجهزة الحكومية والأمنية أو بصفقاتها البخسة والهشة مع الحزب الوطني وبتهادنها مع سياسة الرئيس مبارك ما لم يفعله فينا الحزب الوطني أو حتي جماعات الإرهاب والتكفير، لقد قتلت هذه الأحزاب فكرة البديل، جعلت من نفسها هزؤاً سياسياً وخيال مآتة جماهيرياً ومقبرة لقراءة الفاتحة علي أحلام ماتت، مما جعل الناس تسلم نفسها سواء لاستبداد نظام الرئيس ونجله باعتبار أنه مفيش فائدة وهمه قاعدين قاعدين ومحدش ح يقدر عليهم، أو تستسلم لأفكار التطرف الديني وجماعات التغييب الديني أو التخريب المذهبي.
جريمة هذه الأحزاب الثلاثة أنها منحت حزب الرئيس ونجله شرف أن يكون هناك من هو أسوأ منه، ولا تملك إلا أن تقرأ علي هذه الأحزاب الفاتحة منتظراً وعد الله الحق إنه يحيي العظام وهي رميم.!
دعوة للتبرع
زكاة فوائد البنوك: قرأت رد لك على الزكا ة المال ية وقلت إنها على...
الورد والرفد : جاء فى سورة ( هود ) كلمة الورد وكلمة الرفد فى...
عقدة من ليلة الدخلة.: تزوجت بصديق اخي . سافرت من بلدى العرب ى اليه...
بدلوا النعمة كفرا: هل ممكن ان تتحول النعم ة الى نقمة ؟...
التوبة هى الحلّ: الحم د لله, وشكرا لك, شيخنا الفاض ل أتأسف...
more
أتابع بإهتمام شديد كتابات ومواقف الأستاذ الكبير إبراهيم عيسى, وهو يمثل بحق ضمير الإنسان المصري الحي وهو يحلل بدقة لا متناهية للوضع الذي تعيشه مصر اليوم.
أتمنى من أعماق قلبي أن يبدأ الأستاذ إبراهيم عيسى لخوض معترك الإنتخابات الرئاسية القادمة في مصر, حينها سنتنفس الصعداء لخروج مصر العزيزة على قلوبنا إلى بر الأمان... فمواقف وكتابات هذا الرجل العملاق إبراهيم عيسى جديرة بالتقدير والإمتنان.