هل هناك تناقض بين(أحسن صوركم) ووجود تشوهات خُلقية ؟

عثمان محمد علي Ýí 2025-09-11


هل هناك تناقض بين(أحسن صوركم) ووجود تشوهات خُلقية ؟

سؤال مُهم جدا جدا جدا جدا من أستاذة فاضلة تقول فيه :: أنا ساعات كده بسرح في حاجات ومن هذه الحاجات اولا وليس اخراً لما ربنا سبحانه وتعالي خلق الإنسان في احسن صوره لماذا نجد بعض الناس عندهم عاهات او شكلهم وحش قوي قوي؟؟؟

السؤال الثانى ::: هل فعلا الدعاء مستجاب  كيف يكون في دعاء أصلا وربنا كتب قدري منذ ولادتي؟؟

==

التعقيب :

شكرا يا أستاذة على السؤال المُهم للغاية، وتعالوا نجتهد في الإجابة عليه ::: سؤال أنه كيف نفهم قول الله جل جلاله عن الإنسان

((ٱللَّهُ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَرۡضَ قَرَارٗا وَٱلسَّمَآءَ بِنَآءٗ وَصَوَّرَكُمۡ فَأَحۡسَنَ صُوَرَكُمۡ وَرَزَقَكُم مِّنَ ٱلطَّيِّبَٰتِۚ ذَٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمۡۖ فَتَبَارَكَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلۡعَٰلَمِينَ (64غافر) .... وقوله تعالى ((هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَكُمۡ فَمِنكُمۡ كَافِرٞ وَمِنكُم مُّؤۡمِنٞۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٌ (2التغابن)

وقوله تعالى (لَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ فِيٓ أَحۡسَنِ تَقۡوِيمٖ (4) سورة التين .مع أن هناك أطفال ورجال ونساء مخلوقين بتشوهات خِلقية (بكسر الهاء) وآخرين ليسوا بشكل جميل أو حتى مقبول ؟؟

هذا السؤال أو هذا التفكير وقع ويقع فيه كثير من الناس ،فالمسلمون رُبما لا يقفون عنده كثيرا،ولكن بعض غير المُسلمين والمُلحدين يقفون عنده ويتصورون أنه دليل على خطأ القرءان وتناقضه العملى. فهل هذا صحيح ،هل القرءان متناقض ؟؟

الإجابة السريعة لا وألف لا ::::

تفاصيل الإجابة تأتى في هذه النقاط : المُسلمون الذين وقعوا في هذا الخطأ،والمُلحدون أيضا ، وقعوا في خطأ منهجى في فهم القرءان الكريم ومُصطلحاته .وهو أنهم لم يتعرفواعلى معانى مُصطلحات القرءان وآياته من سياق آيات القرءان نفسه . فالقرءان الكريم له أسلوبه الخاص في التعبير والخطاب ،وله أدواته الخاصة لفهم مُصطلحاته. وهى بإختصارأن تبحث عن فهم معنى المُصطلح من خلال الآيات التي ورد فيها،و في الآيات التي قبلها،او بعدهها،وبالبحث عنه في الآيات التي ورد فيها في القرءان الكريم كُله .وبهذا ستصل للمعنى المُراد بكل سهولة ويُسر ووضوح وبيان لاريب فيه ،وربما تجد وقتها (بل على الأكثر) ستجده على عكس ما يفهمه الناس عنه تماما .
فلوطبقنا هذا المنهج على فهم  ( أحسن صوركم )   و (أحسن تقويم ) مع وجود تشوهات خِلقية لبعض المواليد والناس ،سنجد أن آيات سورتى (غافر والتغابن) تتحدث عن الإيمان بالله رب العالمين والحديث عن الأيات الكونية في خلق السموات والأرض والإنسان والجبال والشمس والقمر كدليل على وجوب الإيمان بفاطر وخالق هذه المخلوقات ، ولا تتحدث عن (الشكل ) لهذه المخلوقات ،ولمنها تحدثت عن جوهر وسبب ذكر هذه المخلوقات وهو ضرورة الإيمان ب(لا إله إلا الله ).

 ولوذهبنا لسورة (التين ) وقرأنا قول الله جل جلاله (لَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ فِيٓ أَحۡسَنِ تَقۡوِيمٖ (4) ثُمَّ رَدَدۡنَٰهُ أَسۡفَلَ سَٰفِلِينَ (5) إِلَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ فَلَهُمۡ أَجۡرٌ غَيۡرُ مَمۡنُونٖ (6) فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعۡدُ بِٱلدِّينِ (7) أَلَيۡسَ ٱللَّهُ بِأَحۡكَمِ ٱلۡحَٰكِمِينَ (8التين).

لوجدنا شرحا وافيا لهذا المعنى ولوجدنا أن الآيات الكريمات لا تتحدث عن الشكل والخِلقة والجمال والقُبح والكمال والتشوهات في الخِلقة على الإطلاق ،إنما تتحدث عن أن المولى جل جلاله تحدث عن خلق الإنسان بتمام قُدرته الكاملة على الإختياردون إكراه وإجبار بين الإيمان بلا إله إلا الله حق الإيمان بكل ما تحوى وما تتضمن من إيمان وإلتزام بتشريعات رب العالمين،وبين الكُفربها وعصيانه للخالق جل جلاله.(وَنَفۡسٖ وَمَا سَوَّىٰهَا (7) فَأَلۡهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقۡوَىٰهَا (8) قَدۡ أَفۡلَحَ مَن زَكَّىٰهَا (9) وَقَدۡ خَابَ مَن دَسَّىٰهَا -10)الشمس.

ولوجدنا أيضا أن الأكثرية وللأسف ستختارالكُفر والشرك والمعصية على الإيمان بالله جل جلاله ((وَإِن تُطِعۡ أَكۡثَرَ مَن فِي ٱلۡأَرۡضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۚ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا ٱلظَّنَّ وَإِنۡ هُمۡ إِلَّا يَخۡرُصُونَ ) 116المائدة.

فلذلك إستحقت تلك الأكثرية أن تعود يوم القيامة بعد حسابها على كُفرها وإشراكها بالله رب العالمين وعصيانها له جل جلاله  لأسفل سافلين في دركاتها وأماكنها في نار جهنم خالدين فيها / وكمثال على صنف منهم  (إِنَّ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ فِي ٱلدَّرۡكِ ٱلۡأَسۡفَلِ مِنَ ٱلنَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمۡ نَصِيرًا (145)النساء .

 فكان قول الله جل جلاله عنهم (ثُمَّ رَدَدۡنَٰهُ أَسۡفَلَ سَٰفِلِينَ (5).....وجاءت الآية التالية لها تأكيدا لهذا المعنى،معنى أن الآيات تتحدث عن الإيمان والكفر وليس الجمال والقبح الخِلقى والتشوهات الخِلقية في قوله تعالى (إِلَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ فَلَهُمۡ أَجۡرٌ غَيۡرُ مَمۡنُونٖ (6) فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعۡدُ بِٱلدِّينِ (7) أَلَيۡسَ ٱللَّهُ بِأَحۡكَمِ ٱلۡحَٰكِمِينَ (8التين). فلوكان الحديث عن الجمال والقبُح أوالكمال الخٍلقى والتشوهات الخلقية فهل كُل الذين آمنوا (دمهم خفيف وحلاوتهم مفيش مثلها ههههههه) ؟؟؟ لا طبعا ،بل فيهم من هم من ذوى التشوهات الخُلقية سواء كانت نتيجة لصفات وجينات وراثية أو بسبب تناول أُمهاتهم لأدوية أضرت بهم أثناء الحمل أو الرضاعة.وعلى العكس فهناك مليارات من البشرمن ذوى وذوات الجمال الخارق الأخاذ من الكافرين والمُلحدين ووووو.

فالآيات الكريمات تتحدث عن (أحسن تقويم) في كمال وتمام خلق الله جل جلاله للإنسان في قدرته وقدرة نفسه البشرية على  التمييز والإختيار، فإما أن تختارالإيمان وأن تكون من الذين آمنوا وعملوا الصالحات ،وإما أن تختار الكُفر والشرك والعصيان فتُصبح من الذين إرتدوا بأنفسهم وبإختيارهم  يوم القيامة لأسفل سافلين. فلو فهم الناس معانى مُصطلحات القرءان الكريم من القرءان نفسه ومن خلال سياق آياته وموضوعاته نفسها لوصلوا لإجابات عن أسئلة كثيرة  تراودهم وتشغل بالهم.. ونقول لهم جربوا هذه المنهج بأنفسكم ،فالقرءان وعد الجميع بأن يشرح لهم بنفسه معنى آياته ومُصطلحاته في قوله تعالى (وَلَقَدۡ يَسَّرۡنَا ٱلۡقُرۡءَانَ لِلذِّكۡرِ فَهَلۡ مِن مُّدَّكِرٖ (17القمر)

==

أما عن وجود أطفال ومواليد مشوهين خِلقيا وبأمراض جينية ومُزمنة. فهى بإختصارتدخل تحت بندالإختباروالإبتلاءات للناس جميعا في الحياة ولأهلهم وذويهم ،ولهم(للمرضى أنفسهم والمُشوهين خِلقيا) لو كانت تلك التشوهات بعيدة عن (الأمراض العقلية ) فهم غير مُحاسبين على قصورهم العقلى ولاعلى عدم إدراكهم . فالإبتلاء والإختبارمُبتلى به الناس جميعا ،سواء في الصحة أوالمرض لهم أولذويهم ،او في الغنى والفقر ،أوفى سعة أو ضيق الرزق ،أو في الرزق بالأولاد أوعدم الإنجاب ،او في صلاح الأولاد أوفسادهم هم والأزواج والزوجات.

فكل هذه الإبتلاءات تكون للإختبارالعملى،والشاطرالذى يُخرج منها ناجحا راض بها وعنها وتعامل معها بصبروبدُعاء لله جل جلاله أن يُعينه عليها وعلى الصبرعليها.وفى ذلك قال القرءان الكريم ((الٓمٓ (1) أَحَسِبَ ٱلنَّاسُ أَن يُتۡرَكُوٓاْ أَن يَقُولُوٓاْ ءَامَنَّا وَهُمۡ لَا يُفۡتَنُونَ (2) وَلَقَدۡ فَتَنَّا ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۖ فَلَيَعۡلَمَنَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْ وَلَيَعۡلَمَنَّ ٱلۡكَٰذِبِينَ (3) أَمۡ حَسِبَ ٱلَّذِينَ يَعۡمَلُونَ ٱلسَّيِّـَٔاتِ أَن يَسۡبِقُونَاۚ سَآءَ مَا يَحۡكُمُونَ (4) مَن كَانَ يَرۡجُواْ لِقَآءَ ٱللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ ٱللَّهِ لَأٓتٖۚ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ (5) وَمَن جَٰهَدَ فَإِنَّمَا يُجَٰهِدُ لِنَفۡسِهِۦٓۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ ٱلۡعَٰلَمِينَ (6) وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنۡهُمۡ سَيِّـَٔاتِهِمۡ وَلَنَجۡزِيَنَّهُمۡ أَحۡسَنَ ٱلَّذِي كَانُواْ يَعۡمَلُونَ (7العنكبوت))  

 (كُلُّ نَفۡسٖ ذَآئِقَةُ ٱلۡمَوۡتِۗ وَنَبۡلُوكُم بِٱلشَّرِّ وَٱلۡخَيۡرِ فِتۡنَةٗۖ وَإِلَيۡنَا تُرۡجَعُونَ ( الأنبياء35) .

  وليتذكرالصابرون أن أجروثواب الصابرين عند الله جل جلاله ((وَٱلَّذِينَ صَبَرُواْ ٱبۡتِغَآءَ وَجۡهِ رَبِّهِمۡ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ سِرّٗا وَعَلَانِيَةٗ وَيَدۡرَءُونَ بِٱلۡحَسَنَةِ ٱلسَّيِّئَةَ أُوْلَٰٓئِكَ لَهُمۡ عُقۡبَى ٱلدَّارِ (22الرعد).

((إِنِّي جَزَيۡتُهُمُ ٱلۡيَوۡمَ بِمَا صَبَرُوٓاْ أَنَّهُمۡ هُمُ ٱلۡفَآئِزُونَ ))(المؤمنون 111)
((وَمَا يُلَقَّىٰهَآ إِلَّا ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ وَمَا يُلَقَّىٰهَآ إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٖ -35)فصلت.

ولنُذكر بأن كل هذا لا يمنع من التعامل طبيا مع التشوهات الخلقية والأمراض المُزمنة بعلاجها ،والبحث المُستمر لها عن علاج حتى نصل إلى التكيف معها ومع الإبتلاء بها .... فلا نتكل على أنها إبتلاء ونتوقف عن علاجها أو البحث بكل الطرق عن علاجها ..

==

السؤال الثانى عن الدُعاء وإستجابة الدُعاء مع وجودالأقدارمُسبقا:

الأقدارالمكتوبة والحتمية التي لايفرُمنها الإنسان هي (الميلاد – الموت – الرزق –المصائب الخارجة عن تدخله هو مثل الأمراض الوراثية ، وحوادث طرق لا دخل له فيها ،وهكذا وهكذا ) .أما باقى أعماله أولنقل كُل ما سيُحاسب عليه يوم القيامة (إيمانه وعباداته وأعماله وأقواله وسريرته وتفكيره) فلا تدخل للأقدار والحتميات فيها فلن يُحسب إنسان على موعد ميلاده أو وفاته أو عن أنه ولد مريضا بمرض السُكرى من النوع الأول أو بمرض وراثى أو خلل جينى وهكذا وهكذا ......... فالدُعاء لا يمنع من وقوع الحتميات التي قُلنا عليها  فالدعاء بطول العُمر مثلا لا يمنع وقوع الموت والوفاة في وقتها .

فالدُعاء فريضة مثله مثل الصلاة والصيام والزكاة والحج وقراءة وتدبر القرءان،والإمتناع عن إرتكاب المعاصى والمنهى عنه في دين الله. فنحن مثلا ندعوا الله ليغفر لنا وليرحمنا ويرحم آبائنا والمؤمنين ، وندعوا الله بأن ييُسر لنا أمورالخير،وأن يرفع عنا الضُر، وندعوه بتييسيرالهداية لنا وللآخرين وهكذا وهكذا ،و ندعوه لينتقم من الظالمين المُستبدين الطغاة ناهبى وآكلى أموال ومُقدرات شعوبهم وثرواتهم العاملين على إفقارالمُجتمعات وإذلالها وتركيعها لغير الله جل جلاله .وهكذا وهكذا ..ونترك الإجابة ،أو إستجابة رب العالمين لدُعائنا له سُبحانه وتعالى فهو وحده جل جلاله مُجيب الدُعاء ،ولكن متى وهل في الدُنيا أوالآخرة فلا دخل لنا بهذا . فنحن علينا أن نؤدى فريضة الدُعاء ونترك الأجرعليها والإستجابة لها على الله جل جلاله ،ولنتاكد أنه سُبحانه وتعالى سينصرالمؤمنين به حق الإيمان ، سواء جاء هذا النصرفي الدُنياأو في الآخرة .

 المهم ::

 ان الدُعاء فريضة ،وأن الأمر بعد ذلك متروك للمولى جل جلاله في إجابة هذا الدُعاء وتوقيته ،اوعدم الإستجابة له .

اجمالي القراءات 591

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق