مصر في عزلة دولية

شادي طلعت Ýí 2024-12-12


 

إذا شاهدت مسلسل التاج The Crown الذي يحكي قصة حياة (الملكة إليزابيث الثانية) ملكة بريطانيا، ستجد صناع المسلسل لم يتجاهلوا الرئيس الراحل/ جمال عبد الناصر، فأتوا بممثل ليؤدي شخصيته، بينما تجاهلوا قيادات سياسية دولية عديدة أوربية وأمريكية، والسبب أن مصر في العهد الناصري، كانت ذات ثقل دولي لا يستهان به، ولا يمكن التغافل عنه.

 

أذكر تلك الحقيقة، مع أنني أختلف مع جمال عبدالناصر في كُل شيء، ولكن كانت مصر في عهده ذات تأثير دولي كبير، إقليمياً، وعربياً، وأفريقياً، ودولياُ.

 

وعندما جاء الرئيس/ أنور السادات، ظل لمصر تأثيرها الدولي بل وصل الإهتمام بالسادات في إحدى زياراته لأمريكا، لدرجة جعلت الرئيس الأمريكي (جيمي كارتر) لا ينتظر نزول (السادات) من الطائرة، بل ركض إليه متجاوزاً كُل قواعد البروتوكول ليرحب به. 

هكذا كانت قيمة مصر في عهد السادات. 

 

وعندما جاء الرئيس/ حسني مبارك، كانت مصر دولة محورية هامة، هي الرائدة عربياً وإقليمياً، والأكثر أهمية في الشرق الأوسط.

فلا إتفاق يتم أو معاهدة توقع على المستويات العربية أو الشرق أوسطية قبل العودة إلى مصر.

 

وحتى في عهد الرئيس/ محمد مرسي، كان لمصر ثقل لا تتجاوزه أي دولة خاصة فيما يخص القضية الفلسطينية، بل كانت مصر مقبلة على زعامة إسلامية، نظراً لهوية جماعة الإخوان المسلمين في ذلك الوقت. 

 

بينما اليوم باتت مصر غائبة أو مغيبة ليس على الساحة الدولية فحسب، وإنما على الساحة الإقليمية أيضاً.

 

فأين كانت مصر من القضية الفلسطينية بينما تصول وتجول دبلوماسيات دول أخرى، فما كان دور مصر بعد السابع من أكتوبر 2023، إلا بصيص تبقى من شعاع كان لها وحدها بحكم موقعها وتاريخها، بيد أنه الآن قد غاب عنها.

 

وأين مصر الآن مما يحدث في سوريا بعد إسقاط نظام الرئيس المخلوع/ بشار الأسد، ألم تكن سوريا في خمسينات القرن الماضي، هي الإقليم الشمالي للجمهورية العربية المتحدة، وكانت مصر هي الإقليم الجنوبي لها. 

ألم يكن الجيش السوري هو الجيش الأول للجمهورية العربية المتحدة، والجيشين الثاني والثالث بمصر. 

 

من ليس له ماضي ليس له حاضر، فكيف تتخلى مصر الآن عن تاريخها، وعن جزء أصيل من تاريخها. 

 

ألا تخجل (الخارجية المصرية) المهمشة أو المغيبة أو الغائبة أو النائمة عن الساحة الإقليمية، من وزارات خارجية تركيا وإسرائيل وقطر، إذ أنهم هم المعنيين الآن بما يحدث ويدور في دولة سوريا. 

 

ألا تتعلم مصر من رئيس وزراء إسرائيل (بنيامين نيتنياهو) الذي صرح فور هروب الرئيس المخلوع/ بشار الأسد، قائلاً :

"لولا إسرائيل وقضائها على (حزب الله)، واستهدافها لإيران، ما كان للثورة السورية المسلحة أن تنجح ..

 

وعندما لم يجد (نتنياهو) صدى لتصريحاته، قام بغارات عسكرية على مواقع الجيش السوري ذات الأسلحة الثقيلة، ومن ثَم أعلن أنه لن ينسحب من المنطقة العازلة في هضبة الجولان .. 

هذا هو (نيتنياهو) وتلك هي إسرائيل، رجل ودولة يرفضان الوقوف موقف المتفرج، يرفضان التهميش أو التغييب. 

حتى وإن إضطرا إلى إستخدام القوة. 

 

أما عن تركيا .. 

فبالأمس إرتفعت أسهم شركات الأسمنت التركية، لأنها هي التي ستبيع الأسمنت اللازم لإعادة إعمار سوريا، لقد رفعت تركيا من شأنها السياسي على الساحة الإقليمية والدولية أكثر فأكثر، بل وأضافت إليه مصالح إقتصادية قابلة للتحقيق. 

 

وأما عن قطر .. 

فإنها الدولة الصغيرة حجماً، والكبيرة مقاماً، وكيف لا وكافة الفصائل السورية تتواصل وتنسق معها الآن، بإعتبارها دولة ذات تأثير دولي وليس محلي فحسب. 

تلك هي دولة قطر الآن، ينظُر إليها كل من هم بالمنطقة، والعالم كعملاق في الدبلوماسية الدولية. 

 

أما مصرُ .. 

فالحديث ولا حرج، قد باتت في عزلة دولية، غير ذات أهمية سواء في مشورة أو رأي أو فعل .. 

مع أن تاريخها وجغرافيتها يفرضان عليها التواجد على الساحة الإقليمية وبقوة. 

 

إن دور مصر لا يجب أن يكون من مقاعد المتفرجين، بل عليها أن تصعد إلى المسرح، حتى وإن لم يكن لها دور فعال .. 

 

لم تكن مصر في يوم ما في التاريخ القريب مجرد (رد فعل) بل كانت دائماً في موقع (الفاعل). 

 

قد حان الوقت يا مصر أن تخلصي ابناءك من المبدعين والمفكرين والسياسيين .. من سلاسل الأسر والرقابة. 

 

فمن يجلسون على مقاعد إتخاذ القرار والخارجية تحديداً .. باتت وجوههم إما كريهة أو غير مرغوب فيها إقليمياً ودولياً، إنهم مجرد موظفين لا يفكرون إلا براتب آخر الشهر .. 

 

هؤلاء مكانهم أعمال إدارية في أرشيف الوزارات، بل والأفضل هو : الإستغناء عنهم نهائياً، فما قد جاءوا على مقاعدهم إلا عبر وساطة أو محسوبية. 

 

لن ينصلح حال مصر دولياً قبل أن تستبدل مقاعد إتخاذ القرار في كافة مصالحها، ليحل المبدعين والمفكرين والسياسيين .. محل الفاشلين ذوي الوجوه الكريهة. 

 

وعلى الله قصد السبيل

 

شادي طلعت 

 

#شادي_طلعت 

#سوريا 

#تركيا 

#اسرائيل 

#امريكا 

#مصر 

#وزارة_الخارجية 

#مصر_في_عزلة_دولية

اجمالي القراءات 261

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2007-11-20
مقالات منشورة : 319
اجمالي القراءات : 3,856,382
تعليقات له : 79
تعليقات عليه : 228
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : Egypt