رضا البطاوى البطاوى Ýí 2024-11-08
نقد كتاب الاستخارة
الكتاب من تأليف محمد محمد صادق الصدر وهو يدور حول مشروعية الاستخارة التى لا وجود لها فى كتاب الله ولا دليل عليها منه وقد استهل الكلام بذكر معناها فقال :
"معنى الاستخارة:
قال ابن منظور : الاستخارة طلب الخير في الشيء وهو إستفعال منه وفي الحديث كان رسول الله (ص) يعلمنا الاستخارة في كل شيء وخار الله لك أي إعطاك ما هو خير لك والخيرة بسكون الياء: الاسم من ذلك ومن دعاء الاستخارة أي اللهم خر لي أي إختر أصلح الأمرين وإجعل لي الخيرة فيه وإستخار الله طلب من الخيرة (بفتح الياء) "
وأشار الصدر إلى أنها عادة وليست تشريع إلهى فقال :
"أقول: والإستخارة عادة جرى عليها المتشرعة في الاسلام منذ صدر الاسلام الى العصر الحاضر وسنذكر بعض النصوص الواردة في ذلك الدالة على ثبوت ذلك من زمن الأئمة المعصومين بل من زمن رسول الله (ص)
وتحدث عن وجود ثلاث معانى للاستخارة فقال :
"والإستخارة كمفهوم يمكن أن يراد به أحد ثلاثة أمور:
الأمر الأول:
ما أشار إليه إبن منظور وهو طلب الخير
الأمر الثاني:
طلب الخيرة (بفتح الياء) من الله سبحانه على ان يدلك على ما هو الأصلح لك في المستقبل المنظور من حياتك هل الأفضل أن تفعل أو الأفضل أن تترك
فهو معنى يحتوي على طلب الخير من الله سبحانه إلا أنه يحتوي في نفس الوقت على جهة تشريعية: افعل أو اترك بحسب الهداية الالهية الموجودة في أسلوب الإستخارة
الأمر الثالث من معاني الخيرة:
طلب الخير بمعنى محاولة التوصل الى معرفة: أن الله سبحانه ماذا أراد لي أو لنا في المستقبل المنظور من حوادث ومجريات هل هي حوادث خير أو هي حوادث شر وسوء من دون أن تكون له صفة تشريعية
وهذا المعنى يحتوي على محاولة التعرف بالهداية الالهية على المستقبل أو على (الغيب) الذي لم يحصل الى الآن"
وأشار الصدر إلى معنى الاستخارة عند عامة الناس محاولة الوصول لمعرفة إرادة الله الغيبية فى أمر ما فقال :
"وهذا هو المعنى الذي يعتقده الكثيرون من عامة الناس في معنى الإستخارة وأنها منتجة الكشف عن المستقبل وسنناقشه بعد ذلك وهو وإن لم يكن بمعنى الخيرة التي نحن بصددها إلا أن للناس فيه عادة وهو مرتبط بها في أذهانهم فيحسن جدا التعرض له"
والاستخارة فى كل الأحوال هى مطلب ممنوع سواء كان العلم بالغيب عن أى طريق وهو أمر لا يعلمه الله الخلق كما قال :
" وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو "
وسواء كان أمر الله بأن يختار الخير معاندا ما قضاه من قبل من شر فى الأمر وهو اعتراض على قضاء الله وقدره
وتحدث الصدر عن تكوين الاستخارة النظرى فقال :
"تكوينها النظري:
وتحتاج الاستخارة الى الايمان بما نستطيع ان نسميه بالتكوين النظري لها اذ بدونه تكون الطريقة لاغية وغير منتجة حتما وأول فقرات هذا التكوين هو الايمان بالله عز وجل ذي القدرة الواسعة والعلم الواسع والرحمة الواسعة بحيث يعلم بحاجة ذي الحاجة وبطلبه الاختيار وبوجه المصلحة فيما يجهله العبد وهو قادر سبحانه على اجابة طلبه وتعريفه وجه المصلحة عن طريق ما اشترطه العبد من طريق معين كإمساك عدد فرد أو زوج من الحبات أو الحصى على ما سيأتي وهو تعالى رحيم كريم لا يغش من استنصحه ولا يكذب على من يسأله سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا"
وهذا الكلام يتناقض مع أن أخبرنا أنه يبتلينا بالخير والشر كما قال تعالى :
" ونبلوكم بالشر والخير فتنة"
فالله وضع مصالح العباد جميعا عندما وزع عليها بالعدل الشرور والخيرات حتى لا يكون ظالما وتلك الطريقة من الدعاء هى اعتراض على ما قضاه إذا كان شرا
وحدثنا عن سؤال لطالب لأستاذه فى الموضوع فقال :
"السؤال الذي يسأله بعض أساتذتنا أحد طلابه: هل تعلل أن هناك سبب فوق الطبيعة (ميتا فيزيقي) يدخل الحبات في يدك؟ فأجاب الطالب: لا وكأن هذا ينتج ضعف في الدليل على الاستخارة لأنها ما دامت خاضعة لقوانين الطبيعة وغير مشمولة لما ورائها: إذن فهي لا تكشف بأي حال عن وجه المصلحة أو قل: عن الهداية الالهية المطلوبة منها ولا بد الى الاستخارة إذا كانت ولا بد للاستخارة إذا كانت منتجة أن تكون مشمولة بقوانين ما وراء الطبيعة"
واعتبر الصدر تلك الاجابة دالة على ضعق الثقة بالله فقال :
" وهذا الكلام إن دل على شيء فإنما يدل على ضعف اليقين بالله عز وجل وبأسمائه الحسنى وصفاته العليا ولا ينبغي أن يكون الكلام في الاستخارة مع الماديين وأضرابهم من أهل الدنيا الذين كانت الدنيا أقصى همهم ومبلغ علمهم {يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة غافلون}
ولا شك أن كل قوانين الكون بما فيها قوانين الكون والقوانين التي فوقها كلها خاضعة لإرادة الله عز وجل ونحن مهما تصورناها قوية وفعالة ومؤثرة فإنما ذلك بمشيئة الله سبحانه وحسن تدبيره
وإذا كان الامر كذلك أمكننا أن نفترض أن المؤمن إذا فعل الاستخارة كان ذلك سببا (فوقيا) للتأثير على مقدار الحبات بحيث يطابق عددها ما هو المصلحة الواقعية ويكون ذلك سببا لعلمه بالواقع
وهذا الافتراض ليس جزافيا بل ناتج من اليقين بسعة قدرة الله وعلمه كل ما في الامر أننا تارة نفترض أن قدرة الله تعالى قد أثرت بالطبيعة مباشرة وأخرى نفترض أن قدرته أثرت بتحريك القانون الفوقي على الطبيعة وثالثة نفترض أن السبب الفوقي بإختياره أصبح مؤثرا في الطبيعة وليس إختياره جزافيا وإنما نتيجة لتعاليم الهية موجودة عنده ومهما كان من الصحيح أحد هذه الافتراضات فإن النتيجة تكون صحيحة لا محالة وحبات السبحة أو أي طريقة أخرى للخيرة تكون مطابقة للمصلحة الواقعية لا محالة كل ما في الامر أننا نحتاج الى شيء من اليقين"
وما قاله الصدر هو الضعيف وهو اعتراض على قضاءات الله بالشرور فلو أن الله استجاب نتيجة الاستخارات المتكررة والمتعددة بالخير لكذب نفسه من كونه يبتلى بالخير والشر معا فيجب على المسلم أن يستسلم لقضاء الله مع عمله بالأحكام
وذكر الصدر الأدلة على الاستخارة فقال :
"الدليل على الإستخارة:
يمكن الاستدلال على ذلك بعدة وجوه:
الوجه الأول:
وهو ذو جانب نظري بأن نقول: إن الله لا يغش من استنصحه
الاستخارة انما هي من قبيل الدعاء الى الله سبحانه وتعالى بان يعطي النصيحة والمشورة في ما هو متحير فيه اذن فهذا الدعاء يمكن ان يجاب بل يتعين الجواب اذا صح الاخلاص والتوجه ومن هنا صدق قولنا: ان الله لا يغش من استنصحه لان نتيجة الاستخارة بعد صدق الدعاء إن كانت باطلة فلا تخلو من احد أمور كلها باطلة لأنها تكون إما عن قصور في علمه سبحانه أو في قدرته أو في كرمه أو لوجود مصلحة شخصية له وكل ذلك باطل إذن فيتعين استجابة الدعاء وإعطاء النصيحة الواقعية للعبد الداعي"
الصدر يتحدث هنا وكأن الله لم يقطع الوحى عن الناس فلا يوجد وسيلة غير الوحى لمعرفة ما يريده للانسان فحتى الأحلام قد يكون ما فيها عكس المطلوب
وقال :
"الوجه الثاني:
سيرة المتشرعة الجارية منذ عصور سالفة والى العصر الحاضر على استعمال الاستخارة في مهام الامور والسيرة حجة إذن جواز الاستخارة ثابت
فإن قيل: إن هذه السيرة قد تكون متأخرة عن عصر المعصومين فلا تكون حجة ولا أقل من إحتمال ذلك لأن السيرة إنما تكون حجة بعد إحراز وجودها في زمنهم
وجوابه: إن هذه السيرة كانت موجودة في زمنهم قطعا وذلك لتقريبين:
التقريب الأول:
الأخبار الآتية المستفيضة بل المتواترة على صدق الاستخارة وصحتها وكلها واردة عن المعصومين
التقريب الثاني:
إننا لو تنزلنا جدلا عن الوجه الاول كفانا الاصل العلمي في اثبات وجود السيرة في زمنهم
الوجه الثالث:
للاستدلال على صحة الاستخارة التجربة الشخصية
الوجه الرابع:
الأخبار الدالة على الحث على الالتزام بهذا المسلك والواردة من قبل المعصومين وهي بمجموعها كما قلنا مستفيضة بل متواترة ومن هذه الناحية لا يهم في صدق هذا الوجه من الاستدلال على الاستخارة وجود بعض المناقشات في مسانيدها أو مداليلها ونذكر الآن أوضح ما يمكن أن يقع كمصداق لهذا الوجه من الروايات
فعن عمرو بن الحريث قال: قال أبو عبد الله ((صل ركعتين وإستخر الله فوالله ما إستخار الله مسلم إلا خار له البتة))
وعن هارون بن خارجة عن أبي عبد الله قال: ((من إستخار الله راضيا بما صنع خار له حتما))
وعن أبي عبد الله قال: ((كنا نتعلم الاستخارة كما نتعلم السورة من القرآن)) ثم قال: ((ما أبالي إذا استخرت على أي جنبي ونعمت))
وعنه أنه قال: ((كان أبي إذا أراد الاستخارة في أمر توضأ وصلى ركعتين وإن كانت الخادمة لتكلمه فيقول: سبحان الله لا يتكلم حتى يفرغ))
وعنه أنه قال: ((ما استخار الله عبد سبعين مرة بهذه الاستخارة إلا رماه الله بالخيرة)) الحديث
وعنه قال: ((إذا أراد احدكم أمرا فلا يشاور فيه أحدا من الناس حتى يبدأ فيشاور الله تبارك وتعالى)) وقال: قلت: جعلت فداك وما مشاورة الله؟ قال: ((تبدأ فتستخير الله فيه أولا الحديث))
الى غير ذلك من الاخبار الواضحة في مضمونها على المطلوب وهو مشرعية الاستخارة وصحتها
بل الامر أكثر من ذلك فقد وردت الكثير من الاخبار في النهي عن مخالفة الاستخارة وعصيانها مضافا الى عدم الدخول في أمور مهمة من دون إيجاد الاستخارة وكلها معان تدعم المطلوب نفسه نذكر لذلك بعض الامثلة من الاخبار:
فعن محمد بن مضاب قال: قال ابو عبد الله ((من دخل أمرا بغير استخارة ثم ابتلي لم يؤجر))
وعنه قال: ((قال الله عز وجل: من شقاء عبدي أن يعمل الأعمال فلا يستخيرني))
وعن بعض أصحابه قال: قلت لأبي عبد الله من أكرم الخلق على الله؟ قال: ((أكثرهم ذكرا لله وأعلمهم بطاعته)) قلت: من أبغض الخلق الى الله؟ قال: ((من يتهم الله)) فقلت: وأحد يتهم الله؟ قال: ((نعم من استخار الله فجاءته الخيرة بما يكره فسخط لذلك فذلك الذي يتهم الله))
الى غير ذلك من الاخبار
ولا يرد عليها بعد كل الذي قلناه إلا وجه واحد من المناقشة وهو احتمال أن يراد من الاستخارة في هذه الاخبار المعنى الأول الذي ذكرناه سابقا لها وهو الدعاء في طلب الخير وحصوله بغض النظر عن الجهة التشريعية التي ذكرناها في الوجه الثاني
والإنصاف أن عددا قليلا من الاخبار يمكن أن نفهم منه ذلك فعلا:
فعن مرازم قال: قال أبو عبد الله ((اذا أراد أحدكم شيئا فليصل ركعتين ثم ليحمد الله وليثن عليه ويصل على محمد وأهل بيته ويقول: اللهم إن كان هذا الأمر خيرا لي في ديني ودنياي فيسره لي وقدره وإن كان غير ذلك فاصرفه عني))
وهو واضح في الدعاء في صرف السوء من دون الجهة التشريعية إلا أن أكثرالاخبار على خلاف ذلك تماما ويمكن الاستدلال على ارادتها للوجه الثاني بعدة وجوه:
الوجه الأول:
إنه يمكن أن يقال ان المفهوم من الاستخارة هو ذلك أعني الوجه الثاني دون الأول وهذا واضح في أذهان المتشرعة بلا إشكال كما أنه واضح من بعض الاخبار ايضا الأمر الذي يدلنا على وجود ظهور كاف في هذا اللفظ ونحوه على ما هو محا الكلام وهو ما عليه سيرة المتشرعة من الاستخارة المشهورة ذات المعنى التشريعيف اذا ثبت ذلك أمكن جميع الاخبار التي تتحدث عن الاستخارة على هذا المعنى
الوجه الثاني:
الاستدلال بالاخبار الدالة على الاستخارة بالرقاع فانها نص بالجهة التشريعية أعني: إفعل ولا تفعل
فمن ذلك ما عن هارون بن خارجة عن أبي عبد الله قال: ((إذا أردت أمرا فخذ ست رقاع الى أن يقول: فإن خرج ثلاث متواليات إفعل فإفعل الأمر الذي تريده وإن خرج ثلاث متواليات لا تفعل فلا تفعله)) الخبر
وعنه : أنه قال لبعض أصحابه عن الأمر يمضي فيه ولا يجد أحدا يشاوره فكيف يصنع؟ قال: ((شاور ربك الى أن يقول: فإن كان فيها نعم فإفعل وإن كان فيها لا لا تفعل هكذا شاور ربك))
الوجه الثالث:
ان عددا لا يستهان به من الاخبار ذكرت الطريقة التي يمكن بها استخلاص النتيجة من الاستخارة على وجوه مختلفة كما سيأتي والمهم الآن أنها لو كان المراد مجرد طلب الخير لما كان لهذه النتيجة معنى فتكون هذه الاخبار نصا بالمعنى الثاني وهو الاستخارة المشهورة
ففي بعضها يقول: ثم انظر أي شيء يقع في قلبك فإعمل به
وفي حديث آخر يقول: ثم انظر لجزم الأمرين لك فإفعله فإن الخيرة فيه إن شاء الله
وفي آخر يقول : ثم نقبض على قطعة من السبحة تضمر حاجة فإن كان عدد القطعة زوجا فهو إفعل وإن كان فردا لا تفعل وبالعكس الى غير ذلك من الاخبار
بقي أن نشير في نهاية هذه المجموعة من الاخبار الى ما أشرنا اليه من ورود بعض الأخبار عن رسول الله (ص) فمن ذلك:
ما عن النوفلي قال: قال رسول الله (ص): ((من استخار الله فليوتر))
وعن أمير المؤمنين قال: ((بعثني رسول الله (ص) الى اليمن فقال وهو يوصيني: يا علي ما حار من استخار ولا ندم من استشار))
وقد سمعنا في أول هذا الفصل ما ذكره ابن منظور في لسان العرب من أن رسول الله (ص) كان يعلمنا الاستخارة في كل شيء الى غير ذلك من الاخبار"
والغريب فيما قاله الصدر هو أن الأخبار وهى الأحاديث الواردة كلها ضعيفة واهية ومع هذا يجوز أن يستدل على مشروعية الاستخارة
ومن ثم لا يوجد دليل على مشروعية الاستخارة لأنها طلب للغيب الذى لا يمكن العلم به إلا عن طريق الوحى والذى انقطع تماما بانقطاع الرسل (ص)
وذكر الصدر الاعتراضات على الاستخارة فقال :
"الاعتراضات على الاستخارة
إن ما يمكن أن يورد من الإشكالات على صدق الاستخارة وصحتها وجوه عديدة ناشئة من مناشيء مختلفة فمثلا يحتاج الاستدلال على صحة الاستخارة الى الاستدلال على صحة العقيدة الاسلامية فبدون ذلك يصعب الاستدلال عليها سواء كان المنحى الذي يسير عليه الفرد ماديا أو من بعض الأديان السماوية فما نذكره من الوجوه الآتية مبني على صدق العقيدة الاسلامية كما هو مبرهن عليه في الفلسفة وعلم الكلام
ويمكن أن نورد في هذا الصدد عدة وجوه:
الوجه الأول:
ما ذكره بعض اساتذتنا من أننا لا نحتمل حصول سبب مما وراء الطبيعة يتدخل في نتيجة الخيرة أقول: وهذا معناه ان نتيجة الخيرة متوقفة على حصول معجزة في أن تأخذ يدك فردا من عدد الحصى أو زوجا فإن لن نتحمل حصول المعجزة كما لم يكن هو يحتمله وكان الأمر طبيعيا تماما إذن فالأمر موكول الى مجرد الصدفة وليس فيه تدخل الهي وهذا ينتج بطلان الاستخارة على الاطلاق وجواب ذلك: إننا لا نحتمل فقط حصول المعجزة أو التدخل الإلهي في الانتاج بل نعلم به وذلك لأحد وجهين على الأقل:
الوجه الاول:
إن هذا الإشكال أفضل ما يقال فيه أنه ناتج عن حال تعبر عنه الآية الكريمة {بل حسبوا أن الله لا يعلم كثيرا مما يعملون} لأننا إذا علمنا ـ كما قلنا في الوجه الأول من الاستدلال على صدق الاستخارة ـ: بأن الله سبحانه وتعالى لا نقص في علمه ولا في قدرته ولا في كرمه مضافا الى ما دل عليه القرآن والبرهان من علمه بالسرائر والضمائر وقدرته على كل شيء وإنه لا يخلف الميعاد بما في ذلك الوعد بإجابة الدعاء إذن تكون هذه الأفكار بمجموعها دليلا كافيا على صحة التدخل الإلهي لإنتاج الاستخارة
الوجه الثاني:
دلالة الاخبار على ذلك وهي وإن لم تدل بصراحة على مفهوم المعجزة أو التدخل الإلهي إلا إننا يمكن أن نفهم من ذلك بعد تقديم أمرين:
الأمر الأول:
ما سبق أن سمعناه من أساليب إنتاج الاستخارة كعد الفرد أو الزوج أو الأخذ بما وقع في القلب وغير ذلك مما سيأتي تفصيله
الأمر الثاني:
أن انتاج الاستخارة هذا يتوقف فعلا على نفي الصدفة وإثبات التدخل الإلهي إذ مع الصدفة أو إيكال الأمر الى القوانين الطبيعية القسرية كما يؤمن بها الماديون لا يكون للخيرة أية نتيجة
إذن فهذه الأخبار وهي مستفيضة كما عرفنا تنقل لنا عن المعصومين التعهد بصدق الخيرة من ثم التعهد بوجود التدخل الإلهي الذي تتوقف عليه
وقد يخطر في الذهن إن الله تعالى أوكل الأمور الى أسبابها فهي لا توجد دائما بمعجزة أو بتدخل إلهي مباشر بما في ذلك الأساليب المنتجة للاستخارة
وجواب ذلك: إنه ثبت الفلسفة وعلم الكلام إنه لا تنافي بين عمل الاسباب وعمل المسبب سبحانه وتعالى وليس هنا محل تفصيله إذن فنفي التدخل الإلهي في أي شيء لا وجه له وخاصة بالأمور التي يتوقف صدقها عليه فتكون أولى بالتدخل
الوجه الثاني:
من وجوه الإشكال على نتيجة الاستخارة:
ما سبق أن أشرنا اليه من عدم صدقها الدائم بالتجربة بل لعل التجربة دالة على عدم صدقها هذا والمعنى لا ينبغي أن يعود الى المناقشة في الحكمة الإلهية بعد أن كنا نثبتها بالبرهان كمسلمين وإنما ينبغي أن يعود هذا الإشكال الى المناقشة في الاستخارة نفسها وعدم صحة دليلها
والجواب عن ذلك يمكن ان يتم على عدة مستويات:
المستوى الأول:
عدم توفر الدعاء أو عدم صدقه عند الفاعل الاستخارة
فيما إذا حصل الطلب بإخلاص وتوجه فهذه ثلاث عناصر:
العنصر الأول: الطلب يعني أن يريد العبد من ربه شيئا من الأشياء وهذا يتوفر لدى العبد مع شيء من حسن الإيمان
العنصر الثاني: التوجه بمعنى أن يدرك العبد أنه يخاطب الخالق سبحانه وأنه أسمع السامعين وأبصر الناظرين لا إن ذلك الداعي يتكلم في الفضاء كلاما لا يعلم أين يوجهه
والتوجه الأهم إنما هو بالقلب وهو أن يدرك أنه يتكلم بين يدي الخالق العظيم سبحانه
العنصر الثالث: الإخلاص في النية وهو خلوها من الشك والإفتراض
المستوى الثاني:
إن الدعاء إذا حصل بحصول التوجه والإخلاص فإن الوعد بالإجابة قطعي في الآية الكريمة إلا أنها مع ذلك لا تخلو من إطلاق قابل للتقييد فهي لم تشر الى المكان الذي يجاب فيه الدعاء ولا الزمان فقد تكون الاستجابة بعد عدة سنوات مثلا في مكان آخر أو نحو ذلك
كما أن الآية الكريمة لم تشر الى صورة التعارض أو التزاحم وذلك يتصور في عدة موارد تكون الاستجابة فيها متعذرة تقريبا أو تحقيقا إلا أن يشاء ربي شيئا فمن ذلك:
أولا: حصول الضرر على الفرد باستجابة دعائه وهو يحسب أنه يدعو لمصلحة نفسه
ثانيا: حصول الضرر على آخرين باستجابة هذا الدعاء
ثالثا: تعارض الدعائين كما لو كان اثنان أحدهما يدعو بضد ما يدعو به الآخر وفي المثل أو القصة المشهورة: أن صاحب البستان يدعو بنزول المطر والحرفي الذي يصنع الخزف يدعو بعدم نزوله وهكذا
فهذا المستوى للدعاء أيضا قاعدة عامة لا يخرج الدعاء في الاستخارة عن حيزه لا محالة
المستوى الثالث:
إن مصلحة الفرد في الحكمة الإلهية قد تكون في اضراره وإنزال بعض الشر عليه لكي تحصل بعض النتائج المحمودة (مثاله المتعارض: التاجر حين يشتري البضائع الكثيرة التي لا يعلم حصول ربحها أو يركب البحر أو الجو أو أي مخاطرة من أجل الحصول على الربح في حين أن الموت أو تلف المال قد يأتيه في أي ساعة) إذن فتقديم المقدمات لأجل نيل النتائج الحسنة أمر عرفي وعام بين الناس
وكذلك الحال في الحكمة الإلهية فان صنوف البلاء الشخصي والعام إنما هو لمصلحة الخلق سواء رضوا أو أبوا وهذا أيضا قانون عام في الحكمة لا تخرج الاستخارة عنه ومن هنا وردت هذه الرواية تحذر من هذه الجهة وهو ما في رواية إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله قال: قلت له: ربما أردت الأمر يفرق مني فريقان: أحدهما يأمرني والآخر ينهاني الى من يقول: ((ولتكن استخارتك في عافية فإنه ربما خير للرجل في قطع يده وموت ولده وذهاب ماله))
إن الاستخارة قد ترد أو تفشل من أجل عدم حصول شرائطها نفسها وإن حصلت شرائط الدعاء ونحو ذلك وسنعرف فيما يلي شرائط الاستخارة فقد يكون الفرد فاقدا لها أو أن تكون استخارته فاقدة لها فلا يكون لها أثر
الوجه الثالث:
من وجوه الإشكال على الاستخارة:
هو المناقشة في إسناد الروايات الدالة عليها فإن أكثرها إن لم يكن جميعها ضعيف السند لا يوجد فيها المعتبر والصحيح إلا نادرا فيكون الاعتماد عليها ضعيفا
وجواب ذلك في تقريبين على أقل تقدير:
التقريب الأول:
إننا لم نقتصر في الوجوه الدالة على صحة الاستخارة على ما دل عليها من الروايات بل كان هناك وجوه أخرى كسيرة المتشرعة والتجربة وغير ذلك فإن لم يتم هذا الوجه فلا أقل من تمامية الوجوه الأخرى
التقريب الثاني:
أن هذا الضعف المشار اليه في الاشكال يمكن أن يجبر بعدة وجوه:
أولا: كثرة الروايات الى حد الاستفاضة أو التواتر بحيث يحصل الاطمئنان بصدقها ومضمونها العام
ثانيا: عمل المتشرعة بهذه الروايات عن طريق التزامهم بالاستخارة على طول الأجيال فلو كانوا قد وجدوا أن هذه الروايات ليست بحجة لما فعلوا ذلك وفيهم الفقهاء والمفكرون والأخيار
ثالثا: وجود بعض الروايات مما يتم سندا ودلالة اي أنه حجة ومعتبر من كلتا هاتين الناحيتين ولا حاجة للقاريء الى تعيين ذلك فليرجع الى مصادر الحديث إن شاء"
والغرب فى تلك المناقشات والردود عليها هو إيمان الصدر بالروايات المريضة فكأن رواية مريضة وروية مريضة ورواية مريضة ينتج رواية صحيحة وهو أمر لو صدقناه فستكون كل مصائب أديان الضلال صحيحة بتلك الطريقة
وتحدث عن شرائط الاستخارة فقال :
"شرائط الإستخارة:
فما هي شرائط المجيز؟
الأمر الأول:
في توقف الاستخارة على الاجازة ولعل الأمر الرئيسي أو الوحيد الذي يمكن الاستدلال به لهذا الغرض هو ما ورد في الوايات السابقة وغيرها من قبيل قوله: استخار أو يستخير
المستوى الثاني:
إن عددا من الأخبار واضح جدا في عموم الحكم بعموم الاستخارة لكل مؤمن بل لكل مسلم كالذي سمعناه في خبر عمرو بن حريث عن أبي عبد الله وفيه: (فوالله ما استخار الله مسلم إلا خار الله له البتة وفي خبر آخر سمعناه: ((من استخار الله راضيا بما صنع خار الله له حتما)) وفي خبر آخر أيضا كما سمعنا: ((من دخل في أمر بغير استخارة ثم ابتلي لم يؤجر)) وفي خبر آخر عن المفضل قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام)) يقول: ((ما استخار الله عبد مؤمن إلا خار له وإن وقع ما يكره))
الأمر الثاني:
من الحديث عن الشرط الأول للاستخارة وهو الاجازة أن نتحدث الآن من شرائط المجيز لو صحت الاجازة
ونحن نرى أن أول من بدأ بإعطاء الاجازة لو تم الوجه السابق هم الأئمة المعصومون فينبغي أن نلتفت الى أنهم بأي صفة من صفاتهم أعطوا هذه الاجازة إذ لو كانزا قع أعطوها بصفات خاصة بهم كالعصمة لما أمكن تسلسل الاجازة بعد ذلك لأننا عندئذ نكون قد اشترطنا العصمة فيمن يعطي اجازة الاستخارة وليس أحد من المسلمين أو المؤمنين بمعصوم فتنقطع سلسلة الاجازة في حين ان المفروض فقهيا وتشريعيا استمرارها وتسلسلها بين الناس جيل بعد جيل
الشرط الثاني:
من شرائط الاستخارة أن يكون الأمر المنفي الذي تقع عليه الاستخارة محل حيرة وتردد عند الفرد وقالوا في هذا الصدد أن كل ما له مرجح في الدين أو الدنيا فهو مما لا يستخار عليه وإنما تصح فقط فيما لا مرجح فيه على الاطلاق وهو معنى الحيرة والتردد
يبقى بعد ذلك ثلاث مستويات من الأمور لا يبعد فيها جواز الاستخارة
المستوى الأول:
ما كان محكوما بالإباحة شرعا سواء منها الإباحة الإقتضائية أو اللاإقتضائية
المستوى الثاني:
ما لم يكن له مرجح دنيوي أو كان مرجحه ضعيفة جدا
المستوى الثالث:
ما كان موردا للتزاحم بين المصالح وإن كان مهما كما لو كان في فعل شيء مصلحة وفي تركه مصلحة أخرى وقد يصبح الفرد في هذا الموقف متحيرا لتصح له الاستخارة
بقي من الحديث في نهاية هذا الشرط الثاني أن نشير الى أن عدد من الأمور الحياتية التافهة مما لا يمكن عليها الاستخارة قطعا كشربة من ماء أو المطالعة في كتاب في أوقات الفراغ
بل الأمر أكثر من ذلك إذ قد يستفاد من الروايات السابقة وغيرها ان موضوع الاستخارة يجب أن يكون ذو درجة من الأهمية لا أن يكون تافها فإن تلك الأهمية هي الموجبة للحيرة
الشرط الثالث:
أن لا تكون الاستخارة قد تمت عليه أو حصلت فيه وهذا معناه المنع عن تكرار الاستخارة على موضوع واحد "
والحديث عن شرائط الاستخارة هو حديث بلا أى نص من الوحى يبينها وإنما كلها استنتاجات من يجير الاستخارة
ثم حدثنا الصدر عن أنواعها المعروفة والتى يمكن أن تستجد فقال :
أنواع الإستخارة
للاستخارة أنواع رئيسية ثلاثة هي: الاستخارة بالحصى والاستخارة بالقرآن والاستخارة ذات الرقاع
أما الاستخارة بالحصى فقد وردت بطريق صحيح عن صاحب الأمر وفي نهايتها يقول: ((ثم تقبض على قطعة من السبحة تضمر حاجة فإن كان عدد القطعة زوجا فهو إفعل وإن كان فردا لا تفعل وبالعكس))
فيمكن أن يقاس عرفا على الحصى حبات السبحة كما هو منصوص في الرواية أو أي شيء آخر كحب الباقلاء أو الحمص أو الصجم أو الدعبل مع توفر القصد الجدي وعدم الاستهزاء"
الغريب أن هذا الفعل هو نفسه ما كان يفعله الكفار عن السفر من خلال تيامن الطير أو تشاءمه عند طرده من اعشاشه ومن خلال أمور أخرى كالأقداح وما شابه
ثم قال :
"وأما الاستخارة بالقرآن الكريم فقد وردت في رواية عن اليسع القمي قال: قلت لأبي عبد الله أريد الشيء وأستخير الله فيه فلا يوفق فيه الرأي (إلى أن قال) فقال ((إفتتح المصحف فأنظر الى أول ما ترى فخذ به إن شاء الله))
والاستدلال بهذه الرواية يحتوي على عدد من الاشكالات نذكر أهمها مع محاولة الجواب عليها
الإشكال الأول:
ضعف سندها فلا تكون حجة
الإشكال الثاني:
معارضة هذه الرواية مع خبر آخر قد يستفاد منه النهي عن الاستخارة بالقرآن وهو ما عن أبي عبد الله قال: ((لا تتفأل بالقرآن)) إذ قد نفهم منه النهي عن إيجاد الاستخارة
الإشكال الثالث:
في الاستدلال برواية اليسع القمي:
في قوله فيها: أريد الشيء وأستخير الله فلا يوفق فيه الرأي وهذا ـ إن صحت الرواية ـ يدل على بعض الأمور:
أولا: إن الاستخارة قد تفشل أحيانا
ثانيا: غير موجودة
ثالثا: إن الاستخارة الثانية أو المكررة جائزة وليست باطلة كما سبق أن قلنا
والمهم في دفع هذا الاشكال عدم اعتبار هذه الرواية سندا ولكن بغض النظر عن ذلك فإن هذه الاشكالات الثلاث مندفعة أيضا
الإشكال الرابع:
على الاستدلال برواية اليسع
قوله فيها: إفتتح المصحف فانظر الى أول ما ترى فيه فخذ به إن شاء الله سبحانه"
قطعا قد نفتح المصحف ولا نجد فيه أى دليل فى الصفحة المختارة فلا توجد مثلا فيه كلمة نعم أو لا أو حرام أو حلال وهذا تخريف يشبه أفعال الكفار قديما وحديثا كتقطيع بتلات الورد على طريقه أخيه لا أحبه
ثم قال :
"بقي لنا من الحديث عن أنواع الاستخارة أمران:
الأمر الأول:
الاستخارة ذات الرقاع وقد وردت فيها عدة روايات حتى عقد لها صاحب (وسائل بابا كاملا) وتحمل كل رواية أسلوبا من طريقة الاستنتاج في هذا الصدد: وكلها مشتركة باستعمال الرقاع وهو جمع رقعة وهو الورقة الصغيرة التي يكتب عليها الفرد إفعل ولا تفعل ومن هنا سميت بها
وعمل مشهور المتشرعة على هذه الرواية في الاستخارة ذات الرقاع وهي رواية هارون بن خارجة عن أبي عبد الله قال: إذا أردت أمرا فخذ ست رقاع فاكتب في ثلاث منها: بسم الله الرحمن الرحيم خيرة من الله العزيز الحكيم لفلان بن فلانة إفعل وفي ثلاث منها: بسم الله الرحمن الرحيم خيرة من الله العزيز الحكيم لفلان بن فلانة لا تفعل ثم ضعها تحت مصلاك ثم صل ركعتين فإذا فرغت فاسجد سجدة وقل فيها مئة مرة: أستخير الله برحمته خيرة في عافية ثم استو جالسا وقل: اللهم خر لي في جميع أموري في يسر منك وعافية ثم اضرب بيدك الى الرقاع فشوشها واخرج واحدة فإن خرجت ثلاث متواليات إفعل فإفعل الأمر الذي تريده وغن خرجت ثلاث متواليات لا تفعل فلا تفعله وإن خرجت واحدة والأخرى لا تفعل فإخرج من الرقاع الى الخمس فانظر أكثرها فاعمل به ودع السادسة لا تحتاج اليها
ولا يخفى أنه في هذا الخبر يعبر عن الفرد بأنه فلان بن فلانة ينسبه لأمه وهذا مخالف لظاهر القرآن الكريم حيث يقول {أدعوهم لآبائهم ذلك أقسط عند الله} وكل خبر مخالف لكتاب الله سبحانه فهو مردود كما نطقت به الروايات وتم تأسيسه في علم الأصول مضافا الى أن النسبة الى الأم يتضمن بوضوح معنى التشكيك بأبوة الأب وهو أمر غير وارد بالنسبة الى الكثيرين من الشرفاء والصالحين
فالأولى في هذه الرواية أما المناقشة في سندها أو إيكال علمها الى أهلها"
هذه هى نفسها طريقة الكفار فى الأقداح
ثم قال :
"الأمر الثاني:
أنه وردت روايات عديدة في باب الاستخارة تأمر بالأخذ بما يخطر في القلب بعد قراءة بعض الأدعية كقوله في رواية ابن فضال : ثم انظر أي شيء يقع في قلبك فاعمل به ويقول في رواية اسحاق بن عمار : ثم انظر أجزم الأمرين لك فافعله فإن الخيرة فيه إن شاء الله تعالى وفي رواية اخرى يقول: ثم تنظر ما يلهمك فافعله فهو الذي أشار عليك به"
قطعا الخاطرة ليست وحى لأن الخواطر تأتى بشتك الله والرسول وحتى ظن السوء فى المرأة أو البنت أو الأخت دون دليل ومن ثم لا يمكن الركون لهذا الجنون
وأباح الصدر أى طريقة جديدة فقال :
"الإستخارة بأساليب أخرى:
إذ قد يقال: إنه بعد الذي قلناه من أن مقصود الفرد في طريقة إنتاج الاستخارة يكون علمه بينه وبين ربه فقد نفهم من ذلك إمكان اكتشاف أو اتخاذ أي طريقة للاستخارة مهما كانت ما دامت مقصودة للمكلف
بل هناك من التقريبات ما يكفي لنفي ذلك إذ كانت هناك أساليب قبل الاسلام بالاستخارة بالسهام والاستخارة بالأفلام نفاها الاسلام وشجبها ولو كانت الفكرة في نفاذ أي مقصود للمكلف صحيحة الى هذه الدرجة لكان العمل على هذه الأمور صحيحا مع أنه غير صحيح فتأمل
إذن فينبغي الاقتصار على الشكل الأول من هذين الشكلين وعدم التعرض للشكل الثاني"
وتحدث عن اعتراضات على كون الاستخارة طلب لعلم الغيب فقال :
معرفة المستقبل
قلنا في أول هذا الفصل بأن من جملة معاني الاستخارة هو التعرف على ما يحصل في المستقبل دون أن يكون له جهة تشريعية وقلنا إن هذا هو الفهم العام لدى سواد الناس ومن هنا كانت الحاجة الى مناقشته وقد حصل الآن وقته
بقي إشكالان حول هذه الفكرة لا بد من عرضهما ومحاولة الجواب عليهما:
الإشكال الأول:
أنه يمكن أن يقال: إن هناك دليل على نفي الاستخارة بالقرآن وهي الرواية السابقة القائلة: لا تتفأل بالقرآن
وقد سبق أن عرضنا ما يشبه هذا الإشكال بصفته معارضا للرواية الدالة على جواز الاستخارة بالقرآن الكريم وأجبنا عليه
الإشكال الثاني:
إن الاستفادة المشار اليها قبل قليل من القرآن الكريم بحيث يكون مطابقا لمقصود المكلف هذه الاستفادة غالبا بل دائما مخالفة لظهور ألفاظ القرآن الكريم ومن المعلوم كما هو محقق في علم الأصول إن ظواهر القرآن حجة وإن ما سواه ليس بحجة
وجوابه: إن هذه الاستفادة إنما تكون حجة حين تكون ظاهرة من الألفاظ بحيث يكون للفظ أو الجملة ظهوران أحدهما الظهور الأولي اللغوي وثانيهما: ظهور الانطباق على المورد"
قطعا تلك الاجابات لا تفيد لأنها تعتمد على استنتاجات بشرية دون نص من الوحى وتحدث عن الاستخارة عن الغير فقال :
"الإستخارة عن الغير:
جرت سيرة المتشرعة منذ زمن غير معروف على الاستخارة بالوكالة عن الغير وقد ناقش فيه بعض العلماء وحاول بعضهم حل الإشكال وقد نقل عن السيد ابن طاووس إنه قال: إني ما وجدت حديثا صريحا: إن الانسان يستخير لسواه لكن وجدت أحاديث كثيرة تتضمن الحث على قضاء حوائج الإخوان بالدعوات وسائر التوسلات حتى رأيت في الاخبار من فوائد الدعاء للإخوان ما لا أحتاج الى ذكره الآن لظهوره بين الأعيان
ومن هنا لا تصح الوكالة بالاستخارة من قبل من لا تصح عبارته بالتوكيل كما لو طلب منك الطفل أو المجنون أن تستخير له ولم تكن عنه وليا ولا وصيا في حين لا تحتاج الولاية والوصاية الى اضافة التوكيل سواء كانت عن طفل أو عن مجنون أو سفيه في حدود ما يقول للولي أو الوصي التصرف فيه عن هؤلاء القاصرين
وأما الاستخارة عن الغير بالولاية العامة فمما لا يمكن إثباتها بدليل معتد به وإن شملته بعض الإطلاقات إلا أن الالتزام بهذه السعة مشكل"
وكله لا يعتمد إلا على أوهام بشرية وليس على نصوص من الوحى الإلهى الذى يحرم ويحلل
دعوة للتبرع
من الكتكوت الشيعى : احسنت . أعجبن ي مقالك الاخي ر عن التاب عين. ...
أربعة أسئلة: سؤال ان مرتبط ان : الس ال الأول من...
وهذا ما نفعله : هل القرا ءة فى كتب الساب قين مثل التور اه ...
ليس مهما التراضى: ليه الزنا والشذ وذ الجنس ي لهما عقوبة...
تفجير الزمن: تفكرت في مقولة للذكت ور احمد عن تفجير الله...
more