نظرات فى كتاب آفة الترف
نظرات فى كتاب آفة الترف
المؤلف سعيد بن عبد العظيم وهو يدور حول أن الترف هو سبب هلاك الأمم وهو قوله:
"فالترف مادة هلاك للأفراد والدول والجماعات وهو عبارة عن نعمة تورث طغيانًا وكفرًا ويصاحبها البطر والظلم والنعمة تنقلب إلى نقمة في حق البعض بسبب عدم تأدية شكرها قال تعالى:
(سّنّسًتّدًرٌجٍهٍم مٌنً حّيًثٍ لا يّعًلّمٍونّ وّأٍمًلٌي لّهٍمً إن كّيًدٌي مّتٌينِ )
قال العلماء يسبغ عليهم نعمه ويمنعهم شكرها وقالوا كلما أحدثوا ذنبًا أحدث لهم نعمة فيزدادون بها أشرًا وبطرًا وغرورًا وكبرًا حتّى ينسون ربهم ودينهم وأنفسهم (وّضّرّبّ لّنّا مّثّلاْ وّنّسٌيّ خّلًقّهٍ قّالّ مّن يٍحًيٌي الًعٌظّامّ وّهٌيّ رّمٌيم قٍلً يٍحًيٌيهّا الذٌي أّنشّأّهّا أّولّ مّرةُ وّهٍوّ بٌكٍلٌ خّلًقُ عّلٌيم)
والمال والسلطان والجاه والصحة والقوة من نعم الله على الخلق والعباد وبدلاً من أن نزداد بها طاعة وعبودية لخالق الأرض والسموات تستخدم أحيانًا في مبارزة او بالحرب
(كّلا إن الإنسّانّ لّيّطًغّى أّن رآهٍ اسًتّغًنّى إن إلّى رّبٌكّ الرجًعّى )."
وتحدث عن أن الترف مذموم دوما فقال :
"ولم يُذكر الترف إلا في موضع الذم ومن تتبع السُّنن والسّير ونظر في النصوص الشرعية التي تناولت ما فعله المترفون وما فُعل بهم علِم ضرر هذه الآفة قال تعالى:
(وّقّالّ الًمّلأٍ مٌن قّوًمٌهٌ الذٌينّ كّفّرٍوا وّكّذبوا بٌلٌقّاءٌ الآخٌرّةٌ وّأّتًرّفًنّاهٍمً فٌي الًحّيّاةٌ الدنًيّا مّا هّذّا إلا بّشّرِ مٌثًلٍكٍمً يّأًكٍلٍ مٌما تّأًكٍلٍونّ مٌنًهٍ وّيّشًرّب مٌما تّشًرّبونّ )
والملأ هم الأشراف والقادة والرؤساء الذين أنكروا البعث والحساب وسّع عليهم سبحانه نِعم الدنيا حتّى بطِروا وصاروا يؤتون بالتُرْفة وكان منهم الإعراض عن دعوة الأنبياء والمرسلين وفي نفس السورة يقول جلّ وعلا(حّتى إذّا أّخّذًنّا مٍتًرّفٌيهٌم بٌالًعّذّابٌ إذّا هٍمً يّجًأّرٍونّ لا تّجًأّرٍوا الًيّوًمّ إنكٍم مٌنا لا تٍنصّرٍونّ )
يعني حتّى إذا جاء مترفيهم وهم المنعمون في الدنيا عذاب او وبأسه ونقمته بهم (إذّا هٍمً يّجًأّرٍونّ)"
والحق أن الترف باعتباره خير أى نعم من الله ليس مذموما وإنما المذموم هو المترفين حيث أنهم يستخدمون النعم وهى الترف فى غير ما أمر الله به أن يصنع فبدلا من توزيع المال على الناس بالسواء يستأثر به فريق منهم وهو ما اعتبره الله بحجو بنعمته فقال :
"والله فضل بعضكم على بعض فى الرزق فما الذين فضلوا برادى رزقهم على ما ملكت أيمانهم فهم فيه سواء أفبنعمة الله يجحدون"
وتحدث عن هلام الأقوام المترفة فقال :
"يصرخون ويستغيثون كما قال تعالى:
(وّذّرًنٌي وّالًمٍكّذٌبٌينّ أٍوًلٌي النعًمّةٌ ومهٌلًهٍمً قّلٌيلاْ إن لّدّيًنّا أّنكّالاْ وّجّحٌيمْا ) [المزمل ]
وقال(كّمً أّهًلّكًنّا مٌن قّبًلٌهٌم مٌن قّرًنُ فّنّادّوًا وّلاتّ حٌينّ مّنّاصُ ) [ص].
وقوله(لا تّجًأّرٍوا الًيّوًمّ إنكٍم مٌنا لا تٍنصّرٍونّ) أي لا يجيركم أحد مما حلّ بكم سواء جأرتم أو سكتم لا محيد ولا مناص ولا وزر لزم الأمر ووجب العذاب ثم ذكر أكبر ذنوبهم فقال:
(قّدً كّانّتً آيّاتٌي تٍتًلّى عّلّيًكٍمً فّكٍنتٍمً عّلّى أّعًقّابٌكٍمً تّنكٌصٍونّ ) [المؤمنون]
أي إذا دُعيتم أبيتم وإن طُلبتم امتنعتم
(ذّلٌكٍم بٌأّنهٍ إذّا دٍعٌيّ اللهٍ وّحًدّهٍ كّفّرًتٍمً وّإن يٍشًرّكً بٌهٌ تٍؤًمٌنٍوا فّالًحٍكًمٍ لٌلهٌ الًعّلٌيٌ الًكّبٌيرٌ )
(حّتى إذّا أّخّذًنّا مٍتًرّفٌيهٌم بٌالًعّذّابٌ) يعني بالسيف يوم بدر قاله ابن عباس وقال الضحاك يعني بالجوع حين قال النّبيُّ«اللهم اشدد وطأتك على مُضر اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف» فابتلاهم او بالقحط والجوع حتّى أكلوا العظام والميتة والكلاب والجيف وهلك الأموال والأولاد وقد قُتل يوم بدر بعض صناديد قُريش كأبي جهل وعُتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وقد كان لقريش مكانة كبيرة وسط العرب وقد ناصبت النّبيّ العداء وكان لسادتها وأشرافها الحظ الأكبر من الصد عن سبيل الله وبلغ بهم الأمر أن قالوا نحن أهل الحرم فلا نخاف واعتقدوا أنّ لهم أعظم الحقوق على الناس والمنازل فاستكبروا وليس الاستكبار من الحق كما أحدث لهم سماع الآيات كبرًا وطغيانًا."
والرجل ذكر تفسير متناقضين لعذاب مترفى قريش فمرة قال أنه بالسيف فى بدر ومرة بدعاء النبى(ص) عليهم بعقوبات متعددة والعجيب أن ألاية لا تتحدث عن العذاب الدنيوى وإنما الأخروى كما قال تعالى :
"بل قلوبهم فى غمرة من هذا ولهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب فإذا هم يجأرون لا تجأروا اليوم إنكم منا لا تنصرون قد كانت آياتى تتلى عليكم فكنتم على أعقابكم تنكصون مستكبرين به سامرا تهجرون"
وأكمل آيات الهلاك فقال :
"وقال تعالى:
(وّكّمً قّصّمًنّا مٌن قّرًيّةُ كّانّتً ظّالٌمّةْ وّأّنشّأًنّا بّعًدّهّا قّوًمْا آخّرٌينّ فّلّما أّحّسوا بّأًسّنّا إذّا هٍم مٌنًهّا يّرًكٍضٍونّ لا تّرًكٍضٍوا وّارًجٌعٍوا إلّى مّا أٍتًرٌفًتٍمً فٌيهٌ وّمّسّاكٌنٌكٍمً لّعّلكٍمً تٍسًأّلٍونّ قّالٍوا يّا وّيًلّنّا إنا كٍنا ظّالٌمٌينّ فّمّا زّالّت تٌلًكّ دّعًوّاهٍمً حّتى جّعّلًنّاهٍمً حّصٌيدْا خّامٌدٌينّ )
والمقصود مدائن كانت باليمن قتلوا أنبيائهم فسُلط عليهم بختنصر فقتل وسبى وهذا توبيخ وتقريع لهم
(لا تّرًكٍضٍوا) أي لا تفروا (وّارًجٌعٍوا إلّى مّا أٍتًرٌفًتٍمً فٌيهٌ وّمّسّاكٌنٌكٍمً) أي إلى نعمكم التي كانت سبب بطركم وإنما أترفهم او عز وجل كما قال(وّأّتًرّفًنّاهٍمً فٌي الًحّيّاةٌ الدنًيّا)
(لّعّلكٍمً تٍسًأّلٍونّ) عما نزل بكم من العقوبة فتُخبرون به أو أن تُؤمنوا كما كنتم تسألون ذلك قبل نزول البأس بكم قيل لهم ذلك استهزاءً وتوبيخًا."
والرجل يزعم أن الآيات تتحدث عن اقوام فى سبأ قتلوا رسلهم وهو كلام يتعارض مع أن الله لم يذكر أحد قتل رسله(ص) سوى ينو إسرائبل كما قال سبحانه:
"لقد أتينا موسى الكتاب ولقد قفينا من بعده بالرسل وأتينا عيسى بن مريم البينات وأيدناه بروح القدس أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون"
ولا ذكر لليمن ولا لقتب الرسل(ص) فى الآيات التى استشهد بها
وتحدث عن جرائم المترفين فقال :
"وقد بيّنت النصوص إجرام المترفين قال تعالى(وّاتبّعّ الذٌينّ ظّلّمٍوا مّا أٍتًرٌفٍوا فٌيهٌ وّكّانٍوا مٍجًرٌمٌينّ ) [هود] كما أوضحت كفرهم قال تعالى:
(وّمّا أّرًسّلًنّا فٌي قّرًيّةُ مٌن نذٌيرُ إلا قّالّ مٍتًرّفٍوهّا إنا بٌمّا أٍرًسٌلًتٍم بٌهٌ كّافٌرٍونّ )
وهم مقلدة لا عقل لهم ولا دين عندهم أواخرهم كأوائلهم (إلا قّالّ مٍتًرّفٍوهّا إنا وّجّدًنّا آبّاءّنّا عّلّى أٍمةُ وّإنا عّلّى آثّارٌهٌم مقًتّدٍونّ )
وقد بيّن سبحانه حالهم في الدنيا فقال(وّإذّا أّرّدًنّا أّن نهًلٌكّ قّرًيّةْ أّمّرًنّا مٍتًرّفٌيهّا فّفّسّقٍوا فٌيهّا فّحّق عّلّيًهّا الًقّوًلٍ فّدّمرًنّاهّا تّدًمٌيرْا )
لم يُهلك ربنا القرى قبل ابتعاث الرسل وهذا وعدٌ منه سبحانه ولا خلف في وعده فإذا أراد إهلاك قرية أمر مترفيها بالفسق والظلم فيها فحقّ عليها القول بالتدمير وقُرأت
(أّمّرًنّا) بالتخفيف وبالتشديد أي أمرناهم بالطاعة إعذارًا وإنذارًا وتخويفًا ووعيدًا وبالتشديد (أّمّرًنّا)
أي جعلناهم أمراء والمعنى بعثنا مستكبريها ففسقوا فيها."
وفي الصحيح من حديث زينب بنت جحش زوج النّبيّ قالت خرج رسول او يومًا فزعًا محمرًا وجهه يقول«لا إله إلاّ الله ويلٌ للعرب من شر قد اقترب فُتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه» وحلّق بأصبعه الإبهام والتي تليها قالت فقلت يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون؟ قال«نعم إذا كثر الخبث»."
والحديث باطل والخطأ هو انفتاح شق فى سد يأجوج ومأجوج فى عهد النبى (ص)ويخالف هذا أن الشقوق لا تنفتح فى السد إلا قبل يوم القيامة مباشرة والقوم لا يقدرون على نقبه أى نقب وفى هذا قال تعالى "قال هذا رحمة من ربى فإذا جاء وعد ربى جعله دكاء "وقال"فما اسطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقبا "
وتحدث عن أن ذنوب وهى جرائم أى معاصى المترفين التى لا يتوبون منها ولا يتراجعون عنها هى سبب الهلاك فقال :
"فالمعاصي إذا ظهرت ولم تُغير كانت سببًا لهلاك الجميع وإذا كان هذا هو حال المترفين في الدنيا فحالهم في الآخرة معلوم قال تعالى:
(وّأّصًحّاب الشٌمّالٌ مّا أّصًحّاب الشٌمّالٌ فٌي سّمٍومُ وّحّمٌيمُ وّظٌلُ مٌن يّحًمٍومُ
لا بّارٌدُ وّلا كّرٌيمُ إنهٍمً كّانٍوا قّبًلّ ذّلٌكّ مٍتًرّفٌينّ )
لقد كان قوم نوح وعاد وثمود من جملة المترفين كما قاد الترف فرعون إلى هلاكه وحتفه فقد أطغاه ملكه حتّى قال(أّلّيًسّ لٌي مٍلًكٍ مٌصًرّ وّهّذٌهٌ الأّنًهّارٍ تّجًرٌي مٌن تّحًتٌي) فأجراها سبحانه من فوق رأسه جزاءً وفاقًا وما ربك بظلام للعبيد وأورث المال قارون بغيًا وظُلمًا وعدوانًا. (إن قّارٍونّ كّانّ مٌن قّوًمٌ مٍوسّى فّبّغّى عّلّيًهٌمً) "
وتحدث عن أن المأمور به الناس هو شكر الله وليس التكبر على دينه لأن صاحب الكبرياء هو الله فقال :
وبدلاً من أن يشكر المُنعم سبحانه قال(إنمّا أٍوتٌيتٍهٍ عّلّى عٌلًمُ عٌندٌي) (فّخّسّفًنّا بٌهٌ وّبٌدّارٌهٌ الأّرًضّ) وكان هذا هو جزاؤه فالكبرياء والعظمة لا تليق إلا به جلّ وعلا.
"أما العبد الذي خرج من مجرى البول مرتين فلا يليق به إلا التواضع وبينما عبد يسير متبخترًا إذْ خسف او به الأرض فهو يتململ فيها إلى يوم القيامة وفي الحديث«الكبرياء ردائي والعظمة إزاري فمن نازعني واحدًا منهما قصمته ولا أُبالي»."
وتحدث عن الوحيد مسميا إياه بالوليد فقال :
"وقد ضُرب المثل في كتابه بالوليد بن المغيرة وهو الموصوف بالوحيد
(ذّرًنٌي وّمّنً خّلّقًتٍ وّحٌيدْا وّجّعّلًتٍ لّهٍ مّالاْ ممًدودْا وّبّنٌينّ شٍهٍودْا وّمّهدت لّهٍ تّمًهٌيدْا ثٍم يّطًمّعٍ أّنً أّزٌيدّ كّلا إنهٍ كّانّ لآيّاتٌنّا عّنٌيدْا سّأٍرًهٌقٍهٍ صّعٍودْا )
وقد خُصّ الوليد - والد خالد - بالذكر لاختصاصه بكفر النعمة وإيذاء الرسول ... وكان يُسمى الوحيد في قومه قال ابن عباس ... كان الوليد يقول أنا الوحيد بن الوحيد ليس لي في العرب نظير ولا لأبي المغيرة نظير وكان يُسمى الوحيد.
وقد ذكر سبحانه نعمه عليه وأنه أمدّ له في المال والبنين وأنه بسط له في العيش بسطًا حتّى أقام ببلدته مترفهًا يرجع إلى رأيه ومع ذلك فلم يؤمن بل ازداد غيًا وكفرًا فلم يزل بعد نزول هذه الآية في نقصان من ماله وولده حتّى هلك."
والوحيد عاش فى عهد النبى(ص) والله أعلم بمن هو وتحدث عن أن عهناك أمور ليست من الترق كالنعل والثوب الحسن والتلذذ بالطيبات فقال :
" ليس من الترف أن يكون النعل حسنًا والثوب حسنًا أو أن يتلذذ الإنسان بالطيبات والمباحات فيكون مركوبه ومسكنه مناسبًا أو أن يُنفق على نفسه وأهله النفقة العرفية اللائقة به تبعًا لإعساره ويساره لا حرج في ذلك كله ولا يسعنا تحريم الحلال قال تعالى:
(قٍلً مّنً حّرمّ زٌينّةّ اللهٌ التٌي أّخًرّجّ لٌعٌبّادٌهٌ وّالطيٌبّاتٌ مٌنّ الرٌزًقٌ)
ونعم المال الصالح للعبد الصالح وكان سلفنا الصالح إذا وجدوا أكلوا أكل الرجال وإذا افتقدوا صبروا صبْر الرجال.
وكان النّبيُّ يُعجبه الكتف من اللحم وارتدى حُلة حمراء وقد جهّز عثمان بن عفان جيش العسرة وحفر بئر رومة وكان عبد الرحمن بن عوف من أغنى أغنياء المدينة.
وقال البعض كل ما لم يلهك عن طلب الآخرة فليس بمتاع غرور ولكن متاع بلاغ إلى حين.
وقال الآخر كيف لا أُحبُّ دنيا قُدر لي فيها قوت أكتسب به حياة وأدرك بها طاعة أنال بها الجنة وقالوا نعمت الدار الدُّنيا كانت للمؤمن وذلك أنه عمل قليلاً وأخذ زاده منها إلى الجنة وبئست الدار كانت للكافر والمنافق وذلك أنه ضيع لياليه وكان زاده منها إلى النار.
وليس الزهد كما قال أبو حازم بتحريم الحلال ولا بإضاعة المال ولكن أن تكون بما في يد او أوثق منك بما في يد نفسك وأن تكون حالك في المصيبة وحالك إذا لم تُصبْ بها سواء وأن يكون مادحك وذامك في الحق سواء.
لا بأس بشيء من المزاح والبسط والتنعم المباح كما قال أبو الدرداء«روحوا القلوب ساعة بعد ساعة فإنها إن كلّت عميت».
وكانت الحبشة تلعب بالحراب في المسجد ويقول لهم النّبيُّ«دونكم بني أرفدة» وكانوا يلعبون في يوم العيد."
إذا أباح الله التمتع بالطيبات وهى ما أحل الله من الأعمال وأما تحويل التعن إلى أعمال أخرى الغرض منه اللعب وهو العبث بأحكام الله وظلم الأخرين فهو المحرم كما قال :
"ولكن لا ينبغي أن تصبح الحياة لعبًا أو أن يغلب المزاح والترفه على الإنسان بحيث يُنسيه ربه ودينه وقد عاتب سبحانه الصحابة في شيء من ذلك لما هاجروا إلى المدينة ونزل قوله تعالى(أّو لّمً يّأًنٌ لٌلذٌينّ آمّنٍوا أّن تّخًشّعّ قٍلٍوبهٍمً لٌذٌكًرٌ اللهٌ وّمّا نّزّلّ مٌنّ الًحّقٌ وّلا يّكٍونٍوا كّالذٌينّ أٍوتٍوا الًكٌتّابّ مٌن قّبًلٍ فّطّالّ عّلّيًهٌمٍ الأّمّدٍ فّقّسّتً قٍلٍوبهٍمً وّكّثٌيرِ مٌنًهٍمً فّاسٌقٍونّ )
قال ابن مسعود«ما كان بين إسلامنا وبين أن عاتبنا او بهذه الآية إلا أربع سنين» [رواه مسلم].
قال الحسن«استبطأهم وهم أحب خلقه إليه»
وقال ابن مسعود«فجعل ينظر بعضنا إلى بعض ويقول ما أحدثنا؟».
وروي أنّ المزاح والضحك كثر في أصحاب النّبيّ لما ترفهوا بالمدينة فنزلت الآية ولما نزلت قال:
«إنّ او يستبطئكم بالخشوع» فقالوا عند ذلك خشعنا.
وقال محمد بن كعب كانت الصحابة بمكة مجدبين فما هاجروا أصابوا الريف والنعمة ففتروا عما كانوا فيه فقست قلوبهم فوعظهم او فأفاقوا.
لابدّ من سدِّ الذرائع التي تئول بالبلاد والعباد إلى الترف المذموم الذي يجر إلى الذنوب والمعاصي ويُورث دمارًا وهلاكًا وهذا يتطلب منّا العودة الصادقة لكتاب او ولسُنّة رسول او علمًا وعملاً واعتقادًا وأن نبذل وسعنا في معاني التقدم والتحضر والتطور وفق منهج العبودية بحيث نُقيم حضارة على منهاج النبوة فالنعمة لا تطغينا والمصيبة لا تجعلنا نيأس ونقنط من رحمة الله وأن نواجه النعم والغنى بالشكر والفقر بالصبر.
وقد سُئل الإمام أحمد أيكون الإنسان ذا مال وهو زاهد؟ قال نعم إن كان لا يفرح بزيادته ولا يحزن بنقصانه.
فأخرجوا الدنيا من قلوبكم وضعوها في أيديكم
(وّتّزّودٍوا فّإن خّيًرّ الزادٌ التقًوّى وّاتقٍونٌ يّا أٍوًلٌي الأّلًبّابٌ ) "
إذا المراد من نعم الله فى الإسلام هو العمل بها فى طاعات الله وليس الخروج عليها
وتحدث عن الخوشنة معتبرا أن التعن قد تقل وقد تكثر والواجب فى الحالين العمل بها فى طاعة الله فقال :
" (وّعٌبّادٍ الرحًمّنٌ الذٌينّ يّمًشٍونّ عّلّى الأّرًضٌ هّوًنْا وّإذّا خّاطّبّهٍمٍ الًجّاهٌلٍونّ قّالٍوا سّلامْا )
فاخشوشنوا فإنّ النعمة لا تدوم وإياكم والتنعم فإنّ عباد او ليسوا بالمتنعمين وكلنا موقوف به ومسئول بين يدي من لا تخفى عليه خافية ثم لتُسئلن يومئذ عن النعيم واعلموا أنكم لم تروا من الخير إلاّ أسبابه ولم تروا من الشر إلاّ أسبابه. الخير بحذافيره في الجنة والشر بحذافيره في النار والدنيا عرض حاضر يأكل منه البر والفاجر والآخرة وعد صادق يحكم فيها ملك قاهر ولكل دار بنون فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا."
إذا الترف وهو نعم الله الكثيرة المطلوب فيها اتباع أحكام الله فيها والبعد عن طاعة هوى النفس
اجمالي القراءات
1725