قراءة فى بحث حُكمِ إطلاقِ لفظِ العشقِ أو العاشقِ في حقِ اللهِ والنبي(ص)
قراءة فى بحث حُكمِ إطلاقِ لفظِ العشقِ أو العاشقِ في حقِ اللهِ والنبي(ص)
الباحث عبد الله زقيل ويدور البحث هو حرمة استعمال لفظ العشق والعاشق والمعشوق فى حق الله تعالى والنبى(ص)وقد استهله بمقدمة قصيرة قال فيها :
"الحَمْدُ للهِ وَبَعْدُ ؛
هذا بحثٌ عن حُكمِ إطلاقِ لفظِ العشقِ أو العاشقِ في حقِ اللهِ والنبي صلى اللهُ عليه وسلم ، فيقولُ أحدهم : " إِنَّنِي أَعْشَقُ اللهَ أَو أَعْشَقُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أَو يقولُ : " إِنِّيْ عَاشقٌ للهِ أَو عَاشقٌ لِلنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " ."
وقد استهله بوجوب الحرص على استعمال ألفاظ الوحى عند الكلام فقال :
"ومدارُ البحثِ سيكونُ في ثلاثِ نقاطٍ :
النقطة الأولى :
الحرصُ على استخدامِ الألفاظِ الشرعيةِ الواردةِ في الكتابِ والسنةِ ، وذلك أن اللفظَ الشرعي أقوى وأعمقُ وأدلُ على مقصودهِ مما سواهُ ، ولو نظرنا إلى نصوصِ الكتابِ والسنةِ لم نجد لفظَ العشقِ فيهما ، ولم يرد هذا اللفظُ في شيءٍ من نصوصِ الوحي ، ولا على لسانِ أحدٍ من الصحابةٍ رضوان اللهِ عليهم ، وإنما جاء بلفظ المحبة ، قالَ تعالى : " وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّه " ، وقال تعالى : " فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَه "
وَ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ : أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا ، وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ " .
أخرجهُ البخاري (21) ، ومسلم (43) .
وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ " . أخرجهُ البخاريُّ (15) ، ومسلمٌ (44) .
والنصوصُ في هذا البابِ كثيرةٌ جداً ، ذكرنا بعضاً منها على سبيلِ المثالِ لا الحصر .
قالَ ابنُ تيميةَ في " مجموعِ الفتاوى " (19/235 - 236) :
" الْأَسْمَاءُ الَّتِي عَلَّقَ اللَّهُ بِهَا الْأَحْكَامَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ : مِنْهَا مَا يُعْرَفُ حَدُّهُ وَمُسَمَّاهُ بِالشَّرْعِ فَقَدْ بَيَّنَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ : كَاسْمِ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّيَامِ وَالْحَجِّ ؛ وَالْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ ؛ وَالْكُفْرِ وَالنِّفَاقِ .
وَمِنْهُ مَا يُعْرَفُ حَدُّهُ بِاللُّغَةِ ؛ كَالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ ؛ وَالسَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ؛ وَالْبَرِّ وَالْبَحْرِ .
وَمِنْهُ مَا يَرْجِعُ حَدُّهُ إلَى عَادَةِ النَّاسِ وَعُرْفِهِمْ فَيَتَنَوَّعُ بِحَسَبِ عَادَتِهِمْ ؛ كَاسْمِ الْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ وَالْقَبْضِ وَالدِّرْهَمِ وَالدِّينَارِ ؛ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْأَسْمَاءِ الَّتِي لَمْ يَحُدَّهَا الشَّارِعُ بِحَدِّ ؛ وَلَا لَهَا حَدٌّ وَاحِدٌ يَشْتَرِكُ فِيهِ جَمِيعُ أَهْلِ اللُّغَةِ بَلْ يَخْتَلِفُ قَدْرُهُ وَصِفَتُهُ بِاخْتِلَافِ عَادَاتِ النَّاسِ .
فَمَا كَانَ مِنْ النَّوْعِ الْأَوَّلِ فَقَدْ بَيَّنَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا كَانَ مِنْ الثَّانِي وَالثَّالِثِ فَالصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ الْمُخَاطَبُونَ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ قَدْ عَرَفُوا الْمُرَادَ بِهِ ؛ لِمَعْرِفَتِهِمْ بِمُسَمَّاهُ الْمَحْدُودِ فِي اللُّغَةِ أَوْ الْمُطْلَقِ فِي عُرْفِ النَّاسِ وَعَادَتُهُمْ مِنْ غَيْرِ حَدٍّ شَرْعِيٍّ وَلَا لُغَوِيٍّ وَبِهَذَا يَحْصُلُ التَّفَقُّهُ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالِاسْمُ إذَا بَيَّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّ مُسَمَّاهُ لَمْ يَلْزَمْ أَنْ يَكُونَ قَدْ نَقَلَهُ عَنْ اللُّغَةِ أَوْ زَادَ فِيهِ بَلْ الْمَقْصُودُ أَنَّهُ عَرَفَ مُرَادَهُ بِتَعْرِيفِهِ هُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْفَمَا كَانَ الْأَمْرُ ؛ فَإِنَّ هَذَا هُوَ الْمَقْصُودُ " "
وهذه النقطة تتدخل فيما نفاه الله فالوحى نزل بلسان وهو لغة الناس كما قال تعالى :
"وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه "
ومن ثم قصر الحديث على الوحى المنزل كلام بلا أصل لأن الوحى نزل بلغة وهى لسان الناس ومن ثم يجوز استعمال ما يستعملونه مع بيان حكمه دون تحريم استعماله
لو عدنا إلى لفظ الحب الذى ذكر زقيل آياته لوجدناه استعمل فى الحلال كحب الله كما استعمل فى الحرام فى قوله تعالى على لسان نسوة المدينة :
" قد شغفعا حبا"
فحب امرأة العزيز الزوجة كان محرم لفتاه يوسف(ص)
كما استعمل فى حب الآلهة المزعومة فى قوله تعالى :
"ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم"
وتحدث فى النقطة الثانية ناقلا من بطون الكتب كلام الفقهاء فى العشق وألفاظه فقال :
"النقطةُ الثانيةُ :
بعد التقرير الذي جاء في النقطةِ الأولى ، نأتي على نقطةٍ أرى أنها من الأهميةِ بمكانٍ ، ولها صلةٌ بإطلاقِ لفظِ " العاشقِ " على النبي صلى اللهُ عليه وسلم وهي : قولُ القائلِ : " إني أعشقُ اللهَ " أو " قلبي عاشقٌ للهِ " ، بمعنى إطلاقُ لفظِ العشقِ في حقِ اللهِ .
لقد تكلم علماءُ الأمةِ على هذهِ المسألةِ ، وبينوا حكمها ، وسأكتفي بنقلِ نصوصهم فيها .
قالَ شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ - رحمهُ اللهُ - في " مجموعِ الفتاوى " (10/130 - 131) : " وَالنَّاسُ فِي الْعِشْقِ عَلَى قَوْلَيْنِ : قِيلَ إنَّهُ مِنْ بَابِ الْإِرَادَاتِ ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ .
وَقِيلَ : مِنْ بَابِ التَّصَوُّرَاتِ ، وَأَنَّهُ فَسَادٌ فِي التَّخْيِيلِ ، حَيْثُ يَتَصَوَّرُ الْمَعْشُوقُ عَلَى مَا هُوَ بِهِ ، قَالَ هَؤُلَاءِ : وَلِهَذَا لَا يُوصَفُ اللَّهُ بِالْعِشْقِ وَلَا أَنَّهُ يَعْشَقُ ؛ لِأَنَّهُ مُنَزَّهٌ عَنْ ذَلِكَ وَلَا يُحْمَدُ مَنْ يَتَخَيَّلُ فِيهِ خَيَالًا فَاسِدًا .
وَأَمَّا الْأَوَّلُونَ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : يُوصَفُ بِالْعِشْقِ فَإِنَّهُ الْمَحَبَّةُ التَّامَّةُ ؛ وَاَللَّهُ يُحَبُّ وَيُحِبُّ ، وَرُوِيَ فِي أَثَرٍ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ زَيْدٍ أَنَّهُ قَالَ : " لَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ يَعْشَقُنِي وَأَعْشَقُهُ " ، وَهَذَا قَوْلُ بَعْضِ الصُّوفِيَّةِ . وَالْجُمْهُورُ لَا يُطْلِقُونَ هَذَا اللَّفْظَ فِي حَقِّ اللَّهِ ؛ لِأَنَّ الْعِشْقَ هُوَ الْمَحَبَّةُ الْمُفْرِطَةُ الزَّائِدَةُ عَلَى الْحَدِّ الَّذِي يَنْبَغِي ، وَاَللَّهُ تَعَالَى مَحَبَّتُهُ لَا نِهَايَةَ لَهَا فَلَيْسَتْ تَنْتَهِي إلَى حَدٍّ لَا تَنْبَغِي مُجَاوَزَتُهُ " .ا.هـ.
والأثرُ الذي أوردهُ شيخُ الإسلامِ سيذكر ابنُ القيمِ الحكمَ عليه عند النقلِ من " روضةِ المحبين " .
ونقلَ في " الفتوى الحمويةِ الكبرى " - وهي ضمن مجموع الفتاوى (5/80) - عن أبي عبدِ اللهِ محمدِ بنِ خفيفٍ في كتابهِ الذي سماه " اعتقاد التوحيد بإثباتِ الأسماءِ والصفاتِ " ما نصه : " وَإِنَّ مِمَّا نَعْتَقِدُهُ تَرْكُ إطْلَاقِ تَسْمِيَةِ " الْعِشْقِ " عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَبَيَّنَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِاشْتِقَاقِهِ وَلِعَدَمِ وُرُودِ الشَّرْعِ بِهِ . وَقَالَ : أَدْنَى مَا فِيهِ إنَّهُ بِدْعَةٌ وَضَلَالَةٌ وَفِيمَا نَصَّ اللَّهُ مِنْ ذِكْرِ الْمَحَبَّةِ كِفَايَةٌ " .ا.هـ.
وقالَ الإمامُ ابنُ القيم في " إغاثةِ اللهفان " (2/133) : " ولما كانتِ المحبةُ جنساً تحتهُ أنواعٌ متفاوتةٌ في القدرِ والوصفِ ، كان أغلبُ ما يُذكرُ فيها في حقِ اللهِ تعالى : ما يختصُ بهِ ويليقُ بهِ ، كالعبادةِ والإنابةِ والإخباتِ ، ولهذا لا يذكرُ فيها لفظُ العشقِ والغرامِ والصبابةِ والشغفِ والهوى ، وقد يذكر لها لفظُ المحبةِ كقوله : " يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَه "وقولهِ : " قُلْ إنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ " وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّه " وقالَ ابنُ القيمِ أيضاً في " طريقِ الهجرتين " ( ص 537 ) في فصلٍ لهُ عن جوازِ إطلاقِ الشوقِ على اللهِ : " والصوابُ أنهُ يقالُ : إطلاقهُ - أي الشوق - متوقفٌ على السمعِ ، و لم يرد به ؛ فلا ينبغي إطلاقهُ ، وهذا كلفظِ العشقِ أيضاً ، فإنهُ لم يرد به سمعٌ ، فإنهُ يمتنعُ إطلاقهُ عليهِ سبحانهُ ، واللفظُ الذي أطلقهُ سبحانهُ على نفسهِ وأخبر بهِ عنها أتمُ من هذا و أجلُ شأناً ، هو لفظُ المحبةِ ... وهكذا المحبةُ وصف نفسهُ منها بأعلاها وأشرفها فقال : " يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَه "، " إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ "" يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ " [ البقرة : 195 ] ، و " يُحِبُّ الصَّابِرِينَ " ، ولم يصف نفسهُ بغيرها من العلاقةِ والميلِ والصبابةِ والعشقِ والغرامِ ونحوها ، فإن مسمى المحبةِ أشرفُ وأكملُ من هذه المسمياتِ ، فجاء في حقهِ إطلاقه دونها " وقالَ في " روضةِ المحبين " ( ص 28 - 29 ) بعد تعريفهِ " للعشقِ " : " وقد اختلف الناسُ هل يطلقُ هذا الاسم في حقِ اللهِ تعالى ؟ فقالت طائفةٌ من الصوفيةِ : لا بأس بإطلاقهِ ، وذكروا فيه أثراً لا يثبتُ وفيه : " فإذا فعل ذلك عشقني وعشقته ، " وقال جمهورُ الناسِ : لا يطلقُ ذلك في حقهِ سبحانهُ وتعالى ، فلا يقالُ : " إنهُ يعشقُ " ، ولا يقالُ : " عشقهُ عبدهُ " ، ثم اختلفوا في سببِ المنعِ على ثلاثةِ أقوالٍ ، أحدها : عدم التوقيف - أي : عدمُ ورودِ النصِ - بخلافِ المحبةِ ، الثاني : أن العشقَ إفراطُ المحبةِ ، ولا يمكنُ ذلك في حقِ الربِ تعالى ، فإن اللهَ تعالى لا يوصفُ بالإفراطِ في الشيءِ ، ولا يبلغُ عبدهُ ما يستحقهُ من حبهِ فضلاً أن يقالَ : " أفرطَ في حبهِ " ، الثالث : أنه مأخوذٌ من التغيرِ كما يقالُ للشجرةِ المذكورةِ : " عَشَقةٌ " ، ولا يطلقُ ذلك على اللهِ سبحانه وتعالى " .اهـ.
وقالَ أبو الفرجِ ابنُ الجوزي في " تلبيسِ إبليس " (3/1011 - 1013) عند سياق ما يروى عن الصوفيةِ من سوء الاعتقادِ : " قال السراجُ : " وبلغني أن أبا الحسين النوري شهد عليه غلامُ الخليلِ أنه سمعهُ يقولُ : " أنا أعشقُ اللهَ وهو يعشقني " ، فقال النوري : " سمعتُ اللهَ يقولُ : " يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَه "، وليس العشقُ بأكثر من المحبةِ .
قال القاضي أبو يعلى : " وقد ذهبت الحلوليةُ إلى أن اللهَ تعالى يُعشقُ " . [ قال محققُ الكتابِ في الحاشيةِ : " كتابُ المعتمدِ في أصولِ الدينِ ( ص 76 ) وعبارتهُ : " وذاتُ الباري لا يجوزُ أن تُعشَقَ ، خلافاً للحلوليةِ في قولهم : " إنها تُعشقُ " ] . قالَ المصنفُ ( أي : ابن الجوزي ) : قلتُ : وهذا جهلٌ من ثلاثةِ أوجهٍ : أحدها : من حيث الاسم ، فإن العشق عند أهلِ اللغة لا يكونُ إلا لما ينكحُ ، والثاني : أن صفاتِ اللهِ منقولةٌ ، وهو يُحِبُّ ولا يقالُ : " يَعْشَقُ " ، ويُحَبُّ ولا يقالُ : " يُعشقُ ... والثالث : من أين لهُ أن اللهَ يحبهُ ؟ وهذه دعوى بلا دليل ... " .ا.هـ.
وقالَ ابنُ أبي العزِ شارحُ الطحاوية (1/166) عند ذكرهِ لمراتبِ المحبةِ : " السابعةُ : العشق : وهو الحبُّ المُفرطُ الذي يُخافُ على صاحبهِ منه ، ولكن لا يُوصفُ به الربُّ تعالى ، ولا العبدُ في محبةِ ربهِ ، وإن قد أطلقهُ بعضهم . واختُلِفَ في سببِ المنعِ ، فقيل : عدمُ التوقيفِ ، وقيل غيرُ ذلك ، ولعل امتناعَ إطلاقهِ أن العشقَ محبةٌ مع شهوةٍ " .ا.هـ.
وقال بكرٌ أبو زيد في " معجمِ المناهي اللفظيةِ " ( ص 368 ) : " عاشقُ اللهِ : هذا مما يتسمى به الأعاجم من الهنودِ ، وغيرهم ، وهي تسميةٌ لا تجوزُ ، لما فيها من سوءِ الأدبِ مع اللهِ تعالى ، فلفظُ : " العشق " لا يطلقُ على المخلوقِ للخالقِ بمعنى : محبة اللهِ ، ولا يوصفُ به اللهُ - سبحانهُ - " .ا.هـ.
وقال أيضاً ( ص 392 ) : " العشقُ : فيه أمران : 1 - منعُ إطلاقهِ على اللهِ تعالى : ذكر ابنُ القيمِ خلافَ طائفةِ من الصوفيةِ في جوازِ إطلاقِ هذا الاسمِ في حقِ اللهِ تعالى ، وذكروا فيه أثراً لا يثبتُ ، وأن جمهورَ الناسِ على المنعِ ، فلا يقالُ : " إن اللهَ يعشقُ ، ولا عشقهُ عبدهُ ، وذكر الخلافَ في علةِ المنعِ ... " .ا.هـ.
وبعد عرض هذه النصوصِ من علماءِ الأمةِ ، يظهرُ جلياً حكمُ إطلاقِ العشقِ على اللهِ ."
كل ما سبق نقله سواء عند المبيحين أو عند المحرمين وهم الفقهاء لا يوجد معه دليل من كتاب الله على الحرمة وإنما هو اختراع خالص فلا توجد رواية حتى فى الموضوع
ومن ثم سقطت كل استدلالات القوم لعدم وجود تص يحرم وبعد ذلك أصدر زقيل الحكم بالحرمة فقال :
"النقطةُ الثالثةُ :
بعد النقولِ السابقةِ في إطلاقِ العشقِ على اللهِ ، نأتي على إطلاقهِ على النبي صلى اللهُ عليه وسلم ، وهل يقالُُ عنه : " عاشقٌ " ؟ إن المتتبعَ لنصوصِ السنةِ ، وأقوالِ الصحابةِ الذين نزل القرآنُ بلغتهم ، وهم أهلُ اللغةِ الأقحاحِ ، لن يجد هذا اللفظ في حق النبي صلى اللهُ عليه ، فلم يقولوا : " نحن نعشقُ الرسولَ صلى الله عليه وسلم " ، بل كانوا يطلقون لفظ : " المحبة " ، وقد نقلتُ من النصوصِ ما يثبتُ ذلك في النقطةِ الأولى ، فيمنعُ من إطلاقِ العشق في حقِ النبي صلى اللهُ عليه وسلم .
وأكتفي بما ذكرهُ العلامةُ الشيخُ بكر أبو زيد في " معجمِ المناهي اللفظية " ( ص 392 ) فقال : " 2 - امتناعُ إطلاقهِ في حق النبي صلى اللهُ عليه وسلم كما في اعتراضاتِ ابنِ أبي العزِ الحنفي على قصيدةِ ابن أيبك ، لأن العشقَ هو الميلُ مع الشهوةِ ، وواجبٌ تنزيهُ النبي صلى اللهُ عليه وسلم إذ الأصلُ عصمتهُ صلى اللهُ عليه وسلم ""
وكلام زقيل مثل كلام من نقل عنهم بلا دليل وكما سبق القول لا تحريم إلا بنص ولا نص هنا أو هناك ومن ثم استعمال لفظ العشق فى حق الله تعالى أو حق النبى(ص) مناط الحل والحرمة فيه سؤال العاشق عن المعنى الذى قصده فإن كان معنى محرما كعشق النساء والشواذ حرم استعماله وإن كان بمعنى طاعة الله أو الاقتداء بهدى النبى(ص) فهو مباح
الألفاظ لم يحرم الله استعمالها فلو كان المراد حرمة استعمالها ما وجدنا إبليس والشيطان والآلهة المزعومة والزنى والخمر فى كتابه وإنما الألفاظ تستعمل فى الحل والحرمة
اجمالي القراءات
2670