قراءة فى كتاب أحسن الله عزاءكم
قراءة فى كتاب أحسن الله عزاءكم
المؤلف ناصر عبد الله العبيد وهو يدور حول موضوع العزاء فى الميت وفى مقدمته قال العبيد:
"لقد شاء ربنا أن تكون في هذه الحياة الدنيا سنن وأقدار، وأحداث تتقلب فيها الحياة من أفراح إلى أحزان، ومن اجتماع إلى فرقة، ومن ضحك إلى بكاء، ومن سراء إلى ضراء، وما ذاك إلا ليعرف من خلالها مقدار الصدق والصبر والإيمان في نفوس الذين رضوا بالله ربا , وبمحمد نبيا، وبالإسلام دينا، بل وماهية هذه الدنيا وحقيقة الآخرة وقرارها
وفي هذه الرسالة وفي باب العزاء ومصيبة الابتلاء وما أمر الله فيها، أستجمع لك أيها المبارك وصايا هذا الدين الكريم تجاه هذا العزاء، وما تضمنه من آيات وأحاديث وهدي لنبينا محمد (ص)في ذلك؛ لعلها أن تكون نبراسا لك في تخفيف وطأة الألم والمصاب الذي ابتليت به"
واستهل الرجل الكتاب بوعظ الناس وهم كلنا لأنه لابد أن يموت لكل واحد أعزاء عن كون الموت سنة أى قانون يسرى فى الكون فقال :
"أيها الحبيب المبتلى:
لا شك أن مصابك عظيم وخطبك جلل وفراقك لحبيبك وعزيز قلبك مثار الحزن والألم، بيد أن هذه السنة الإلهية التي يستسلم لها كل مخلوق إنما هي سنة الحياة التي قضاها ربنا على عباده الأولين والآخرين ونحن إن عاجلا أو آجلا في طريقنا إليها إذ إن الموت حق ولكل أجل كتاب، ولن تؤخر نفس عن يومها الموعود كما أخبر بذلك ربنا الحكيم: {إنك ميت وإنهم ميتون} وقال تعالى: {ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها} فلا تجزع ولا تتسخط، واسترجع في مصيبتك كما وصاك وأمرك بذلك نبيك محمد (ص)بقوله: «اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي بخير منها » وتذكر أن عظم الجزاء من عظم البلاء، وأن مع الصبر الفلاح والرضا والظفر، الأمر الذي يدعو كل واحد منا إلى احتساب الأجر عليه دون تسخط ولا اعتراض لأمر الله "
ثم وعظنا مطالبا إيانا بالاستسلام لقدر الله فإننا لا نقدر على تغييره بأى وسيلة فقال :
أيها العبد المبتلى
ألست تؤمن بأن أمر الله لا مرد له، وأن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطاك لم يكن ليصيبك ألست تعلم أن هذه الدار دار ممر لا مستقر؟
ألست تؤمن أن هذا القضاء والقدر بأمر الله، وأنه لا يستأخر عن وقته ساعة ولا يستقدم؟
إذا جاهد نفسك بالصبر والمصابرة والاتعاظ ولا تضيع أجرك، فإنه من يتصبر يصبره الله ويثبته ويعينه، ويجعل له من همه فرجا ومن كل ضيق مخرجا
واعلم يا رعاك الله أنه لا أجل ولا أعظم من الاستسلام والانقياد لأمر الله، فأكثر من الدعاء لهذا الميت فإنه بحاجة لذلك أشد من حاجته لحزنك، واجعل هذا الموقف لك إعادة حساب ومراجعة، فقد جعل الله صاحبك اليوم موعظة لك، وغدا ستكون أنت موعظة لغيرك بعد مفارقة هذه الدنيا، فأعد العدة وشمر قبل فوات الأوان، فإن الأيام محطات والأنفاس لحظات والسعيد من وعظ بغيره، وتذكر في ذلك حديث المصطفى (ص)«ما لعبدي المؤمن جزاء إذا قبض صفيه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة » البخاري "
ووعظنا فبين أن المسلم ليس أمامه إلا الصبر فقال:
أيها المصاب المبتلى
ما عسانا أن نفعل وكلنا سنلحق بركب الموتى لا نملك لأنفسنا نفعا ولا ضرا؟
ما عسانا أن نفعل وقضاء الله نافذ لا يرده إحجام ولا يزيده إقدام؟
ما عسانا أن نفعل والحكم لله من قبل ومن بعد يفعل ويحكم ما يشاء؟
ما عسانا أن نفعل وقد سبق القلم بالأقدار قبل أن يخلق الله السموات والأرض بخمسين ألف سنة؟
فاصبر يا رعاك الله لئلا تخسر الثواب الجزيل، واعلم أن الصبر عند الصدمة الأولى وحسبنا شرفا أن نتذكر قوله تعالى: {إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب} "
والخطأ فى كلامه هو القول سبق القلم بالأقدار قبل أن يخلق الله السموات والأرض بخمسين ألف سنة؟ فلا يوجد نص فى تحديد المدة خاصة أن الزمان لا وجود له قبل خلق السموات والأرض لأنه بدأ يوم خلق السموات والأرض كما قال تعالى:
"إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهر فى كتاب الله يوم خلق السموات والأرض"
ولو قلنا بوجود القلم ولوح القدر والزمان قبل الخلق الكونى لجعلنا مع الله شركاء وقدماء وهو ليس معه أحد
ثم حدثنا عن رحمة الله فقال :
"أيها الحبيب أبشر:
فقد وسعت رحمة ربنا كل شيء وأنزل رحمة واحدة منها، وأبقى عنده تسعا وتسعين رحمة، لعل صاحبك مع أهل هذه السعة أبشر فقد كتب ربنا كتابا فهو معلق عنده تحت عرشه: إن رحمتي سبقت عذابي وقال في ذلك سبحانه: {ورحمتي وسعت كل شيء}
أبشر فربنا رحمان بل ورحيم ومنان كريم، يقبل توبة عبده ويعفو عن السيئات، حتى لو بلغت ذنوب عبده عنان السماء، ما دام أنه لم يشرك بالله شيئا، وفي الحديث القدسي: «يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني إلا غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي» بل ويزيدنا نبينا محمد (ص)في ذلك بشارة لمن صلى عليه جمع من الناس بقوله: «ما من مسلم يموت فيصلي عليه مائة لا يشركون بالله شيئا إلا شفعهم الله فيه» مسلم والإمام أحمد وغيرهما هذا وغيره يجعلنا نؤمل في الله خيرا كثيرا، وصدق الله كما في الحديث القدسي «أنا عند حسن ظن عبدي بي»"
والكلام عن رحمة الله من خلال كتاب معلق بالعرش لا يصح فرحمة الله ككل شىء مكتوبة فى الكتاب المبين ومعها عذابه لأن الكون خلق لابتلاء الناس ومن ثم لابد من اجتماع الثواب والعقاب
ورواية شفاعة المائة فى المسلم الميت لا تصح فالشفاعة ليست دنيوية وإنما شفاعة أخروية أضف لذلك أن الشفاعة هى شهادة حق وهى لا تقدم ولا تؤخر فى حكم الله لأنه عالم بكل شىء وأضف أن المطلوب من المسلمين ليس الشفاعة وإنما الصلاة وهى الاستغفار للميت كما قال تعالى :
"ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره"
ودلف المؤلف إلى موضوع الكتاب وهو العزاء والتعزية وهى مواساة أهل الميتفبين أنه لم يثبت شىء محدد فيها فقال :
"أخي الحبيب
دعني أطرق معك في عزائك هذا بعض الأمور الشرعية التي وردت في ذلك
أولا: ما ورد في صيغ العزاء:
- جاء في المغني لابن قدامة قوله: لا نعلم في التعزية شيئا محدودا، وفي الحديث: «من عزى مصابا فله مثل أجره» الترمذي وفي لفظ عند ابن ماجة: «كساه الله من حلل الكرامة يوم القيامة» وقد كان الإمام أحمد رحمه الله يعزي بقوله: أعظم الله أجركم، وأحسن الله عزاءكم
- أو يقول: أعظم الله أجرك، وأحسن عزاك، ورحم الله ميتك، أو يقول: إن في الله عزاء من كل مصيبة، وخلفا من كل هالك، ودركا من كل فائت
- أو اصبر واحتسب فلله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى
- وأما تعزية غير المسلم فمن العلماء من حرم تعزيتهم، ومنهم من أجازها بشرط عدم إظهار الاستكانة لهم أو تكبيرهم، ومنهم من فصل فقال: إن كان في ذلك مصلحة فلا بأس بذلك كرجاء إسلامهم، أو كف شرهم أو ما شابه ذلك:
- فإن عزى مسلم رجلا بكافر مات له قال: أعظم الله أجرك وأحسن عزاك
- وإن عزى أحد من أهل الذمة بمسلم مات له قال: أحسن الله عزاءك وغفر لميتك
- وإن عزى كافرا عن ميت له كافر قال: أخلف الله عليك ولا نقص عددك (لأجل زيادة الجزية)
- ومما يؤخذ على بعض الناس في ذلك عدم مراعاتهم لهذه الأقوال، إضافة إلى أن البعض منهم قد يقول عند تعزيته: الله يغفر له إن شاء الله، فيزيد كلمة إن شاء الله، ورسولنا (ص)قد نهى عن ذلك فقال: «وليعزم المسألة فإن الله لا يتعاظمه شيء» رواه مسلم"
التعزية هى قول الغرض منه شد أزر أهل الميت والمراد تشجيعهم على الصبر ومن ثم أى قول حسن هو مقبول فيها طالما معناه تشجيعهم على الصبر
واما تعزية الكفار المعاهدين أو الذميين فهى مرتبطة بالتشجيع الدنيوى ومن ثم لا يقال لهم أى دعاء عن الغفران لهم فى الآخرة أو الثواب وإنما يقال لهم مثلا :
البقاء لله شد حيلك أنت النافع لأسرتك البركة وهى النفع فيك وإن وجد عندهم قول صالح فى دينهم قيل له كما عند النصارى:
الرب أعطى الرب أخذ فليكن اسم الرب مباركا
وحدثنا عن مخالفات العزاء والدفن فقال :
"ثانيا: مخالفات العزاء والدفن:
يقول العلماء: إن العزاء ليس بواجب، وغاية ما فيه أنه سنة، يكون في أي مكان نلاقي فيه أهل الميت سواء في المسجد أو البيت أو المقبرة أو غير ذلك ومن عزى فعليه مراعاة منهج الإسلام في ذلك حتى يحظى بالأجر العظيم، وحتى تتحقق المصلحة المرادة من ذلك، ففي الحديث «من عزى مصابا فله مثل أجره» الترمذي وابن ماجة، وفي رواية: «ما من مؤمن يعزي أخاه بمصيبة إلا كساه الله عز وجل من حلل الكرامة يوم القيامة» رواه ابن ماجة، وفيه دلالة على عظم العزاء ومكانته، "
والرواية ألولى صحيحة المعنى فالمواسى وهو المعزى له أجر مثل أجر الصابر على موت العزيز عليه أو قريبه وهو عشر حسنات كما قال تعالى :
" من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها"
وأما الثانية فلا تصح فالأجر هو حسنات كما فى الآية وليس حلل كسوة لأن الحلل سيلبسها كل المسلمون والمسلمات فى الجنة
وأشار لمخالفات ظنها فقال :
ولعلي في المقابل أشير إلى بعض تلك المخالفات التي تقع من بعض الناس في ذلك:
- اعتقاد أن التعزية لا تكون إلا بعد الدفن فقط، أو أنها لثلاثة أيام من الوفاة، والصحيح أنها في كل وقت ما دامت المصيبة باقية"
قطعا التعزية لا معنى لها بعد الوفاة بمدة طويلة وإنما تكون فى وقتها لأن الصبر كما فى القول عند صدمة الموت مباشرة والصبر يكون حينها وأما من يظل يبكى ويحزن على ميت فترة طويلة فهذا يحتاج للتعزية ولمن يوقف حزنه وقال :
-" لا يصح قول: "افتكره ربنا"؛ لأن ربنا لا ينسى أحدا أما قول رحمه الله أو «المرحوم» فلا بأس بها، لأنها بمعنى الذي رحم، وهذا من باب الرجاء والدعاء والتفاؤل وليس من باب الخبر"
قول العامة افتكره لا يقصدون بها تذكره الله فأماته ولكنهم يقصدون أن الله رحمه ومن ثم فهى مباحة بناء على المعنى الذى فى قلوبهم وقال:
- النعي في الجرائد بعد موت الميت يعد من النعي المنهي عنه لفوات المصلحة فيه؛ أما النعي في الجرائد قبل أن يصلى على الميت من أجل الصلاة عليه فلا بأس بها؛ لأن النبي (ص)نعى النجاشي حين موته"
النعى بعد وقت الموت مباشرة مطلوب وهو اعلام للأقارب والجيران والأصحاب كى يأتوا للصلاة على الميت ومواساة أهله أو مساعدتهم واما النعى بعد الدفن فلا يباح لأن الغرض وهو الصلاة على الميت انتهى بدفنه وقال:
- يغلظ بعض الناس على من بكى بكاء العين بزجره اعتقادا منهم أن هذا من البكاء المنهي عنه، وأن الميت يعذب بهذا البكاء ويتضرر وهذا غير صحيح، لقوله (ص)«إن الله لا يعذب بدمع العين ولا بحزن القلب، وإنما يعذب بهذا أو يرحم» وأشار إلى لسانه، رواه البخاري ومسلم
- شدد الإسلام في نهيه عن النياحة واللطم وشق الجيوب، لما في ذلك من اعتراض على حكم الله، قال (ص)«ليس منا من لطم الخدود، وشق الجيوب، ودعا بدعوى الجاهلية» رواه البخاري ومسلم وقال «أنا بريء ممن خلق وسلق وخرق» رواه أحمد والبخاري معلقا ومسلم وغيرهم، والمعنى بريء ممن حلق الشعر عند المصيبة، وسلق برفع الصوت بالبكاء، وخرق الثياب بالشق اعتراضا"
البكاء دون كلام أخرق مباح ولكنه يكون لدقائق معدودة لأن استمراره يؤدى لحرمته بسبب كونه إضرار للعين وإضرار للنفس وانشغال عن الواجبات على الباكى أو الباكية تجاه نفسه وغيره ثم قال :
- لا يشرع للنساء تخصيص لباس معين لأيام التعزية كلبس الأسود وغيره لبدعية ذلك الفعل، وللمرأة أن تلبس أي لباس يناسبها في ذلك دون التزين"
هذا كلام صحيح ثم قال :
"- لا يجوز استئجار قارئ ليقرأ القرآن على روح الميت، وأما انتفاع الميت بقراءة أخيه عموما، ففيها قولان مشهوران والأقرب أنها تصل للميت، ولكن الدعاء أفضل لصراحة الحديث في ذلك «أو ولد صالح يدعو له»"
قراءة القرآن لا تفيد الميت والمشروع هو الصلاة وهى الاستغفار للميت كما قال تعالى "
" ولا تصل على أحد منهم مات أبدا"
فالصلاة الممنوعة على المنافقين وهم من ضمن من كفروا والمباحة على المؤمنين هى الاستغفار لهم وقد أخبر الله نبيه(ص) والمؤمنين أنه لن يغفر لهم مهما استغفر هو والمؤمنين لهم فقال :
" استغفر لهم أو لا تستغفر إن تستغفر لهم سبعين مرة فلنيغفر الله لهم"
ثم قال :
- يسابق الكثير من أقارب الميت غيرهم من الأصحاب في تقديم الواجب الذي دعا إليه الإسلام لأهل الميت استجابة لقول رسولنا (ص)«اصنعوا لآل جعفر طعاما فقد أتاهم ما يشغلهم» رواه الخمسة إلا النسائي، إلا أنهم وللأسف قد يسيئون تطبيق ذلك الوصل والارتباط بكل مقاييس الشرع والعرف المعروف، حتى إن البعض منهم من قد يعجل وصله وجلوسه عند أهل هذا الميت في أول لحظاته من بعد الدفن، متناسيا ذلك العناء والتعب الذي قد يكون ناب هؤلاء الأهل من قبل في تجهيز ميتهم وترتيبه قبل الصلاة عليه، بل إنك تجدهم إذا زاروا أهل هذا الميت ربما أطالوا السهرة عندهم والجلوس معهم إلى ساعة متأخرة من الليل، في كلام ولغو ولهو مؤذ لا طائل فيه (وكفى بالموت واعظا) والأولى في ذلك مراعاة ما قصده الإسلام في ذلك العزاء، وكذلك مراعاة حال أهل الميت وما يظن أنه أصلح لهم من جلوسنا معهم أو الانصراف عنهم"
تقديم الطعام لأهل الميت لانشغالهم بميتهم أمر مطلوب من الأقارب والجيران والأصحاب ولكن المحرم هو السهر عندهم والجلوس مدة طويلة بحيث لا يقدرون على الاستراحة خجلا من الجالسين
ثم قال :
- يكره لأهل الميت أن يصنعوا طعاما ويدعوا الناس إليه؛ لأن هذا يعد من النياحة المنهي عنها كما قاله ابن عباس ، ولأن اجتماع الناس للعزاء خلاف على ما كان عليه السلف الصالح، وهو من البدع الظاهرة في هذا الزمن - ولا حول ولا قوة إلا بالله، حتى إنك لترى الكثير من أقارب الميت من يتسابق إلى إرسال الذبائح والبوادي المكلفة لأهل هذا الميت، والتي قد تكون نهاياتها وللأسف النفايات وساحات التراب، أو الجمعيات الخيرية التي قد لا تتدارك الوقت في حسن تصريفها على الوجه المطلوب
بل وصل الأمر عند البعض إلى مرحلة التنافس والتفاخر في الولائم المعدة في ذلك، لدرجة أنك ترى من أنواع المشروبات والحلويات المقدمة مع هذه الولائم ما الله به عليم وكأنها مناسبة فرح وليست عزاء
قال جرير بن عبد الله: «كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت، وصنعة الطعام بعد دفنه من النياحة» بل إن المتبصر في وصية النبي (ص)لأصحابه بصنع الطعام لآل جعفر يجد أنه قصد بذلك أن يكون على قدر حاجة أهل البيت (أي أهله خاصة)
وقد جاء في كتاب الإقناع، والمهذب والمنتهى ما يدل على كراهة الجلوس لهذا العزاء يعني أنه يكره للمصاب أن يجلس في مكان ليعزوه، ويكره للمعزى أن يجلس عند المصاب للتعزية وليعلم أن ترك مثل هذه الاجتماعات من طاعة الله وليست من القطيعة؛ لأن القطيعة هي أن تترك فعل ما يشرع لك فعله من البر والخير فلتتجنب العاطفة والهوى أمام شرع الله ومراده - أيها المبارك –"
والإسراف محرم فى أى شىء ومن ثم يجب أن يتفق الأقارب والجيران الأصحاب على أمر الطعام فيقدم كل واحد وجبة لأهل الميت فقط وليس لمن حضروا للعزاء
وحدثنا عن الصلاة على الميت فقال :
"ثالثا: مفاهيم خاطئة في الصلاة:
- ومن أهم تلك الأمور الجهل بأحكام الصلاة على الجنازة والدعاء لها، وخاصة حال فوات شيء منها، والأصل أن العبد مخير حال فوات شيء من تكبيرات صلاة الجنازة، أن يدخل مع الإمام في التكبيرات التي هو فيها سواء كانت الأولى أو الثانية أو الثالثة ثم يسلم معه دون قضاء، أو يقضي ما فاته من التكبيرات بعد سلام الإمام، بشرط أن يكون ذلك قبل أن ترفع الجنازة، وبحيث يختصر الأذكار الواردة فيها (فيقول في الثانية مثلا: اللهم صل على محمد فقط، ثم يكبر للثالثة ويقول: الدعاء باختصار «اللهم اغفر له فقط»، ثم يكبر ويسلم الخ) (ابن عثيمين)"
الصلاة على الميت لا يوجد فيها حديث يبين طريقتها الحالية على الإطلاق فكل ما فيها قراءة الفاتحة بعد التكبيرة الأولى وبقية ما نفعله من قول الصلاة على النبى (ص) والدعاء وغيره لا يوجد نص عليه ومن ثم فهى عبادة اخترعها الفقهاء دون دليل وأما الاستغفار فقد ورد فى موت النجاشى رواية تقول أن الصلاة هى الاستغفار للميت فقط دون تكبيرات " استغفروا لأخيكم"
ثم قال :
"- ومن ذلك عدم تغسيل السقط «الذي بلغ أربعة أشهر وما فوق ذلك» وعدم الصلاة عليه، وكم وجد من فعل هذه المصيبة جاهلا رغم أن هذه النفس قد نفخت فيها الروح، قال (ص)«السقط يصلى عليه» رواه الإمام أحمد وأبو داود"
الصلاة على الأطفال خاصة السقط تتعارض مع كونه لم يعمل شرا ولا خيرا والصلاة إنما هى المكلفين بالعمل فكيف نستغفر للذى لم يعمل ذنب قط ؟
ثم قال :
- معانقة أهل المتوفى عند العزاء والصحيح أنه يصافحه فقط دون معانقة، لعدم ورود الدليل على ذلك"
العناق أو المصافحة كله مباح لا دليل على حرمة أيا منهم فالعناق إنما هو لشد أزر أهل الميت ثم قال :
- عدم السكينة عند حمل الجنازة، والسير أمامها إن كانت محمولة، واعتقاد أن من السنة حال حمل الجنازة أن يكون رأسها في المقدمة
- عدم الصلاة على الميت إذا وضع في قبره، وذلك لمن فاتته الصلاة عليها في المسجد، ومنهم من يرى أنها إن دفنت بعد صلاة العصر وأراد أن يصلي عليها في وقت نهي فإنه لا يجوز، ولكن يأتي ويصلي عليها في غير هذا الوقت من الغد مثلا والأمر واسع في ذلك"
الصلاة فى المسجد على الموتى لا تصح لأن الصلاة تكون عند القبر وقت الدفن كما قفال تعالى:
" ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره" ثم قال :
- لا بأس أن يكبر الإمام خمس تكبيرات، أو أن يسلم تسليمتين، أو أن يقرأ شيئا من القرآن بعد الفاتحة فقد ورد ذلك عن رسول الله (ص)كما أخبر به ابن عباس رضي الله عنهما"
لا يوجد حديث فى صلاة الجنازة الحالية يبين طريقتها فكل ألأحاديث الموجودة عند كل الفرق مع اختلافها تقتصر على قراءة الفاتحة بعد التكبيرة ألأولى وبقية ما نفعله هو اختراع فقهى لا نص فيه والصلاة كما قال الله هى الاستغفار للميت أى الدعاء له بالمغفرة والرحمة والروايات فى الصلاة على النجاشى متعارضة فبعضها يطلب الاستغفار وبعضها يطلب التكبير ثم قال :
- كثرة الجدال عند دفن الميت، والتدخل بالآراء والاقتراحات التي ليس منها طائل من أناس قليل علمهم ومعرفتهم أو حتى حكمتهم في الحديث، والتي لا تليق بحال الجنازة ولا الموقف ولا ظرف المكان، فليتق الله من هذا حاله فحسب الناس ما هم فيهط
وقال :
- هناك ثلاثة أوقات نهينا أن نصلي فيها أو أن ندفن موتانا فيها وهي عند طلوع الشمس وعند الزوال (قبل أذان الظهر بحدود ربع ساعة) وعند الغروب، إلا أنه لو لم يتيسر الصلاة على الجنازة إلا في هذه الأوقات لعارض ما، فإنه لا بأس بذلك؛ لأنها تعد من ذوات الأسباب
- لا مانع من الدفن ليلا فقد دفن رسول الله (ص)ليلا وكذا أبو بكر وعثمان وعائشة وابن مسعود جميعا، إلا أن البعض من الناس قد يدفن الميت ليلا دون ضرورة لذلك، فيخلوا بالصلاة عليه وبكفنه، وبتشييعه ودفنه، والأولى مراعاة ما فيه خير لهذا الميت"
ولا يوجد ما يسمى بالوقت المكروه للدفن فالدفن مرتبط بقدرة أهل الميت على ضبط أنفسهم فإن كان وجود الميت فى البيت يتسبب فى ارتكابهم ذنوب فالأولى دفنه على الفور فى أى وقت ليل أو نهار وهو مرتبط أيضا بالأحوال الجوية فإذا كان الجو ممطر ويوجد أوحال ومتاعب ينتظر به حتى ينتهى المطر أو يوضع الميت على سيارة ويسير الناس معه ثم قال
- عدم فك عقد كفن الميت إذا وضع في قبره وعدم توجيهه للقبلة وكشف وجهه، والأصل في ذلك أن يبقى وجهه مغطى"
لا يوجد أى نص فى حكاية تغطية الوجه ولا فى التوجيه للقبلة ثم قال :
- اعتقاد وجوب تغطية القبر بعباءة أو غيرها عند دفن المرأة رغم أنه سنة، (والأعجب من ذلك أن تراهم يفعلونه رغم أن الذي يدفن ليس محرما للمرأة المدفونة في تناقض عجيب)، والدليل في ذلك أمر النبي (ص)لأبي طلحة أن ينزل القبر ويدفن ابنته مع وجوده (ص)وزوجها عثمان (ص)
- اعتقاد أن المرأة لا يصح لها أن تصلي على الميت إذا حضرت المسجد، والحق أن المرأة مثل الرجل في ذلك
- من فاتته الصلاة المكتوبة وقد شرع الإمام في صلاة الجنازة، فإنه يصلي على الجنازة ثم يصلي المكتوبة بعد ذلك، لأن المكتوبة يمكن إدراكها أما الجنازة فقد تحمل ويذهب بها
- يتكلم البعض في سيئات الميت وزلاته، خاصة إذا كان هذا الميت مسؤولا، ورسولنا (ص)قد نهى عن ذلك بقوله: «اذكروا محاسن موتاكم وكفوا عن مساويهم» وقال: «لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا» رواه أحمد والبخاري وغيرهما، بل إن البعض قد يسألون عن الميت قبل أن يصلى عليه هل كان يصلي أو لا؟ وهذا من التنطع وتتبع العورات والبدع التي ليست من الدين في شيء، لأن رسول الله (ص)وصحبه كانوا يصلون على الميت ولا يسألون عن ذلك
- لا يحسن البعض منا الدعاء الوارد في الصلاة على الميت رغم يسره والذي منه «اللهم اغفر لحينا وميتنا وشاهدنا وغائبنا وكبيرنا وصغيرنا وذكرنا وأنثانا، إنك تعلم منقلبنا ومثوانا، اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان، اللهم لا تحرمنا أجره ولا تضلنا بعده» وأما إن كان الميت فرطا (طفلا) فيقول: «اللهم اجعله فرطا لوالديه وذخرا وشفيعا مجابا، اللهم ثقل به موازينهما وأعظم به أجورهما، وألحقه بصالح سلف المؤمنين واجعله في كفالة إبراهيم، وقه برحمتك عذاب الجحيم» والأمر في اختيار الدعاء واسع، له أن يدعو بما يحفظ ويناسب"
ودعاء الميت الطفل لا يصح فليس هو ذخرا لوالديه ولا شفيعا ولا مجابا فلا أحد ينال ثوابا من أحد كما قال تعالى:
" وأن ليس للإنسان إلا ما سعى" ثم قال :
- يعتقد البعض أنه لا تصح الصلاة على جنازة دفنت من أيام، والصحيح جواز ذلك ما دام أنها دفنت من عهد قريب، ولو أراد مصل أن يصلي عليها صلاة الغائب، فإن القول الراجح في هذه الصلاة أنها غير مشروعة إلا لمن لم يصل عليه أحد من المسلمين
- لا يصح قراءة القرآن في العزاء ولا عند القبور ولا الاجتماع على ذلك، لأن ذلك من البدع المستحدثة، وأما ما ورد في قراءة سورة يس فذهب بعض أهل العلم إلى جواز قراءتها عند موته واحتضاره وليس بعد موته لقول رسولنا (ص)«اقرؤوا على موتاكم يس» ويرى البعض الآخر من العلماء عدم جواز قراءتها؛ لأن هذا الحديث ضعيف
ثم حدثنا عن مخالفات الغسل والمقابر فقال :
رابعا: مخالفات الغسل والمقابر:
- إذا تعذر غسل الميت بالماء فإنه ييمم، بأن يضرب الحي بيديه التراب ثم يمسح بهما وجه الميت وكفيه، ثم يكفن بعد ذلك بما هو معتاد
- إذا كفن الميت فلا توضع يديه على بعضهما كما هو الحال في الصلاة، وإنما اليد اليسرى عند يساره واليمنى على يمينه
- يسن إدخال الميت القبر من عند رجليه (أي القبر) أو من الأمام، ويقال عندها بسم الله وعلى ملة رسول الله، ويوضع في القبر على جنبه الأيمن ولا يكشف وجهه، ولا يوسد تحته بحجر ولا شيء من ذلك، وعند حثو التراب عليه يكون من قبل رأس الميت
- يعتقد البعض من الناس أن التراب الذي أخرج من القبر حال حفره لا بد من إعادته على القبر بعد الدفن؛ لأنه حق للميت، وهذا غير صحيح ولا أصل له
- يجوز أن يدفن أكثر من واحد في القبر الواحد، وإذا دفن اثنان فأكثر فإنه يجعل بين كل اثنين حاجزا من التراب ويقدم دفنا وفي اتجاه القبلة أكثرهم حفظا للقرآن والآخر يكون من خلفه
- لا مانع من وضع علامة على قبر الميت كوسم أو خشبة أو رخام أو ما شابه ذلك، وأما الكتابة عليه أو التلوين بألوان خاصة فإنه لا يصح فعله، كما يجب أن تسوى هذه القبور بتجنب بناء القباب عليها، لأنه منكر عظيم نهى عنه نبينا - صلى الله عليه وسلم -
- من انتحر أو قتل نفسه أو قتل غيره فإنه يغسل ويصلى عليه ويدعى له ويترحم عليه، حاله كحال أي ميت من أموات المسلمين لأنه يعد عاصيا فقط، تحت مشيئة الله
- لا يشرع أن يقول أهل الميت للناس عند الدفن حللوه؛ «لأن هذا يعد من البدع المستحدثة، كما لا يشرع أن يلقن الميت في قبره شيئا كما هو في أصح قولي العلماء، ولا يرفع الصوت بلا إله إلا الله عند حملها ولا عند دفنها، اللهم إلا الاستغفار والدعاء له بالذي ورد فيه نص عن رسول الله (ص)حيث قال: «استغفروا لأخيكم، وسلوا له التثبيت، فإنه الآن يسأل» رواه أبو داود والحاكم والبزار فيقول: اللهم اغفر له وثبته على الحق، ولا تنس يا محب رحمة هذا الميت، أن تبادر إلى قضاء ديونه إن كان عليه شيء، فهو من أهم الأمور التي يجب الحرص عليها
- أجاز بعض أهل العلم للإنسان أن يصلي تطوعا عن والديه أو غيرهم من المسلمين لمن رغب ذلك، كما يجوز أن يتصدق عنه، ولا فرق بين الصلوات والصدقات والحج وغيرها من أعمال الخير، إلا أن هذا عمل غير مشروع ومعنى ذلك (أنه لا ينكر على فاعله إن فعله ولا أيضا أن يطلب منه فعله إن لم يفعله) ومن أراد أن يصلي على قبرين متقاربين فله ذلك لأنه يكفي الصلاة عليهما صلاة واحدة ما داما ما بين يدي المصلي
- ليس هناك دليل على تخصيص يوم لزيارة القبور كيوم العيد أو الجمعة وإن كان ذكر بعض أهل العلم ترغيب الزيارة يوم الجمعة لما فيها من ساعة إجابة، إلاأنه ليس لهم دليل على ذلك
- لا تزار القبور من أجل الاستغاثة أو التبرك، حتى ولو كان ذلك القبر قبر نبينا محمد (ص)وإنما الحكمة من زيارتها هو تذكر الآخرة، والدعاء لقوله (ص)«زوروا القبور فأنها تذكركم الآخرة» رواه مسلم
- لا يشترط لزيارة القبور طهارة، ومن زار ميتا فإنه يقف عند رأسه مستقبلا إياه، وليس شرطا أن ينصرف إلى القبلة، ويسلم على الميت ويدعو له، وليس للزيارة وقت محدد لا من الليل ولا من النهار، بل هي في كل وقت جائزة
- لا يصح أن نقول: فلان دفن في مثواه الأخير، لأن القبر ليس آخر المطاف، وإنما هو حياة البرزخ التي بعدها البعث والنشور والحساب
- ينبغي لمن دخل المقبرة أن يذكر الدعاء الوارد في ذلك ومنه قوله (ص)«السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، أسأل الله لنا ولكم العافية» رواه مسلم وغيره، أو أن يقول «السلام عليكم يا أهل القبور، يغفر الله لنا ولكم، أنتم سلفنا ونحن بالأثر» رواه الترمذي، أو يقول: «السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، يرحم الله المستقدمين منكم والمستأخرين، نسأل الله لنا ولكم العافية، اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم، واغفر لنا ولهم» فقد قال النبي (ص)«ما من مسلم يمر بقبر رجل مسلم كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلا رد الله عليه روحه فرد عليه السلام» وليتذكر كل مسلم أن هؤلاء الموتى ينتظرون منه الدعاء في كل وقت وحين، إذ هو ما بقي لهم منا بعد عملهم الصالح
- وأخيرا تذكر أخي الحبيب أننا اليوم قد دخلنا وخرجنا من بين هذه القبور، وغدا سندخل ونبقى ولا نخرج، فالله الله أن نعد لهذا اليوم عدته بحسن العمل وحسن الظن بالله وصدق التوبة لله، سائلين الله العلي العظيم أن يغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين أجمعين، وأن ينور على أهل القبور قبورهم، وأن يجعلها روضة من رياض الجنة "
ومعظم ما ذكره الرجل ليس عليه دليل كوضع اليدين للميت على بطنه أو صدره بأى طريقة كما أن العمل للميت كالتصدق وغيره لا ينفع الميت بشىء فهو لا يرحم أى لا يدخل الجنة إلا بعمله هو كما قال تعالى:
" وتلك الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون"
اجمالي القراءات
3307