حافظ الوافي Ýí 2017-09-24
حمأ و صلصال
هما كلمتان وردتا في سورة الحجر في سياق يتعلق بخلق الإنسان . و لسنا نفهم منهما سوى أن الصلصال هو الطين و أن الحمأ هو الطين الأسود المنتن المتعفن .
و دائما من خلال ترتيل هذه الألفاظ في كتاب الله سنحاول الوصول إلى المعنى الدقيق القرآني لهذين اللفظين ، و من ثم فهم الآية ككل و بناء تصور متكامل لفهمها .
الحمأ :
يجد الحمأ جذره اللساني في الفعل " حَمَى – يَحْمِي " و الذي نشتق منه بنية أخرى و هي الفعل المزيد " أَحْمَى " . و قد ورد ذكرها في صيغة المبني للمجهول في معرض حديث عن الذين يكنزون الذهب و الفضة في قول الله " َيوْمَ يُحْمَىٰ عَلَيْهَا فِى نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَىٰ بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ " .
نقول أن معنى أن يُحمَى على الذهب و الفضة هنا لا يتعلق فقد بالتسخين كما تشرحه المعاجم و إنما بالإذابة من شدة الحرارة . و في هذا نسوق بعض الآيات التي تثبت هذا المعنى .
أحيانا يوصف شراب أهل النار بالحميم ، لكن أحيانا أخرى يرد وصف " المهل " كما في " وَإِن يَسْتَغِيثُوا۟ يُغَاثُوا۟ بِمَآءٍۢ كَٱلْمُهْلِ يَشْوِى ٱلْوُجُوهَ ۚ "
و أيضا " كَٱلْمُهْلِ يَغْلِى فِى ٱلْبُطُونِ . كَغَلْىِ ٱلْحَمِيمِ ".
و المهل مشتق من الفعل " مَهَلَ " الدال على التباطؤ . فحينما يأمر الله رسوله في قوله " مهّل الكافرين أمهلهم رويدا " هو أمر بعدم التسرع . و ما وصف الشراب بالمهل إلا لأنه خليط ثقيل الحركة ،ثم ليس ذاك سوى من فعل الانصهار ، فالمهل دل على الشيء الذائــــــب المتداخلة عناصره بفعل الذوبان ، و أخذ وصف المهل من منطلق حركته الثقيلة البطيئة .
و لأن الفعلين حمى و حمّ كلاهما يدل على الذوبان و الانصهار ، كان معنى الشراب الحميم هو ذلك الخليط المنصهرة المتداخلة عناصره المكونة له .
و من ذلك جاز وصف الصديق بأنه حميم بالنظر للعلاقة الوطيدة بين الصديقين لحد التداخل و الانصهار .
و في هذا تجدر الإشارة أن معنى الحماية و درإ الأذى الذي نتداوله ليس معنى قرأنيا إطلاقا ، و ليس له مكان في كتاب الله . بل استعمل القرآن " عصم " للدلالة على الحماية في قوله " اعتصموا بحبل الله " إي احتموا به . و أيضا " و الله يعصمك من الناس " أي يحميك منهم و غيرها .
ثم آية أخرى نجد فيها ذكرا لصيغة اسم الفاعل من الفعل " حمى " و هي حامي . في قول الله " َما جَعَلَ ٱللَّهُ مِنۢ بَحِيرَةٍۢ ولا سَآئِبَةٍۢ وَلا وَصِيلَةٍۢ وَلَا حَامٍۢ ۙ "
هذه الآية تبين أشياء أراد بعض الناس أن يجعلوها استثناءات للتحريم الذي فرض عليهم في الأشهر المحرمة . و لا يمكن أبدا أن تفهم هذه الآية إلا من خلال تصور صحيح لما قبلها من آيات لا سيما ما يتعلق بمعنى البيت .
و لأن الله جعل أربعة أشياء و لم يجعل أربعة . جعل البيت الحرام و الشهر الحرام و الهدي و القلائد . و لم يجعل البحيرة و لا السائبة و لا الوصيلة و لا الحامي ( يكتب حام حينما يكون نكرة ) .
نقول إذن أن الحمأ هو الخليط المتداخلة أجزاؤه في بعضها .
الصلصال :
الصلصال اسم فاعل من الفعل صَلْصَلَ . و هو نوع من الأفعال التي جاءت في القرآن دائما مصاغة من تكرار فعل أخر دلالة على عملية متكررة لذاك الفعل .
نجد مثلا زلزل من الفعل زلَّ . دلالة على زلل متكرر . " زلزلت الأرض زلزالها " و " أن تزل قدم بعد ثبوتها "
و أيضا كبكب و كبَّ . " كبكبوا فيها هم و الغاوون " و " كبت وجوههم في النار "
و ذبذب و ذب..و منه الذباب و مذبذبين . و غير ذلك .
المهم في قضيتنا أن صلصل هو تكرار للفعل " صلَّ " و ليس فيما نرى سوى معنى الاتصال المتكرر بين أجزاء هذا الخليط تأكيدا لما رأينا في مفهوم الحمأ .
فليس الصلصال و الحمأ سوى أوصاف لأجزاء متداخلة متصلة ببعضها وفق سُنَنٍ مضبوطة مرسومة لها و هو ما عبر عنه ب " مسنون " .
· من صفحة الزميل جيلالي بلحاج
دعوة للتبرع
أمل فى المستقبل: فى كتابك ( شاهد على بضعة أشهر من حُكم السيس ى )...
النفقة على الاولاد: هل النفق ة على الاول اد البال غين ...
اضافة من زكريا : الأست اذأحم د أرجوك ساعدن ي، غاب النوم عني...
الربا: ماهو الربا ؟ وهل البطا قات الإتم انية تعتبر...
الزوجة وعمل الخير: السلا م عليكم و رحمة الله و بركات ه استاذ نا ...
more