آحمد صبحي منصور Ýí 2014-12-03
كتاب (التصوف والحياة الدينية فى مصر المملوكية )
الجزء الأول : العقائد الدينية فى مصر المملوكية بين الاسلام والتصوف
الباب الأول : مراحل العقيدة الصوفية وتطورها في مصر المملوكية من خلال الصراع السنى الصوفى
الفصل الأول : المرحلة الأولى للعقيدة الصوفية : من بداية التصوف في القرن الثالث الهجري إلى وفاة الغزالي سنة 505
عقيدة التصوف في( إحياء علوم الدين ) للغزالى :
البحث فيما فصله الغزالي في عقيدة التصوف ومناقشته يستلزم مجلداً كاملاً، إلا أننا سنقتصر على بعض النقاط التي تظهر وحدة العقيدة بينه وبين الجنيد – قبل الغزالي ، ثم ابن عربي بعد الغزالي . وفيها يظهر أسلوب الغزالي المشبع بالفلسفة القائمة على التوفيق والتلفيق .
أولاً : درجات التوحيد عند الغزالي ..
1 ــ تابع الغزالي أستاذه " الجنيد " في تقسيم التوحيد إلى درجات ..
يقول ( التوحيد : القول فيه يطول وهو من علوم المكاشفة ) أي أن الغزالي يسد الطريق مقدماً على الفقهاء وهم محرومون من العلم بالغيب الذي يكاشف الله به أولياءه ، ثم يقول ( للتوحيد أربع مراتب وهو ينقسم إلى لب وإلى لب اللب وإلى قشر وإلى قشر القشر :
فالمرتبة الأولى من التوحيد : هي أن يقول الإنسان بلسانه لا إله إلا الله وقلبه غافل عنه أو منكر له كتوحيد المنافقين ، والثانية : أن يصدق بمعنى اللفظ قلبه ، كما صدق به عموم المسلمين وهو اعتقاد العوام ، والثالثة : أن يشاهد ذلك بطريق الكشف بواسطة نور الحق ، وهو نظام المقربين ، وذلك بأن يرى أشياء كثيرة ولكن يراها على كثرتها صادرة عن الواحد القهار . والرابعة أن لا يرى في الوجود إلا واحداً ، وهي مشاهدة الصديقين ، وتسميه الصوفية الفناء في التوحيد ، لأنه من حيث لا يرى إلا واحداً فلا يرى نفسه أيضاً ، وإذا لم ير نفسه لكونه مستغرقاً بالتوحيد كان فانياُ عن نفسه في توحيده بمعنى أنه فني عن رؤية نفسه والخلق ..).
2- ثم يشرح الغزالي في ضوء ما سبق أنواع الموحدين ، يقول ( فالأول : موحد بمجرد اللسان ، و يعصم ذلك صاحبه في الدنيا عن السيف .. والثاني : موحَّد بمعنى أنه معتقد بقلبه مفهوم لفظه وقلبه خال عن التكذيب بما انعقد عليه قلبه ، وهو عقدة على القلب ليس فيه انشراح وانفساح ، ولكنه يحفظ صاحبه من العذاب في الآخرة إن توفى عليه ، ولم تضعف بالمعاصي عقيدته ... والثالث : موحَّد بمعنى أنه لم يشاهد إلا فاعلاً واحداً ، إذا انكشف له الحق كما هو عليه ، ولا يرى فاعلاً بالحقيقة إلا واحداً ، وقد انكشفت له الحقيقة كما هي عليه ، لا إنه كلف قلبه أن يعقد على مفهوم لفظ الحقيقة فإن تلك رتبة العوام والمتكلمين .. والرابع : موحد بمعنى أنه لم يحضر في شهوده غير الواحد فلا يرى الكل من حيث أنه كثير بل من حيث أنه واحد ، وهذه هي الغاية القصوى في التوحيد ) [1].
ثانيا : ولنا على الغزالي ملاحظات :
1- أنه جعل للنفاق درجة في التوحيد وذلك ما لم يرد في مدرسة الجنيد ، ثم جعل التوحيد الإسلامي توحيد العوام ، ويلمح إلى نوع من المقارنة بين الفريقين ، فالأول يعصمه الإقرار بالتوحيد من الموت بالسيف أما الثاني فيعصمه اعتقاده القلبي من العذاب في الآخرة . أما الصوفية فلا يأبهون بالجنة أو بالنار ( ولذلك قال العارفون ليس خوفنا من نار جهنم ولا رجاؤنا للحور العين ، وإنما مطالبنا اللقاء ومهربنا الحجاب فقط ، وقالوا ومن يعبد الله بعوض فهو لئيم كأن يعبده لطلب جنته أو لخوف ناره ، بل العارف يعبده لذاته فلا يطلب إلا ذاته فقط ) [2].
ولسنا في مجال التعليق على ذلك النص الذي يجعل الصوفية أنداداً لله ويفضلهم على الرسل الذين كانوا يعبدون الله رغبة ورهبة ، ويكفى أن نقرر أن ترفع الصوفية عن الجنة وسخريتهم بالنار تردد في مواضع شتى في الإحياء [3] كإحدى مظاهر عقيدة الاتحاد التي تسبغ الألوهية على الصوفية ..
2 ــ ارتقى الغزالي بعقيدته الصوفية إلى المرتبتين الثالثة والرابعة .. بينما جعل المنافقين والعصاة في المرتبة السفلى ثم جعل صالحي المسلمين وهم (العوام ) في المرتبة التالية، وحرم عليهم الصعود لمرتبة العقيدة الصوفية حتى ولو كانوا من المتكلمين والفقهاء زعماء "العامة " ، ذلك لأن أساس العقيدة الصوفية في المرتبة الثالثة قائم على الكشف أي علم الغيب ، وهو للصوفية خاصة من دون الناس : يقول الغزالي عن المرتبة الثالثة ( أن يشاهد ذلك بطريق الكشف بواسطة نور الحق وهو مقام المقربين ) وشرح ذلك الكشف بقوله ( وقد انكشفت له الحقيقة كما هي ، لا أنه كلف قلبه أن يعقد على مفهوم لفظ الحقيقة ، فإن تلك رتبة العوام المتكلمين )..
3 ــ لم يجد الغزالي سنداً للعقيدة الصوفية إلا الكشف أو الوحي الذي يتلقاه الصوفي من لدن ربه ، ومعنى ذلك أن هناك عقيدة جديدة نزلت من السماء تعلو فوق دين الله (الإسلام) .. ومعنى ذلك أن القرآن لم يشتمل على أسرار تلك العقيدة التي اختص بها الصوفية من دون الناس،ذلك أن القرآن والإسلام هما للعامة وزعمائهم من الفقهاء والمتكلمين ، وهما في الدرجة الدنيا في تقسيم الصوفية ..
4 ــ قرر الغزالي في المرتبة الثالثة – أو المرتبة الأولى في عقيدة الصوفية – وحدة الفاعل ، ومعنى ذلك أن كل فعل يصدر عن البشر إنما يصدر في الحقيقة عن الله تعالى ، أي يسند أفعال البشر السيئة أو الدنيئة لله ( تعالى عن ذلك علواً كبيراً ) مع أن الله تعالى يقول ( مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ .. النساء 79 ) والقول بالجبرية من أسس العقيدة الصوفية التي تجعل الله الروح المسيطر والكامن في المظاهر الحسية، وذلك يتناقض مع الإسلام والثواب العقاب والجنة والنار، وكلها في نهاية الأمر لا تهم الصوفية الذين يهتمون أساسا بالاتحاد أو التأليه.
5 ــ ثم قرر الغزالي في المرتبة الأسمى وحدة الوجود ، أي الذوات على كثرتها ليست إلا وجوداً واحداً و ذاتاً واحدة حتى أن الصوفي يفنى فلا يرى نفسه ، وبالطبع لن يرى غيره ،لأنه يرى الله في كل شيء .
6 ــ ورغم ما واجهه الغزالي من إنكار فإنه لم يتخل عن إيمانه بعقيدة ( وحدة الوجود ) ، بل جعلها من مقامات التصوف عنده في كتابه ( إشكالات الأحياء ) الذي رد به على المنكرين ، يقول في مقام المشاهدة : إنها ( ثلاثة : مشاهدة بالحق ، وهى رؤية الأشياء بدلائل التوحيد ، ومشاهدة للحق ، وهى رؤية الحق في الأشياء ، ومشاهدة الحق ، وهى حقيقة اليقين بلا ارتياب)[4] . فالمشاهدة الأولى : إسلامية ، والثانية : تعبر عن الاتحاد ، والأخيرة : عن وحدة الوجود المطلقة .
وهذا يحتاج بعض التفصيل
ببارك الله فيك يادكتور نحن نتعلم منك ونعرف ديننا منك واشكرك شكر خاص لثقتك بى ولكنى احب ان اقرا لك كثيرا واتعلم منك واحاول ان انقل لمن حولى علمك لعلهم يعقلون أدامك الله ذخرا للامة واطال الله عمرك .
تاريخ الانضمام | : | 2006-07-05 |
مقالات منشورة | : | 5111 |
اجمالي القراءات | : | 56,685,440 |
تعليقات له | : | 5,445 |
تعليقات عليه | : | 14,818 |
بلد الميلاد | : | Egypt |
بلد الاقامة | : | United State |
دعوة للتبرع
الأسد / السبع: ما معنى ( أكل السبع ) هل هو الأسد ؟ ...
ممنوع السخرية : معجب ببرنا مج ( فضح السلف ية ) ولكن لا أحب...
سورة يوسف: ما هي المظا هر الحضا رية في سورة يوسف...
شكرا د. أسعد جمعة.!: السّل ام عليكم ، لقد شرعت -سائل ...
الوشم حلال أم حرام ؟: هل الوشم حرام ؟ علما بأن هناك وشوم جميلة...
more
افضل رد كان لابن رشد بكتاب تهافت التهافت