خالد اللهيب Ýí 2013-02-14
بَلِ الإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ - 3
أتابع البحث حول كلمة الإنسان وما ارتبط بها من المعاني عبر القرآن الكريم .
يقول تعالى ، (بَلِ الإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (14) القيامة ، بل للتأكيد و رد النفي ، فالإنسان صاحب بصيرة أي صاحب إدراك و كشف ومعرفة ، عبر حاسة البصر والتبصر وإعمال العقل والتفكر ، بينما العمى والظلمة ترتبط بالتغطية والحجب والستور والعتمة والجهل النفور ، لهذا قال الله جل في علاه واصفا آيات القرآن ، بأنها بصائر من ربكم (قَدْ جَاءَكُم بَصَائِرُ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ (104) الأنعام ، أي جاءكم معارف وحقائق ، هي مبصرة بذاتها ، دلالة على أنها الحق من الله سبحانه وتعالى وهي القرآن الكريم ، فمن استخدم بصيرته وأبصر فلنفسه ومن عمى فعلى نفسه أوقع الظلم والخسران ، (وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (118) النحل .
إن الإنسان يعلم ويدرك ميوله ورغباته وهواه وما يريد وهي التي تعرف بالإرادة ، (.. مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ ..)152 آل عمران ، فإن كانت إرادته أي نيته وهواه ، تتطابق مع منهج الله عز و جل فتقود نفسه الى الخير ومرضاة الله سبحانه وتعالى ، وإن كانت إرادته لا تتفق مع منهج الله عز و جل فإنها تقوده الى الشر وغضب الله سبحانه وتعالى ، (مَّن كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِندَ اللَّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا (134) النساء .
فالإنسان على دراية و معرفة كاملة بما يهوى و يريد ، فإن جعل نفسه منقادة وتبعا لهواه وإرادته ، فإنها غالبا ما ترديه الى التهلكة والإبتعاد عن منهج الله عز وجل عبرتطورهذه الرغبة والميل من مجرد رغبة وميل الى فعل وذلك بالأخذ بالأسباب وتحول الإرادة والرغبة الى مشيئة وفعل ، يُطبّقُ على أرض الواقع ، المؤمن يهديه الله و يشرح صدره للاسلام تبعا لإرادة الانسان نفسه ، فإرادته وميله ورغبته هي القاعدة واللبنة الأولى التي يُزادُ فوقها هداية الله عز وجل لمن أراد الهداية أما من أراد هواه والكفر وعدم الإلتزام بشريعة الله عز وجل و رضي بالضلال يُزادُ له فوق ضلالتة ، ضلالةٌ وعمى من الله سبحانه وتعالى ، (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُم بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى (13)الكهف .
فالله عز وجل ينزّلُ من القرآن ما هو شفاء و تطهير للجسد والنفس من الأمراض العضوية والنفسية وهذا التنزيل ما هو الا رحمة للمؤمنين وليس للكافرين ، ذلك أن القرآن لا يزيد الظالمين الا خسارا ، (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلاَّ خَسَارًا (82) الإسراء ، من الناس من يحسب نفسه زكيا محاولا خداع الله عز وجل أو خداع المؤمنين ، هؤلاء أصحاب شخصيات مزدوجة ونفوس مريضة ، في الظاهر أصحاب دين وتقى وفي الباطن أصحاب كفر ومعصية ، قلوبهم مريضة لا تخضع للحق ولا لشريعة الله عز وجل ، فعليّا وعلى أرض الواقع ، لا يخدع إلا نفسه ، (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ (8) يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ (9) فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (10) البقرة .
الواقع وحقيقة الأمر غير ذلك فلا تسير وفقا لأهوائهم و رغباتهم ، فنحن نسير الى ملاقاة الله عز و جل ، سواء رغبنا بذلك أم لم نرغب ولا سبيل لإيقاف سيرنا هذا (يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلاقِيهِ (6) الإنشقاق ، (إِنَّكَ كَادِحٌ ) نسير باستمرار وبشدة وتعب ، مآلنا الى الخالق عز وجل ، هذا ما نحياه ونسير إليه جميعا ، نسير شئنا أم أبينا الى الموت ، وما من وسيلة لإيقاف سيرنا بتجاه لحظة موتنا ، ثم نُبعثُ فنُحاسبُ ونخلدُ ، فالموت هوالحقيقة العلمية الوحيدة التي يقر بها العلم وجميع البشر .
نهاية الأرض :
(وَقَالَ الإِنسَانُ مَا لَهَا (3) الزلزلة ، هذه الآية الكريمة جاءت بعد قوله سبحانه و تعالى (إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا (1) وَأَخْرَجَتِ الأَرْضُ أَثْقَالَهَا (2) (وَقَالَ الإِنسَانُ مَا لَهَا (3) الزلزلة .
(إِذَا زُلْزِلَتِ) أي إذا صدرالأمر بالزلزال العظيم ، كقوله تعالى (إِذَا رُجَّتِ الأَرْضُ رَجًّا (4) الواقعة ، فوقوع الرجة والزلزال ليس ذاتيا من ذات الأرض بل هو خارجيا من خارجها ، هذا الزلزال ليس كالزلازل المعتادة للأرض والتي نعرفها واعتدنا عليها ، فهو زلزال مختلف ، به نهاية الأرض .
أكدت بحوث العلماء أنّ الكون سوف ينفجر بما يطلق عليه الإنفجار العظيم ، القادم بلا محالة ، (إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا ) ، فهي تتصف بأنّ لها زلزالٌ ، معروف ، قادم ، حيث تُخرجُ أثقالها إذ إنها صاحبة أثقال .
يتساءلُ الإنسان وبصيغة تعجبية ملؤها الخوف والصدمة والهلع : (مَا لَهَا ) ، سوف يتفاجئ الإنسان بتزلزل الأرض ونهايتها ، رغم تطوره العلمي ومعرفته المسبقة التي تؤكد وتثبت له كل يوم أنّ الكون (والأرض من ظمنه) يسير الى نهايته المؤكدة ، رغم معرفته هذه ، إلا أنه من هول الصدمة وعظمة ما يراه لا يصدق ما الذي يحدث أمامه ويقول (مَا لَهَا) ، فبعد أن استقر الإنسان على وجه الأرض و اعتاد عليها وسخرها لمصلحته وحسب أنه يملكها ويملك الأسباب العلمية لذلك الكسب والتحكم ، وإذ بالأرض تخرج منتفضة متزلزلة ، (إِذَا رُجَّتِ الأَرْضُ رَجًّا (4) وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا (5) فَكَانَتْ هَبَاءً مُّنبَثًّا (6) الواقعة ، وتبرقُ الابصارُ في كل الإتجاهات هولا و رعبا ، فالأحداق تنتقلُ كالبرق من مكان الى آخر ومن فوق الى تحت وفي كل الإتجاهات من هول ما ترى ، فلا مفر ولا ملجأ إلا الى الله العظيم ، هنالك المستقرالدائم الأبدي ، (فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ (7) وَخَسَفَ الْقَمَرُ (8) وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ (9) يَقُولُ الإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ (10) كَلاَّ لا وَزَرَ (11) إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ (12) القيامة ، يومئذ يخفتُ نورالقمر وتُجمع الشمسُ والقمر ، والأرض في قبضة العزيزالجبار والسماوات مطوياتٌ بيمينه ، (.. وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (67) الزمر ، (إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ) هل سأل الكافر والمشرك والظالم عن مستقره ؟ هل سأل أحدنا عن سعيه ؟ أهو وفقا لأمر ربه أم وفقا لأهوائه ؟ (رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ (8) آل عمران .
-- لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى :
للسعي أهمية كبرى ويعني الحركة بعزم وتصميم وإرادة مع المكابدة والتعب وراء الهدف المراد تحقيقه ، ولا يكون السعي سعيا إلا ويرافقه التعب والكد وهنالك أنواع مختلفة من السعي تختلف بختلاف أهدفها ، ( إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى )4 الليل .
1- سعي للدنيا ومتعها دون الآخرة ، سعي مادي معنوي مردوده آني مرحلي موقت ، (مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاء لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُومًا مَّدْحُورًا)18 الإسراء ، و الكافرون هم،(.. الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُواْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّواْ بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ (7) أُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ)8 يونس، والإنسان البسيط الجاهل قد يكون له عذرا بسعيه وراء ضرورات الحياة الدنيا ولكن هنالك من الناس من يحاول اعجاز آيات الله جل في علاه سعيا و وصولا لأهداف دنيوية ولا يتأتى له ذلك إلا بتكذيب ومخالفة آيات الله عز وجل ، أولئك أصحاب الجحيم كما كانوا أصحاب الدنيا من قبل ، (وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ)51 الحج ، يوم الطامة الكبرى سيذكرون سعيهم هذا، (فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى (34) يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الإِنسَانُ مَا سَعَى )35 النازعات ، سعي الدنيا نتيجته بالنسبة لمن حققه زائلة بموته فلا يستفيد ولا يضار منها بعد موته لإنقطاع صلته بسعيه وبمجهوده ، إن كان خيرا أو شرا ، فالامر متروك لمن بعده في الدنيا ولهم الثواب أوالعقاب تبعا لكيفية تصرفهم بما ترك .
وليس صحيح قول الزورالذي يُفترى به على النبي محمد عليه الصلاة والسلام مدّعين أنه قد قال ، (إذا مات إبن ادم إنقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية وعلم ينتفع به و ولد صالح يدعو له ) والمقصود بالصدقة الجارية مال الوقف الذي يرصده المؤمن للإنفاق منه على الفقراء والمحتاجين من بعده وكم إنتهك وسلب هذا المال من قبل القيمين عليه دون أن يصل لمن خصص لهم (1) والمقصود بالعلم الذي ينتفع به هو الإنفاق على دورالعلم والطلبة ،أما الولد الصالح الذي يدعو لأبيه، فما بالكم إذا كان هذا الوالد كافرا أو كان من أهل النار! ، هل دعاء الولد الصالح يخفف عذاب والده أو يخرجه من النار، هل استغفار الولد الصالح أعظم درجة عند الله من استغفار النبي محمد عليه السلام لكفار قريش ،(اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) 80 التوبة ، كما جاء النهي بصورة أوضح فقد نًهي النبيُ عليه السلام والمؤمنون عن طلب الاستغفار للمشركين ولو كانوا أولي قربى (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُولِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ)113 التوبة .
قد يقول قائل : وما يدرك لعل الوالد من أهل الجنة ، ألا يستفيد من دعاء ولده الصالح ؟ الردّ بما قاله رب العزة في محكم تنزيله ، (وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى (39) وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى)40 النجم ، وهي من الآيات المحكمة القاطعة الدلالة ، يؤكده قوله تعالى (وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ)281 البقرة ، وتتوفاهم ملائكة الموت ، (..إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ)61 الأنعام ، كلمة (تُوَفَّى) أي الذي صُفي حسابه وظهرت نتيجته فور موته ، فعرف مكانه في الجنة أوالنار، فلن يستفيد الوالد لا من دعاء ولده ولا من دعاء الآخرين له ، (..وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (7)الزمر ، فلا تتحمل نفس عن نفس شيئا ، على العكس من ذلك يوم القيامة ، (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36) لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (37) يس ، (فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ (101) فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (102) وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ (103)المؤمنون .
2- السعي للاخرة وصولا لمرضاه الله عز وجل ومن قبله الإيمان بالله الواحد الأحد ، (وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا)19 الإسراء ،المؤمنون يوم القيامة راضون عن سعيهم في حياتهم الدنيا ، وجوههم ناعمة (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاعِمَةٌ (8) لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ)9 الغاشية ، سعي تظهر فائدته العظمى بعد موت من سعى ونتيجته خالدة باقية ، مردوده نعيم وعطاء دائم يرتقي ليتناسب مع عطاء الله جل في علاه لعباده الصالحين .
3- السعي للدنيا والآخرة معا ، إن الإلتزام بشريعة الله عز وجل هو سعي نتيجته طيبة في الدنيا والاخرة معا ، (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ)97 النحل ، والله جل في علاه حثنا على طلب متع الدنيا وزينتها على أن تسخير هذه المتع وصولا للدارالآخرة و وفقا لشريعة الله عز وجل (وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ)77 القصص ،(قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ)32 الأعراف ، أما الصفة النهائية للحياة الدنيا ، (وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ)32 الأنعام ، العاقل من يلعب قليلا ويتقي كثيرا .
اعطاء الإنسان كشفا بما قدم وأخر .
يوم القيامة يتذكر الإنسان أن هنالك رب يعبد وها هو يوم الحساب قد أتى وبرز رب العالمين لحساب الناس والملائكة حاظرون صفا صفا وها هي جهنم قد أوتي بها والأمر جد لا هزل وهو حقيقة لا حلم ، يتذكر الإنسان ولكن أنى له الذكرى ، يتذكر الأن وقد قضى عمره غافلا متغافلا عن عبادة الله الواحد الأحد ، متندما متحسرا يا ليتني قدمّت لحياتي ، حياة الخلد الأبدية ، حياة الاخرة (كَلاَّ إِذَا دُكَّتِ الأَرْضُ دَكًّا دَكًّا (21) وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (22) وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الإِنسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى (23) يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي (24) الفجر .
يتذكرالإنسان حياته الدنيا وسعيه فيها ، يمرشريط حياته أمامه بلحظة (يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الإِنسَانُ مَا سَعَى (35) النازعات ، في تلك اللحظة أمام الإنسان طريقا من طريقين لا ثالث لهما ، فإما طريق الجنة وإما طريق النار، (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَؤُوا كِتَابِيَهْ (19) إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسَابِيَهْ (20) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ (21) فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (22) قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ (23)الحاقة ، المؤمن يُؤتى كتاب أعماله بيمينه ، وقد سر بماضيه وبعمله في الحياة الدنيا ،ويدفع كتاب أعماله قائلا : إقرؤا كتابيه ، أعمال ناصعة مشرفة ، ويردف قائلا : كنت متأكدا ، أني سأجد أعمالي أمامي يوم القيامة ، ويأتي الردّ سريعا (كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الأَيَّامِ الْخَالِيَةِ (24)الحاقة .
(وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ (25) وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ (26) يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ (27) مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ (28) هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ (29) خُذُوهُ فَغُلُّوهُ (30) ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ (31) ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ (32) إِنَّهُ كَانَ لا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ (33) وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (34) فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ (35) وَلا طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ غِسْلِينٍ (36) لا يَأْكُلُهُ إِلاَّ الْخَاطِؤُونَ (37)الحاقة .
(رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ (9)(..إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (16) آل عمران . وصدق الله العظيم .
أكمل البحث في المقال القادم ، إنشاء الله العلي العظيم .
دعوة للتبرع
خلع الحجاب: سلام علی ;کم یا دکتر احمد صبحي منصور انا...
سؤالان: السؤا ل الأول : أبى كان قاسى جدا علينا وعلى...
سن الرشد: ما هو سن الرشد فى الاسل ام؟ ...
خسابه عند ربه: السلا م عليكم ورحمة الله وبركا ته اخوان ي ...
الجيلاتين: يحتوى الجيل اتين على نسبة من لحم الخنز ير ،...
more
=مقطع من المقال
فالله عز وجل ينزّلُ من القرآن ما هو شفاء و تطهير للجسد والنفس من الأمراض العضوية والنفسية وهذا التنزيل ما هو الا رحمة للمؤمنين وليس للكافرين ، ذلك أن القرآن لا يزيد الظالمين الا خسارا ، (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلاَّ خَسَارًا (82) الإسراء ، من الناس من يحسب نفسه زكيا محاولا خداع الله عز وجل أو خداع المؤمنين ، هؤلاء أصحاب شخصيات مزدوجة ونفوس مريضة ، في الظاهر أصحاب دين وتقى وفي الباطن أصحاب كفر ومعصية ، قلوبهم مريضة لا تخضع للحق ولا لشريعة الله عز وجل ، فعليّا وعلى أرض الواقع ، لا يخدع إلا نفسه ، (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ (8) يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ (9) فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (10) البقرة .