لكل نفس بشرية جسدان: ) 16 ): التوبة بين الإيمان والعمل

آحمد صبحي منصور Ýí 2010-12-19


مقدمة   :

الجسد الأزلى داخل النفس هو مسرح الصراع بين الخير والشّر لو كانت النفس مؤمنة ،وقد تكوّن لها بايمانها واصرارها على التوبة جهاز مناعة يعمل على تطهير جسدها الأزلى كلما وسوس الشيطان وهمز ولمز . ولأن التوبة هى العامل الأساس فى تكوين جهاز المناعة المشار اليه فإننا نتوقف بالتوضيح الاضافى لعلاقة التوبة بالايمان والعمل .

المزيد مثل هذا المقال :

 

أولا :

لمجرد التذكرة نعيد ما سبق التأكيد عليه فى مقالات سابقة عن الايمان كصفة عرضية متغيرة و&; ونضع لذلك بعض القواعد :

1 ـ الكافر له ايمان قليل لا ينفع وعمل سىء يضيع ايمانه:

وصف الله ىجل وعلا عصاة بنى اسرائيل بأنهم كانوا يستكبرون عن الحق ويقتلون الأنبياء ويقولون إن قلوبهم مقفلة تصدّ الحق ، فكانت النتيجة أن لعنهم الله جل وعلا بكفرهم وأصبح ايمانهم قليلا بسبب جرائمهم تلك : (فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِم بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الأَنبِيَاء بِغَيْرِ حَقًّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً ) ( النساء  155) ( وَلَكِن لَّعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً ) ( النساء: ـ   46 )(وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَل لَّعَنَهُمُ اللَّه بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلاً مَّا يُؤْمِنُونَ ) ( البقرة : ـ 88 ).

 

2 ـ هذا الايمان القليل بالله جل وعلا لا ينفع يوم القيامة لأن إيمانهم الأكبر هو لغير الله جل وعلا ، والله لا يقبل إلا من كان عمله خالصا لوجهه جل وعلا ، وكان إيمانه خالصا نقيا حنيفا لا مجال فيه لتقديس مخلوق ، يقول جل وعلا :(قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ) ( السجدة 29 )

 

3 ـ الايمان يزيد وينقص:

3/ 1 :أى يتأرجح حسب مرور الزمن ، يعلو ويهبط ،ويتغير من ايمان كامل الى كفر بايمان قليل ، والعكس ، وتستحيل التوبة ، ويستحيل الغفران لهم يوم القيامة:( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ ازْدَادُواْ كُفْرًا لَّمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً ) ( النساء 137 )

3 / 2 ـ أو ينقلب على عقبه سريعا بالمسارعة الى الى الكفر بعد الايمان، وهذا ما حدث من بعض الصحابة ممن آمن ثم سارع بالكفر،فحزن النبى من أجله ، فقال له ربه جل وعلا:(وَلاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ) (آل عمران 176 )وتكرر الموقف فقال جل وعلا:( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ ) ( المائدة 41 ).

 

4 ـ يتغير الايمان زيادة ونقصا بالموقف من القرآن الكريم ، فالمؤمن بالقرآن يزداد إيمانه حين يتلى عليه القرآن ، عكس المنافق الذى يزداد به كفرا :(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا ) ( الأنفال 2 )(وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كَافِرُونَ )( التوبة 124 : 125 ). (وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا)( المائدة  64 ، 68 ).بل يتغير وجه أحدهم الى الكراهية والبغضاء حين يتلى عليه القرآن : (وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ وَمَا هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ) (القلم 51 : 52 ) ، بل يكاد يبطش بمن يتلو عليه القرآن (وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنكَرَ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا ) (الحج 72 ).

 

5 ـ تغير الايمان حسب المواقف ، ففى موقف الشّدة يظهر الايمان الحقيقى أو الزائف القليل ، يقول جل وعلا عن المنافقين حين طولبوا بالقتال دفاعا عن العقيدة أو حتى دفاعا عن وطنهم فزعموا عدم معرفتهم بالقتال ، وعندها كانوا أقرب للايمان الكامل منهم الى الكفر: (وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُواْ وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُواْ قَالُواْ لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لاَّتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ ) ( آل عمران 167 )، أى إن الايمان الكامل محطة بلغوها مرة ثم تراجعوا عنها عندما ووجهوا بالتطوع للقتال دفاعا .

ومثله موقف بعضهم عند المصائب ، إذ يسارع بالسخط والكفر عندما تحل به كارثة، فيخسر الدنيا والآخرة لو مات على هذا الحال : (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ)( الحج 11 ).

ومنهم من يدافع عن الحق فيتعرض لاضطهاد، فيظهر معدن ايمانه، والله جل وعلا هو الأعلم بما تخفيه السرائر:(وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ وَلَئِن جَاءَ نَصْرٌ مِّن رَّبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ )( العتكبوت 10 ).

والواقع أن الايمان الحق مرتبط بالمحنة ،فلا بد أن يمحّص الله جل وعلا الذين آمنوا لتظهر حقيقة ايمانهم ولتكون حجة لهم أوعليهم يوم القيامة:(وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ)( آل عمران 141 : 142 ). وفى ارتباط الايمان بإختبار المحنة والفتنة يقول جل وعلا :( أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ)( العنكبوت 2 ).

 

6 ـ التوبة هى الحل ، ولا بد أن ترتبط التوبة بتصحيح الايمان الذى تضاءل بالمعصية ، وسبق ايراد الآيات الكريمة التى تربط التوبة بالايمان والعمل الصالح:(الأعراف 153)(القصص 67)  ( طه 82 ) ( الفرقان 68 : 71 ) ( مريم 60  )، كما سبق التأكيد على إن مشيئة الانسان بالتوبة والهداية تسبق مشيئة الرحمن، لأن هذه التوبة يترتب عليها عمل صالح ناشىء عن إرادة وتعمد وقصد.

 

ثانيا :

1 ـ وهذا يدخل بنا على علاقة الايمان بالعمل فى منظور التوبة .

فكما لا يخلو إنسان من بعض الايمان ـ حتى لو كان قليلا ـ فكذلك لا يخلو من عمل صالح مهما تضاءل هذا العمل الصالح .

وبعبارة أخرى فلكل إنسان عمل صالح واعتقاد فى الله جل وعلا ، سواء كان إيمانا به وحده إلاها لا اله إلا هو ،أو بتقديس غير الله جل وعلا مع الله . ولكن الناجى الفائز هو الذى يتوب ويئوب وينيب ،والعكس هو من لا يعرف التوبة فى العقيدة والسلوك فيصل به عصيانه الى تكذيبه لآيات الله جل وعلا أى يصل به العصيان السلوكى الى الكفر الاعتقادى ويظل بلا توبة فيخسر الآخرة، أو يمتد به كفره الاعتقادى أو إيمانه القليل الى لحظة الاحتضار فيموت مشركا ويضيع عمله الصالح أو يحبط الله جل وعلا عمله الصالح .

 

2 ـ أى هنا لدينا قاعدتان :

القاعدة الأولى :ـ الايمان القليل ( الشرك أو الكفر ) يحبط العمل الصالح لمن يموت مشركا بعقيدته دون توبة .لأن الله جل وعلا لا يقبل عملا إلاّ إذا كان خالصا لوجهه الكريم صادرا عن عقيدة مخلصة بلا رياء أو نفاق أو مقصود بها رضى الناس دون رب الناس ،أو مقصود بها الأولياء والآلهة المقدسة.  

وهذا ما كان يفعله الجاهليون بتقديم النذور والقرابين للأولياء وقبورهم المقدسة :( وَيَجْعَلُونَ لِمَا لاَ يَعْلَمُونَ نَصِيبًا مِّمَّا رَزَقْنَاهُمْ تَاللَّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنتُمْ تَفْتَرُونَ) ( النحل 56 ) (مَا جَعَلَ اللَّهُ مِن بَحِيرَةٍ وَلاَ سَائِبَةٍ وَلاَ وَصِيلَةٍ وَلاَ حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ) ( المائدة 103 ).

وكانوا  يقدمونها أحيانا باسم الله ولكن فى النهاية تكون لتقديس أوليائهم : ( وَجَعَلُواْ لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالأَنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُواْ هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلاَ يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَائِهِمْ سَاء مَا يَحْكُمُونَ)(الأنعام 136) .

وهو نفس ما يفعله عوام المسلمين اليوم فى الموالد والقبور والمشاهد المقدسة لدى السّنة والشيعة و الصوفية ،هذا مع أن الله جل وعلا أمر باجتناب القبور المقدسة أو الأنصاب : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوه) ( المائدة  90)وحرّم الأكل مما يقدم اليها من طعام أو ذبائح :(حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَن تَسْتَقْسِمُواْ بِالأَزْلامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ ) (  المائدة 3)    

والله تعالى يحبط عمل من يموت مشركا ـ أى العمل الصالح ـ يقول جل وعلا  للنبى محمد فى قاعدة عامة تسرى على الجميع: (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُن مِّنْ الشَّاكِرِينَ  ) ( الزمر 65 : 66 ) ، ومعنى إحباط عمله الصالح أن تضيع ثمرته فلا يبقى له إلا عمله السىء ، فتحرم عليه الجنة ولا يجد له مصيرا سوى النار :(إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ) ( المائدة 72 )   

ويؤكد رب العزة أن من يموت مشركا دون توبة لا يمكن أن يتمتع بغفران الله جل وعلا يوم القيامة ، وموعد الغفران هو يوم الحساب وليس فى هذه الدنيا ، يقول جل وعلا فى آيتين : (إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا )(  إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيدًا) ( النساء 48 ،116 ).

ومعنى عدم الغفران هو إحباط الأعمال الصالحة ،أو التى تبدو لأصحابها صالحة أو لغرض خيرى،أو تصير هباءا منثورا لا ثواب فيها :(وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا ) ( الفرقان 23 ) ، أو تصبح سرابا ، أو ظلمات بعضها فوق بعض :(وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ ) ( النور 39 : 40 ).

وإثناء تعذيبه فى النار يرى المشرك أعماله الصالحة التى لم تنفعه وقد تحولت حسرة عليه تنافس أعماله السيئة فى تحسره وخيبته على ما آل اليه مصيره :(كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ ) ( البقرة 167 ).

والله جل وعلا لايظلم أحدا .

فصاحبنا أراد الدنيا والشهرة و الرياء ومصانعة الناس فيما يقوم به من أعمال خيرية ، وهو بحكم العادة ينال أجره من الناس اعترافا منهم بفضله وترديدا لسيرته العطرة ، وقد يحصل أحيانا على مكاسب مالية ومعنوية ودعائية وإعلامية وصفات كريمة تلتصق به باعتباره أحد المحسنين الذين تلهج بذكرهم الركبان وأجهزة الإعلام. أى قدم خيرا يبتغى به وجه الناس فكوفىء عليه من الناس .

بل يكافئه عليه أيضا رب الناس ، ليس فى الآخرة ولكن فى الدنيا ،إذ يوسع الله له رزقه الدنيوى و يكافئه فى الدنيا جزاءا لما قدّم فى الدنيا ، ولكن ليس له فى الآخرة إلا النار :(مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ) ( هود 15 : 16 ).

 

القاعدة الثانية :  العمل السىء يؤدى الى الكفر والتكذيب بآيات الله جل وعلا  وبالتالى يحبط العمل لمن يموت عاصيا مشركا دون توبة.

ونأخذ بعض الأمثلة من سيرة بنى اسرائيل التى أوردها القرآن الكريم لنتعظ منها ونستفيد:                                                                                                         

ـ فقد أخذ الله جل وعلا عليهم العهد والميثاق بعدم سفك دمائهم بينهم وألا يخرج بعضهم بعضا من ديارهم ، فنكثوا العهد والميثاق وحاولوا تسويغ المعصية بالتلاعب بكتاب الله يطبقون بعض آياته ويكفرون ببعضها ، وجزاؤهم الخزى فى الدنيا وأشد العذاب فى الآخرة :( وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لاَ تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلاَ تُخْرِجُونَ أَنفُسَكُم مِّن دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنتُمْ تَشْهَدُونَ ثُمَّ أَنتُمْ هَؤُلاء تَقْتُلُونَ أَنفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِّنكُم مِّن دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِم بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِن يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاء مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ) ( البقرة 84 : 85 ).

وباهمال التوبة ونسيانها صارت عند بعضهم عادة نكث العهد ، وبهذا تلاشى ايمانهم الحق وضاعت ملامحه ، يقول جل وعلا : ( أَوَكُلَّمَا عَاهَدُواْ عَهْدًا نَّبَذَهُ فَرِيقٌ مِّنْهُم بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ) ( البقرة  : 100)

 ومعظم المسلمين الآن يكررون نفس الفعل ، أى يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعضه ، يؤمنون بالآية طالما تسير على هواهم ، وإلاّ يعطلون حكمها ويكفرون بها ، بل زاد السنيون اسطورة النسخ بمعنى إلغاء حكم الآية القرآنية التى لا توافق هواهم.

ـ ووصل بعض بنى اسرائيل الى الكفر بسبب عملهم السىء واصرارهم عليه دون توبة ، واكتفوا بالزعم بأنهم سيدخلون الجنة وأنهم أولياء الله من دون الناس، وبهذا الزعم ارتكبوا العصيان وتحصّن عصيانهم برفض التوبة، لذا تحدّاهم رب العزة فقال :(قُلْ إِن كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الآخِرَةُ عِندَ اللَّهِ خَالِصَةً مِّن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُاْ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ وَلَن يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ)( البقرة 94 ، 95 )( قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِن زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاء لِلَّهِ مِن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ وَلا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ) ( الجمعة 6 : 7 ) .

وكالعادة سار المسلمون الصوفية على أثر أولئك العصاة الكفرة من بنى اسرائيل حين أصدروا قرارا بأن يكونوا هم وحدهم أولياء لله من دون الناس ، لذا فإن الآية الكريمة تتحداهم أيضا وتتحدى من يؤمن بتلك الأولياء ومن يتخذون عباد الله من دونه أولياء :(أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِن دُونِي أَوْلِيَاء إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلا قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالا الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا) ( الكهف 102 : 104 ).أى أدى بهم صنعهم السىء الى الجحيم وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا.

 

إن العادة فى أكثر الأحيان أن يأتى التكذيب تاليا للعمل السىء تحصينا للعمل السىء من التوبة الصادقة ، ومن يقع فى هذا يستحق البراءة من عمله :(وَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل لِّي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَاْ بَرِيءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ ) ( يونس 41 )، ولذا يقول الله جل وعلا عن القرآن الكريم مخاطبا خاتم النبيين :( وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلاَّ الْفَاسِقُونَ)(  البقرة   99  )،أى فلا يكفر بآيات القرآن إلا الفاسقون أو العصاة المصممون على المعصية دون رغبة فى التوبة . وطالما أعرضوا عن التوبة فلا بد من تسويغ العصيان بالتكذيب بآيات الله والكفر بها . ومن هنا ترتبط التوبة بتصحيح الايمان كما يرتبط العصيان بالكفر والتكذيب لآيات الله البينات .

وفى ضوء ما سبق نفهم قوله جل وعلا : (ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا السُّوأَى أَن كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِؤُون) ( الروم 10 )، أى همبدءوا بارتكاب السوء والاستمرار فيه بلا توبة فكان عاقبتهم أن حصّنوا عصيانهم بتكذيب آيات الله بل الاستهزاء بها .

والخلاصة :

1 ـ إن الايمان أسبق من العمل ، فالانسان يولد طفلا بالفطرة البيضاء ، وأجمل ما فى الانسان هى طفولته البريئة ، وكل مجرم عريق كان فى بدايته طفلا بريئا يسر الناظرين و يحب أن يراه الناظرون ، هكذا كان أبوجهل و هولاكو و أبوهريرة و هتلر وصدام حسين و حسنى مبارك ، ثم غلب عليهم العصيان فأخفى فيهم تلك البراءة و الطهارة وباعد بينهم وبين التوبة . فالايمان يبدأ داخل الانسان مع الفطرة ، ثم يتوالى العمل السىء بلا توبة فيحول الانسان الى ولى وتابع للشيطان .

2 ـ وهذا يؤكد على حاجة المؤمن لتكرار التوبة ليكون أوّابا منيبا شأن الأتقياء من الأنبياء والبشر، فلا يحسبنّ أحد أنه مهما بلغ ايمانه و التزامه بالطاعات وابتعاده عن الفواحش والكبائر يكون فى غنى عن التوبة ، فالتوبة تحصّن الايمان وتزيده .

التوبة  ليست مجرد نطق باللسان، فالتوبة العملية هى المرتبطة بالتقوى والصدقة ، فالكفر قرين للبخل ، ولهذا فهناك مؤمنون سيشعرون بالندم الهائل لحظة الاحتضار ، يكون ذلك المؤمن قد تناسى الانفاق فى سبيل الله ، أو أنفق أقل مما لا ينبغى ، ثم يأتيه الاحتضار وهو محاط بالأموال التى سيتركها لغيره متحملا وزرها ، عندها يصرخ حيث لا يسمعه احد فى هذا العالم ـ يطلب فرصة أخرى ولو لبضع دقائق ينفق فيها هذا المال قبل أن يتحمل وزره . لهذا يخاطب الله جل وعلا المؤمنين ـ و ليس الكافرين ، فيقول :( وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ) (المنافقون 10 : 11).

ولأنه جل وعلا لن يؤخر نفسا إذا جاء أجلها فعلى كل مؤمن أن يتحسب للموت الذى يتعقبه ويطارده و الذى لا مهرب منه، بأن يظل فى توبة مستمرة وعمل صالح مستمر و تصدق لا ينقطع فى سبيل مرضاة الله جل وعلا.

وإلا .. فالندم قادم عند الاحتضار، حيث لا يجدى الندم.

اجمالي القراءات 16485

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (11)
1   تعليق بواسطة   رضا عبد الرحمن على     في   الأحد ١٩ - ديسمبر - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[53963]

أول القصيدة ((تكذيب حديث من مات وفي قلبه مثقال ذرة من إيمان )) لأن بني إسرائيل إيمانهم كان قليل ...

أولا::: الإقتراب من القرآن الكريم أكثر يظهر الحقائق بل يظهر الكنوز القرآنية أمام من يريد الهداية ومن أولى سطور هذا المقال أقول إن أول القصيدة فيها توضيح لكذب وتزوير حديث ((من مات وفي قلبه مثقال ذرة من إيمان دخل الجنة )) وأعتقد أن بني إسرائيل كما وصفهم ربنا جل وعلا بأنهم كانوا لا يؤمنون إلا قليلا  فالقليل من الإيمان الذي وصفه ربنا جل وعلا  في القرآن الكريم بالتأكيد هو أكثر من مثقال ذرة من إيمان التي قالها رواة الحديث ورغم هذا لعنهم الله بكفرهم واعتبرهم ربنا جل وعلا ضمن الكافرين الذي ضل سعيهم في الحياة الدنيا ..


ثانيا:::  الذين كفروا يوم القيامة لن ينفعهم إيمانهم الذي يزداد كثيرا عن مثقال ذرة ورغم ذلك لن ينفعهم إيمانهم وقول الله جل وعلا في الآية ((يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ) ( السجدة 29 ، معنى هذا أن هناك إيمان في قلوب الكفار لكنه ليس خالصا لوجه الله ونرجع ونقول فهو مهما كان قليل فهو أكبر من مثقال ذرة ورغم هذا لن ينفع عند الله يوم القيامة أي في نهاية المطاف..


ثالثا::: المنافقين وصلوا لدرجة عالية من الإيمان ثم تراجعوا وأعتقد ان هذه الدرجة الإيمانية هي أيضا أكبر درجة من مثقال ذرة من إيمان ورغم ذلك سيكون المنافقون من أهل الناس لأن إيمانهم هبط وتراجع...


ونوع آخر يعبد الله وأعتقد أن من يعبد الله حتى لو كان يعبده على حرف هو أيضا أكبر بكثير من مثقال ذرة من لإيمان ورغم ذلك كل إنسان يعبد الله على حرف حين تنزل به مصيبة وينقلب على عقبيه سيخسر كل عبادته لله لأنها كانت غير خالصة وأظهر سخطه وكفره بمجرد أن مر بمصيبة ..


رابعا:::: نوع يقول بلسانه أنه آمن بالله وهو أيضا أكبر درجة من مثقال ذرة من إيمان وكذلك أكبر درجة من كل إنسان يقول لا إله إلا الله عند الموت ورغم ذلك إذا تعرض هذا الذي ينطق بالإيمان بالله لاختبار يقيس إيمانه ويفشل ويظهر نوعية إيمانه بأنه إيمان هش ضعيف غير نقي فيكون من الخاسرين ....


يتبع .....


2   تعليق بواسطة   رضا عبد الرحمن على     في   الأحد ١٩ - ديسمبر - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[53964]

أول القصيدة ((تكذيب حديث من مات وفي قلبه مثقال ذرة من إيمان )) لأن بني إسرائيل إيمانهم كان قليل ..2

خامسا ::: ما أوجمل هذه الفقرة من المقال :


((ولهذا فهناك مؤمنون سيشعرون بالندم الهائل لحظة الاحتضار ، يكون ذلك المؤمن قد تناسى الانفاق فى سبيل الله ، أو أنفق أقل مما لا ينبغى ، ثم يأتيه الاحتضار وهو محاط بالأموال التى سيتركها لغيره متحملا وزرها ، عندها يصرخ حيث لا يسمعه احد فى هذا العالم ـ يطلب فرصة أخرى ولو لبضع دقائق ينفق فيها هذا المال قبل أن يتحمل وزره . لهذا يخاطب الله جل وعلا المؤمنين ـ و ليس الكافرين ، فيقول :( وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ) (المنافقون 10 : 11).)) وهي رد واضح جدا على كل من يظن أو يحلم أنه سيدخل الجنة بمجرد أن يقول لا إله إلا الله عند الاحتضار أو يموت وفي قلبه مثقال ذرة من إيمان أو يموت وهو يحلم بالشفاعة في الآخرة من الشهداء أقاربه أو من خاتم النبيين فهنا الخطاب للذين آمنوا وولم ينفقوا كما ينبغى وتحولت أموالهم لأوزار عليهم وحمل يحملونه فوق ظهورهم لأنهم أمنوا ولم ينفقوا في سبيل الله كما ينبغى أي لم يطبقوا الإيمان عمليا اكتفوا بالإيمان فقط ولم يطبقول قول الله الذين أمنوا وعملوا الصالحات ..


وكلمة أخيرة هامة جدا


من أهم مواصفات الإيمان أن كل إنسان مؤمن يجب ان يمر إيمانه باختبار لقياس مدى صدق إيمانه وتمسكه وعقيدته ونقاء سريرته مع الله جل وعلا ومن خلال هذا الاختبار الذي وضحه ربنا جل وعلا في قوله تعالى ((( أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ)( العنكبوت 2 ).


وهذه الآية العظيمة تبين أن إيمان الإنسان يحتاج لوقت طويل للاختبار والاختبار هنا شيء ضرورى وحتمى لا مفر منه وهذا الاختبار يستحيل حدوثه من كل إنسان سيقول لا إله إلا الله عند الموت ، وكذلك يستحيل حدوثه مع كل إنسان سيكون وفي قلبه مثقال ذرة من إيمان ولذلك يتبين صدق آيات الله جل وعلا وكذلك يتبين كذب وتزوير أحاديث البخاري التي تتنافى وتتناقض تماما مع آيات القرآن الكريم البينات ...


والحمد لله رب العالمين


3   تعليق بواسطة   محمد عبدالرحمن محمد     في   الإثنين ٢٠ - ديسمبر - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[53971]

المسارعة بالتوبة والتقوى والصدقة تطهير للجسد الأثيري ..


 السلام عليكم دكتور صبحي منصور . هذا التأصيل من القرآن لمفهوم التوبة بين الايمان والعمل دلالة حقيقية على أن القرآن الكريم نور وهدى لمن أراد أن يستضئ به ويهتدي بهداه ..


وكالعادة يحفز فينا المقال والبحث النظر في آي الذكر الحكيم بالقرىن وما جاء منها بالمقال ,, ولقد خضعت وأذعنت لآية كريمة وردت بالمقال وكنت أمر عليها مر الكرام عند القراءة وأرجئ العمل بما فيها من هدي لظروف أخرى أكثر يسرا ولكن عندما وردت في البحث شعرت بالنور الهادي بها أكثر من ذي قبل وصممت على أن اتوبدائما وأتصدق دائما قبل حلول الأجل الذي ربما يأتي في أي لحظة ولذلك أخرجت عشر ما ما معي في جيبي توبة الى الله تعالى وإنابة اليه وحاولة جادة أن اتطهر من الذنوب ولقد هزتني هذه الاية الكريمة التي نصها يقول تعالى ( ( وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ) (المنافقون 10 : 11).


والله تعالى لن يؤجل نفسا اذا جاء أجلها فلذلك سارعت بالتوبة والتقوى والصدقة وهذا معنى وهديا من هدي القرآن الذي يطلب من المؤمنين المسارعة بالخير ويصفهم بأنهم يسارعون في الخيرات خوفا وطمعا جزاكم الله خيرا لما تجاهدون في سبيل اعلاء كلمة الحق كلمة الله القرآن العظيم .

4   تعليق بواسطة   موسى بن عاشور     في   الإثنين ٢٠ - ديسمبر - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[53972]

( الإيمان الحق مرتبط بالمحنه والبخل قرين الكفر )

سيدي وأستاذي الكريم زادك الله علما على علم من خلال ما أقرأ لك كل ماتكتب لا أجد  غير أني أدعو لك دائما لأني أعجز حتى على شكرك والثناء عليك عبرتعليق بسيط لكن لايمر يوم أبدا وأنالا أذكرك في بيتي أو مع أناس مسالمين يحبون النصيحه وأنا أستشهد بكلماتك في كل مجمع ,في هذا المقال البحتي إستوقفتني جملتين عظيمتين رغم أني أعتقدهما إعتقاد جازم من يوم وعيت على الدنيا بأن الإيمان الحق لا يكون إلأ بمحن وإضطهاد وخوف هذا بالنسبه للإيمان الحقيقي بالله وآياته والدار الآخره ورغم المحن وشدتها تظهر حقيقة وزيادة الإيمان بكل قوه وشيئ آخر كذلك مهم هو أن البخل قرين الكفر وهذا ما أعتقده وأقوله دائما لمن أنعم الله عليهم من المال رغم أن بعضهم مسا لمون ويصلون وأخلاقهم جيده ولكن عندما أجدهم لا يفكرون إلأ في أنفسهم وعائلاتهم فقط ولا يحسون بمعانات أناس مساكين ومضطهدين ومعدمين ومغتربين ومرضى لا يجدون تكلفة العلاج أرى هؤلاء البخلاء في دائرة الكفر ولا فرق بينهم وبين المشرك والمعتدي والظالم والطاغيه والمستبد لأنه لو بهم ذرة خيرأوإيمان حقيقي بالله و بالدار الآخره لأنفقوا على المحتاجين والضعفاء وعلى من تقطعت بهم السبل


5   تعليق بواسطة   عبدالمجيد سالم     في   الإثنين ٢٠ - ديسمبر - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[53973]

الندم ولحظة الأحتضار ..!!

لحظة الأحتضار .. تساوي العمر بأكمله ..لذى فإن الندم فيها يسع كل الخطايا ..


فبدلا من توزع الندم والتوبة والرجوع لله على فترات العمر المختلفة .. سيفعل العاصي هذا في لحظة العمر ( الأحتضار ) ..


لكن الندم لن ينفع عند الأحتضار لأن مكان الندم الطبيعي هو أثناء القدرة على عمل معصية ..ولكن عند الأحتضار يفقد الشخص القدرة على عمل المعاصي .. لذلك فإن الندم لا يفيد والتوبة أيضا لا تفيد ..


6   تعليق بواسطة   سيد أبوالدهب     في   الإثنين ٢٠ - ديسمبر - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[53989]

القرآن الكريم مقياس الإيمان والكفر..!!

التأرجح بين الخير والشر أو بين الإيمان والكفر ، أو بن الفجور والتقوى .. كل هذا يحدده القرآن الكريم ..


فالقرآن الكريم بقول في آياته الكريمة .. عن المؤمنين وزيادة إيمانهم بالقرآن ..


( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانَاً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (2) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (3) أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (4) الأعراف


وفي سورة التوبة يقول الله سبحانه وتعالى عن لصنف الآخر ( وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَاناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (124) وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ (125) التوبة ..


أي ان القرآن الكريم هو المقياس والمعيار .. متى نفهم ذلك ؟؟


 


7   تعليق بواسطة   نورا الحسيني     في   الأحد ٢٦ - ديسمبر - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[54285]

ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة

جال بخاطري سؤال عند قراءة هذا البحث القيم الذي  ندعوا الله تعالى أن نعمل بما فيه من خير وأن يجزي الدكتور منصور عنا خير الجزاء على حرصه علينا وتذكرينا دائما بما ينفعنا من الأعمال الصالحات والمداومة على التوبة .


والسؤال إذا كان الإنسان يستهلك كل ما يرزقه الله به من أموال ومنافع دون أن يبقي منها شيء يتصدق به ودون أن يقتصد في معيشته فهل عليه من مسئولية وكيف يمكن تقييم هذه الحالة ؟ وهل يصح له أن يعتذر عن الانفاق بأنه لا يجد ما ينفقه ؟


وكيف نوفق بين هذه الحالة والمقصودون بقوله تعالى (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة)


8   تعليق بواسطة   ميرفت عبدالله     في   الإثنين ٢٧ - ديسمبر - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[54309]

غريزة التملك وحب الحياة والخلود ونسيان التوبة

ـ خلق الله جل وعلا الانسان ليختبره ، وليعطى فرصة  لمن أراد أن يحسن عمله فى هذه الدنيا ، فى الفترة التى يحياها فى هذا العالم ، ومن أجل ذلك كانت حياة الانسان وكان موته : (تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا ) ( الملك 1: 2 )

وبما أن الانسان مجبول على غريزة التملك وحب الخلود  فهو يسعى دائما الى التملك ، وفى صراعه مع الآخرين ينسى أنه لا بد أن يموت تاركا ما كان يتملكه. ولو ايقن فعلا إنه سيموت ما كان هناك نزاع وتقاتل على أشياء مصيره أن يتركها حتميا . ومع ان العقل الانسانى يدرك حتمية الموت إلا إن غريزة تمنى الخلود تجعل الانسان ينسى هذه الحقيقة ، يرى الناس يموتون حوله وهو لا يتعظ ولا يتذكر ، متصورا أنه الوحيد الذى لن يدركه الموت . نسيان الموت يتضافر مع غريزة التملك ليظل الصراع على الثروة مستمرا  .



فغريزة التملك وحب الحياة والخلود ينتج عنهم نسيان التوبة وأنه إلى الموت لا محالة


فلابد من الاتعاظ والعمل لهذا اليوم العظيم قبل فوات الأوان ( يوم يفر المرء من أخيه ، وأمه وأبيه، وصاحبته و بنيه ، لكل امرئ منهم يومئذٍ شأن يغنيه ).


9   تعليق بواسطة   لطفية سعيد     في   الإثنين ٢٧ - ديسمبر - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[54334]

الحل هو

ما الحل فيما ابتلى به المسلمون من نفاق فيما يسمونه زكاء اجتماعي ، لمن أراد أن يصلح نفسه بأن يعود إلى طفولته وفطرته السليمة التي فطره عليها الله سبحانه من بعد عن الكذب والنفاق الذي هو أساس البلاء ، والتخلص من هذه الصفات ليس سهلا في مجتمع أدمن الكذب والنفاق وسار طبعا فيه ، ويعامل المختلف عنه في هذه الصفات معاملة العدو الذي يجتسه من جذوره حتى لا يظهر ما به من عيوب  لأن الأشياء تظهر بأضادها كما يقولون ، فلا تستغرب من كمية الرفض والقسوة التي يعامل بها المصلحون ،لأن المصلح هو من يظهرصفات  المفسد ويضعه في مأزق لا حل له ،ويضع حوله علامات استفهام لا حدود لها !!  فالحل هو العودة للطبيعة أو الفطرة كما في الأطفال الأبرياء  فهل نستطيع ذلك ؟؟


10   تعليق بواسطة   نعمة علم الدين     في   الثلاثاء ٢٨ - ديسمبر - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[54374]

حل مستحيل تنفيذه

الأخت العزيزة عائشة حسين هذه أمنية صعبة المنال والتنفيذ لأن معنى ذلك أن الشيطان سوف يقدم استقالته ويترك بني البشر بحالهم لكي يصلحوا من أنفسهم ، وهذا مخالف لما أخبرنا به  القرآن الكريم بأنه توعد بني الإنسان أمام رب العزة جل وعلا


حيث قال(قال ربي بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ) الحجر 39.


(قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين ) ص 82.وهناك الكثير من الآيات التي تخبرنا أن الشيطان متربص ببني آدم وهذه هى المهمة التي يعمل من أجلها بجد واجتهاد .


11   تعليق بواسطة   فتحي مرزوق     في   السبت ٠١ - يناير - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً
[54538]

يتحمل الذنبين معاً

محاولة لإجابة تساؤل الأخت نورا الحسيني والسؤال


" إذا كان الإنسان يستهلك كل ما يرزقه الله به من أموال ومنافع دون أن يبقي منها شيء يتصدق به ودون أن يقتصد في معيشته فهل عليه من مسئولية وكيف يمكن تقييم هذه الحالة ؟ وهل يصح له أن يعتذر عن الانفاق بأنه لا يجد ما ينفقه ؟"


أعتقد أن شخص بهذه المواصفات لا يعفيه كونه مسرف من الإنفاق، فترشيد الاستهلاك في الرزق المتاح ومحاولة تدبير شئون الحياة  وتوفير جزء ولو يسير للأنفاق شيء مهم فنجده بجانب تحملة ذنب الإسراف يتحمل ذنب عدم الإنفاق .


( وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (البقرة )(195)


والله أعلى وأعلم


أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 5111
اجمالي القراءات : 56,686,208
تعليقات له : 5,445
تعليقات عليه : 14,818
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي