المحكمات والمتشابهات فى دراسة عملية :(إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ)
تأويلهم لقوله تعالى :(إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ) بما يتماشى مع زعمهم بالوحى السنى :
أولا :
1 ـ طبقا لما جاء فى القرآن الكريم فان الذين فى قلوبهم زيغ يتبعون ما تشابه من الآيات متجاهلين الآيات المحكمات وذلك ابتغاء الفتنة والإضلال ، مع أن المنهج الموضوعى فى فهم القرآن الكريم هو أن تدخل على القرآن الكريم بدون رأى مسبق تريد إثباته ، ثم تجمع كل الآيات المتعلقة بالموضوع ، وتبحثها وفق سياقها موضوعيا ، وسترى أن الآيات المحكمة تؤكد رأيا واحدا بطرق مختلفة ، وأن الآيات المتشابهة تؤكد ما تقوله الآيات المحكمة ، وتؤمن بأن القرآن الكريم كتاب أحكم الله جل وعلا آياته ، وأنه لا عوج فيه ولا اختلاف ، وليس حمّال أوجه كما يفترى أعداء الله تعالى .
ولكن بعض السلفيين ـ ولا نقول كلهم ـ بلغ الزيغ فى قلوبهم درجة تهبط بهم الى حضيض العداء الهائل لله تعالى وكتابه ، إذ أنهم فى بعض الموضوعات القرآنية يركزون على آية وحيدة متشابهة فى موضوعها ، ويتناسون عشرات الايات المحكمات.
فى موضوع عصمة النبى محمد عليه السلام جاءت اكثر من 150 آية قرآنية تؤكد على بشرية النبى محمد ووقوعه فى الخطأ و نزول القرآن الكريم يعاتبه ويلومه ويوجهه ويهديه ، وينبهه الى أقوال خاطئة قالها ، ويأمره بالمشورة ، ويأمره بتقوى الله تعالى وينهاه عن طاعة المشركين الكافرين والمنافقين .
كل تلك الايات الكريمة تجاهلها بعض السلفيين ، والتفتوا الى آية (متشابهة ) ظاهريا ، وقطعوها عن سياقها ، وأوّلوا معناها ليدل على أن أى قول يقوله النبى محمد انما هو وحى ، وانه لا ينطق عن الهوى فى أى كلمة ينطق بها.
هذا ما حدث منهم فى تلاعبهم بقوله تعالى : (وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَىٰ مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَىٰ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ) .
2 ـ ولكن التدبر الموضوعى فى سياق افتتاحية سورة النجم يقول شيئا آخر غفل عنه التراثيون الذين لم يلتفتوا الى فهم القرآن وتدبره ـ ولكن ركزوا على تطويع آياته لأديانهم الأرضية وخرافاتها مثل عصمة النبى محمد واسطورة المعراج ، وهذا ما خرجوا به من تلاعبهم بآيات سورة النجم .
الآيات الكريمة تتحدث عن نزل الكتاب القرآنى مكتوبا على قلب النبى محمد حين رأى جبريل لأول مرة ثم فى المرة الأخرى ، وكان عليه السلام قد أسرى به ليلة القدر الى جبل الطور فى شهر رمضان.
ثانيا :
التفاصيل ستاتى فى بحث لنا قادم بعونه جل وعلا بعنوان ( ليلة الاسراء هى نفسها ليلة القدر: ليلة نزول القرآن كتابا على فؤاد النبى محمد عليه السلام )، ولكن ننقل عنه بايجاز الآتى :
1 ـ القرآن الكريم يؤكد علي أن وحي القرآن نزل مكتوبا علي قلب النبي محمد مرة واحدة ودفعة واحدة في ليلة القدر. ثم كان بعدها ينزل على ذاكرته حسب الحوادث إلي أن انتهي نزولا بآخر آية في القرآن تقول " الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا : المائدة 3"
2 ـ والقرآن يؤكد أنه نزل مرة واحدة القدر في ليلة مباركة في شهر رمضان. كما أن القرآن يؤكد في سور مكية أنه نزل مرة واحدة كتابا أي مكتوبا، كقوله تعالي "الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ : الكهف 1" وكقوله تعالي " وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ : النحل 89" " أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ : العنكبوت 51" وحين نزلت هذه الآيات التي تخبر عن نزول الكتاب كان القرآن في مكة لا يزال يتنزل , واستمر نزوله في المدينة. أي أنها تخبر عن نزول الكتاب دفعه واحدة قبل أن يتنزل على لسانه وذاكرته حسب الحوادث.
3 ـ كيف نزل القرآن كتابا مرة واحدة في ليلة القدر؟
في بداية سورة الدخان يقول الله تعالي " حم . وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ . إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ .". فكيف نزل ذلك الكتاب المبين في تلك الليلة المباركة ؟. الإجابة ترددت في القرآن الكريم في أكثر من موضع..
ـ بعضها يؤكد علي دور جبريل روح القدس الذي نزل بكلمة الله تعالي علي قلب النبي، أو كتابة القرآن في قلب النبي ، نلمح ذلك في قوله تعالي " قُلْ مَن كَانَ عَدُوًّا لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللّهِ : البقرة 97" وفي قوله تعالي " قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ : النحل 102" وفي قوله تعالي " نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ . عَلَى قَلْبِكَ : الشعراء 192". ونلاحظ هنا وصف جبريل بالروح وروح القدس..
ـ وبعضها يضيف لجبريل أو صافا أخري ويشير بإيجاز إلي كيفية نزول جبريل بالوحي علي قلب محمد عليهما السلام , نري ذلك في قوله تعالي عن جبريل والقرآن " إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ . ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ . مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ" وبعد هذه الأوصاف لجبريل يقول الله تعالي عن محمد مخاطبا مشركى قريش " وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ" أي أنكم صحبتم محمدا قبل النبوة وعرفتم رجاحة عقله وصدقه وأمانته فكيف تتهمونه ( عندما نزل عليه القرآن وأصبح نبيا) بأنه مجنون، ثم يقول الله تعالي عن نزول القرآن من جبريل علي محمد "وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ : التكوير 19ـ23" أي أن محمدا رأي جبريل بالأفق المبين. وهذه إشارة موجزة لكيفية الوحي يفيد بأن محمدا رأي جبريل علي هيئته الملائكية حين كان جبريل بالأفق المبين أي الأفق الواضح الذي لا غيم ولا سحاب ولا ظلال فيه ..
ـ وفي سورة النجم ـ في بدايتهاـ تفصيلات أكثر مما جاء في سورة التكوير.. وتشرح ما جاء فيها بالتفصيل ..
تبدأ السورة بالقسم الإلهي بالنجم إذا هوي أن صاحبهم ـ أي محمدا عليه السلام ـ ما ضل وما غوي حين نزل عليه القرآن ونطق به،فما القرآن إلا وحي أوحاه الله تعالي له عن طريق جبريل الذي وصفه القرآن بأنه شديد القوي ووصف كيفية نزول القرآن مرة واحدة علي قلب النبي ليلة القدر وكيف استوي جبريل وهو بالأفق الأعلي أو الأفق المبين ثم دنا جبريل من محمد وتدلي إليه ومحمد علي الأرض حتى أصبح جبريل قاب قوسين أو أدني وتلامس المخلوقان , أحدهما علوي والآخر أرضي، وكان الملاك العلوي يحمل كلمة الله الأخيرة للإنسانية، وحين هبط علي قلب محمد طبع فيه الوحي الإلهي وعندها أوحي الله تعالي إلي عبده ما أوحي وتلقي فؤاد محمد عليه السلام هذا الوحي فصار نبيا، وما كذب فؤاد محمد ما رآه بعيني القلب (النجم1ـ11)..
ـ ولأن القرآن الكريم يفسر بعضه بعضا ويصدق بعضه بعضا فان ما جاء في سورة التكوير عن نزول القرآن ليلة القدر تشرحه سورة النجم ..
4 ـ كيف نزل القرآن متفرقا :
والمستفاد مما سبق أن القرآن نزل كتابا على قلب النبي مرة واحدة ليلة القدر . ثم كان يتنزل على ذاكرة النبي حسب الحوادث , وفى ذلك يقول " وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلاً : الإسراء : 106 " أي بعد الكتاب المكتوب فى فؤاد النبى اصبح الكتاب ينزل قرآنأ أى مقروءا بلسان النبي، نزلا تنزيلا متفرقا ليقرأ على الناس على مكث , شيئا فشيئاً . إلى أن انتهى نزولا ..
5 ـ وهذا الازدواج في نزول القرآن كتابا مطبوعاً في قلب النبي مرة واحد , ثم في نزوله متفرقا على ذاكرته كان يؤثر على كيفية تلقى النبي لوحي القرآن في آياته المتفرقة .
وحتى نتخيل هذا الوضع نفترض أنك رأيت مناما قويا استكن في اللاشعور عندك . واستيقظت وأنت تحس به داخلك ولكن لا تستطيع تذكره بالتفصيل ولا تستطيع الإفصاح عما يجيش في داخلك , ثم فوجئت بما رأيته في المنام يحدث أمامك وأنت تسير في الشارع . ساعتها ستقفز الرؤيا المستكنة في عقلك الباطن ويسرع عقلك الواعي بتذكرها , ويسرع لسانها بنطق ما كنت تردده في الرؤيا ..
وهذا ـ تقريبا ـ ما كان يحدث للنبي محمد عليه السلام في نزول الآيات , إذا كان عندما تنزل عليه آية سرعان ما يتصاعد إلى لسانه مضمونها المطبوع في مكنون قلبه , فيسرع لسانه بنطق الآية في نفس الوقت الذي يتنزل فيه الوحي بالآية على ذاكرته ..
والقرآن الكريم عالج هذه الحالة الفريدة في موضعين .. يقول تعالى للنبي " وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ. وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا " طه : 114 ".. أي لا يتعجل لسانك بقراءة القرآن قبل أن ينقضي الوحي . وقل رب زدنى علما . والعلم المقصود هو القرآن , وهذا معنى قوله تعالى عن وظيفة جبريل بالنسبة لمحمد حين نزل بالقرآن " عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى : النجم : 5 " أي أن النبي مطلوب منه أن يدعو ربه أن يزيده وحيا أو علما بالقرآن . والعجيب أن رقم الآية هو (114) أي تشير إلى أن عدد سور القرآن سيكتمل عندما يصل العدد (114) .
وفى الموضع الآخر يقول تعالى " لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ. إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ فإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ ." القيامة : 16 : 19 " أي ينهى النبي عليه السلام بألا يحرك لسانه بما يتذكره من الآية التي يوحى بها إليه , مكتفيا بأن يتتبع بلسانه ما يردد على ذاكرته من الوحي . والآيات تؤكد أن الله تعالى تكفل بجمع القرآن وببيان القرآن , حيث أن القرآن يفسر بعضه بعضا . كما حدث في هذه الآيات التي تفسر الآية السابقة من سورة طه .
6 : متى وأين نزل القرآن .. ؟؟
هناك إسراء وليس هناك معراج
ـ المشهور أن آيات سورة النجم تتحدث عما أسموه بالمعراج الذين يزعمون فيه صعود النبي إلى السماء . مع أن الآيات تؤكد أن جبريل هو الذي نزل حيث تقابل مع محمد , يقول تعالى عن جبريل ولقاءه بمحمد عليهما السلام " وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى، ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى " أي أن جبريل هو الذي دنا فتدلى فكان من محمد قاب قوسين أو أدنى . ثم يقول تعالى بعد ذلك عن رؤية محمد لجبريل " وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى : النجم : 13 " أي رآه حين نزل وهبط نزلة أخرى . وكان يمكن أن يقول القرآن " ولقد رآه مرة أخرى " ولكن لكي يؤكد انتفاء المعراج الذي اخترعوه فيما بعد أكد تعالى نزول جبريل للمرة الثانية فقال " وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى " ..
وعموما فإن الروايات التراثية التي تثبت المعراج تقابلها روايات تراثية أخرى تنفى المعراج بل وتجعل الإسراء والمعراج معا مجرد رؤيا منامية يستطيع أي إنسان إن يراها . وروايات أخرى تؤكد على الإسراء وحده وتنفى المعراج بالمنام أو باليقظة. ويمكن لمن يريد التأكد أن يرجع الى تفسير ابن كثير فى أوائل سورة الاسراء. إلا أن القرآن الذي يؤكد حدوث الإسراء في سورة الإسراء هو نفسه الذي يؤكد في نفس السورة استحالة المعراج ( الإسراء : 93 ) وأيضا فى سورة أخرى ( الأنعام : 35 ).
وهذا التناقض في روايات التراث يحتم علينا أن نحتكم للقرآن الكريم في موضوع الإسراء وفى موضوع نزول القرآن الوارد في سورة النجم لنتأكد من أن القرآن يربط بين ليلتي الإسراء والقدر , أو بمعنى آخر فان الإسراء حدث ليلة القدر في شهر رمضان وليس في شهر رجب كما تدعى كتب التراث .
ليلة الإسراء هي ليلة القدر
ـ فالذي حدث أن الله تعالى أسرى بعبده ليلا , ليلة القدر ـ من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ـ ليريه من آياته . " سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ : الإسراء : 1 " وقد أسيء فهم قوله تعالى ( لنريه من آياتنا ) عندما تحولت الرؤيا فى روايات الناس إلى فتنة للناس . يقول تعالى " وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ : الإسراء : 60" والناس تقع فى الفتنة فى هذا الموضوع حين يتكلمون عما رآه النبي من خلال رواياتهم التي ينسبونها كذبا للنبي , ثم يختلفون بشأنها كما هو حادث فى روايات الإسراء , وما يسمى بالمعراج . ولذلك فالأفضل أن نعتصم بالقرآن لننجو من هذه الفتنة .
والمنهج فى هذا السبيل أن نتدبر آيات القرآن ونتتبع ما رآه النبي ليلة فى الإسراء أو ليلة القدر .
ـ ففي سورة النجم وفى سورة التكوير يتكرر الحديث عما رآه النبي من الآيات , ولكن بتفصيل يتضح منه أنه رأى جبريل , يقول تعالى فى سورة التكوير " وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ " ويأتي التفصيل فى سورة النجم " مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى . أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى " إلى أن يقول تعالى " مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى " وهذا يشرح ما قاله تعالى فى سورة الإسراء " ..لنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا .. "
انتهى النقل ...
ثالثا :
ما يهمنا هنا أن السياق فى قوله جل وعلا (إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ) عن القرآن الكريم فقط
فلقد كانت قريش تصف محمدا قبل النبوة بالصادق الأمين ، ولقد كان أفضلهم خلقا وأمانة ، ولا شك فى هذا فالله تعالى أعلم حيث يضع رسالته . كان يتمتع باعجابهم بعقله وخلقه واستقامته ، ثم تغير كل هذا حين أعلن لهم رسالته القرآنية .عندها انقلبوا عليه واتهموه بالضلال والغواية والسحر والجنون . لذا يقول تعالى يبدأ الرد عليهم بأن أقسم بالنجوم وهى تهوى (وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَىٰ ) فى اشارة الى شىء مماثل للوحى القرآنى القادم من السماء ، ثم يقول لهم (مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَىٰ ) أى أن هذا الذى صحبتموه فى الزمان و المكان وعرفتم عقله وخلقه واستقامته لم يقع الان فى الضلال ولم يقع فى الغواية لمجرد أنه تحدث بالقرآن لأنه حين يتكلم بالقرآن الكريم فانه ما ينطق عن الهوى :(وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ ) ولم ينطق من عنده وبدافع من هواه ، بل بالوحى الالهى (إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ) أى انه فقط يقول الوحى الذى يوحى به اليه
وهذا القرآن الكريم هو الوحى المقصود هنا ، وهو الذى اعترض عليه المشركون ورفضوه وقالوا له هات لنا قرآنا آخر غيره : (وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَـذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَاء نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ قُل لَّوْ شَاء اللّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَدْرَاكُم بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِّن قَبْلِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ )( يونس 15 :16). )هنا تفسير قرآنى فى سورة يونس لما جاء فى افتتاحية سورة النجم ، ففى الموضعين يرد جل وعلا على رفضهم للقرآن وتكذيبهم للنبى محمد عليه السلام ، والرد عليهم هو نفس الحجة ؛ بأنه عاش معهم قبل نزول القرآن متمتعا بالاحترام لعقله وفضله وخلقه فلماذا يكذبونه الآن حين بدأ يدعوهم الى القرآن ؟
ولأن قوله تعالى (إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ) مقصود به القرآن الكريم فقط فان الايات التالية فى سورة النجم تتحدث عن نزول هذا القرآن الكريم كتابا مكتوبا فى قلب النبى ليلة الاسراء التى هى ليلة القدر من شهر رمضان ، فتقول الايات التالية عن جبريل حين رآه النبى محمد يهبط اليه من الأفق الأعلى ليطبع الوحى القرآنى مكتوبا فى فؤاد النبى (عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى ) جبريل هنا موصوف بأنه (شَدِيدُ الْقُوَى ذُو مِرَّةٍ ) .
وهذه الآيات الكريمة تشرحها آيات أخرى من سورة التكوير تتحدث أيضا عن رفض المشركين للقرآن الكريم ، إذ يبدأ رب العزة بالقسم بنوعية من النجوم (فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ الْجَوَارِ الْكُنَّسِ ) وهنا إشارة علمية معجزة ، ثم يقسم تعالى بالليل والصبح ( وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ) أى تحرك ، وهنا أيضا إشارة علمية عن كروية الأرض و دورانها حول الشمس ، ثم أقسم جل وعلا بالصبح فى صورة بلاغيى غاية فى الروعة : ( وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ ) على أن هذا القرآن الكريم هو وحى نزل به رسول كريم ذو قوة عند الله تعالى رب العرش ، وذو كرم ومطاع وأمين ، وكلها صفات لجبريل عليه السلام (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ ) ثم ينفى رب العزة جل وعلا عن خاتم النبيين اتهام المشركين له بالجنون ( وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ ) ويصف النبى محمدا بنفس الصفة :إنه صاحبكم أى الذى صحبتموه وعرفتم عقله وخلقه فكيف تتهمونه الان بالجنون ؟ . ثم تاتى الآية التالية تتحدث عن رؤية النبى محمد لجبريل حين هبط جبريل من الأفق الأعلى وتم الوحى مكتوبا على فؤاد النبى محمد ( وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ )( التكوير 15 ـ )
وهذه الايات الكريمة تؤكدها أيضا آيات أخرى فى نفس الموضوع والسياق ، وهو الرد على اعتراض المشركين على القرآن الكريم وإثبات أنه الوحى الذى نزل به جبريل على قلب النبى محمد ، يقول تعالى عن القرآن الكريم (وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) وعن كيفية تنزيله ووحيه يقول تعالى عن جبريل ( نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ ) أى نزل على قلب النبى محمد ( عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ ) وأن هذا القرآن ( بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ ) وإنه أيضا مذكور فى الكتب السماوية السابقة ( وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ ) ويكفى إقناعا لمشركى قريش أن يكون لعلماء بنى اسرائيل علم مسبق بنول القرآن الكريم ، فتكفى هذه آية لهم ( أَوَلَمْ يَكُن لَّهُمْ آيَةً أَن يَعْلَمَهُ عُلَمَاء بَنِي إِسْرَائِيلَ ) ( الشعراء 192 ـ )
رابعا :
وعن اسطورة المعراج قلنا فى احدى الفتاوى :
جاءنا هذا السؤال : ( أراك تتجاهل موضوع الاسراء و المعراج . هل تؤمن بهما أم تعتبرهما ضمن الأكاذيب.. نريد رأيك ) وقلت :
رأيي كاملا سيظهر فى كتاب كامل سيربط بين ليلة القدر والاسراء والمعراج و المسجد الأقصى وطور سيناء. وسينشره الموقع ان شاء الله تعالى فى الصيف القادم .
أما الآن فأقول فى لمحة سريعة الآتى :
تحدث القرآن الكريم عن الإسراء صراحة في قوله تعالي (سبحان الذي اسري بعبده ليلا من المسجد الحرام إلي المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير) وحين نزلت هذه الآية المكية لم تكن للإسلام دولة ، ولم يقم المسلمون ببناء المسجد الأقصى بالقدس الذي اكتمل بناؤه في عهد الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك ، إذن فالمقصود بالمسجد الأقصي في الآية الكريمة هو أقصي مسجد ، أي أبعد مسجد.
وتحدث القرآن الكريم عن الإسراء ضمنا في قوله تعالي عن النبي ورؤيته جبريل ( ولقد رآه نزلة أخري عند سدرة المنتهي عندها جنة المأوي إذ يغشي السدرة ما يغشي ما زاغ البصر وما طغي لقد رأي من آيات ربه الكبرى) 53/13: 17
وفي الموضعين يتحدث القرآن الكريم عن رؤية رآها النبي ( لنريه من آياتنا) ( لقد رأي من آيات ربه الكبرى) فالنبي وحده هو الذي رأي رؤيا لا يستطيع البشر تخيلها لأنها خصوصية للنبي وليست إعجازا لتحدي البشر . ولذلك فإن تلك الرؤيا ـ التي لم يرها البشر ـ إذا تحدثوا عنها وقعوا في الفتنة، يقول تعالي عنها ( وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس):17/60"
والمقصود أن القرآن تحدث صراحة عن الإسراء في سورة الإسراء وتحدث ضمنا عنه في سورة النجم ، وجعل الحديث من الناس في موضوع الإسراء فتنة لأنهم سيتحدثون بما لا يعلمونه وبما لم يشهدوه . وذلك ما حدث فعلا حين ارتبط حديث الناس عن الإسراء بخرافات يخجل منها كل مسلم عاقل .
أما المعراج فهو خرافة ينفيها القرآن الكريم .
لقد وردت كلمة المعراج أو مشتقاتها في القرآن الكريم فيما يخص الملائكة والأمر الإلهي وغير ذلك ، أي أن القرآن استعمل الكلمة بمفهوم الصعود في السماء ، ولكن لم يرد في القرآن مطلقا استعمال تلك الكلمة فيما يخص النبي عليه السلام .
بل علي العكس فإن القرآن الكريم ينفي أن النبي صعد إلي السماء
1ـ وسورة النجم نفسها أول دليل ينفي المعراج المزعوم .
تبدأ السورة بالحديث عن الوحي القرآني الذي يكفر به المشركون فيقسم رب العزة بالنجم إذا هوي أن محمدا الذي صحبه أهل مكة وعايشوه قد علموا صدقه وأمانته، وبالتالى فانه ما ضل وما غوي حين نطق بالقرآن ، وهو ينطق بالقرآن ولا يتكلم من عنده وإنما يتكلم بالوحي القرآني الذي تعلمه من جبريل الذي دنا و تدلى حتى التقى بمحمد ، وبالتالى فان محمدا عليه السلام لم يصعد ولم يعرج الى السماء. ثم يتكرر نفس المعنى من هبوط جبريل وعدم صعود محمد فى قوله تعالى عنهما ( ولقد رآه نزلة أخرى ) أى أن محمدا عليه السلام رأى جبريل وهو ينزل أو يهبط مرة أخرى ، لم يقل تعالى : ولقد رآه مرة أخرى ، وهى العبارة التى يقتضيها السياق ، ولكن قال ( نزلة أخرى ) ليؤكد على أن جبريل هبط الى الأرض مرتين ليلتقى بالنبى محمد ويراه بطريقة لا علم لنا بها ،و ليس لنا أن نتكلم فيها أو نتخيلها.
والمهم أن سورة النجم تنفى المعراج ،و العجيب أن فقهاء الجهل السنى يستشهدون بها دون أن يتعقلوا أنها ضد المعراج..
2ـ ولقد طلب المشركون من النبي محمد أن يعرج إلي السماء ورد القرآن عليهم ينفي ذلك . قالوا للنبي يسألونه معجزة المعراج: ( أو يكون لك بيت من زخرف أو ترقي في السماء ، ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتابا نقرؤه قل: سبحان ربي هل كنت إلا بشرا رسولا) "17/93 أي طلبوا من النبي أن " يرقي في السماء" أي المعراج وأمره الله أن يقول لهم" سبحان ربي هل كنت إلا بشرا رسولا "
3ـ وبسبب الحاح المشركين المستمر بان تكون للنبي محمد عليه السلام معجزة حسية غير القرآن فإن النبي كان يحزن لاستحالة أن يعطيه الله تعالى معجزة حسية يتحدى بها البشر، لذا قال له ربه: ( قد نعلم أنه ليحزنك الذي يقولون فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون) : 6/ 33 " أي أنهم لا يكذبونك ولكنهم يعرفون إنك علي الحق ويجحدون الحق استكبارا ويطلبون المعجزات الحسية عنادا.
ثم يقول ربه: ( وإن كان كبر عليك إعراضهم فإن استطعت أن تبتغي نفقا في الأرض أو سلما في السماء فتأتيهم بآية ولو شاء الله لجمعهم علي الهدي فلا تكونن من الجاهلين ) "6/35 أي قال له ربه إذا استطعت أن تأتي بسلم وتصعد للسماء لتأتيهم بآية فافعل ذلك ويقول له ربه " فإن استطعت " أي من عندك وبقوتك ، والمفهوم أن الله تعالي يمنع ذلك والنبي بقوته البشرية لا يستطيع أيضا ذلك ولو كان هناك معراج لما قال تعالي للنبي ذلك القول .
إن الخرافات التي صاغوها في أحاديث تتحدث عن الإسراء والمعراج تعطى الفرصة الذهبية لكل من أراد أن يتندر علي الاسلام ، مع أن الاسلام برىء منها ، فهى من اختراعات الدين السنى المناقض للاسلام .والأعجب أنهم ينسبون احدي روايات الإسراء إلي عمر بن الخطاب الذي كان له موقف رافض لرواية الأحاديث ، ثم ينسبون الروايات الأخرى إلي صحابة من الأنصار اسلموا بعد الإسراء وبعد الهجرة مثل حذيفة بن اليمان وأنس وبريدة بن الخصيب وأبي هريرة وابن عباس الذي ولد بعد الإسراء وأسلم عند فتح مكة في العاشرة من عمره .
ويقولون أن الله فرض الصلاة في ذلك المعراج مع أن أول سورة في القرآن جاء فيها قوله تعالي " أرأيت الذي ينهي عبدا إذا صلي " إلي أن يقول تعالي للنبي صلي الله عليه وسلم " كلا لا تطعه واسجد واقترب ". أى لا شأن بفريضة الصلاة بالاسراء الصحيح أو بالمعراج الخرافة. لأنها ـ اى الصلاة ـ أحد معالم ملة ابراهيم المتوارثة ، وقد توارثها العرب كما نتوارثها نحن.
أخيرا :
بايجاز نقول :
1 ـ ان افتتاحية سورة النجم تتحدث عن نزول القرآن الكريم وتؤكد أن القرآن الكريم نزل كتابا مرة واحدة فى قلب النبى محمد حين أسرى الله تعالى به من المسجد الحرام الى المسجد الأقصى الذى هو جبل الطور فى سيناء ، وذلك فى ليلة القدر التى هى ليلة الاسراء .
2 ـ أن إفتتاحية سورة النجم تنفى أيضا اسطورة المعراج لأنها تتحدث عن رؤية النبى محمد عليه السلام لجبريل ، حين كان جبريل يهبط من السماء الى حيث كان النبى على جبل الطور، وتفصيل هذا سيأتى فى أوانه .
3 ـ لكن لنظل مع قوله تعالى عن القرآن الكريم (إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ)
فلولم يكن القصد هنا هو القرآن فقط لوقعنا فى مشكلة كبرى . إذ يكون المعنى حينئذ أن كلام النبى محمد ـ خارج القرآن الكريم ـ هو الوحى ،أو ينطبق عليه قوله تعالى (إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ.)
المشكلة هنا أن النبى تكلم بكلام استحق عليه اللوم والعتاب و التأنيب ، وجاء هذا التأنيب فى القرآن الكريم . ولنراجع على سبيل المثال بعض أقواله التى جاءه بسببها وفيها العتاب و اللوم والتأنيب : (عَفَا اللّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُواْ وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ ) ( التوبة 43 ) (وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ ) ( الأحزاب 37 ) (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ ) ( التحريم 1 )..
فهل كانت هذه الأخطاء وحيا ؟؟
إن تفسير قوله تعالى (إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ) على أنه اى كلام يقوله النبى ليس سوى تأليه للنبى محمد واعتبار كل كلامه وحيا مقدسا لا يخطىء ..
وهذا يتناقض مع قوله تعالى له: (مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيدًا ) ( النساء 79) (قُلْ إِن ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ ) ( سبأ 50)
اجمالي القراءات
21692
أستاذ احمد صبحى تحليل منطقى ومتسلسل وفيه من السلاسة ما يكفى للإقناع ..لكن اجد نفسى حائراً عند نقطة واحدة فقط وهى تعدد قوله تعالى فى كلمة (ويسئلونك) هذه الكلمة توحى ان هناك من سئل النبى عن شىء ما فى زمن ما من حياة الرسول عليه الصلاة والسلام ثم بعد ذلك تأتى الإجابة من المولى عز وجل مما يجعل القارى يشعر ببعض التضارب الظاهرى بين القول بأن القرآن نزل دفعة واحدة على الرسول محمد عليه السلام وبين كلمة (ويسئلونك) وللتوضيح اكثر ممكن أن يقول لك البعض لو كان ما ذهبت إليه صحيحاً لكن القرآن يحتوى على الأجابة للسائل بدون كلمة( ويسئلونك) كما حدث فى بعض التشريعات الأخرى التى جاء بها القرآن.. حبذا لو امتعتنا بشرح وافى لهذه النقطة
تحياتى لك