كتاب ( ماهية الدولة الاسلامية ). الباب الرابع : علمانية الشريعة فى الدولة الاسلامية :
حدود الإلتزام الفردي فى تطبيق التشريع الاسلامى

آحمد صبحي منصور Ýí 2024-01-06


 

حدود الإلتزام الفردي فى تطبيق التشريع الاسلامى

   كتاب ( ماهية الدولة الاسلامية ). الباب الرابع : علمانية الشريعة فى الدولة الاسلامية 

الفصل التاسع : حدود الإلتزام الفردي فى تطبيق التشريع الاسلامى

أولا :

المزيد مثل هذا المقال :

فى الزام الفرد المؤمن لنفسه:

1 ـ المؤمن بالله جل وعلا وحده هو الذي يقوم بإلزام نفسه في تأدية الفرائض والعبادات وسائر الحقوق والالتزامات، وذلك بدافع ذاتي ولا رقيب عليه إلا الله جل وعلا الذي يعلم السر وأخفى، وهو يعلم أن الله جل وعلا قريب منه برحمته في الدنيا والآخرة ، وإنه إذا عصى وتكاسل فلن يجيره أحد من عذاب الله في الدنيا والآخرة. وقد يقوم العذاب الدنيوي بتقويم بعض الناس فيرجعون للصواب ، قال جل وعلا متوعّدا : (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ الْعَذَابِ الأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ )( السجدة 21 ).   

2 ـ ولأن الطاعة والإيمان موقف اختياري في الأساس لا شأن لسلطة بشر فيهما.  فقد يختار المؤمن الفقير التركيز على الصلاة في ركعاتها وخشوعها وأن يحافظ عل قيام الليل، لأن ظروفه لا تساعده على الصدقة، قد يتمنى أن يتصدق وأن يكون قادراً على الاحسان المالي ولكن لا يملك إلّا نيته الطيبة. هذا الفقير في المال الغني بالرغبة في العطاء يعتبره رب العزة محسناً حسب نيتّه، طالما ينصح بالخير ويأمر بالمعروف. وفى الدولة الاسلامية فى عهد النبى محمد عليه السلام حدث في غزوة ذات العسرة أن جاء فقراء للخروج للجهاد ولكن ليس لديهم دواب يركبونها ويأملون في أن يجد النبي لهم ما يركبونه، ولم يتحقق طلبهم فرجعوا باكين حزناً على فقرهم، فاعتبرهم رب العزة محسنين حسب نيتهم وإخلاصهم. قال جل وعلا : ( لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضَى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ  وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنْ الدَّمْعِ حَزَناً أَلاَّ يَجِدُوا مَا يُنفِقُونَ) (التوبة 91 : 92)،  فالمؤمن يقدر ظروفه ويتحرك على أساسها وهو يعلم أن الله مطلع على سريرته.

3 ـ وهذا في الطاعات، أما في المعاصي فهو يتقي الله الذي يعلم خائنة الأعين ما تخفي الصدور، وهو يخشى الله في سريرته وفي خلوته حيث لا تدركه سلطة حاكم من البشر. قال جل وعلا : (إِنَّمَا تُنذِرُ مَنْ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ) (يس 11)، (وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهى النَّفْسَ عَنْ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى )( النازعات 40 : 41).

3 ـ هذا المؤمن يجعله رب العزّة حكماً على نفسه:

3 / 1 : إذا أقسم ثم لم يف باليمين الذي أقسم به، وعندها يجب عليه دفع الكفارة، و هو الذي يوجب على نفسه الكفّارة ويدفعها . قال جل وعلا : ( لا يُؤَاخِذُكُمْ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمْ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)(المائدة 89)، قوله جل وعلا: (وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمْ الأَيْمَانَ) يرجع تحديدها للمؤمن نفسه وليس لسلطة المجتمع، ويقول جل وعلا في نفس الموضوع (لا يُؤَاخِذُكُمْ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ ) (البقرة 225). فالمؤمن هنا هو الذي يعلم ويقدّر قوله جلّ وعلا (وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ)، فهو يعلم سريرة نفسه وما يدور في قلبه، وهو الذي يحاسب سريرته ونيته إذا كان يمينه لغواً أو غير لغو، وهو أدرى بإمكاناته في أداء كفارة اليمين وهو في كل ذلك يعلم أن الله مطلع على خبايا نفسه وإنه إذا خدع الناس فلن يستطيع أن يخدع رب الناس وإلا كان من المنافقين الذين يخادعون الله وهو خادعهم. هنا لا تتدخل سلطة المجتمع في تلك العلاقة الخاصة بين المؤمن وربه ، ولا تستطيع .!

3 / 2 : وعلى نفس النسق تأتي الغرامة عقوبة لمن يقتل الصيد ـ متعمداً ـ في الحرم وهو يحج إلى البيت الحرام . قال جل وعلا : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنْ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَاماً لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ)(المائدة 95). هل يستطيع حاكم أن يقرر ما إذا كان فلان من الناس قد قتل الصيد في الحرم عمداً أم خطأ؟ لا يعرف خبايا القلوب إلا الله. والله تعالى أوكل الحكم في تحديد العمد من عدمه إلى نفس الجاني وإذا كان قد قتل الصيد عمداً فعليه أن يدفع الفدية إذا كان يخشى الله وإلا فالله عزيز ذو انتقام وهو الذي ينتقم لحرمة بيته الحرام  والأشهر الحرم.

4 ـ وهكذا تنتقل سلطة الإلزام في تأدية الفرائض من الحاكم إلى شخص المؤمن نفسه هو الذي يلزم نفسه ، وهو الذي يقدم الإيمان الخالص والطاعة الخاشعة لله رجاء الثواب في الدنيا والآخرة، وهذا يذكرنا بالمقصد الأسمى للتشريع القرآني وهو إيجاد المؤمن التقي وتعليم المؤمنين أن يعيشوا متقين.

5 ـ ولذلك فإن آيات التشريع غالباً ما يتم تزييلها بالتقوى، أي دعوة المؤمن لكي يتقي الله ويطبق التشريع خوفاً من الله الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.

5 / 1 : يقول جل وعلا : (وَإِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَاراً لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُواً وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) (البقرة  231). الآية الكريمة تنقسم إلى : الأمر التشريعي والمقصد التشريعي الذي لا بد من توافره لتطبيق الأمر التشريعي بكل دقة واخلاص ودون تدخل من سلطة المجتمع.

5 / 1 : الأمر التشريعي هو قوله جل وعلا (وَإِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَاراً لِتَعْتَدُوا) أي إذا طلقت زوجتك وانتهت عدتها وهي في بيتك فلك الخيار إما أن تبقيها بالمعروف وتعود زوجة لك وتصبح عليكما طلقة، وإمّا أن تخرج من بيتك وتنتهي علاقتك بها ويتم الانفصال التام بينكما بحيث لو أردت استرجاعها فلا بد أن يكون ذلك بزواج جديد، وبحيث يمكن أن تتزوج بعد خروجها مباشرة من تشاء. هنا أمر تشريعي بالأمر والنهي (فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ) (وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَاراً لِتَعْتَدُوا). وقد يحدث أن يرفض الزوج الانفصال النهائي ويقرر أن تظل زوجة له كي يضطهدها، أي يمسكها وفي نيته وفي قلبه الاضرار بها. هذه نيّة و سريرة لا تعلمها السلطة الاجتماعية، ولكن يعلمها رب العزة الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.

5 / 2 :  لذلك، فإنه بعد الأمر التشريعي يأتي المقصد التشريعي في التحذير والوعظ من رب العزة إلى قلب الزوج مباشرة يقول جل وعلا له في خطاب مباشر للمؤمن : (وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُواً وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ). كل هذا لحثّ المؤمن على تنفيذ الشرع باخلاص، وحتى تكون تقوى الله هي المقصد الأعلى في التشريع. وحيث توجد تقوى الله فلا خوف من بشر ولا مراعاة لبشر. ويتكرر هذا في قوله جل وعلا في نفس الموضوع : (فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا) ( الطلاق  2 : 3).

6 ـ  في العهود والمواثيق والنذور مع الله جل وعلا . وهى تقوم على المبادرة الفردية الحرة ولكن يلتزم الفرد المؤمن بالوفاء بها. من نذر لله سبحانه وتعالى نذراً على شكل صدقة أو صلاة أو صيام لا بد من الوفاء به ، وإلّا كان ظالما . قال جل وعلا : (وَمَا أَنفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ) (البقرة 270)، لذا كان من صفات أهل الجنة : (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً) (الانسان 7)، ومن عاهد عهداً أو عقد ميثاقاً فلا بد من الوفاء به، وتلك إحدى الوصايا العشر في القرآن الكريم . قال جل وعلا : (وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (الانعام  152). وتكرر الأمر بالوفاء بالعهد والميثاق ضمن صفات المؤمنين الأبرار المفلحين . قال جل وعلا : (الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلا يَنقُضُونَ الْمِيثَاقَ )(الرعد 20) (وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ)(المؤمنون8)،(وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولاً) (الاسراء 34).

ثانيا :

تدخل الدولة بإلزامها الفرد فيما يخص حقوق الآخرين

1 ـ قد يعقد المؤمن عقداً في معاملات مالية أو اقتصادية فلا بد للدولة الاسلامية من إلزامه بالوفاء بالشروط والنصوص المكتوبة في العقد، فى خطاب إلاهى مباشر قال جل وعلا للمؤمنين ودولتهم الاسلامية : ( يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود) (المائدة 1) وهذا يشمل سائر العقود بين الأفراد أو بين الدولة والفرد أو بين المؤسسات وبعضها أو بينها وبين الأفراد. ومن يرفض يتعرض لعقوبات مالية يفرضها القاضى الذى يحكم بين الناس بالعدل .

2 ـ ليس فى الدولة الاسلامية تجنيد إجبارى ، بل هو تطوعى . وحين رفص المنافقون الخروج للقتال الدفاعى كان عقابهم سلبيا بمنعهم من شرف القتال الدفاعى مستقبلا . قال جل وعلا للنبى محمد عليه السلام : ( فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُوا لا تَنفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ (81) فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاً وَلْيَبْكُوا كَثِيراً جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (82) فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِي أَبَداً وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِي عَدُوّاً إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِفِينَ (83) التوبة ). لم يأت قرآنيا فرض التجنيد إجباريا ، ولم يرد أيضا تحريم أن يكون الانخراط فى الجيش بعقد وأجر . بالتالى للدولة الاسلامية أن تجعله احترافاً و مقابل أجر وبعقد. وعندها يتعين على الفرد المتعاقد مع الدولة أن يلتزم بالشروط  التي وقّع عليها. إن أخلّ بالشروط فعليه مؤاخذة وعقاب .

3 ـ ويدخل في ذلك عقد الدولة الاسلامية مع من يخدم الناس من الموظفين وأصحاب الخبرة ـ أي أولو الأمر ـ بالمفهوم القرآني. كل منهم يخدم الناس بعقد محدد لا بد من الالتزام به وبشروطه وعلى أساسه يستمر أو يتعرض للفصل أو للشروط الجزائية وفقا لبنود العقد.

4 ـ نفس الحال فى حقوق المطلقة والأرملة واليتيم . تتدخل الدولة الاسلامية لإعطائهم حقوقهم إذا تعرضت للضياع أو الاهمال .

أخيرا

1 ـ المواطن في دولته الاسلامية هو كامل الأهلية ومسئولاعما التزم به من عقد أو عهد من واقع حريته في القبول والرفض. والحرية أساسها المسئولية وليس الفوضى.

2 ـ وإذا كان الفرد هو اللبنة الأولى للمجتمع والدولة فإن الفرد الحرّ المسئول الناشط الفعّال ذا الضمير اليقظ هو تعبير عن أمة ودولة حرّة مسئولة نشطة قائمة بالخير والعدل والقسط وحرية الأفراد والشعوب. وليس هذا حديث وعظ و(ينبغيات): أي (ما ينبغى أن يكون)، بل حقائق كانت موجودة في دولة النبي محمد عليه السلام في المدينة، وتوجد ما يقاربها في دول العالم المتحضر في الغرب وأمريكا واليابان، ويتم هذا بدون علمهم بالقرآن، ولكن باتباعهم الفطرة داخل ضمير الانسان ..

3 ـ ويمكن تحقيقها بكل سهولة في كوكب المحمديين في أحلام  اليقظة... وفقط .!!

اجمالي القراءات 1495

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (2)
1   تعليق بواسطة   حمد حمد     في   الإثنين ٠٨ - يناير - ٢٠٢٤ ١٢:٠٠ صباحاً
[95002]

حفظكم الله جل وعلا دكتور أحمد المحترم


بارك الله جل وعلا بعمرك وعلمك دكتورنا المحترم هل الإلتحاق بالخدمة الإلزامية العسكرية  وأنا أعرف إنها ليست من ضمن قوانين الدولة الإسلامية فهم يعتبر تلبية هذا النداء له إثم على الملتحق بالخدمة.هل الدفاع عن الأرض في حال نشوب حرب التي يحكمها المستبد الظالم بالعالم العربي هو دفاع عن الباطل أليس هذا كفر لأنه حماية لباق هذا النظام الجاثم على هذه الشعوب المغلوبة على أمرها. 



2   تعليق بواسطة   آحمد صبحي منصور     في   الإثنين ٠٨ - يناير - ٢٠٢٤ ١٢:٠٠ صباحاً
[95003]

شكرا جزيلا استاذ حمد ، وجزاك الله جل وعلا خيرا، وأقول :


1 ـ ليس هناك إثم على المجبر على الخدمة العسكرية طالما لا يستطيع الافلات منها .

2 ـ المستبد يملك الأرض ، وله جيشه وقواته الأمنية التى تضمن له الاستمرار فى ظلمه وإستبداده . هو يدفع أجرا لجنوده وأتباعه ، وهم يدافعون عنه دفاعا عن أنفسهم لأن بقاءهم من بقائه . المواطن المستضعف المقهور لا يملك شيئا فى وطن يملكه المستبد ، فلا عذر له إن دافع عن وطن المستبد . حين يدخل المستبد فى حرب فهى حربه دفاعا عن شىء يملكه ضد طامع آخر فيما يملكه المستبد . المواطن المقهور لا ناقة له ولا جمل فى هذه الحرب . هو يدافع عن نفسه وبيته إذا هوجم فى عُقر داره فقط . 

أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 5111
اجمالي القراءات : 56,691,742
تعليقات له : 5,445
تعليقات عليه : 14,818
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي