قراءة في احاديث الرجم السُّنيّة : من مالك الى مسلم ( 1 )
قراءة في احاديث الرجم السُّنيّة:من مالك الى مسلم ( 1 )
تشريع العقوبات للمرأة
كتاب ( تشريعات المرأة بين الاسلام والدين السنى الذكورى )
قراءة في احاديث الرجم السُّنيّة : من مالك الى مسلم ( 1 )
أولا :
الرجـم من موطأ مالك الى البخارى :
بدأ مالك في الموطأ صناعة عقوبة الرجم صراحة بثلاثة أحاديث :
1 ـ الأول : يرويه مالك عن ابن شهاب الزهري عن عمر بن الخطاب قال : ( الرجم في كتاب الله عز وجل ، حق على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء . ) .
إبن شهاب لم يعش عصر عمر بن الخطاب فكيف يروى عنه ؟! ابن شهاب مولود فى حدود سنة 50 هجرية ، بينما كان إغتيال عمر بن الخطاب عام 23 . مالك هو إمام الكذب فى الدين السُّنّى ، معظم أحاديثه يرويها مباشرة عن إبن شهاب الزهرى . وقد حققنا موضوع رواية مالك عن ابن شهاب الزهرى وأثبتنا أن مالكا لم ير ولم يلق ابن شهاب الزهرى أصلا . مسيلمة الكذاب ينحنى خجلا من مالك بن أنس .!
2 ـ الثانى يرويه مالك عن سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب ، والذي تعرضنا له آنفا. مالك مولود عام 93 ، وسعيد بن المسيب مات فى حدود 94 . فهل روى مالك عنه وهو طفل رضيع ؟
وقد اختلفوا في تحديد ميلاد سعيد بن المسيب وعام موته ، قالوا إنّه مولود :
2 / 1 : بعد استخلاف عمر بأربع سنين ، وكان عُمره حين مات أربعا وثمانين سنة .
2 / 2 : قبل موت عمر بسنتين ومات وعمره اثنتين وسبعين سنة .
2 / 3 : رواية إبن سعد فى الطبقات الكبرى: أن سعيد بن المسيب قد وُلد قبيل إغتيال عمر بعامين فقط .
2 / 4 : بعد استخلاف عمر بأربع سنين أي سنة 17 هــ وحينئذ يكون قد أدرك من خلافة عمر ست سنوات ، ويكون سعيد بن المسيب قد روى حديث الرجم وهو ابن ست سنوات .! فهل يعقل هذا .؟
3 ـ والثالث ينسبه مالك الى نافع مولى ابن عمر ، وفيه أن اليهود جاءوا للنبي يستفتونه في رجل وامرأة زنيا ، وأخبروا النبي ـ كذبا ــ ان عقوبتهما في التوراة هي الجلد والفضيحة ، وقد أثبت عبد الله بن سلام أن الرجم مذكور في التوراة ، فأمر النبي بجلدهما ، وهذه الرواية جيء بها لتأكيد مشروعية الرجم في التوراة لتسد الطريق على كل معترض ، وهي مثل الحديث السابق يبدو فيها الرد الجدلي على المعترضين ، مما يدل على أن استحداث حد الرجم حمل في طياته الرد على المعترضين .
4 ـ وحكى مالك قصة أخرى رواها ابن شهاب الزهري ان رجلين اختصما للنبي ، وقد زنى ابن احدهما بزوجة الآخر وقد حكم النبي ــ وفقاً لهذه الرواية ــ بأن يجلد الابن مائة جلدة مع تغريب عاماً ، وأن ترجم زوجة الرجل الآخر إذا اعترفت بالزنا .
الشافعى
نقل الشافعي هذه الروايات عن مالك ، وأضاف عن مالك رواية أخرى ــ ليست مذكورة في الموطأ ــ تفيد ان عمر في خلافته أمر برجم زوجة اعترفت بالزنا ، وانتهى الشافعي إلى ثبوت الرجم بكتاب الله وسنة رسوله وفِعْـل عمر ، مع أنه لم يذكر آية قرآنية ، وتحاشى ذكر الجملة المضحكة التي تقول " الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة" ( الأم للشافعي 6 / 142 : 143 ).
البخارى
( إبن برزدويه من أوزبكستان والمتوفى عام 256 ) الإله الأكبر فى الدين السُنّى :
في باب "رجم المحصن" ذكر البخاري أحاديث جديدة ومتناقضة ، لم تذكر من قبل كأنه الأعلم بها من مالك والشافعى ، منها :
1 ـ حديث ينسبه لعلي بن أبي طالب أنه قام في خلافته برجم امرأة على أن ذلك سنة النبي .
2 ـ حديث آخر عبارة عن سؤال إلى احد متأخرى الصحابة وهو عبد الله بن أبي أوفى ، إذ قيل له : هل رجم الرسول قبل سورة النور أم بعدها ..؟ فقال : لا أدري ، وهو حديث ينم عن جدل حدث حول افتتاحية سورة النور التي تؤكد على أن الجلد لا الرجم هو عقوبة الزانية والزاني 3 ـ أحاديث أخرى تفيد وقوع عقوبة الرجم على رجل من قبيلة أسلم ، وآخر مجهول.
4 ـ وذكر البخاري صيغة أخرى لحديث سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب الذي تعرضنا له ، ولكنه نسب هذه الرواية المطولة لابن عباس .
ثانيا :
عن منهج البخاري وأئمة الدين السُنّى فى صناعة دينهم السُنّى
هو في صناعة رواية واسنادها الي النبي الذي مات قبلهم بقرنين من الزمان ، ويتم ذلك الاسناد عبر رواة ماتوا ايضا من قبل دون ان يعرفوا شيئا عما اسند اليهم البخاري من احاديثه ورواياته .
نعطي مثلا من احاديث الرجم ، وهو احدي الاحاديث المختلفة عن رجم رجل أسموه (ماعز ):
يقول البخاري ( حدثني عبد الله بن محمد الجعفي ، حدثنا وهيب بن جرير ، حدثنا ابي قال : سمعت يعلي بن حكيم عن عكرمة عن ابن عباس قال : لما اتي ماعز بن مالك النبي ( ص) قال له : لعلك قبلت او غمزت او نظرت ، قال : لا يا رسول الله : قال : انكتها ؟ لا يكني ، قال : فعند ذلك امر برجمه ) ونحن نعتذر اذ نضطر لذكر حديث البخاري بلفظه الذي يخدش الحياء ، ونؤكد أن النبي محمدا عليه السلام لا يمكن ان يقول هذا القول الفاحش لأنه عليه السلام كان على دين عظيم أو خُلق عظيم . ولكن ناخذ من الحديث دليلا علي منهجية الاسناد فى دينهم السُنّى :
1 : فالبخاري يكتب انه سمع شفهيا ذلك الحديث من (عبد الله بن محمد الجعفي ) الذي كان يعيش في عصر البخاري ، وان ذلك ( الجعفي ) كان قد سمع ذلك الحديث من (وهيب بن جرير) وهو من الجيل السابق علي جيل البخاري ، ثم ان ( وهيب بن جرير) قد سمع ذلك الحديث شفهيا من ابيه ( جرير ) الذي عاش في اواخر العصر الاموي مثلا ، وابوه ( جرير ) يزعمون انه سمع ذلك الحديث شفهيا من (عكرمة )مولي ابن عباس ، ويزعمون ان ( عكرمة) سمعه من سيده( إبن عباس )، و ( إبن عباس ) بزعمهم في هذه الرواية يقول انه شاهد وسمع هذه الواقعة وهو بجانب النبي عليه السلام.
2 : والمعلوم ان ابن عباس لم ير النبي ولم يسلم الا بعد فتح مكة ، وبعدها رجع مع ابيه الي مكة ورجع النبي الي المدينة حيث توفي ، ولذلك يقول ابن القيم الجوزية في كتابه الوابل الصيب ص 77 ( وهذا عبد الله بن عباس مقدار ما سمع من النبي لم يبلغ العشرين حديثا .) .
3 : وبغض النظر عن آلاف الروايات المنسوبة لابن عباس في العصر العباسى تقربا للخلفاء العباسيين ، فإن الاسناد الشفهي عبر رواة مختلفين في الزمان والمكان والظروف لا يستقيم مع المنهج العلمي ، اذ كيف نصدق رواية واحدة تنتقل بدون تحريف او نسيان عبر عشرات السنين وعبر عدة اجيال كل منهم يلقيها للآخر شفويا . ثم كيف نصدق عشرات ومئات الالوف من الروايات المتضاربة والمتناقضة والمنسوبة الي النبي بعد موته بقرون . وعبر اشخاص موتى لم يعلموا بما اسنده اليهم اللاحقون من روايات ، ومعظمهم شخصيات وهمية .!.
4 : ولكن المهم ان هذا الاسناد للنبي هو الحصن الذي احتمي به أئمة الدين السُنّى ، وبه جعلوا آراءهم دينا ووحيا باعتبار أن السُنّة عندهم وحى . وبذلك الوحى الشيطانى والوهمى إنتصروا علي المعتزلة الذين كانوا يسندون اراءهم الي انفسهم ولا يتمسحون بالنبي عليه السلام ولا يكذبون عليه .
ثالثا :
مثال صارخ لعقوبة الردة : فيلم الغامدية :
1 ـ : بدأ مالك ( أبو الكذب فى الدين السُنّنى ) بتدوين أصل هذه الحكاية قائلا أن امرأة اعترفت للنبي بالزنا وأنها حامل من هذا الزنا فأمرها ان تأتي إليه بعد إرضاعه ، ثم بعد أن تستودعه عند من يقوم برعايته ، ثم جاءته فأقام عليها الحد ، والمفهوم أنه حد الرجم ، وأن لم يذكر انه الرجم . وأضاف مسلم قصة في رجم امرأة قال مرة انها الغامدية ، ومرة أخرى انها من جهينة ، والقصة كفيلة بتشويه الإسلام وسيرة النبي عليه السلام .
2 : القصّة تزعم أن المرأة جاءت للنبي تعترف بالزنا وتطلب منه أن يطهّرها بالرجم ، وتعبير التطهير بالموت مصطلح مسيحي ليس له أصل في الإسلام ، واعترفت بأنها حُبلى فأمهلها النبي ــ فيما يزعمون ــ إلى أن تلد ، فلما ولدت جاءت بالصبي في اللفائف ، فقال لها اذهبي فارضعيه حتى يُفطم ويأكل الطعام ، ثم جاءت له بعد فطام الطفل ، فأمر بالطفل فكفله رجل من المسلمين ، ثم امر بحفر حفرة لها إلى صدرها ، وأمر الناس فرجموها ، فأقبل خالد بن الوليد بحجر فرمى به رأسها فتطايرت دماؤها على وجه خالد فشتمها ، فعاتبه النبي وقال "انها تابت توبة لو تابها صاحب مكْس لغفر له " ..
3 : هذه القصة المؤلمة حيكت خصيصاً للإجابة على سؤال فقهي ، هو إذا كان حد الزنا هو الرجم ، أي الموت وليس الجلد كما في القرآن ، فكيف إذا كانت الزانية المحصنة حاملاً من هذا الزنا أو من قبله ..؟ وهل يحكم عليها وعلى الوليد بالموت ..؟ لذلك كان الفتوى بإمهال المرأة إلى ان تضع وليدها وتفطمه ، وكأنهم بذلك قد أراحوا ضمائرهم حين يكفل الطفل أخرون بعد إعدام امه .
4 : ثم أشعلت هذه الرواية خيال المؤلفين بعد مالك ، فتكاثرت الروايات عن رجم رجال ونساء ، كان من بينهم من أسموه ماعز ومن أسموها الغامدية ، وأطال مسلم في حديث ماعز فوق ما ذكره البخاري ، وأضاف إليه ان الغامدية صممت على أن يطهرها النبي بالرجم ، وذكر القصة التي ذكرناها ثم أضاف معظم القصة إلى امرأة أخرى من جهينة ..
5 : وفي تفصيلات قصة الغامدية التي هشّم خالد بن الوليد رأسها بحجر ثم شتمها ، يروي صانع القصة أن النبي قال لخالد وهو يعاتبه ــ فيما يزعمون ــ " لقد تابت توبه لو تابها صاحب مكس لغُفر له " . وصاحب المكس هو الذي يجمع الضرائب عند المنافذ التجارية ، او بتعبير عصرنا رجل الجمارك ، وقد ورد هذا المصطلح في الانجيل مقترنا بالظلم " المكَّاسون" أو " العشّارون" ، وهو مصطلح ساد في الشام قبل الإسلام ، وبعد الفتوحات ، حيث اقتضت الظروف السياسية والاقتصادية وجود موظفي الجمارك ، وهو ما لم تعرفه الجزيرة العربية مطلقاً قبل الإسلام او في عهد النبي محمد عليه السلام ، ولم يعرفه اللسان العربى حينئذ ، وهو ليس من مصطلحات القرآن ، مع احتواء القرآن على ألفاظ غير عربية ، أي أن هذا الحديث قد اخترعوه في العصر العباسى عصر تدوين الأحاديث ، وهو يعكس ثقافة عصره ، حيث عمَّ الظلم وأصبح صاحب المكس ممثلاً لظلم الدولة ، ويستحق أن " يتطهر " بالقتل ، مثل بطلة "فيلم " " الغامدية " ...؟!!
اجمالي القراءات
2151