الصحابة الأعراب
أولا :
الصحابة
1 ـ ( الصحابة ) مصطلح تراثى مقصود به المؤمنون فقط حول النبى . لم يأت فى القرآن الكريم مصطلح ( الصحابة ) ، ولكن مصطلح ( صاحب ) الاسم والفعل . وبمعنى مخالف للتراث عند المحمديين .
2 ـ ( الصاحب ) هو من يصحبك فى الزمان والمكان ، سواء إتفقتما أو إختلفتما مع اختلاف الدين .
2 / 1 ـ وقد تكون الصحبة بين مؤمنين مثل العبد الصالح مع موسى : ( قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً (76) الكهف 76) .
2 / 2 : وقد تكون تلك الصحبة بين مسلم وكافر ، كما جاء فى قصة صاحب الجنتين الكافر وصاحبه المؤمن : ( وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعاً (32) كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئاً وَفَجَّرْنَا خِلالَهُمَا نَهَراً (33) وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَراً (34) وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَداً (35) وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لأَجِدَنَّ خَيْراً مِنْهَا مُنقَلَباً (36) قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً (37) لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَداً (38) وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ إِنْ تُرَنِي أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالاً وَوَلَداً (39) فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِي خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَاناً مِنْ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً (40) الكهف ) وكما بين يوسف وصاحبيه فى السجن : ( يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمْ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (39) يوسف) 39 ".
2 / 3 : وقد تكون بين الأقارب مثل الوالدين : ( وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً ) (15) لقمان ) ، ومثل الزوجة ، ويصفها القرآن بأنها صاحبة ، لأنها تصحب الزوج فى الزمان والمكان ، وقد تكون صديقة حبيبة وقد تكون شرا مستطيرا ، وهى فى الحالتين صاحبة ، وإذا كان الزوج فى الدنيا يحمى زوجته صاحبته فإنه يهرب منها ولا ينقذها يوم القيامة : ( يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36) عبس ) . بل يتمنى المجرم أن يفتدى نفسه بهم : ( يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ (11) وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ (12) المعارج).
3 ـ بالنسبة للنبى محمد عليه السلام فقد وصفه ربه جل وعلا للمشركين بأنه ( صاحبهم ) . وهو يحمل دلالة هامة ، فى الرد عليهم ، إذ إتهموه بالجنون والغواية ، فجاء وصفه لهم ب ( صاحبهم ) الذى عرفوا صدقه وأمانته . قال لهم رب العزة جل وعلا :
3 / 1 : ( قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ (46) سبأ ).
3 / 2 : ( مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) النجم )
3 / 3 : ( وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ (22) التكوير ).
4 ـ ونتوقف مع صاحب النبى فى الغار . وقد قالوا إنه ( ابو بكر ) . لا يهمنا الاسم ، ولكن المفهوم من القرآن الكريم إنه لم يكن مؤمنا صادقا بل كان منافقا جاسوسا . قال جل وعلا : ( إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا ) (40) التوبة ). الدليل فى أن الله أنزل سكينته على رسوله فقط . السياق ان يقال ( فأنزل الله سكينته عليهما ) تبعا لما جاء سابقا ( إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ) . لو كان هذا الصاحب مؤمنا لشملته السكينة الالهية التى تتنزل على المؤمنين . قال جل وعلا :
4 / 1 : ( هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَاناً مَعَ إِيمَانِهِمْ ) (4) الفتح ).
4 / 2 : ( فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ ) (26) الفتح )
ثانيا :
معنى كلمتى البدو و الأعراب والعرب فى القرآن الكريم
1 ـ جاءت كلمة (البدو)في القرآن تعني البادية في قصة يوسف (وَجَاءَ بِكُمْ مِنْ الْبَدْوِ ) يوسف 100) ، وجاءت مشتقاتها بنفس المعني، فكلمة (الباد) أي الذي يقطع البادية مسافرا للحج (وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِي وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (25) الحج )، وبمعني المقيم في البادية مع الاعراب ( يَحْسَبُونَ الأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا وَإِنْ يَأْتِ الأَحْزَابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ فِي الأَعْرَابِ يَسْأَلُونَ عَنْ أَنْبَائِكُمْ ) (20) الاحزاب ).اذا فالاعراب هم الذين يعيشون في البادية او الصحراء.
واستعمل القرآن الكريم مصطلح الاعراب كثيرا ،بينما لم يستعمل لفظ العرب الا للدلالة علي اللسان العربي . يقول جل وعلا عن اللسان القرآنى العربى : (وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ (103) النحل )( وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (192) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنْ الْمُنذِرِينَ (194) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (195) الشعراء ) .
ثالثا :
علاقة الأعراب بدولة النبى عليه السلام
الأعراب مؤمنين وكافرين كانوا بالمفهوم القرآنى أصحابا للنبى محمد عليه السلام .
ومن القرآن الكريم نعرف علاقة الاعراب بالمسلمين في دولتهم الاولي في عهد النبي عليه السلام:
1 ـ فأغلب الاعراب اشد الناس كفرا ونفاقا ،ولكن كان منهم من يؤمن ايمانا حقيقيا بالله واليوم الاخر وينفق في سبيل الله مخلصا (الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفَاقاً وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (97) وَمِنْ الأَعْرَابِ مَنْ يَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ مَغْرَماً وَيَتَرَبَّصُ بِكُمْ الدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (98) وَمِنْ الأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَهُمْ سَيُدْخِلُهُمْ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (99) التوبة ) .
2 ـ وهذا الايمان وذاك الكفر يتخلل الأعراب ، سواء منهم من كان قريبا من المدينة وحولها فى عصر الرسول ، أو كان بعيدا عنها . نفهم هذا من قوله جل وعلا عن المؤمنين من أهل المدينة والأعراب حولها يحثهم على الدفاع عن المدينة وأنه لا يليق بهم التخلف عن القتال الدفاعى مع الرسول عليه السلام :( مَا كَانَ لأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلا يَرْغَبُوا بِأَنفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلا نَصَبٌ وَلا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَطَئُونَ مَوْطِئاً يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (120) وَلا يُنفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً وَلا يَقْطَعُونَ وَادِياً إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمْ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (121) التوبة )
وفى نفس الوقت كان هناك داخل المدينة وحولها من الأعراب منافقون مردوا على النفاق ، كانوا هم الأشد خطرا ، وقد وصف الله تعالي –وهو الاعلم وحده بما في القلوب- ان اشد الناس نفاقا هم من الاعراب المجاورين لأهل المدينة وبعض اهل المدينة ،وقد ادمنوا النفاق ومردوا أي تعودوا عليه بحيث خفي امرهم علي النبي نفسه ،يقول سبحانه وتعالي : ( وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنْ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ (101) التوبة ) أي انهم اخفوا نفاقهم بالمزيد من التدين والصلاح الظاهري بحيث لم يشك فيهم احد ..وهذا هو النوع الايدولوجي من الاعراب المنافقين.
3 ـ خطورة الأعراب المنافقين حول المدينة وعلى مشارفها تتجلى فى أن المدينة هدف ثابت تحيط بها الصحراء ، أى يمكن حصارها ــ كما حدث فى غزوة الأحزاب ـ وهذا يقتضى من دولة الرسول ـ وهى جزيرة وسط محيط بها معاد لها ــ أن يكون لها جهاز إستخباراتى متقدم يحرسها ، وينبىء بقدوم الخطر ليبادر النبى وجيشه بلقائه فى الصحراء قبل أن يهجم على المدينة فى موقعها الثابت . ولهذا جاء مصطلح ( انفروا ) وتكرر : فى ( النساء 71 ). ( التوبة (38) (39) (41) (81) (122)) .
4 ـ لذا كان الأعراب الكافرون خطرا حقيقيا يحيق بالمدينة ، خصوصا الأعراب المنافقين . كانوا يزعمون الايمان ،ولكن عند الخطر يتخلون عن الدفاع عن المدينة ويتعللون بشتي الاعذار (وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنْ الأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (90) التوبة 90، ) (سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنْ الأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنْ اللَّهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرّاً أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعاً بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً (11) الفتح ).
5 ـ ومن الأعراب المنافقين من فضحتهم اعمالهم ،يظهرون الاسلام عندما يرون قوة المسلمين وهو نوع من الاستسلام او الاسلام الظاهري وهو لا بأس به طالما لا يعتدون علي المسلمين وفي هذا النوع يقول تعالي ( قَالَتْ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلْ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (14) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمْ الصَّادِقُونَ (15) قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (16) يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلْ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ (17) :الحجرات ).
6 ـ لكن الذي كان يحدث ان يتأمر اولئك الاعراب في صحرائهم المحيطة بالمدينة، فينقلبون كفارا صرحاء عندما يجدون فرصة،ومن هنا كان الامر الالهي للمؤمنين باعداد قوة للردع هي في حقيقتها لحقن الدماء .لأنها تخيف من يفكر في الاعتداء فلا يعتدي وبذلك يحقن دمه ودم المسلمين ،وهذا معني قوله تعالي (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (55) الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لا يَتَّقُونَ (56) فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (57) وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ (58) وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لا يُعْجِزُونَ (59) وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمْ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ (60) وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (61) وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ (62 ) الانفال ) اذن هذا الاعداد العسكري لحفظ السلام وليس للاعتداء ، بل هو لمواجهة المعتدين ،وهما طائفتان ،الاولي تعلن عن نفسها ،وهم مشركو قريش ،والاخرى منافقة تتستر بالاسلام وتزايد في التدين السطحي ،بحيث لا يعرف المسلمون حقيقتهم ،والله وحده هو الذي يعلمهم (لا تعلمونهم الله يعلمهم ).
7 ـ ومن هنا وضع القرآن الكريم حلا لمشكلة هؤلاء الاعراب المنافقين بأن منع التحالف مع من يظهر الايمان منهم الا بعد ان يهاجروا الي المدينة ويكونوا من اهلها ، تحت السيطرة ، فلا يهاجموها علي حين غرة وحتي لا تشجعهم الصحراء علي الاعتداء علي المسلمين ،فان ظلوا علي تقلبهم ونكث عهدهم واعتدائهم علي المؤمنين فلابد من تأديبهم واظهار قوة المسلمين . قال جل وعلا عنهم : ( فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً (88) وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً (89) إِلاَّ الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ فَإِنْ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمْ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً (90) سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمْ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأُوْلَئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَاناً مُبِيناً (91) النساء ).
اجمالي القراءات
3711