آحمد صبحي منصور Ýí 2019-09-25
مقدمة كتاب ( البحث فى مصادر التاريخ الدينى ــ دراسة عملية )
1 ـ فى عام 1984 قررت خمسة كتب متخصصة فى علم التاريخ والبحث التاريخى ، وهى ( شخصية مصر بعد الفتح الاسلامى ) ( التاريخ والمؤرخون : دراسة فى تاريخ علم التاريخ ومناهج المؤرخين ) ( التاريخ والمؤرخون : دراسة فى أنواع المادة التاريخية ) ( أُسُس البحث التاريخ ) . ثم كان أهمها هذا الكتاب الذى كان سابقا لأوانه وهو ( البحث فى مصادر التاريخ الدينى ــ دراسة عملية ) . كوفئت عليها عام 1984 بالتضييق والتخويف ، فرددت فى العام التالى بخمسة كتب أخرى جديدة قررتها على طلبتى فى قسم التاريخ وغيرهم ، وكان الوقف عن العمل والإحالة الى التحقيق فى 5 مايو 1985 ، ثم تركى جامعة الأزهر عام 1987 .
2 ـ هذه الكتب مع كونها سابقة ورائدة فى مجالها إلا إنها كانت تعبر عن مبلغ علمى وقتها ، بدليل كتاب ( شخصية مصر بعد الفتح الاسلامى ) حيث إعتبرت ذلك فتحا إسلاميا منسوبا للإسلام . كنت وقتها مصلحا فى داخل الدين السُنّنى لا أرى بأسا بالحديث طالما لا يخالف القرآن الكريم ، وأقدس الخلفاء الراشدين ومعظم الصحابة . ومع حفظى للقرآن الكريم إلا إن إستفادتى به لك تكن بالقدر الكافى . إضطهادهم لى عام 1985 جعلنى ألجأ للقرآن الكريم أطلب المزيد من الهداية ، وبالقرآن تطهرت من شوائب الكفر السُّنّى ، وعندما وصلت الى الايمان بالقرآن الكريم وحده حديثا والى الكفر بكل حديث سواه أنار لى القرآن الكريم الطريق فأخذت أعرض عليه تاريخ الخلفاء والصحابة وتراث ( المحمديين ) ، وتلاشى فى قلبى تقديس البشر ، وبقى التقديس للخالق جل وعلا وحده . وبدأت طريقا جديدا مع كتاب ( القرآن وكفى ) .
3 ـ بعض الكتب التى أصدرتها فى الثمانينيات ( 11 كتابا ) تحتوى ما لا أوافق عليه الآن . وكثيرا أنبّه على هذا ، وقد نشرت بعضها كما هى للتدليل على أن الباحث عن الحق يتطور فى بحثه ويكتشف جديدا يخالف ما كتبه سابقا . الباحث هو باحث عن الحق ، والباحث عن الحق صادق مع نفسه ، وهو يكتب ما يعتقده حقا . فإذا تبين له خطؤه بادر بالتصحيح .
4 ـ تتعمق المشكلة حين يهب شاب أزهرى للبحث الجادّ عن إجابة لسؤال مؤلم . إذا كان الاسلام هو الحق ( وهو فعلا كذلك ) فلماذا أصبح المسلمون اليوم فى هذا الحال . تصدى لهذه المشكلة وهو يحمل أوزارا من التراث عاشت متمتعة بالتقديس عبر 14 قرنا . لا يمكن التخلص منها فى بضع سنوات ، ولا يمكن التخلص منها بقرار بسيط بالنفى والإنكار ، لا بد من البحث المضنى ، ولا بد من ميزان يُحتكمُ اليه . وهو القرآن الكريم . ثم لا بد من الصبر ليس فقط على وعورة البحث ومشقته ولكن على الإضطهاد والسب ّوالشتم والنباح . الآن وبعد أن جاوزت السبعين وبعد خمسين عاما من البحث لا أرى حرجا فى مؤلفات لى كانت تعبر عنى وقتها . ومنها هذا الكتاب ( البحث فى مصادر التاريخ الدينى ).
5 ـ هذا الكتاب هو جديد فى بابه ، وهو البحث فى التاريخ الدينى ، وهو جديد فى منهجيته إذ يعطى دراسة عملية لهذا البحث . وكنت عازفا عن نشره إلا إننى وجدته منشورا معروضا للبيع على الانترنت ، ضمن كتب كثيرة لى . آلمنى أن يقرأ بعضهم هذا الكتاب ويراه معبرا عن المؤلف الآن . لذا قررت أن أعيد نشره هنا ، مع التصحيح والإضافة . هناك عبارات وأقاويل أراها الآن خاطئة . وسأنشر التصحيح لها مباشرة . وهناك أبحاث إضافية فى موضوعات الكتاب رأيت أن من الفائدة أن تضاف الى الكتاب . بهذا يكون النشر الجديد لهذا الكتاب ( البحث فى مصادر التاريخ الدينى ــ دراسة عملية ) يحتوى تعليقا وتنقيحا وإضافة ليعبّر عن المؤلف فى هذا الوقت .
6 ـ أنشر الآن مقدمة الكتاب مع واجهته كما هى . والله جل وعلا هو المستعان .
أحمد صبحى منصور
فيرجينيا ـ الولايات المتحدة ـ 25 سبتمبر 2019
البحث فى مصادر التاريخ الدينى ــ دراسة عملية
الدكتور : أحمد صبحي منصور
قسم التاريخ الإسلامي – جامعة الأزهر
الطبعة الأولى 1404 – 1984
جميع الحقوق محفوظة للمؤلٌف
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
1 ـ "َقالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي{25} وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي{26} وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي{27} يَفْقَهُوا قَوْلِي{28} طه "
2 ـ اعتاد الناس على فهم خاص للتاريخ الديني إذ يرونه قاصراً على الحياة الدينية التي يمارسها شعب ما في فترة زمنية محددة من عقائد دينية وطقوس وعبادات ومعابد وأشياخ وأرباب ،فالتاريخ حينئذ له فروع مختلفة من تاريخ سياسي وتاريخ حضاري ثقافي ثم تاريخ ديني ، وقد يلحق بعض الباحثين التاريخ الديني بالنواحي الاجتماعية والحضارية فتزداد ضآلة الاهتمام بالتاريخ الديني ، بل يتجاهلون التاريخ الديني جملة وتفصيلا كما هو الشأن بنا حين أهملنا التاريخ الديني للمسلمين بعد الفتح الإسلامي واستغرقنا التاريخ السياسي وعلاقات الحكام ومعاركهم على نحو ما فعله المؤرخون الأوائل وقد دار تأريخهم في الأساس حول الحاكم وسياسته.
3 ـ وربما ينبع ذلك التجاهل لتاريخ المسلمين الديني من اعتقاد خاطئ في أن التاريخ الديني للمسلمين ادخل في باب العقيدة والفلسفة منه إلى التاريخ والحضارة ، أي انه كلام نظري ومحاورات فلسفية للفرق وعلماء الكلام وأصحاب المذاهب والنحل ، وواقع الأمر أن الفرق الدينية التي نبتت منذ القرون الأولى في التاريخ الإسلامي لم تنبت من فراغ وإنما استمدت نظرياتها من جذور فلسفية في بيئتها، كانت كامنة أثناء الانبهار بالفتح الإسلامي والإسلام الصحيح الذي طبقه المسلمين الأوائل أروع تطبيق ، ثم دارت الأيام وابتعد الخلفاء الأمويين والعباسيون عن منهج الخلفاء الراشدين بقدر ما اقتربوا من مسلك الأكاسرة والقياصرة فعادت الشعوب سيرتها الأولى قبل الفتح الإسلامي في الفكر والعقائد خصوصا وأن الدولة العباسية تسامحت في النواحي الثقافية والفلسفية ونشأ الجدال بين المسلمين والنصارى فأتيح للمدارس الفلسفية القديمة أن تعود للحياة بشكل إسلامي فتحولت بها خلافات المسلمين السياسية حول الإمامة والخلافة إلى خلافات فلسفية عقيدية لا مجال فيها مطلقاَ للالتقاء والاتفاق. ثم أن هذه الخلافات الفلسفية النظرية لم تظل بمعزل عن التطبيق، بل طبقت وأصبحت واقعا تاريخيا فالدولة الفاطمية مثلا جسدت نظريتها في الإمامة وفق العقيدة الشيعية الإسماعيلية حين أقامت لها دولة شيعية (أيدلوجية ) في المغرب ثم زحفت إلى مصر ونشرت عقائدها في الشام والعراق ، مع أنها دولة قامت على أساس ديني معين وبأفكار محددة استمرت تنشرها إلا أن المؤرخين للدولة الفاطمية يتجاهلون تاريخها الديني وهو الأساس الذي تتميز به وتدعو إليه .
4 ـ ثم لماذا نمثل بالدولة الفاطمية ونتجاهل الحقيقة الكبرى في التاريخ الإسلامي .. أليس التاريخ الإسلامي في حقيقته تاريخاً دينياً ؟ أليس مستمداً من تاريخ إلهي ورسول دعا إليه وأوذي في سبيله ومعه أصحابه ثم هاجر وأقام لهم (دولة إسلامية) ؟ ثم تابع خلفاؤه الراشدون الحكم بالإسلام وفتحوا بلاداً نشروا فيها الإسلام فيما بين الهند وفرنسا ؟. ألا يعتبر ذلك التاريخ الإسلامي تاريخاً دينياً ؟ ألم يكن المسجد هو مقر الحكم في أول دولة إسلامية ؟ .
5 ـ لقد غرق الباحثون في التاريخ الإسلامي وتجاهلوا رصد انتشار الإسلام وإلى أي حد طبق المسلمون تعاليم دينهم ، سواء كانوا من العرب الفاتحين أو من الأمم المفتوحة ، وكان تدين الأمم المفتوحة بالإسلام ادعى للبحث لبيان إلى أي درجة تخلصوا من رواسب عقائدهم القديمة والى أي مدى تمسكوا بالإسلام الدين الجديد الذي اعتنقوه ، ولن يكون بحثهم في فراغ فإن البيئة لابد أن تفرض وجودها على أبنائها ، وإذا كان العرب الصحراويون قد تأثروا بالبيئات الجديدة التي أقاموا فيها فتشبهوا بالأكاسرة والقياصرة فان أبناء البيئة الأصليين ادعى للتأثر بتراث الأجداد ، من هنا انبثقت الآراء الفلسفية السابقة وتحولت إلى الدين وخلطته بالفلسفة ثم تحولت الآراء الفلسفية الدينية إلى واقع تاريخي انعكس على السياسة والتدين الفعلي ، وكان أولى بالمؤرخين رصد ذلك طالما هبط إلى ارض الواقع التاريخي ورصدته الحوليات التاريخية وعبرت عنه كتابات تاريخية مستقلة مثل كتب المناقب والكتابات في المزارات والصراع بين الفقهاء والصوفية ، والصراع بين السنيين والشيعة ..
6 ـ إن من الظلم للتاريخ الديني أن يقتصر على ناحية التدين في حياة الإنسان وتاريخه. فالسبب في خلق الإنسان سبب ديني (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ..الذاريات56) وعملية الخلق نفسها ارتبطت برموز دينية مثل الأمر الإلهي بالسجود لآدم ، ثم كان هبوط ادم وبنيه معه للأرض قصة دينية تحمل فيها أبناء ادم مسئولية التكليف من حرية الإرادة والثواب والعقاب والجنة والنار ، ومن حرية الإرادة الإنسانية نبع تاريخ الإنسان على الأرض متأثرا بمؤثرين نقيضين غواية الشيطان ومعها هوى الإنسان وغرائزه ونفسه الأمارة بالسوء ثم هداية الله للإنسان بالأنبياء والكتب السماوية ونفس الإنسان اللوامة على السوء . وبين الهداية والغواية يسير تاريخ كل إنسان على الأرض حاكما كان أو محكوما، فالدين هو الذي يتحكم في تصرفاته في أي موقع له على الأرض حاكما أو عالما أو عاميا. ومن الجهل أن نتجاهل اثر التدين في سلوك الإنسان ، والتدين قد يكون صحيحا يسمو بسلوك الإنسان وقد يكون زيفا يهبط بالإنسان بقدر ما في عقيدته من زيف وبهتان . فالحكم على شخصية تاريخية ما يكمن في العثور على مفتاح الشخصية فيها وهو لن يبعد عن نوعية تدينه. صحيح أن تدين الشخص واعتقاداته من الأمور الغيبية التي ترجع للسريرة والضمير ولكن الإنسان في نهاية الأمر ابن لبيئته ومن هنا يكون بحث التدين السائد في المجتمع من أهم العوامل التي تؤدى إلى فهم صحيح لسلوك الناس وعقلياتهم .
7 ـ وهناك أكثر من ذلك.. فالعصور الوسطى المتأخرة مثلا لا يمكن إعطاؤها الحكم الصحيح إلا ببحث التدين السائد فيها على المستويين الإسلامي والمسيحي ، فقد سيطر التدين على العالمين المسيحي والإسلامي ، وهو تدين اعتمد على الكهنوت وبارك استبداد الحكام ، وان شئت فراجع اهتمام المسلمين بأرباب التصوف واهتمام الأوروبيين بالرهبان وانتشار الخوانق والأديرة في العالمين الإسلامي والمسيحي ، وفى ضوء الحياة الدينية تستطيع إن تحلل الصراعات المستمرة بين الجانبين من حروب صليبية بين المسلمين والبيزنطيين في العصر العباسي الثاني وبين السلاجقة والأيوبيين والمماليك من جانب وأوروبا الغربية من جانب آخر حين أقيمت أمارات صليبية في الشام . ولا يزال العامل الديني مؤثراً حتى اليوم في علاقة أوروبا وأمريكا بالمسلمين . وفى تاريخ أوروبا في العصور الوسطى يبدو اثر التدين واضحاً فيها من انقسامات دينية وحروب نتجت عنها ، بل على أثاث ديني تم طرد المسلمين من الأندلس وتابعت أسبانيا والبرتغال الاكتشافات الجغرافية وبدأ الاستعمار وازدهر .وفى تاريخ المسلمين ارتبطت قوتهم بالتمسك بالإسلام ، فبالإسلام فتحوا وقهروا الأكاسرة والقياصرة ، وكان الخليفة عمر بن الخطاب يأمر قواد الفتوح بالتقوى والتمسك بالإسلام والإعراض عن حب الدنيا، وحين أبطأ عمرو بن العاص عن فتح مصر قال عمر (ما أبطأ الفتح إلا لأنهم أحدثوا )أي ابتعدوا عن التمسك بالإسلام كما ينبغي . وحين ضعفت العقيدة الصحيحة في نفوس المسلمين اختلفوا فرقأ وشيعاً ثم اتخذوا لأنفسهم الأولياء وجعلوهم واسطة تقربهم لله زلفى وحينئذ بدأت مسيرة الضعف في تاريخ المسلمين فانتصر عليهم الروم وغزوهم في بلادهم غزوات متتابعة حتى وصلوا إلى دمشق في عصر الدولتين الإخشيدية والفاطمية. ثم لحق الصليبيون بالروم فأسسوا لهم دويلات في المنطقة. وارتبطت انتصارات الحكام المسلمين بتدينهم الحق، فأصحاب الجهاد من حكام المسلمين هم أصحاب سلوك إسلامي مثل صلاح الدين وقطز وبيبرس ، فصلاح الدين حين بدأ الجهاد ترك شرب الخمر وقطز هتف ( وإسلاماه ) وبيبرس اهتم بمنع المنكرات .
8 ـ فالتاريخ الديني- في واقع الأمر- هو المؤثر الحقيقي في تاريخ الإنسان فرداً وجماعة ودولة , وقد يخفت ذلك التأثير حيناً ، والبحث يقوم بتوضحيه , وقد يتعاظم التأثير فتقوم على أساسه دولة أو تنشأ لسببه حروب، ومع ذلك فإن بريق الحكام وضجيج الحروب يشغل المؤرخين عن بحث المؤثر الحقيقي الواضح وهو الدين الذي أقام الدولة أو أشعل الحرب .
9 ـ ومصادر التاريخ الديني هي في الأغلب المصادر التاريخية العادية . فالحوليات التاريخية تضم الكثير من وقائع التاريخ الديني ممثلا في ترجمته لأشخاص لهم صفتهم الدينية وكان تأثيرهم واضحاً في مجريات الأحداث , وبعض عباقرة المؤرخين مثل المقريزي كان يربط في كتاباته بين الأحداث التاريخية والدينية في عصره ، ففي حديثه عن الدولة الفاطمية – في الخطط- يبحث جذور التشيع ورسوم الفاطميين الدينية وما أقاموه من عمائر دينية , ثم يفرد رسالة قيمة في التعليق على الحياة الدينية في عصره – وهى ( تجريد التوحيد المفيد ) وكتب الطبقات تحفل بالكثير من الإشارات عن الحياة الدينية ومثلها كتب الرحلات ووثائق حجج الوقف على المؤسسات الصوفية هذا إلى جانب السير التي كتبت في الحكام وتشي بالكثير من تفصيلات الحياة الدينية وموقف الحاكم منها .
10 ـ بيد أن هناك مصادر دينية خاصة إلا أنها أصابها التجاهل بسبب صلتها بالتاريخ الديني , فالقرآن الكريم مصدر أساسي للحياة الدينية أورد صفات المشركين في كل عصر من عقائد وسلوك وعقليات وأبرز التدين الحق وإخلاص العقيدة لله , وحوي الكثير من القصص عن المشركين السابقين و مشركي العرب الجاهليين , فالقرآن الكريم بذلك هو المصدر الحق في الحياة الدينية الذي يُحتكم إليه فى كل شيء وفى التاريخ الديني على وجه الخصوص , وقد صانه ربنا تعالى من الزيف والتحريف حتى يظل مهيمناً على الكتب السماوية التي حرفها أصحابها مثل الإنجيل والتوراة , وحتى يظل حجة على كل مبتدع في دين الله مهما أوتى ذلك المبتدع من قوة ونفوذ .وقد لحق التجاهل بفهم الناس لآيات القرآن الكريم فحسبوها تتحدث عن مشركين سابقين وتجاهلوا أن القرآن الكريم ليس أقصوصة للتسلية وإنما للهداية، وفى سبيل هداية المسلمين قص تاريخ السابقين ليتعظ المسلمون ويقيسوا حالهم على القرآن فيقيموا ما أقام القرآن ويهدموا ما هدم القرآن.
11 ـ وإلى جانب القرآن الكريم هناك مصادر تخصصت في نواحي دينيه مثل كتب المناقب التي كتبت في مدح أشياخ التصوف وكتب المزارات التي تصف الأضرحة وتترجم لأصحابها وكتابات الفقهاء في الاحتجاج على الصوفية والشيعة والكتابات المسيحية واليهودية التي تترجم لطوائفها وعلاقاتهم بالمسلمين.
12 ـ ولم يكن من السهل أن نستوعب كل مصادر التاريخ الديني فاكتفينا ببعض النصوص من بعض المصادر عن ظاهرة معينه هي التصوف الذي سيطر على الحياة الدينية للمسلمين منذ القرن الخامس الهجري.
13 ـ ونأمل أن تخرج لنا دراسات أخرى بعون الله – عن التشيع باعتباره دينا مسيطرا في فترات تاريخية في مصر وفارس , وعن المسيحية وكيف طبقها أصحابها في مصر والشام.
14 ـ ولا ندعى الكمال فالكمال لله وحده تعالى,ولكننا ننبه الأذهان إلى مجال جديد في ميادين البحث التاريخي نرجو أن يجد له الأنصار من باحثي التاريخ , وإن كان ثمة نقص أو تقصير فعذرنا أنه مجال جديد لم تيسره بعدُ أقلام الباحثين ، ونرجو أن ييسره الله علينا ، وأن يغفر لنا ما قد نقع فيه من أخطاء غير مقصودة .
( رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (البقرة286 )
أحمد صبحى منصور
يناير 1984
ملاحظات :
أولا : تنبيه على أخطاء ، وهى :
1 ـ ( بعد الفتح الإسلامي )
2 ـ ( كانت كامنة أثناء الانبهار بالفتح الإسلامي والإسلام الصحيح الذي طبقه المسلمين الأوائل أروع تطبيق ، ثم دارت الأيام وابتعد الخلفاء الأمويين والعباسيون عن منهج الخلفاء الراشدين بقدر ما اقتربوا من مسلك الأكاسرة والقياصرة فعادت الشعوب سيرتها الأولى قبل الفتح الإسلامي )
3 ـ ( ثم تابع خلفاؤه الراشدون الحكم بالإسلام وفتحوا بلاداً نشروا فيها الإسلام فيما بين الهند وفرنسا ؟. ألا يعتبر ذلك التاريخ الإسلامي تاريخاً دينياً ؟.)
4 ـ ( وفى تاريخ المسلمين ارتبطت قوتهم بالتمسك بالإسلام ، فبالإسلام فتحوا وقهروا الأكاسرة والقياصرة ، وكان الخليفة عمر بن الخطاب يأمر قواد الفتوح بالتقوى والتمسك بالإسلام والإعراض عن حب الدنيا، وحين أبطأ عمرو بن العاص عن فتح مصر قال عمر (ما أبطأ الفتح إلا لأنهم أحدثوا )أي ابتعدوا عن التمسك بالإسلام كما ينبغي .)
5 ـ ( فأصحاب الجهاد من حكام المسلمين هم أصحاب سلوك إسلامي مثل صلاح الدين وقطز وبيبرس ، فصلاح الدين حين بدأ الجهاد ترك شرب الخمر وقطز هتف ( وإسلاماه ) وبيبرس اهتم بمنع المنكرات . )
ثانيا : الذى تبين لنا قرآنيا أن الفتوحات العربية أكبر جريمة شوهت الاسلام ، واسست أديانا أرضية لا تزال تتحكم فى أصحابها وجعلتهم ( محمديين ) وليسوا ( مسلمين ) وأن أكفر الخلفاء هم من تحولوا الى آلهة تحت مسمى الخلفاء الراشدين . هم الذين سنُّوا التقاتل فى سبيل الدنيا وفى سبيل الشيطان لمن جاء بعدهم ، وهم الذين جعلوه إسلاميا ، فظلموا الناس وظلموا رب الناس جل وعلا. عليهم لعنة الله جل وعلا .
لقد لفت نظري في المقال:
6- أنشر الآن مقدمة الكتاب مع واجهته كما هي...
تحت هذا البند و في النقطة الرابعة تحديداً طرحتم عدة أسئلة و في عبارات وجيزة، منها جملة إعتراضية تقريرية بصيغة إستفهامية دون تحفّظ و وقفات!
حيث ورد في "الملاحظات"!
أولا : تنبيه على أخطاء...
كان من المفروض هنا أن تشير الى الإنطلاقة الكبرى للحركات (الاسلام السياسي) و تضيف عبارتكم: ألم يكن المسجد هو مقر الحكم في أول دولة إسلامية؟ و التي أعرضتم عنها لحاجة في نفس الدكتور قضاها! فالنأيُ عنها و عدم ذكرك لها في خانة التنبيه على الأخطاء! تشي و توهم القاريء بأنك تؤيد و تقرر فكرة البُعْد السياسي للمسجد كأهمّ معهد للسياسة (البرلمان) في الإسلام زمن النبي عليه السلام.
أعرف مسبقا ما تفضلتم به حول مسئلة خلط السياسة بالدين و خلط الدين بالسياسة في كتاباتك و مقالاتك قديمها و حديثها..
ولا يستريب أيّ ذي مسكة في توضيح هذه الفكرة و في ما صرحتم به أكثر من مرة: انّ دور المسجد ينحصر بالعبادة فقط بدون أي دعوة أو نشاط سياسي كما في رابط مقالكم هذا:
http://www.ahl-alquran.com/arabic/show_article.php?main_id=9266
لكن السؤال هو و بدون قصد...
هل صحيح أنّ المسجد في زمن رسول الله (عليه السلام و البركات) كان له ثلاثة أبعاد: بُعدٌ ديني {معبد}، و بُعدٌ تربوي {مدرسة}، و بُعد سياسي {برلمان}، و كان كلّ مواطن عضواً فيه، أصبح الآن قصراً فخماً و لكن بلا أبعاد؟!
فهل هذا التعريف و الوصف الدقيق للمسجد تمام و صحيح؟
و على الجملة فقد كان المسجد أهم معهد للثقافة في الإسلام و ليس للسياسة..
و شكرا مقدّما
تاريخ الانضمام | : | 2006-07-05 |
مقالات منشورة | : | 5111 |
اجمالي القراءات | : | 56,691,167 |
تعليقات له | : | 5,445 |
تعليقات عليه | : | 14,818 |
بلد الميلاد | : | Egypt |
بلد الاقامة | : | United State |
دعوة للتبرع
سيد الخلق ؟؟: هل يصح وصف النبى محمد عليه السلا م بأنه ( سيد...
اهلا بك: انا محمد مقيم في فنلند ا وأنا من متابع ي أحمد...
و..طلاء الأظافر..: هل الجل أوأي منتج لتثبي ت الشعر الوضو ء فيه...
القرآن وفقط .!: أحمد الله تعالى أن هداني على يدكيم منذ سنتين...
ثلاثة أسئلة: السؤ ال الأول : يتك ر فى القرآ ن كلمة...
more
حفظكم الله جل و علا دكتور أحمد .. مكمن الخلل هو البعد عن تحليل المصدر ! فالمفكرون و الباحثون قلما ينتبهوا لهذه النقطة الجوهرية ! هم يبنون على من سبقهم في موضوع معين و هذا خطأ منهجي ! و من القرآن الكريم نتعلم كيفية البحث و هو ما أسماه الحق جل و علا بـ ( الترتيل ) فمن أسف ( شاع ) مفهموم الترتيل على أنه ( التغني ) !! ثم بنوا على هذا المفهوم و ألفوا كتبا و أصدروا أبحاثا هي في الحقيقة خطأ لأنهم بنوها على أساس خطأ و ما بني على خطأ فهو خطأ !
بحث جديد و شاق جدا عطفا على صعوبة الحصول على على ( المصادر ) في التأريخ الديني و لكن من لها سوى الدكتور أحمد حفظه الله .
ما أصدق الدكتور أحمد و هو ( ينظف عقله ) من خلال مقارنة أبحاثه السابقة بآخر ما توصل إليه و استراح إليه قلبه .. ما أجمل القرآن عندما يجعلك تعترف بخطأ قمت به ( بحسن نية ) و ما أجمل العقل المؤمن عندما يعترف بذلك .
حفظكم الله جل و علا .