المصائب والعقوبات

الإثنين ١٨ - أغسطس - ٢٠١٤ ١٢:٠٠ صباحاً


نص السؤال:
ثمّة سؤال: في معرض إجابة لك عن سؤال مؤخرًا، قلت حضرتك مانصّه: {.. في كل الأحوال هناك عذاب فى الدنيا لمن يقع فى الإثم، فتأتى المصائب جزاء الإثم (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ) (30) الشورى} . وتفضّلت سابقًا، في مقالاتٍ عدّة، تتحدّث فيها عن الحتميّات الأربع، لاسيّما \\\"المصائب\\\"، مشيرًا إلى أنها واحدةً من هذه الحتميّات، ومؤكدًا على ذلك بقول الله جلّ وعلا: {(مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الأرْضِ وَلا فِي أَنفُسِكُمْ إِلا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ. لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ) (22،23) الحديد}. وسؤالي هنا: كيف تكون هذه المصيبة عقوبةً، وكيف تكون قدَرًا أو حتميّةً في آنٍ واحد؟ كيف لهما أن يتقاطعا ؟
آحمد صبحي منصور :

المصائب بالخير والشر  ابتلاءات واختبارات (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (35) الانبياء) ، يستفيد بها المؤمن الصابر الشكر ، لا يغتر بمصيبة الخير ، ولا ينهار إذا أصابته مصيبة الشر ، يقول ( قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُؤْمِنُونَ (51)  التوبة ) و يفشل فيها غيره ممن يعبد الله جل وعلا على حرف عندما تحدث له مصيبة ابتلاء بالشر (وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ (11) الحج ) (إِنَّ الإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً (21) إِلاَّ الْمُصَلِّينَ (22) الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ دَائِمُونَ (23) وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (24) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (25) وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (26) وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (27) إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ (28) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (29) إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (30) فَمَنْ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْعَادُونَ (31) وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (32) وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ (33) وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (34) المعارج) .  

عذاب الدنيا شىء مختلف ، هو مخصص للكافرين المعتدين فلربما يرجعون : (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ الْعَذَابِ الأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (21) السجدة  ) . بعضهم يقاسى العذاب الدنيوى ولا يستفيد منه شىء لأنه منافق اختار لنفسه أن يكون فى الدرك الأسفل من النار . وعن هؤلاء يقول جل وعلا فى سورة التوبة : (فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ (55)(  وَلا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ (85)   ) ويقول جل وعلا فى نفس السورة ما يجب أن يقوله المؤمنون للمنافقين (قُلْ هَلْ تَتَربَّصُونَ بِنَا إِلاَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمْ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ (52)   )  العذاب الدنيوى الالهى قد يحدث مباشرة بدون تدخل من البشر مثل مرض او صاعقة او حادث سيارة ، أو يحدث بتدخل بشرى وفق علم الله جل وعلا .

وفى كل الأحوال فان ما يصيبنا من حتميات مقدرة سلفا ، وهى بما كسبت ايدينا ، ولكن الله جل وعلا يعفو عن كثير . وهو وحده الذى يعلم هذا  الكثير . وعذاب الدنيا لمن يستحقه هو جزء من هذه المصائب . والبشر يتدخلون فى إحداث هذه الحتميات بقصد أو بدون قصد ، كالزواج والقتل . وبعض القتل يكون بلا تدخل من البشر مثل الزلازل والبراكين . وكل شىء عنده جل وعلا بمقدار . وهو جل وعلا الأعلم بأعمالنا وما يحدث لنا من مصائب بالخير أو بالشر ، وما يعفوه عنا ، وما يؤاخذنا به .

مشكلتنا فى اننا لا نعلم الغيب ، واننا نعيش الزمن الخاص بنا دقيقة بدقيقة لا نعرف فى هذه الدقيقة ماذا سيحدث بعدها . ونقع فى الذنوب وننساها .. والله جل وعلا فوق الزمن وهو جل وعلا ما كان نسيا . 



مقالات متعلقة بالفتوى :
اجمالي القراءات 8853
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 5265
اجمالي القراءات : 63,653,347
تعليقات له : 5,505
تعليقات عليه : 14,901
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي


الحنابلة: منذ فترة كبيره كنت اتحدث مع استاذ ى فى موضوع...

الفلاكة والمفلوكون: قرأت هذا التعب ير فى احد مصادر العصر...

هل اللهو حرام: هل اللهو حرام ؟...

غفر الله تعالى له : لي صديق يعيش معي في المان ياوقد حملني ان اطلب...

التحدى هو المواجهة: د/احم سلام الله عليكم ورحمت ه وبركا ته ...

نوعية الدية: ما نوع الديه المزك ورة في القرا ن هل هي ماديه...

ثلاثة أسئلة: السؤ ال الأول : يتك ر فى القرآ ن كلمة...

المرأة وجدتها: سؤالي في الحقي قة منبثق مما قراته من...

الصداقة الجنسية: لى صديقة أمريك ية غاية فى الأدب والأح ترام ...

مخالفتنا للقرآن !؟؟: انا شاكر لكم يا اهل القرا ن تدعون للتقد م ...

رقص النساء: ما حكم رقص النسا ء والرج ال ينظرو ن إليهن ؟ ...

أخطىء فى الصلاة: أقع فى الخطأ فى قراءة القرآ ن وأنا أصلى . وأنا...

ثلاثة أسئلة: من الاست اذ ( أبو أسامة ) جاءت هذه الأسئ لة : ...

راعنا: نحن نقول ( فى رعاية الله ) والاح ظ ان حضرتك لا...

الفتاة ولية نفسها : هل الفتا ة اقل من 21 سنة يمكن ان تكون ولية نفسها...

more