الإستبداد في فكر الإخوان المسلمين
الإستبداد في فكر الإخوان المسلمين
عبدالله عبداللطيف المحامي
تروج جماعة الإخوان المسلمين هذه الأيام – في إطار الحملة لإنتخابات مجلس الشعب في مصر – مجموعة من الأفكار المزيفة ، ويقدمون أنفسهم كحماة للديمقراطية والتعددية الفكرية والسياسية ، وفي الوقت نفسه يقحمون الدين في معترك السياسة والإنتخابات ، وليس من سواهم متحدثا رسميا بإسم الدين وبإسم الله ورسوله ، ومن ثم فقد إحتكروا صكوك الغفران يمنحوها لمن يرضوا عنه ويحجبوها عن من خالفهم في الفكر وفي الرؤي .
من هنا يتضح مدي الزيف والكذب في مضمون خطابهم ، وأنهم ألد أعداء الديمقراطية ، وهم لا يؤمنون حقيقة بالتعددية ، ولا يعترفون بالآخر في حقيقة الأمر ، إذ يؤمنون بالدولة الدينية ، علما بأن الإسلام لا يعرف الدولة الدينية ، ولكنهم يوهمون الناس بشعارات دينية وصولا إلي هدفهم الحقيقي ألا وهو الحكم ، ولا يطرحون برامج حقيقية نستطيع أن نناقشها ونختلف أو نتفق حولها ، .
ومجرد طرحهم فكرة الدولة الدينية فهي في الأساس فكرة إستبدادية ، إذ أنهم حين يحكمون سيحكمون بإسم الدين ، ومن يستطيع أن ينازعهم وهم الحاكمون بما أنزل الله ، من وجهة نظرهم ، ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ، هنا بيت القصيد ، حاكم يعتبر نفسه ظل الله في الأرض ، وكافة قراراته وتشريعاته وسياساته إنما صدرت عنه بإسم الله ، ماذا بقي لنا حتي نتداول فيها قبولا أو رفضا ، حاكم لا يحكم بإسم الشعب ولا بإسم الأمة وإنما بإسم الله ، وكأن الله – عز وجل – قد أصدر إليه توكيلا بالحكم نيابة عنه ، دون باقي المؤمنين به ، ماذا تنتظرون منه ؟ الديمقراطية حينئذ ستكون رجس من عمل الشيطان فإنها بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ، والبديل الشرعي لها ما يسمي بالشوري ، والشوري لن تكون إلا مع أهل الحل والعقد ، وأهل الحل والعقد ليسوا إلا جماعتهم ورموزهم من يختارهم الحاكم ويطمئن إليهم يعني من الآخر هم أهل الثقة .
وهم يروجون ما ينادون به من تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية التي تصلح للتطبيق في كل زمان ومكان ، حيث لم تترك كبيرة ولا صغيرة إلا وأتت بها ، ونسوا أو تناسوا حقيقة الأمر ، وما ورد عن الرسول أنتم أعلم بأمور دنياكم ، وأن القرآن جاء في بعض الأمور بأحكام تفصيلية كالميراث والزواج والطلاق مثلا ولكن لم يأت بتفاصيل كل الأمور ، وألا فقل لي كيف نحدد سعر الصرف للعملة الوطنية ؟ وكيف نعالج حالة التضخم ؟ وأمور أخري كثيرة .
ناهيك عن الإخوان المسلمون الذين يحلمون بالإستبداد بالحكم بإسم الدين يروجون بشعارات تشد عامة الناس مثل تطبيق أحكام الشريعة .. ولو راجعنا مثلا قوانين الأحوال الشخصية تجدها جميعا مستمدة من أحكام الشريعة .. القانون المدني بكامله والمتضمن ألف ومائة وتسع وأربعون مادة لا يخالف أحكام الشريعة الإسلامية اللهم إلا مادة وحيدة الخاصة بالفوائد القانونية والتجارية وحتي الحكم الشرعي في هذا الأمر فيه روايات متعددة .. إذن أية شريعة وأية أحكام تسعون إلي تطبيقها أيها المتاجرون ؟
الحكم بإسم الدين مستبد بطبيعته ، كيف أخالف أو أعارض قانونا صدر بإسم الدين ؟ كيف أختلف مع حاكم يحكم بإسم الله ؟
حقا .. الإسلام لا يعرف الدولة الدينية ولا يعرف شكلا خاصا بنظام الحكم ، ولا يقول بأن هناك كهنوت يتحكم في عباد الله ومصالحهم ومقدرات أمتهم ؟ الدين لله والوطن للجميع
** كتب هذا المقال في فترة الإنتخابات البرلمانية المصرية أواخر عام 2005
***
للتواصل :
Elmohamy20@hotmail.com
Mohamoon20@yahoo.com
اجمالي القراءات
22358