من شاء فليفطر ومن شاء فليصوم ..

عمرو اسماعيل Ýí 2008-09-28


عنوان مستفز ..أعرف ذلك .. ولكنه تعبير واضح يلخص بوضوح معني الدولة المدنية .. ويوضح تشريعات الصيام في القرآن .. (أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ )




في الدولة المدنية .. لا تستطيع أي قوة أن تمنع مسلما من أن يصوم لإيمانه أن هذا واجب ديني ..القيام به هو امتثال لأوامر الله ..وليس لأن الصيام مفيد للصحة وغير ذلك من التبريرات الساذجة ..
وفي نفس الدولة لا تستطيع أي قوة أن تفرض الصيام علي شخص لا يريد أن يفعل ذلك وحسابه إن لم يفعل هو عندالله والله نفسه اعطاه مخرجا ...  فدية إطعام مسكين .. وهذا الشخص إن لم يجهر بالإفطار احتراما لمشاعر الصائمين فهو نوع من التصرف الأخلاقي منه حتي وإن لم تكن مرجعيته دينية ..وليس هناك قانون في مصر يعاقب أي إنسان علي الإجهار بالإفطار .. والكثير من القهاوي ومحلات الطعام تظل مفتوحة في رمضان في مصر ..وأخري تغلق أبوابها إراديا .. هذه هي مصر وهذه هي الدولة المدنية التي لا تتدخل في العقائد الدينية لمواطنيها وطريقة ممارستهم لهذه العقائد وشعائرها ..
في مصر لا يستطيع أحد أن يجبرك علي الصلاة أو إخراج الزكاة أو الذهاب للكنائس .. ولا يستطيع أحد أن يمنعك من ذلك ..
أداء الواجبات الدينية ينبع من الإرادة الحرة للإنسان ولا يوجد قانون يجبره علي ذلك .. وعدم أدائها هو مسئولية الانسان أمام الله .. هذه هي الدولة المدنية وهذه هي مصر .. كانت وماتزال وستظل ..
في الدولة المدنية مثل مصر من حق المرأة أن تتحب لا ينازعها إنسان الحق في ذلك ..ولكن ليس من حقها ألا تكشف وجهها عندما يطلب منها ذلك للتحقق من شخصيتها .. ومن حقها ألا تتحجب .. لا يستطيع إنسان أن يجبرها علي التحجب ..فلا قانون يفرض عليها ذلك ..وفي برنامج مثل البيت بيتك مثلا تستضيف مذيعة غير محجبة مفتي الديار المصرية أو شيخا من الأزهر دون أي مشكلة .. هذه هي مصر وهذه هي الدولة المدنية .. كانت ومازالت وستظل ..
في الدولة المدنية مثل مصر هناك اختلاط بين النساء والرجال في كل مكان من القرية الي المدينة ..في المدارس والجامعات وأماكن العمل وحتي في وسائل المواصلات المزدحمة ..
في مصر وأي دولة مدنية .. من حقك ألا تخرج الزكاة ..ولكن ليس من حقك ألا تدفع الضرائب ..
من حق أي مصري غير مسلم و اي امرأة أن يترشحا الي أي منصب ..حتي منصب رئيس الجمهورية .. ولا يوجد قانون يمنعهما من ذلك .. وأنا أحث الأحزاب الليبرالية علي ترشيح مصري مسيحي وامرأة لمنصب رئيس الجمهورية تأكيدا علي هذه الحقيقة ..
في مصر كدولة مدنية ..تمتليء المساجد والكنائس والحمدلله بالمصلين ..وتمتليء أيضا المقاهي ودور السينما والمسارح .. من حق الانسان أن يحدد لنفسه المكان الذي يريد أن يتواجد فيه .. ولكن ليس من حقه أن يعتدي علي الآخرين ليجبرهم علي دخول المساجد أو دخول الملاهي ..
هذه هي مصر .. وستظل .. دولة مدنية .. تسن فيها القوانين كعمل بشري من خلال مجلس الشعب ..وليس لأي مؤسسة دينية فيها سواء كان الأزهر أو كانت الكنيسة دور غير دور الدعوة والتوجيه الروحي للمسلمين أو المسيحيين .. ولا يجب أن يكون لهما أي دور أو مرجعية سياسية ..
ولذا فليوفر أنصار الاسلام السياسي وخلط الدين بالدولة علي أنفسهم وعلينا وجع الدماغ .. فلن تكون مصر في يوم من الأيام دولة دينية .. هي دولة مدنية حتي النخاع .. ومنذ ما يقرب من القرنين .. حتي قبل أن تحل الخلافة العثمانية نفسها الي غير رجعة ..
مصر دولة مدنية يحق فيها لمن يطلقون علي أنفسهم علماء أو رجال دين مسلمين كانوا أو مسيحيين أن يدعو أتباعهم الي الصيام وأداء المشاعروالواجبات الدينية بالحكمة والموعظه الحسنة .. ولكنهم لا يملكون فرض هذا الأمر علي المواطنين بالقوة .. دورهم هو دعوي واسترشادي بالنسبة للمواطنين .. لايستطيع المفتي أن يفرض فتوي من فتاوية بالقوة لا علي الدولة ولا علي أصغر مواطن مصري .. ولا يستطيع فيها البابا أن يفرض شيئا علي أي مسيحي مصري .. له حق الدعوة وليس الفرض .. هكذا كانت وستظل مصر .. دولة ينطبق عليها عنوان المقال من شاء فيها أن يصوم فليصم ومن شاء أن يفطر فليفعل .. ولتوفر جماعة الإخوان وأنصار التطرف الاسلامي أو المسيحي علي أنفسهم وعلي مصر وجع الدماغ .. الشعب المصري شعب متدين نعم ..ولكنه تدين نابع من الحرية وليس الفرض .. وهو شعب لم يخلط ابدا الدين بالسياسة .. شعب آمن دائما أن موسي نبي عيسي نبي ومحمد نبي ..وكل من له نبي يصلي عليه ..
ولهذا أدعو متطرفي ومتعصبي الجانبين من المسلمين والمسيحيين أن يتركوا شعب مصر في حاله .. فهو شعب أحب نجيب الريحاني واسماعيل يس .. ومكرم عبيد ومصطفي النحاس ..
عمرو اسماعيل

اجمالي القراءات 9215

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (3)
1   تعليق بواسطة   محمود دويكات     في   الأحد ٢٨ - سبتمبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً
[27424]

ذكرتني بفؤاد المهندس

تقول(القيام به هو امتثال لأوامر الله ...وليس لأن الصيام مفيد للصحة وغير ذلك من التبريرات الساذجة .. )  و الله يقول (وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ) بقرة.


يعني زي ما قال فؤاد المهندس لحنفي : نص كلامك حلو... و النص التاني بطال...


نرجو من الله أن يتقبلنا جميعا


2   تعليق بواسطة   زهير قوطرش     في   الإثنين ٢٩ - سبتمبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً
[27465]

الأخ عمرو

حياك الله وكل عام وأنت بخير ،بحلول عيد الفطر السعيد .....هذه هي مصر....وأضيف هذه هي سوريا وهذه هي تونس وهذه هي الاردن وهذه هي العراق........ ما ذكرته ينطبق على أكثر الدول العربية. ومن شاء فليفطر ،ومن شاء فليصوم.  ومن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ،وهذه أعم .هذه ارادة رب العالمين هو أراد أن يكون الدين والايمان  ليبرالي التوجه . لاتوجد قوة على الارض تكره إنسانا ما على الايمان أو الكفر.وهذا لايمكن تحقيقه إلا بوجود نظام سياسي علماني .يعيش فيه المسلم ،والمؤمن ،والمسيحي ،واليهودي وغيرهم ...ويعيش فيه النلحد والكافر ،وحقوقهم محفوظة أيضاً . ذلك لإن مقياس الإنسان هو كونه إنسان ويتجوهر بالانسانية ،او حيوان في ثياب إنسان.


واوفقكك قولك أن الصيام هو امتثال لأمر الخالق وفيه الثواب الكبير وفيه تقوية للصبر ،وفيه يصل الإنسان إذا صام كما يجب الى حالات الخشوع التام ،فيه تزود بالإيمان ،وفيه  تهذيب للنفس التي خنقت طيلة العام بالأمور المادية التي تقسي القلب شيئا ما  ،وفيه تقويةللإرادة وهذا هو الخير الأكبر..... ولا علاقة للصحة والريجيم بذلك ،  كما يشاع وإن كان لها نصيب من الصيام ...وأنا شخصياً ...لو لم اصم امتثالاَ لأمر الله  ومن أجل ما ذكرت من الخير  ..صدقني لن اصوم  فقط من أجل الصحة والريجيم على هذا الشكل من الصيام،أو قد اصوم  من أجل الصحة عن الطعام لكن عن شرب الماء والقهوة  أبداً .لإن الصيام في حقيقته مشقة وتعب وعناء ، أما الذين يقضون الليل في الأكل والشرب  واللعب . ويتسحرون  ،وينامون الى الساعة الثانية أو الثالثة بعد الظهر . ويبقى من صيام يومهم  ثلاث ساعات أو ساعتين ... لا ادري هل يعتبر هذا صيام.....أم ماذا ؟


 المهم  شعارك  صحيح من شاء فليصوم ،ومن شاء فليفطر


3   تعليق بواسطة   عمرو اسماعيل     في   الإثنين ٢٩ - سبتمبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً
[27482]

وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ

أشكر الأخوين الفاضلين دويكات وزهير قوطرش ..


بعد أن كتب الله الصيام علي المسلمين مثلما كتبه علي الذين من قبلهم أوضح لهم الرخص التي تبيح الإفطار  لمن يطيقونه ولا يطيقونه وأوضح لهم بوضوح فدية من يفطر وهو يطيق الصيام في مثال رائع لتشجيع للتكافل الإجتماعي في الاسلام وهو جوهر لو طبقه المسلمون في الزكاة والصدقات وإطعام المساكين لما بقي جائع في ديار المسلمين .. ثم قال الله لهم ( وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ) وهو كلام واضح يعني أن ثواب الصيام أكبر وليس له أي علاقة بالصحة ,, يستطيع الانسان أن يسافر ويصوم ويطعم مسكين ويصوم .. هذه هي التقوي .. عظمة القرآن والاسلام بساطته وتيسيره وحرية الاختيار .. الله يريد مؤمنين يفهمون جوهر الدين الذي لم يكن أبدا مجرد طقوس ..


وكم أتفق معك أخي زهير في هذه الفقرة :


هذه ارادة رب العالمين هو أراد أن يكون الدين والايمان ليبرالي التوجه . لاتوجد قوة على الارض تكره إنسانا ما على الايمان أو الكفر.وهذا لايمكن تحقيقه إلا بوجود نظام سياسي علماني .يعيش فيه المسلم ،والمؤمن ،والمسيحي ،واليهودي وغيرهم ...ويعيش فيه النلحد والكافر ،وحقوقهم محفوظة أيضاً . ذلك لإن مقياس الإنسان هو كونه إنسان ويتجوهر بالانسانية ،لا حيوان في ثياب إنسان.





وكل عام وأنتما والجميع بخير


أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-09-30
مقالات منشورة : 131
اجمالي القراءات : 1,496,904
تعليقات له : 1,140
تعليقات عليه : 798
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : Egypt