شريف هادي Ýí 2008-02-17
قبل أن أبدأ في الحديث عن الأقباط ، أقر حقيقة أنني دخلت حقل ألغام شائك جدا ، فالإخوة الأقباط يمثلون الآن رقم صعب في المعادلة المصرية ، وصعوبة هذا الرقم تأتي من عدة أسباب ، أولها تمسكهم بلقب أقباط ، مع أن القبطية عرق وليست ديانة وهي عرق لكل من ولد وأقام على أرض مصر بإعتبارها أرض القبط ، وقد جاء في كتاب رسول الله (ص) إلي مصر أن قال ( إلي المقوقس عظيم القبط) ، كما أن إسم مصر عالميا هو EGYPT وتعني أرض القبط ، ولكنهم يتمسكون بلقب أقباط كأسم علم على مسيحيوا مصر دون غيرهم حتى أصبح هذا الاسم في زهن الجميع وفي استخدامات وسائل الأعلام العالمية أسم جامع مانع يجمع كل المسيحيون في مصر تحته ويمنع غيرهم من الدخول فيه ، بما يشكل ذلك إضطهادا معنويا لباقي أهل مصر من مسلمين ويهود وجميع الديانات الأخرى ، فقد بدأ الأقباط طلبهم برفع الإضطهاد عنهم بإستخدام نفس الوسيلة (الاضطهاد) ضد باقي إخوانهم في الوطن ، واستأثروا بما يفيد انتمائهم وحدهم لأرض مصر الطيبة الطاهرة دون عداهم ، على ما يحمل هذا الزعم من إسقاطات خطيرة وتأصيل بل وتأجيج لصراع غير موجود أصلا إلا في مخيلة المتعصبين والموتورين من كل ملة.
كما تأتي صعوبة الأقباط كرقم في المعادلة المصرية ، من وجود ما يسمى بأقباط المهجر والذين أستطاعوا تكوين لوبي ضغط لا بأس به على صانع القرار الأمريكي ، وتمكنوا من التحالف مع بعض القوى في المجتمع الأمريكي ، وأصبح لهم صوتهم العالي دائما ، وقد تطرف البعض منهم في مطالبهم بحيث أصبحوا يطلبون ما يستحقون وما لا يستحقون ، ومن ضمن الأسباب أيضا ، نزول المتعصبين من مسيحيوا مصر حلبة المنافسة في مقابل المتعصبين من الإسلاميين ، فأصبحنا نرى ونشاهد بعض الأفعال غير المسئولة من بعضهم والتي تضع الزيت على النار وتزيدها إشتعالا ، وليس أدل على ذلك من كتابات زكريا بطرس ، والهجوم الشديد على الدين الإسلامي من بعض المتعصبين الأرثوذكس المصريين
ونظرا لوجود فراغ كبير في المشهد السياسي المصري فإن مجموعة من الليبراليين والعلمانيين تبنت جميع مطالب الأقباط في مواجهة الدولة بعضهم عن حسن نية وبعضهم ركوبا للموجه إرضاءا للسيد الأمريكي أو ... لايهم!
ولضعف الدولة من الناحية الرسمية ضعفا شديدا وإستخدامها دائما وسيلة النعامة بدفن الرأس في التراب حتى تكبر وتتفاقم المشكلة وعندها فقط يبدأ مسلسل التنازلات غير المحسوبة فإن ذلك أيضا يجعل من الأقباط رقم صعب للغاية في المعادلة المصرية خاصة وأن الدولة تعتبر في آخر حلقات مرحلة النعامة فيما يتعلق بالقضية القبطية.
تاريخيا ، يجب التنويه على أن الإسلام في مصر ليس إحتلالا كما يحلوا لبعض الأصوات المسيحية وصفه ، فمهما كانت الطريقة التي دخل بها عمرو بن العاص مصر صلحا بالاتفاق مع المقوقس نكاية في الرومان أو فتحا بخوض غمار معارك خاصة عند فتح الاسكندرية العاصمة المصرية في هذا التاريخ ، أقول مهما كانت الطريقة ، فإن الإسلام لسبب أو لآخر أصبح الخيار والاختيار الاستراتيجي لمعظم سكان مصر ، وأصبحت الأغلبية مسلمة بمحض إختيارها حتى أنه تم تغير اللغة المصرية من القبطية إلي العربية ووافقت الأقلية المسيحية في ذلك الأغلبية المسلمة.
ويحكي لنا التاريخ أن الاحتلال مهما طال ومهما حاول من تغيير معالم البلد المحتل فإنه إلي زوال ، والشاهد على ذلك الاحتلال الروماني لمصر والذي دام عدة قرون وقام ببناء العاصمة الاسكندرية ولكنه زال وانتهى ، وكذلك الاحتلال الإسلامي لأسبانيا والذي دام عدة قرون ولكن لم يتفاعل معه أبناء البلد حتى إنتهى ، أما دخول الإسلام مصر فالشاهد أنه لم يكن إحتلال ولو كان فإنه لم يستمر إحتلال بل تفاعل معه أهل البلد وأخذوا منه وأضافوا له حتى أصبح جزء منهم ومن عقيدتهم ، وأكاد أجزم أن كثير من الطرق الصوفية مصرية خالصة وعقائدها هي مزيج غريب من العقائد المصرية القديمة محلاه ببعض العقائد الإسلامية .
كما أحب أن أقرر عدالة بعض المطالب المسيحية ومنها حرية بناء وترميم الكنائس بنفس الطريقة التي يتم بها بناء وترميم المساجد ، ومنها الإمكانية القانونية لشغل جميع الوظائف في الدولة حتى منصب رئيس الجمهورية ، وإلغاء خانة الديانة في جميع المحررات الرسمية وما يستتبع ذلك من إمكانية تحرير عقد الزواج المدني مهما كانت أطرافة ، كما أقرر أيضا أن هناك ظلم وإجحاف في الكثير من طلباتهم ، فهم مثلا يقيمون الدنيا ولا يقعدوها إذا أسلمت فتاة مسيحية برغبتها وإرادتها ويقلبون الحقائق بشكل يثير الدهشة والغيظ في آن واحد ويدعون أنها أجبرت واختطفت ، حتى يستردوها لوادي النطرون وما أدراك ما وادي النطرون بما يشعر الأغلبية المسلمة بأنها أغلبية ضعيفة مضهدة في مواجهة أقلية مستأسدة ومستقوية بالأجنبي.
في كثير من الأحيان يعلن المسيحي عن ديانته كنوع من التهديد الخفي لرجال الإدارة الضعفاء للحصول على أكثر من حقه في مواجهة اخوتهم في الوطن ، خاصة في موضوعات الحيازة والنزاعات التي يكون أحد أطرافها مسيحي والآخر مسلم.
وأخيرا فإنه حتى السنوات الخمس الأخيرة من عصر السادات لم يكن يوجد ما يعرف بالمشكلة الطائفية في مصر فالمسيحيون في مصر لم يكونوا أقلية مضهدة بالمعنى المعروف للأقليات أو بالمعنى المعروف للاضطهاد ، فحتى حرب أكتوبر كان قائد الجيش الثاني الميداني لحرب اكتوبر مسيحيا (عزيز غالي) ، وهم ينخرطون في سلك الجندية مع إخوانهم المسلمين ، وأقول أنه عندما كنا أطفالا كانت أهالينا تطالبنا بأن نعامل زملائنا المسيحيين كأخواننا ، وأن نحترم جييراننا المسيحيين احترامنا لأبائنا وأمهاتنا ، وكنا نحتفل معهم بأعيادهم ونكتب لهم كروت المعايدة إحتفالهم معنا بأعيادنا ، ولكن التعصب البغيض بدأ يفرد أجنحته فوق ربوع المحروسة من كلا الطرفين وأصبح كل طرف يتقدم خطوة على طريق الصدام حتى أمسينا على ما نحن عليه الآن إعلاميا فقط ورغبة شيطانية دولية يساعدها ما يسمى بأقباط المهجر والمتعصبين من الطرفين ، ولكن من ينظر لنجيب ساويرس في مصر أو بطرس غالي أو غيرهم يتأكد بعدم وجود ما يسمى بالاضطهاد الطائفي.
لذلك فإن الحل الطبيعي للمشكلة أن تتدخل الدولة بشكل رسمي لتعمل على تنقية جميع القوانيين المصرية من شبهة الطائفية أو تقديم مصلحة طائفة على طائفة ، وإستخدام جميع وسائل الإعلام في إعلاء قيمة المواطنة ، في نفس الوقت يتوقف المسيحيين عن اللعب بورقة أقباط المهجر ويتوقفون عن المطالبات المبالغ فيها ، ويتوقفون عن تضخيم الأحداث بالاتفاق مع رغبات القوى المعادية لمصر ، ويتوقف كلا الطرفين عن الأعمال العدائية من تحقير وسب معتقد الطرف الآخر ، وأن يترفع كل طرف عن الوقوع في هذا المستنقع ، مع عدم رضوخ الدولة للإبتزاز ، مع التأكيد على عدم استئثار المسيحيون بلقب أقباط دون إخوانهم المسلمين في مصر.
ورغم حساسية المشكلة فإن الحل مازال ممكنا إذا تلاقت إرادة الجميع عليه ، وأظن أن الإرادة موجودة خاصة في وجود قيادة وطنية للكنيسة المصرية متمثلة في نيافة الأنبا شنودة.
شريف هادي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
مقال اكثر من رائع و احيي حضرتك بشدة واتفق معك فى كل كلمة جاءت فية .. انا مع حقوق الاخوة المسيحيين قلبا وقالبا من منطلق حقهم كمواطنين مصريين وليس كفئة لها مندوب سامي يحمي حقوقها على حساب الاغلبية ولا الاقلية فى اى مذهب او دين آخر .. المشكلة ان بعض الاخوة المسيحيين اراد حل مشكلة المسيحيين واسترداد حقوقهم فسقط فى نفس مستنقع الطائفية والهمجية .. كنت قد شرعت فى كتابة مقال حول ازدواجية بعض المسيحيين فى التعاطي مع الازمات .. عندما تأسلم فتاة يقال انها اجبرت على الاسلام وتتعالى الصيحات والنواح كأنة لا يوجد من سيعتنق الاسلام سوي بدافع عاطفي او اجباري فهل تم اسلمة وفاء قسطنطين القاصرة !!! بنفس الاسلوب ؟ وعلى المنحني الاخر يطالبون بحق محمد حجازي المتنصر في تغيير ديانتة وتكثر دعاوي حقة فى ذلك وانا معهم ولكن لماذا لم يكونوا مع وفاء قسطنيطين ولا ماريان وكرستين فى حقهم فى دخول الاسلام ؟؟؟ .. تم عرض فيلم آلام المسيح طبقا للرؤية المسيحية وصمت الشيوخ المسلمين ولكن الكنيسة لوحه بحدوث حالة عنف طائفية لو تم عرض الفيلم البريطاني المسيح فى عيون المسلمين طبقا لرؤية الاسلام حيال المسيح؟ وكذلك فعلوا فى فيلم شفرة دافنشي .. وكذلك يطالبون برفع التمييز المتمثل فى الحجاب فهل يرفعون كذلك التمييز المتمثل فى الصلبان ؟ حالة ازدواجية للاسف لا تجعلنا نتصدي للعنصرية والتطرف من بعض المسلمين ولكن تخلق تطرف وعنصرية على الاتجاة الاخر وانا ضد ان العنف يقومة العنف .. ولكني مع مطالبهم الحقة بشان بناء الكنائس وترميمها وتولى كل المناصب فى الدولة من اول موظف الى رئيس جمهورية
وشكرا جزيلا يا استاذ شريف على ما سطرتة بصدق وحيادية وتقبل ارق التحية والتقدير
واحنا كمان بندحرج التماسي يا دكتور عثمان يا حبيب ، وطبعا الرد قبطي يعني مصري وسيادتك مصري مش كد ولا إيه (هههههههههه)
كنت بصدد الرد عليكم بإضافة بعض الروابط التي يتحدث فيها المتعصبون من إخواننا المسيحيين ، ولكنني أحجمت عن ذلك بعدما قرأت تعليق الأخت (داليا سامي) الذي أرجوك أن تقرأه ليس مرة واحدة بل عدة مرات لتعرف أنني على حق في أن الطريقة التي تعالج بها مشكلة أخواننا المسيحيين إن جاز لنا التعبير أنها مشكلة ، أصابت الكثير من الأغلبية المصرية (المسلمة) بالإحباط على أقل تقدير لإزدواجية المعايير التي رافقت سياسة النعامة في المعالجات الرسمية.
وبعدين تعالى قول لي إيه حكاية مقالة حكومية وأنا باتهم الحكومة بممارسة سياسة النعامة
ومع ذلك لك حبي وتقديري وشكري على مروركم الكريم وتعليقكم الجميل ذو الخط الصغير
أخوكم / شريف هادي
أخي ليث عواد
أشكرك على مرورك الكريم واتفاقكم معي فيما ذهبت اليه ، كما أشكركم على أدبكم عندما أدليتم بدلوكم في مسألة مصرية خالصة ، لكم مني أرق التحية
شريف هادي
الأخت الكريمة داليا سامي
أشكركم على مروركم الكريم ومطالعتكم للمقالة وإتفاقكم معنا في كل ما جاء بها ، وتشجيعكم لنا ، وآسف أنني كتبت المقالة قبل كتابتكم لمقالتيكم ، والتي أنتظرها لأقرأ وأتعلم.
أختي الفاضلة ، أعرف شعورك تجاه هذه المشكلة ، فرغم تعاطفك مع أخواننا المسيحيين إلا أن بعض التصرفات والأقوال غير المسئولة تصيبك بالدهشة والأحباط
أدعوا الله أن يهدي أخواننا المسيحيين لما فيه الخير لهم ولنا ولمصر
شريف هادي
الدستور المصري والجمهورية البرلمانية
التدين في سن الأربعين .... وفقدان الهوية..!!
تعليقا على القبض على القرآنيين ( 3 )
دعوة للتبرع
دعهم يصرخون: فى البدا ية أنا مسلم واصلى وكل حاجة ولكن هناك...
طهارة الثياب: هل من شروطِ الصحّ ةِ الصّل وةِ ...
صنع / صناعة: جاء تعبير ( صنع ) فى القرآ ن الكري م ، فهل هو...
ليس من الاسلام: قراءة القرآ ن فى البيو ت ( الروا تب ) ووهب...
سخافة السنيين: بما ان انا قرآني ه ولا اؤمن بالاح اديث لفت...
more
صديقى الحبيب - سايادة المشتشار - شريف با شا هادى ...جميل هذا المقال الأمنى (هههههه)..بندحرج التماسى فقط ..
وعلى كل حال ارجو من سيادتك البحث عن توصيات لجنة العطيفى (عن حالة مشاكل الأقباط فى مصر فى اواخر عصر السادات او فى النصف الأخير من عصر السادات ) .لنرى هل هناك طلبات اكثر منها الأن ام لاا؟؟ ولماذا لم تأخذها حكومات السادات ومبارك المتعاقبه بعين الإعتبار للقضاء على المشكله فى مهدها ؟؟ وما هو دور ممثلوا الجماعات الإسلاميه والإخوان المسلمين فى عهدى السادات ومبارك فى وأد تفعيل توصيات لجنة المستشار جمال العطيفى طوال هذه الفتره ؟؟----------------------------وإنصافا وإحقاقا للحق ومن وجهة نظرى ان طلبات الأقباط لا تزيد عن تفعيل حق المواطنه بمعناه الحقيقى فى مصر مع بعض الطلبات الصغيره جدا التىينادى بها الليبراليون عموما مثل خانة الديانه وحرية العقيده وهكذا ...ومن وجهة نظرى ايضا ان ليس من حقنا ان نلقى التهم على من ينادى بالإصلاح لبلده سواء كان من زاوية الدفاع عن الأقباط او من زاوية أخرى ان نتهمهم بالعماله او ركوب الموجه او غيره ..فأنا اعتقد ان منهم كثيرين وكثيرين جدا من الشرفاء الذين يريدون الغصلاح الحقيقى ووأد الفتنه قبل قيامها وإطفاء بوادر نيرانها التى باتت تتسرب علينا كل يوم بسبب تقاعس الحكومه وسيطرة الفكر الإخوانى على كثير من رجالات السلطه ...واعتقد انه ليس من الإنصاف ان نتهم أى مصرى خارج بلده يتحدث بصوت خافت او عال وينادى بإصلاح مصرنا العزيزه بأنه إما عميل لجهة ما او راكبا لموجة ما ...فمصر اكبر وأعز وتستحق من كل مخلص لها ان ينادى ويتحدث كيفما يريد لكشف الفاسدين المستفيدين من اوضاعها هكذا .وايضا حرصا على اجيالها القادمه من ان تقفز فى غياهب البراكين الإخوانيه او أن يموتوا تحت وطأة سياط طغاتها وجلاديها وسارقيها ... فرحمة بالمصلحين فى الخارج وفى الداخل يا صديقى العزيز...