آحمد صبحي منصور Ýí 2025-02-19
الفصل الثالث : إجتهادهم فى التلاعب بأسباب النزول
الباب الثانى :الإجتهاد الشيطانى لأئمة السنيين فى تبديل الشريعة الاسلامية
أنواع أسباب النزول ومنهج القرآن الكريم فى كل منها
أولا :
منهج القرآن الكريم فى أسباب النزول فى ميدان الوعظ والاخلاق والعقائد
1 ـ وردت هذه القصة فى كتاب (أسباب النزول) للنيسابورى. فيما يخص سورة النساء.
( إِناأَنزَلنا إِليكَ الكِتابَ بِالحَقِّ لِتَحكُمَ بَينَ الناسِ بِما أَراكَاللهُ}الآية.إلى قوله تعالى {وَمَن يُشرِك بِاللهِ فَقَد ضَلَّ ضَلالاًبَعيداً} أنزلت كلها في قصة واحدة.وذلك أن رجلاً من الأنصار يقال له طعمة بن أبيرق أحد بني ظفر بنالحارث سرق درعاً من جار له يقال له قتادة بن النعمان، وكانت الدرع في جراب فيه دقيقفجعل الدقيق ينتثر من خرق في الجراب حتى انتهى إلى الدار وفيها أثر الدقيق ، ثم خبأهاعند رجل من اليهود يقال له زيد بن السمين ، فالتمست الدرع عند طعمة فلم توجد عندهوحلف لهم: والله ما أخذها وما له به من علم فقال أصحاب الدرع: بلى والله قدأدلج علينا فأخذها وطلبنا أثره حتى دخل داره فرأينا أثر الدقيق فلما أن حلف تركوهواتبعوا أثر الدقيق حتى انتهوا إلى منزل اليهودي فأخذوه فقال: دفعها إلي طعمة بنأبيرق وشهد له أناس من اليهود على ذلك فقالت بنو ظفر وهم قوم طعمة: انطلقوا بناإلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فكلموه في ذلك فسألوه أن يجادل عن صاحبهموقالوا: إن لم تفعل هلك صاحبنا وافتضح وبريء اليهودي فهم رسول الله صلى الله عليهوآله وسلم أن يفعل وكان هواه معهم وأن يعاقب اليهودي حتى أنزل الله تعالى {إِنا أَنزَلناإِلَيكَ الكِتابَ بِالحَقِّ} الآية كلها وهذا قول جماعة منالمفسرين.) انتهى .
2 ـ المقصود من كلامه أنه سرق شاب درعاً وشاع أمر السرقة وصارت فضيحة للشاب السارق، وأحس أهله بالعار فاجتمعوا ليلاً ليتداركوا الفضيحة، وانتهوا إلى قرار، خبأوا الدرع المسروق فى بيت يهودى برئ، ثم ذهبوا فى الصباح للنبى محمد يدافعون عن ابنهم (المظلوم) وتم العثور على الدرع المسروق فى بيت اليهودى واقتنع النبى ببراءة الشاب ودافع عن براءته.. وبذلك تمت تبرئة المجرم وتمت إدانة برئ مظلوم..
3 ـ ولأنها قصة إنسانية تكرر فى كل زمان ومكان، فإن القرآن نزل يوضح الحق وينصف المظلوم ويثبت جريمة السارق ويضع القواعد، ويحول الحادثة المحددة بالزمان والمكان والأشخاص إلى قضية عامة فوق الزمان والمكان، قضية البرئ المظلوم والمجرم صاحب النفوذ الذى يفلت بجريمته..
3 / 1 : وبدأت الآيات بعتاب النبى، تقول له ﴿إِنّآ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النّاسِ بِمَآ أَرَاكَ اللّهُ وَلاَ تَكُنْ لّلْخَآئِنِينَ خَصِيماً. وَاسْتَغْفِرِ اللّهِ إِنّ اللّهَ كَانَ غَفُوراً رّحِيماً. وَلاَ تُجَادِلْ عَنِ الّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنّ اللّهَ لاَ يُحِبّ مَن كَانَ خَوّاناً أَثِيماً﴾ ولا شك أن أولئك الناس كانوا من الصحابة المقربين للنبى الذين كانوا يتمتعون بتقدير خاص لديه، ولكن لأنهم اجترءوا على تبرئة ابنهم المجرم واتهام إنسان (يهودى) برئ فقد جعلهم الله من الخونة الآثمين، وتلك عظمة الرقى التشريعى فى الإسلام، فالبرئ له حقوقه حتى لو لم يكن مسلما فى دولة اسلامية،ً والمجرم مستحق للاحتقار هو وأهله الذين يعاونونه حتى لو كانوا من أقرب أصحاب النبى إليه.
3 / 2 : ثم يقول تعالى يصف تآمر أولئك (الصحابة) ﴿يَسْتَخْفُونَ مِنَ النّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيّتُونَ مَا لاَ يَرْضَىَ مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطاً﴾ أى أنهم كانوا يراعون الناس ولا يراعون رب الناس جل وعلا.. تآمروا ليلاً على اتهام برئ ليبرئوا ابنهم المجرم، وقد نسوا أن الله تعالى معهم يسمع نجواهم ومحيط بكل ما يعملون..
3 / 3 : ثم يتوجه العتاب للنبى ولهم فيقول تعالى ﴿هَا أَنْتُمْ هَؤُلآءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدّنْيَا فَمَن يُجَادِلُ اللّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً﴾؟؟!! يعنى إذا كنتم تجادلون وتدافعون عنهم فى الدنيا فهل يستطيع أحد منكم أن يدافع عنهم أو يشفع فيهم يوم القيامة، وهل يستطيع أحد منكم أن يكون وكيلاً عنهم أمام الله، والاستفهام استنكارى.. يعنى أن الله تعالى قد أنزل الكتاب لتأسيس العدل وليقوم الناس بالقسط، ولكن الذى حدث أن الناس لم يكتفوا بنشر الظلم فى الدنيا بل وتصوروا يوماً للحساب فى الآخرة يقوم أيضاً على الوساطات والشفاعات حتى يستطيع الذى نجا بظلمه فى الدنيا أن ينجو أيضاً فى الآخرة.. ولذلك فإن الله تعالى بعد أن عاتبهم- ومنهم النبى- بأنهم إذا كانوا يجادلون عن الخونة فى الدنيا فلن يستطيعوا الدفاع عنهم فى الآخرة.
3 / 4 : وبعدها يضع الله تعالى القواعد التى على أساسها تتم عدالة الحساب فى الآخرة حيث لا مجال للشفاعة أو التوسط أو المحاباة، فيقول تعالى ﴿وَمَن يَعْمَلْ سُوَءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمّ يَسْتَغْفِرِ اللّهَ يَجِدِ اللّهَ غَفُوراً رّحِيماً﴾ أى أن المذنب إذا استغفر الله غفر الله له، وحينئذ لا حاجة لوسيط خارجى، عليه أن يتوب والله تعالى يتوب عليه، أى أنه مسئول عن نفسه، إن تاب فالله تعالى غفور رحيم.
3 / 5 : وتؤكد الآية التالية هذه الحقيقة ﴿وَمَن يَكْسِبْ إِثْماً فَإِنّمَا يَكْسِبُهُ عَلَىَ نَفْسِهِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً﴾ أى فالمسئولية فردية ولا يغنى أحد عن أحد، والله تعالى (عليم) بكل ما يحدث فى العالم (حكيم) فى كل أحكامه وقضائه وتشريعاته.
3 / 6 : وتقول الآية التالية ﴿وَمَن يَكْسِبْ خَطِيَئَةً أَوْ إِثْماً ثُمّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَاناً وَإِثْماً مّبِيناً﴾ أى فالذى لا يكتفى بالإثم ولكن يضيف عليه أن يلصق الإثم ببرئ ليفلت هو إنما اكتسب مع الإثم بهتاناً عظيما.. فالعقاب على قدر الجناية..
3 / 7 : وفى النهاية يقول تعالى للنبى ﴿وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمّتْ طّآئِفَةٌ مّنْهُمْ أَن يُضِلّوكَ وَمَا يُضِلّونَ إِلاّ أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَضُرّونَكَ مِن شَيْءٍ وَأَنزَلَ اللّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً﴾ (النساء 105: 113) أى فلولا الوحى وما نزل من الكتاب لاستطاعوا خداع النبى وتضليله، ولكن الله تعالى بفضله على النبى أخبره بما لم يكن يعلم بتآمر أولئك الصحابة الخونة المخادعين الذين كذبوا على النبى ليبرئوا ابنهم بالباطل ويلصقوا الجريمة ببرىء ، وهم فى الحقيقة لم يخدعوا إلا أنفسهم.
4 ـ وهكذا لم يتحدث القرآن عن فلان السارق وفلان البرئ وأسرة الجانى وزمن الحادثة وتفصيلاتها، وإنما تحولت الحادثة التاريخية الى قضية عامة نراها فى كل مجتمع لتكون حجة على أصحاب النفوذ الذين يستغلون نفوذهم والواسطة أو الشفاعة فيهربون من العقوبة على جرائمهم ويضعون الأبرياء مكانهم فى السجون ، وتلك احدى أهم الرذائل التى تنتشر فى بلاد المحمديين الذين آمنوا بالشفاعات والوساطات فى الدين وفى الدنيا فخسروهما معا، ولذلك تمتلىء السجون فى بلادهم بالمظاليم حتى يقول المثل الشعبى "ياما فى الحبس مظاليم".
5 ـ والآيات تنفى أن كل الصحابة أطهار بررة، فمنهم السابقون الأطهار، ومنهم من خلط عملا صالحا وآخر سيئا ، ومنهم منافقون، ومنهم خونة متآمرون، وذلك الوصف ليس من عندنا ولا نجرؤ على قوله إلا من خلال ما قاله رب العزة فى الآيات السابقة ، استرجع معنا ما قاله تعالى عنهم فى هذا السياق :" وَلاَ تَكُنْ لّلْخَآئِنِينَ خَصِيماً" ـ "وَلاَ تُجَادِلْ عَنِ الّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنّ اللّهَ لاَ يُحِبّ مَن كَانَ خَوّاناً أَثِيماً" ـ يَسْتَخْفُونَ مِنَ النّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللّهِ ـ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمّتْ طّآئِفَةٌ مّنْهُمْ أَن يُضِلّوكَ وَمَا يُضِلّونَ إِلاّ أَنْفُسَهُمْ ". ان الذى ذكر قصص الصحابة التى نخجل منها الآن هو الله تعالى الذى لا معقب لحكمه.. وعليه فإن إضفاء العدالة على كل الصحابة أمر يخالف العقل ويجافى القرآن الكريم.
6 ـ والآيات تثبت :
6 / 1 : أن النبى بشر يستطيع الآخرون خداعه وتضليله، إلا أن عصمته بالوحى، إذ يأتى الوحى يوضح له الحق ويأمره بالاستغفار من الذنب، وعن عصمة النبى بالوحى فقط يقول له ربه تعالى ﴿قُلْ إِن ضَلَلْتُ فَإِنّمَآ أَضِلّ عَلَىَ نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيّ رَبّي﴾ (سبأ 50).وإضفاء العصمة المطلقة للنبى تأليه للنبى، فالله سبحانه وتعالى هو وحده المنزه عن الخطأ، وهو الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
6 / 2 : والآيات تثبت أن النبى لن يستطيع أن يجادل عن أحد يوم القيامة أو أن يشفع فيه، فالمسئولية تقع على كل فرد، إذا تاب تاب الله عليه، وإذا عصى ولم يتب فالعقاب على قدر الجريمة.. والله تعالى يقول ﴿مَن يَعْمَلْ سُوَءًا يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللّهِ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً﴾ (النساء 123). أى ولا يجد له من دون الله شفيعاً. ولذلك فإن الذين ارتكنوا فى الدنيا على شفاعة البشر فإنهم سيقولون فى النار ﴿وَمَآ أَضَلّنَآ إِلاّ الْمُجْرِمُونَ. فَمَا لَنَا مِن شَافِعِينَ. وَلاَ صَدِيقٍ حَمِيمٍ﴾..!!
7 ـ المهم فى موضوعنا : أن القرآن الكريم تجاهل أسماء الأشخاص والزمان والمكان وكل التفصيلات ( التاريخية ) لكى يحوّل تلك الحادثة المقيدة بالزمان والمكان والأشخاص الى عبرة فوق الزمان والمكان وصالحة للعظة فى كل وقت.
8 ـ موقف أديان المسلمين منها
الذى فعله أصحاب الدين الأرضى هنا أنهم حولوا تلك القضية من العمومية الى تخصيصها بزمان ومكان. أى مجرد قصة بطلها فلان وفلان ليتركز الانتباه على الحادثة لتكون مجرد حكاية للتسلية حتى ينقطع جوهر العظة والعبرة فيها. والأهم أن ينسى الناس التعليق المكثف الذى جاءت به الآيات على القصة والذى ينفى عصمة النبى محمد وشفاعته ووقوع بعض الصحابة فى الاثم والكذب والافتراء على النبى محمد فى حياته. كل تلك القيم الاسلامية العليا تم تجاهلها فى كتب ما يسمى بالتفسير والحديث. وانتشر مكانها أكاذيب الشفاعة وعصمة النبى وعدالة الصحابة. والدليل لى ذلك أنك لو شرحت هذه القصة وتوقفت مع اتهام القرآن الكريم لأولئك الصحابة بالخيانة لهاجمك السامعون انحيازا منهم لدينهم الأرضى ضد القرآن الكريم.
هذا ما فعله فقهاء الأديان الأرضية للمحمديين فيما يخص أسباب النزول فى موضوعات الأخلاق والعقائد. فماذا فعلوه فى أسباب النزول فيما يخص التشريع؟
ثانيا :
منهج القرآن الكريم فى أسباب النزول فى ميدان التشريعات
فى سياق التشريعات فى القرآن لم ترد كثير من القصص، ولم تكن فيه الكثير من تفصيلات الأحداث. فالمنهج هنا مختلف عن قصص الوعظ الخلقى والعقيدى، إذ تتم الاشارة الى الحدث ليتسع المجال أكثر للتشريع مصحوبة بالأمر والنهى وألفاظ التشريع .
1 ـ ففى بداية سورة التوبة إشارات تاريخية لعدوان وقع من أئمة المشركين المعتدين الذين نقضوا العهد مع النبى محمد عليه السلام بعد فتح مكة واعطائهم مهلة أو براءة لمدة أربعة أشهر هى الأشهر الحرم. الواضح فى السياق هنا حرص السياق القرآنى على تحديد الحادثة بالزمان والمكان. فالمكان هو البيت الحرام والزمان هو أربعة أشهر للتوبة . وفى خاتمة هذا السياق جاءت أهم آية تشريعية وهى التى تمنع أولئك المشركين المعتدين من الاقتراب من البيت الحرام الذى جعله الله تعالى واحة أمن للناس يجب أن يبتعد عنها المعتدون الذين لا أمان ولا عهد لديهم. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (9 /28) والواضح فيها أنها تتحدث عن حادثة محددة بالزمان والمكان (بعد عامهم هذا ) ( المسجد الحرام )والسياق قبلها يصف المشركين بالعدوان ونقض العهد. والمعنى أن ذلك التشريع قابل للتطبيق إذا تكررت ظروفه بنفس التفاصيل. مثلما هاجم القرامطة مثلا البيت الحرام فكان لا بد من منعهم من الاقتراب منه. ولكن الذى حدث هو منع أهل الكتاب المسالمين من الحج إذا أرادوا. وبالمناسبة فان آيات الحج فى القرآن توجب الحج على كل أتباع ملة ابراهيم وتجعل البيت الحرام لكل الناس. ولكن الدين السنى كما احتكر لنفسه الاسلام فقد احتكر أيضا البيت الحرام. والسعودية زعيمة الدين السنى والتى يقوم نظامها السياسى على أساسه تمنع المسيحيين والاسرائيليين من دخول الحجاز أصلا وليس فقط مكة. وحين يريد مسلم أوربى أو أمريكى تأدية الحج لا بد ان تختبره السفارة السعودية فى الاسلام قبل إعطائه تأشيرة الحج. وهم يستشهدون بالآية الكريمة السابقة فيعتبرون المشركين النجس هم أولئك المسالمين من أهل الكتاب.
2 ـ ويتصل بذلك ما فعلوه بآيات الولاء والبراء فى القرآن والتى كانت تتحدث عن علاقات مرحلية محدودة بالزمان والمكان وقابلة للتطبيق فقط إذا تطابقت نفس المعطيات من وجود حالة حرب تستلزم تحالف المشركين المعتدين ضد المسلمين. عندها فقط يجب عدم موالاة العدو المعتدى ضد الوطن والمواطنين. ولكن فقهاء الأديان الأرضية عمموا استعمال هذه الايات ـ خصوصا ما يخص منها اليهود والنصارى ـ وجعلوها تنطبق على المخالف فى الدين المسالم الذى لم يقم بالاعتداء على أحد. والأقليات الدينية فى مجتمعات المحمديين هم ضحايا هذا التحريف المتعمد للقرآن الكريم فى هذا الخصوص.
أخيرا :
1 ـ إن للدين الأرضى عند المحمديين وغيرهم جذورا اجتماعية ، وسياسية ونفسية ، لانه انتاج بشرى يتأثر بالظروف الزمنية والمكانية والشخصية لاصحابه ولكن لا ينطبق ذلك على الكتاب الإلهى الذى نزل من رب العزة جل وعلا لإصلاح اهل الارض، وليس للتأثر بأهل الارض .
2 ـ صحيح ان الوحى الالهى يتشابك مع حادثة ارضية ويقوم بالتعليق عليها ، وهذا ما يعرف بأسباب النزول ، ولكن السياق القرآنى فى هذه المواضع يقوم بتحويل الحادثة المرتبطة بالزمان والمكان والاشخاص الى حالة بشرية عامة ويجعلها عظة تدور فوق الزمان والمكان ، اى يخلصها من اسر الواقعة التاريخية ويحررها من ذلك الارتباط الزمانى والمكانى لتكون صالحة للتطبيق والعظة فى كل زمان ومكان ، وهذا هو منهج القرآن الكريم فى القصص عموما وفى التعليق على الاحداث التى جرت فى عهد النبى محمد و غيره من الأنبياء ـ عليهم السلام. القصص القرآنى لا تجد فيه ذكرا للأسماء والاشخاص او الزمان او المكان ، كى تتحول القصة من التاريخ المحدد الى التشريع والعظة وبذلك يظل النص القرآنى والتشريع القرآنى سارى المفعول فى كل زمان ومكان .
3 ـ وصحيح ان التشريعات القرآنية جاء بعضها مرتبطا بظروفه الزمنية والمكانية وذلك فى التشريعات الخاصة بالنبى وزوجاته وتعاملاته مع اصحابه، ولكن التشريعات العامة جاءت فى سياق يؤكد سريانها فوق الزمان والمكان وفى اطار قواعد تشريعية ملزمة ، وجاء فى سياقها الاستثناءات الخاصة بها ، والمقاصد التشريعية التى تطبق من خلالها.
4 ـ ولكن ذلك كله أطاح به فقهاء الأديان الأرضية للمحمديين .
شاهد قناة ( أهل القرآن / أحمد صبحى منصور )
تاريخ الانضمام | : | 2006-07-05 |
مقالات منشورة | : | 5169 |
اجمالي القراءات | : | 58,638,694 |
تعليقات له | : | 5,479 |
تعليقات عليه | : | 14,871 |
بلد الميلاد | : | Egypt |
بلد الاقامة | : | United State |
الفصل الثانى : الاجتهاد فى التدبر القرآنى وفى الاسلام والكفر والعبادات
القاموس القرآنى : الكفّارة والفدية
الفصل الأول : التقوى والايمان باليوم الآخر أساس الاجتهاد الاسلامى
الفصل الخامس : الاجتهاد الشيطانى العملى فى إضطهاد أهل الكتاب
دعوة للتبرع
تنصت الجن والشياطين: جاء فى القرآ ن الكري م أن الجن والشي اطين ...
عمل الكافرين: فى سورة فاطر سيقول الكاف رون وهم فى النار (...
العزاء: عندنا العاد ة والعر ف السائ د للجلو س ...
الدعاء بلا صوت: هل ممكن الدعا ء لله فى نفسى بدون صوت وهل من...
حجارة القبور: انا محمد من اليمن اسكن في قريه . في محافظ ة ...
more