الأخوة وعقوق الوالدين
الأخوة وعقوق الوالدين
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا (30) الكهف
وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (115) هود
هذه قصة حقيقية واقعية حدثت معي شخصيا وليست من نسج الخيال كما قد يعتقد البعض.. أردت من خلالها أن يأخذ الناس العبرة منها والموعظة, بأن الله جل جلاله محيط بنا ويسمع ويرى ويستجيب برحمته, وليعود الناس الى الله جل جلاله وليتمعنوا وليتدبروا آياته جل جلاله وحده لا شريك له أو قرين معه وليتخذونه وليا لهم من دون الناس .. آملا أن يترك الناس أديان آباؤهم وأجدادهم الأرضية الوضعية المذهبية ( السُنية والشيعية ) والتي تتخذ من دون الله أولياء وليقربونهم الى الله زلفا !! والذي لم ينزل الله بها من سلطان في القرءان الكريم.
بداية.. نحن.. إثناعشر من الأخوة – ثمانية من الأولاد الذكور وأربعة من البنات –, يكبرني ولدين وبنتين, حينما لاحظ والديَ الفقيرين وأمي المريضة, منذ وقت مبكر, إن إخوتي الكبار من الذكور وهما مهتمان كثيرا بمظهرهما الخارجي وبأنفسهما ومنغمسان بالحياة الدنيا ولبناء حياتهما ومستقبلهما, وبعيدان كثيرا عن إهتمامهما بإخوتهم الصغار من بعدهم والسؤال عن قُرب بمستقبلهم وإحتياجاتهم !! وبعدما كتب الله للبنتين الكبيرتين أن يتزوجا بحفظ الله, ويهتمان بحياتهن وأزواجهن وبيوتهن وأولادهن... وحينما أصبحت, الإبن الثالث من الذكور, وتقع عليَ المسئولية, وتحول العبئ والمسئولية عليَ شخصيا ومباشرة في أن أرعى وأحرص وأكمل مشوار الوالدين الفاضلين إرضاءا لله ورسوله. لم آلوا جهدا للحرص على ذلك بإذن الله...
لا أمدح نفسي عندما أقول, بأنني كنت بارا بوالديَ. كان والدي عاطلا عن العمل وكنت عوضا عن ذلك أبا حنونا وأُما عطوفا على جميع أخوتي - كبيرهم وصغيرهم - ولم آلو جهدا للرعاية والإهتمام بهم جميعا وبإحتياجاتهم – مع العلم إنني كنت شابا يافعا لم أبلغ حينها من العمر سبعة عشر عاما ( 17 عاما ) وفي السنة الأولى من مرحلتي الدراسية الثانوية العامة.. وحتى يستقيم أخوتي أخلاقيا ويتفوقوا دراسيا وخوفا عليهم من التشتت والضياع - ولن يتأتى هذا إلا بالصبر والمثابرة ومواجهة صعوبات وضغوطات الفقر والحياة حينها - ما أدى بالنتيجة الى إنني ظللت أبحث عن مصدر عيش ورزق لإعالة والديَ وإخوتي, ظللت أبحث عن عمل مسائي أستطيع من خلاله أن أدرس صباحا وأعمل فيها مساءا – وتحقق ذلك بإذن الله - حرصا مني على أن أسد بعض إحتياجات المأكل والمشرب للأسرة الكبيرة وسد بعض الإحتياجات الضرورية, وأتذكر حينها إنه كانت تأتي عليَ بعض الأحيان واللحظات والضغوط, التي أضطر فيها لأكون قاسيا مع أحد إخوتي مصلحة له – ليس لأنني أقسوا على أخوتي الذين أحبهم حبا شديدا – بل لأنني كنت أخشى عليه أن يخرج عن الطريقة الأخلاقية المُثلى.
مرت عليَ ثلاث سنوات صعبة شاقة وأنا على هذا الحال .. أدرس صباحا وأعمل مساءا وأستطعنا خلالها أن نحل كثير من الأمور الضاغطة ونتغلب على كثير من الصعاب.
مرت السنين سريعة, وعندما كبر الجميع.. وكلهم أصبحوا أصحاب درجات وشهادات علمية وعلى إستقامة وخُلق ويفخر بهم الآخرون ولهذه الأسرة الكريمة المتماسكة المتحابة الفاضلة الرائعة... توفى والديَ في ظل غياب أخوتي الكبار المنغمسون بحياتهم الخاصة, وأطمئن قلبي على إخوتي جميعا ولم يعد أي منهم بحاجة لي.
لا أدعي بأنني مَلكا من السماء.. إلا إنني حتى بعد زواجي, وبعدما رزقني الله بخمسة من الأبناء – أربعة من الأولاد الذكور وبنت واحدة – إلا إنني وبعد عُمر طويل, لاحظت جحودا غير مسبوق من بعض إخوتي !؟ لم يبادلونني الحب بالحب والصدق بالصدق ولم أطالبهم أن يردوا لي بعضا من ما قدمته لهم من تضحيات ؟؟ وظلت الصورة عندهم مبنية على إنني مقتدر ماليا ومرزوق من عند الله بدعوة الوالدين!؟ وظلت الصورة عندهم مبنية على إنني انا الغني وهم الفقراء!؟ والعلاقة بيننا ظلت مبنية على إنني انا من يجب عليه أن يتكلف ويتحمل ان يصرف على مساعدة إخوته!! وهم ليسوا معنيون بأن يتحملوا جزءا من المسئولية تجاه بعضهم بعضا ؟؟ تملك الجشع والطمع والبُخل واللؤم بعضهم!! وأُنتزعت الرحمة من قلوب بعضهم... وأخيرا.. لا أملك إلا أن أقول.. حسبنا الله ونعم الوكيل وإنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله.. واللهم لك الحمد ولك الشكر على كل حال ونعمة ..
كبرتُ وكبر أولادي الخمسة.. وهنا تأتي العبرة والموعظة من وراء نشري لهذا.. مع إنني في الحقيقة أفقر إخوتي مالا وأغناهم صدقات وإحسان, فلاحظت كيف أن ربي خالقي قد رزقني ذرية صالحة طيبة متماسكة متحابة.. وبعدما تزوج ولداي الكبيران الخريجين من أعلى الكليات والجامعات, ورزقهما الله أطفالا .. ووجدت أحد أبنائي – الثاني - وهو يتعامل مع والديه وإخوته كما كنت تماما أتعامل مع والديَ وإخوتي, أبا حنونا وأُما عطوفا لوالديه ولأخوته جميعهم دونما إستثناء!!؟؟ – يا سبحان الله -
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا (30) الكهف
وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (115) هود
عندما وجدت الجحود من أخوتي.. وجدت الله جل جلاله شاكرا غافرا.. وهنا نرى الله جهرة .. عندما يصبر الإنسان, وبعدما يعمل عملا صالحا مرضاة لله ورسوله, فما يكون إلا ان نجد الله جل جلاله يقول لنا: إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا .. فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ.
وبهذه المناسبة .. ومؤخرا.. وبمناسبة تخرُج ولدي الثالث محمد من الجامعة – تخصُص إنجليزي – فإذا بولدنا الحنون الثاني, يدفع جميع تكاليف ونفقات وتجهيز أخيه الصغير محمد للزواج !!؟؟ يا سبحان الله...
أنشر هذا متعمدا, وخاصة إنني أرى بأم عيني, كيف إن أولاد بعض إخوتي هم من العاقين للوالدين الغافلين الضالين سلوكا وخُلقا ( للأسف الشديد ).
هذه القصة الحقيقية الواقعية .. نشرتها للعبرة والموعظة الحسنة للجميع .. ولمن أراد أن يأخذ منها العبرة والموعظة... والله من وراء القصد...
تقبلوا جميعا تقديري وإمتناني وإحترامي
اجمالي القراءات
2734