قراءة فى كتاب أحاديث في ذم الكلام وأهله
رضا البطاوى البطاوى
Ýí
2020-01-08
قراءة فى كتاب أحاديث في ذم الكلام وأهله
الكتاب انتخبه أبو الفضل المقرئ من رد أبي عبد الرحمن السلمي على أهل الكلام والمراد ان اختار من كتاب السلمى بعض ما ظن أنه الأهم وموضوع الكتاب هو النهى عن الخوض فى علم الكلام وهو العلم الذى يتحدث فى موضوعات كثيرة غالبها يدخل فيما يسمى العقيدة والكتاب ومقولته فى ذم الكلام قام على أسس خاطئة وهى:
- تحريم السؤال فى تلك الموضوعات مع أن الله طالب المسلمين الذين لا يعلمون أن يسألوا أهل الذكر الذين يعلمون فقال :
"فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون"
-تحريم الجدال وهو ما يسمى خطأ بعلم الكلام مع أن الله طالب النبى(ص) والمسلمين بالجدال بالحسنى أى بالبرهان أى بالحق فقال :
"وجادلهم بالتى هى أحسن"
وقال للمؤمنين :
"ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتى هى أحسن"
والمحرم على الناس هو الجدال بالباطل لدحض الحق كما قال تعالى:
"وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق"
والآن لاستعراض ما جاء فى الكتاب:
"أخبرنا الشيخ الإمام الأجل السيد سيف السلف إمام الحرمين أبو الحسن محمد بن عبد الملك جبر الله سموه، وحفظه في الدارين قال: حدثنا الشيخ الإمام أبو منصور محمد بن أحمد بن محمد الأصبهاني والشيخ أبو الهمام الإمام عبد الله بن عبد الواحد بن علي بن جعفر في المسجد الجامع في مجلس واحد في الحظيرة بالكرج، في شهر المحرم سنة ستة وسبعين وأربعمائة، قالا حدثنا الشيخ الإمام أبو الفضل عبد الرحمن بن أحمد بن الحسن المقرئ الرازي قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين بن موسى السلمي النيسابوري رحمة الله عليه، حدثنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن الحسين بن عبد الله الحصامي، حدثنا الحسن بن أحمد بن مالك الزعفراني، حدثنا محمد بن عبد الرحمن الهروي، حدثنا يزيد بن هارون، أنا يزيد بن إبراهيم التستري، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تفكروا في خلق الله، ولا تفكروا في الله) ."
معنى الرواية صحيح بمعنى عدم التفكير فى تصور الذات الإلهية إلا من خلال كلام الله وهو قوله تعالى " ليس كمثله شىء" وكل ما جاء عنه فى القرآن ومن ثم على الإنسان أن يحول تفكيره للخلق للعمل فيهم بما حكم الله كما قال تعالى :"ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون"
ثم ذكر الرجل الرواية التالية:
"قال أبو الفضل وسمعت أبا عبد الرحمن قال: سمعت أبا القاسم عبد الرحمن بن متويه: يقول سمعت حامد بن رستم، حدثنا الحسن بن مطيع الترمذي قال: أخبرني إبراهيم بن رستم، عن نوح الجامع قال: سألت أبا حنيفة: من أهل الجماعة؟ فقال: (من فضل أبا بكر وعمر،وأحب عثمان وعليا، ورأى المسح على الخفين، ولم ينطق في الله بشيء، ولم يكفر أحدا بذنبه فهو من أهل الجماعة) ."
والرواية تخالف كتاب الله الذى جعل عقيدة المسلم عدم التفريق بين الرسل(ص) فقال على لسان المسلمين" لا نفرق بين أحد من رسله" ومع هذا يطالبنا القائل بالتفريق بين المسلمين فنفضل فلان وعلان على غيرهم والمسلم لا يفرق بينهم لأنهم جميعا اخوة والأخ كأخيه كما قال تعالى "إنما المؤمنون اخوة"
ثم روى المقرىء الرواية التالية:
"قال: قال وحدثنا الأصم، سمعت الربيع بن سليمان، سمعت الشافعي رضي الله عنه أنه قال: (لأن يلقى الله العبد بكل ذنب ما خلا الشرك خير له من أن يلقاه بشيء من الهوى) ."
الخطأ أن الشرك ذنب من الذنوب وهو ما يناقض كون كل الذنوب شرك فمن يذنب معناه أنه أطاع غير الله فى مسألة ما وهذا هو معنى الشرك أن تطيع مع الله غيره كما أن الهوى نفسه هو الشرك فالهاوى يطيع نفسه وهى شهواته فى كل الأحوال التى يشركها مع الله وإن سماها قانون أو دستور أو إلها مزعوما كعيسى(ص) أو صنما فكل هؤلاء لا يقولون له شىء وإنما هو من يقول أنهم أمروه ولذا وصف المسلمين بأنهم لا يطيعون هوى النفس فقال "وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هى المأوى "
ومن ثم الله وصف كل كافر بأنه يجعل إلهه هواه فقال "أفرأيت من اتخذ إلهه هواه"
ثم أورد الرجل القول التالى:
"قال وسمعته يقول: سمعت عبد الله بن محمد بن علي، سمعت محمد بن إسحاق بن خزيمة، سمعت الربيع بن سليمان يقول: لما كلم الشافعي حفص الفرد، فقال حفص: القرآن مخلوق، فقال له الشافعي: (كفرت بالله العظيم)"
الرواية ليس فيها جدال فأحدهم قال قولا والأخر أفتاه بأنه كفر بالله ثم روى رواية أخرى فقال :
"قال: وسمعته يقول: سمعت محمد بن عبد الله بن محمد يقول: سمعت أبا العباس الدغولي يقول: سمعت زكريا بن يحيى، سمعت محمد بن عبد الله بن عبد الحكم يقول: قال الشافعي: (إن سألك رجل عن شيء من الكلام فلا تجبه، فإنك إن زللت قال لك: كفرت)"
هذه النصيحة هى لمن لا يعلم من المسلمين وأما العالم فيجب عليه الجواب كما قال تعالى "فاسألوا اهل الذكر إن كنتم لا تعلمون" وعدم الإجابة هو كتم للعلم
ثم ذكر الرجل الرواية التالية:
"قال: وسمعت أبا الوليد حسان بن محمد الفقيه، سمعت محمد بن إسحاق بن خزيمة، سمعت يونس بن عبد الأعلى يقول: أتيت الشافعي بعد ما كلمه حفص الفرد، فقال: غبت عنا يا أبا موسى، ثم قال الشافعي: (لقد اطلعت من أهل الكلام على شيء والله ما توهمته قط، ولأن يبتلى المرء بما نهى الله عنه خلا الشرك بالله خير من أن يبتلى بالكلام) "
الخطأ أن الشرك ذنب من الذنوب وهو ما يناقض كون كل الذنوب شرك فمن يذنب معناه أنه أطاع غير الله فى مسألة ما وهذا هو معنى الشرك أن تطيع مع الله غيره ثم أورد الرجل الرواية التالية:
"قال: وأخبرنا محمد بن محمود الفقيه المروزي بها، حدثنا محمد بن عمير الرازي، حدثنا أبو يحيى زكريا بن أيوب العلاف التجيبي، حدثنا يونس بن عبد الأعلى، حدثنا أشهب بن عبد العزيز قال: سمعت مالك بن أنس يقول: (إياكم والبدع) فقيل: يا أبا عبد الله وما البدع؟ قال: (أهل البدع الذين يتكلمون في أسماء الله وصفاته وكلامه وعلمه وقدرته، ولا يسكتون عما سكت عنه الصحابة والتابعون لهم بإحسان) .
الرواية هنا تجعل مالكا العالم الذى يروى الروايات جاهل فالصحابة والتابعون فى رواياتهم تكلموا عن الموضوعات التى ذكرها ففى الموطأ روايات تتحدث عن موضوع علو الله وهو من موضوعات علم الكلام بين الصحابة والتابعين مثل :
915 - أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، وَقَالَ: رَآنِي ابْنُ عُمَرَ، وَأَنَا أَدْعُو، فَأُشِيرُ بِأُصْبُعَيَّ أُصْبُعٍ مِنْ كُلِّ يَدٍ فَنَهَانِي ".
قَالَ مُحَمَّدٌ: وَبِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ نَأْخُذُ، يَنْبَغِي أَنْ يُشِيرَ بِأُصْبُعٍ وَاحِدَةٍ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ
916 - أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ، يَقُولُ: إِنَّ الرَّجُلَ لَيُرْفَعُ بِدُعَاءِ وَلَدِهِ مِنْ بَعْدِهِ، وَقَالَ بِيَدِهِ فَرَفَعَهَا إِلَى السَّمَاءِ"
ثم روى المقرىء الرواية التالية:
"قال: وسمعت محمد بن عبد الله الرازي، سمعت عبد الرحمن بن أبي حاتم، سمعت المزني، سمعت الشافعي يقول: (الكلام يلعن أهل الكلام) "
الخطأ الكلام يلعن أهل الكلام وهو ما يخالف أن اللاعنون هم الله والناس والملائكة كما قال تعالى"أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين" ومن ثم فالكلام ليس لاعن لأن اللعنة تتم بالكلام أى هى المفعول بينما فاعله إما الله أو الناس او الملائكة كما فى الآية
ثم أورد المقرىء الرواية التالية:
"قال: وسمعت محمد بن محمد بن داود، سمعت ابن أبي حاتم، قال الربيع بن سليمان: نزل الشافعي من الدرج وقوم في المجلس يتكلمون في شيء من الكلام، فصاح عليهم وقال: (إما أن تجاورونا بخير، وإما أن تقوموا عنا) ."
هذه الرواية هى من باب النصيحة النابعة من قوله تعالى "وإذا رأيت الذين يخوضون فى آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا فى حديث غيره وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين"
ثم ذكر الرواية التالية:
"قال: قال: وسمعت بشر بن أحمد بن بشر الإسفراييني يقول: حدثنا الفريابي، حدثنا بشر بن الوليد، سمعت أبا يوسف يقول: (من طلب الدين بالكلام تزندق، ومن طلب غريب الحديث كذب، ومن طلب المال بالكيمياء أفلس) ." ثم أورد القول الآتى:
"قال: وسمعت أبا بكر محمد بن عبد الله بن شاذان يقول: سمعت الحسين بن علي بن يزدانيار قال: سمعت أبا عبد الله ابن ماجه يقول: حدثت عن عبد الرحمن بن مهدي أنه قال: (من طلب العربية فآخره مؤدب، ومن طلب الشعر فآخره شاعر، يهجو أو يمدح بالباطل، ومن طلب الكلام فآخر أمره الزندقة، ومن طلب الحديث؛ فإن قام به كان إماما، وإن فرط فيه ثم أناب يوما يرجع إليه وقد عتقت وجادت)
الخطأ فى الروايتين أن طلب الدين بالكلام زندقة والمفروض أن يقال طلب العلم من بطون كتب المتكلمين دون كتاب الله كفر فكتب ذلك العلم فيها الكثير مما يوافق كتاب الله وفيها الكثير مما يخالف كتاب الله
ثم روى الرواية الآتية:
"قال: وأخبرنا أبو القاسم بن متويه البلخي، حدثنا حامد بن رستم، حدثنا الحسن بن مطيع، حدثنا إبراهيم بن رستم، عن نوح الجامع قال: قلت لأبي حنيفة: ما تقول فيما أحدث الناس من الكلام في الأعراض والأجسام؟ فقال: (مقالات الفلاسفة، عليك بالأثر وطريقة السلف، وإياك وكل محدثة، فإنها بدعة) "وأيضا:
"قال: وسمعت أبا عمر بن مطر، سمعت هارون بن المنذر الهروي، سمعت أبا سعيد البصري، سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول: دخلت على مالك بن أنس وعنده رجل يسأله عن القرآن، فقال: (لعلك من أصحاب عمرو بن عبيد، لعن الله عمرا، فإنه ابتدع هذه البدع من الكلام، ولو كان الكلام علما لتكلم فيه الصحابة والتابعون كما تكلموا في الأحكام والشرائع، ولكنه باطل، يدل على باطل) وأيضا :
قال أبو عبد الرحمن السلمي رحمه الله: رأيت بخط أبي عمرو بن مطر: سئل محمد بن إسحاق بن خزيمة عن الكلام في الأسماء والصفات فقال: (بدعة ابتدعوها، ولم يكن أئمة المسلمين من الصحابة، والتابعين، وأئمة الدين، أرباب المذاهب، مثل: مالك بن أنس، وسفيان الثوري، والأوزاعي، والشافعي، وأبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد بن الحسن، وأحمد بن حنبل، وإسحاق الحنظلي، ويحيى بن يحيى، وعبد الله بن المبارك، ومحمد بن يحيى - يتكلمون في ذلك، وينهون عن الخوض فيه، ويدلون أصحابهم على الكتاب والسنة) .
بالقطع كتب الفلاسفة ليست محدثة حتى تكون بدعة لأن الكثير منها كان موجودا قبل نزول الوحى على النبى الأخير(ص)وأما السلف فلا نعرف عن أى سلف تتحدث الرواية لأن السلف كما تروى كتب التاريخ والروايات كانوا مختلفين فيما بينهم فى الكثير من المسائل حتى بعض مسائل العقيدة نفسها والمفروض أن يقول اتبعوا ما أنزل الله من كتاب أى وحى الله كما قال تعالى "اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم" ولم يقل الله اتبعوا السلف لأن كتب الله هو الفيصل فى خالة الاختلاف كما قال تعالى "وما اختلفتم فيه من شىء فأمره إلى الله"
ثم روى رواية مجنونة تقول:
"قال: وسمعت أبا نصر أحمد بن محمد بن حامد السجزي يقول: سمعت أبي يقول: قلت لأبي العباس ابن سريج: ما التوحيد؟ قال: (توحيد أهل العلم وجماعة المسلمين: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمد رسول الله، وتوحيد أهل الباطل من المسلمين: الخوض في الأعراض والأجسام، وإنما بعث النبي صلى الله عليه وسلم بإنكار ذلك) "
والجنون فيها أن المسلمين يكونون منهم بعض أهل الباطل وحاشا أن يكون مسلم من اهل الباطل فهم أهل الحق جميعا دون استثناء
ثم أورد الرواية التالية:
قال: وسمعت عبد الله بن أحمد بن سعيد البخاري، سمعت سعيد بن الأحنف، سمعت الفتح بن علوان، سمعت أحمد بن الحجاج، سمعت محمد بن الحسن، صاحب أبي حنيفة يقول: قال أبو حنيفة:
(لعن الله عمرو بن عبيد، إنه فتح للناس الطريق إلى الكلام، فيما لا يعنيهم من الكلام) ."
بداية لا يوجد شىء اسمه لا يعنى المسلم لأن الله فصل كل شىء فى كتابه فقال "ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شىء"
فلو كان هناك ما لا يعنى المسلم ما قال حكمه فى كل شىء وركز على جملة كل شىء فى الآية
ثم أورد المقرىء الروايات التالية:
"قال أبو الفضل المقرئ: قال: وقال محمد بن الحسن: (كان أبو حنيفة يحثنا على الفقه، وينهانا عن الكلام) .
قال: سمعت عمر بن عبد الله الحربي، سمعت أحمد بن الحسن، سمعت أبا علي الصولي، سمعت شيبان بن قتادة، سمعت أبا حاتم السجستاني، سمعت الأصمعي، سمعت شعبة يقول: كان سفيان الثوري يبغض أهل الأهواء، وينهى عن مجالستهم أشد النهي، وكان يقول: (عليكم بالأثر، وإياكم والكلام في ذات الله عز وجل) ."
الروايات تقول اتبعوا الأثر والفقه والله يقول" اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم " فالمتبع هو وحى الله وليس شىء أخر لأن الآثار والفقه فيهم اختلافات هائلة فكل منهم يحتوى ما يخالف وحى الله المنزل
ثم روى التالى:
قال وسمعت محمد بن عبد الله الرازي، يقول: سمعت إبراهيم الخواص يقول: (ما كانت زندقة ولا كفر، ولا بدعة، ولا جرأة في الدين، إلا من قبل الكلام، والجدل والمراء، والعجب، وكيف يجترئ الرجل على الجدال والمراء والله يقول: {ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا} "
أن الكفر سببه الكلام وهو خبل فمن يكفر يكفر تبعا لهواه فالبعض كفر لن الإسلام يسوى بين المسلمين فى المال والبعض كفر لأنه يريد شرب الخمر والبعض كفر لأنه يهوى الزنى..... وقد جمع الله هذا كله فى أنهم يتبعون الشهوات فقال "ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا بعيدا" وأما الكلام فهو تبرير الكفر للناس للضحك عليهم بغير حقيقة الأمر
ثم ذكر القول الآتى:
"قال: وسمعت إسماعيل بن محمد بن حمدان الفقيه يقول عن الربيع، عن الشافعي رحمه الله أنه قال في مبسوطه في كتاب الوصايا: (لو أن رجلا أوصى بكتبه من العلم لأحد، وكان فيها كتب الكلام لم يدخل في الوصية، لأنه ليس من العلم) ."
كتب الكلام ليست من العلم تخريف فمن يقرأ كتب علم الكلام سيجدها نفسها هى كتب الفقه فكل فريق من المتكلمين يستشهد بكلام الله وبالروايات على صحة ما ذهب إليه وهو نفسه ما يفعله الفقيه عند الإفتاء
السؤال لماذا رد الأئمة عند القوم على المتكلمين بالكلام حتى وإن كان بعضه مستمد من كتاب الله ؟ولماذا خاض أحدهم كابن تيمية فى الرد على المنطق من غير كتاب الله؟
ثم روى الرجل الآتى:
"قال: وسمعت أبا بكر الجرجاني، سمعت إبراهيم بن هارون بن محمد الكاتب، سمعت محمد بن موسى الخوارزمي، سمعت أحمد بن الحسين، سمعت أبا عبيد القاسم بن سلام، وجاءه رجل فقال له ما ترى في رأي أصحاب الكلام؟ فقال أبو عبيد: لقد دلك ربك على سبيل الرشد وطريق الحق، فقال عز وجل: {فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول} الآية، أما لك فيما دلك عليه ربك، من كلامه وسنة نبيه عليه السلام ما يغنيك عن الرجوع إلى رأيك، فتهلك، فقد نهاك الله عن الكلام في ذاته وصفاته إلا حسب ما أطلقه لك، قال الله تعالى: {وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم} الآية - وقال: {وذروا الذين يلحدون في أسمائه} ."
هنا القائل يفهم فقد رد الناس إلى وحى الله فى المسائل الكلامية
ثم أورد التالى:
"قال: وسمعت عبد الرحمن بن محمد بن حامد السلمي، سمعت محمد بن عقيل بن الأزهر الفقيه يقول جاء رجل إلى المزني، فسأله عن شيء من الكلام، فقال: إني أكره هذا، بل أنهى عنه، كما نهى عنه الشافعي، ولقد سمعت الشافعي يقول: (سئل مالك عن الكلام والتوحيد، فقال مالك: محال أن يظن بالنبي صلى الله عليه وسلم أنه علم أمته الاستنجاء ولم يعلمهم التوحيد، والتوحيد ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله) فما عصم به الدم والمال فهو حقيقة التوحيد) "
الخطأ قتال الناس حتى يسلموا وهو ما يخالف أن لا إكراه فى الإسلام لقوله "لا إكراه فى الدين "وقتال الناس حتى يسلموا إكراه كما أن الله فرض الجزية على من يستسلم من أهل الكتاب لنا بعد الحرب وفى هذا قال تعالى "قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الأخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يأتوا الجزية عن يد وهم صاغرون "كما أن الله فرض قتال المعتدين فقط الذين يقاتلوننا فى الدين أو يخرجونا من ديارنا أو يظاهروا غيرهم علينا وفى هذا قال "إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم فى الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ".
ثم روى التالى:
"قال: وأخبرنا أبو أحمد بن سعيد العسكري فيما كتب إلي قال: سمعت أبا بكر الرفاء، حدثنا محمد بن عيسى السلمي قال: سمعت أحمد بن الوزير القاضي، يقول: قلت لأبي عمر الضرير: الرجل يتعلم شيئا من الكلام يرد به على أهل الجهل، فقال: (الكلام كله جهل، لا تتعلم الجهل، فإنك كلما كنت بالجهل أعلم كنت [بالعلم] أجهل)"
اعتبار علم الكلام كله جهل هو من الجهل لأن من ردوا على المتكلمين الأخرين بكلام الله لا يمكن أن يكون كلامهم جهل
ثم ذكر الرجل الروايات التالية:
"قال: وأخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن عمر الفقيه الرازي رحمه الله، حدثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم قال: سمعت الربيع بن سليمان قال: قال لي الشافعي: (لو أردت أن أصنع على كل مخالف لي كتابا كبيرا لفعلت، ولكن الكلام ليس من شأني، ولا أحب أن ينسب إلي منه شيء) .
قال عبد الرحمن بن أبي حاتم: وقال المزني: (كان الشافعي يكره الخوض في الكلام) ."
هذا الكلام عن عدم الرد على المخالفين للحق هو كتم للعلم وهو أمر لا يمكن أن يقوله فقيه
ثم روى المقرىء التالى:
"قال: وأخبرنا أبو الحسن، حدثنا ابن أبي حاتم، حدثنا أبي، حدثنا يونس بن عبد الأعلى، قال: قلت للشافعي: يا أبا عبد الله ما كان يقول فيه صاحبنا: أريد الليث - يعني ابن سعد قال: كان يقول: (إن رأيته يمشي على الماء -يعني صاحب الكلام- فلا تثق به، ولا تعبأ به، ولا تكلمه) قال الشافعي: (فإنه والله قد قصر) ."
النهى عن كلام المتكلم هو دليل خوف والعالم يرد على أيا كان حتى يظهر الخق وأما تركه بلا كلام فإنه سيكلم الغير ويضحك عليهم إن كان يبث كلاما باطلا والأفضل هو كلامه لإثبات الأخطاء عنده
ثم ذكر القول التالى :
"قال: وسمعت أبا بكر محمد بن عبد الله بن شاذان الرازي يقول: سمعت أبا جعفر الفرغاني يقول: سمعت الجنيد يقول: (أقل ما في الكلام سقط هيبة الرب من القلب، والقلب إذا عري عن الهيبة من الله فقد عري من الإيمان) .
الجنيد من الصوفية الذين خاضوا فى الكلام فقالوا الكفر فى قصائدهم وكتبهم ومن أقوال الجنيد التى يتكلم فيها بألفاظ أهل الكلام :
"التوحيدُ إفرادُ القدمِ من الحدث". وقال: "التوحيد: علمك وإقرارك بأن الله فرد في أزليته، لا ثاني معه، ولا شيء يفعل فعله"، وسُئل الجنيد عن التوحيد فقال: "إفراد الموحَّد بتحقيق وحدانيته بكمال أحديته: أنه الواحد، الذي لم يلد، ولم يولد، بنفي الأضداد، والأنداد، والأشباه، بلا تشبيه، ولا تكييف، ولا تصوير، ولا تمثيل (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير""
فألفاظ القدم والحدث والأزلية والتكييف والتصوير هى من ألفاظ علم الكلام
ثم أورد الرواية التالية :
"قال: وأخبرنا أبو عمر بن محمد بن أبي منصور العمركي بسرخس، حدثنا محمد بن معاذ بن الفرج، حدثنا محمد بن إبراهيم الصايغ، حدثنا بشر بن الوليد قال: سمعت أبا يوسف القاضي يقول: (العلم بالكلام والخصومة جهل، والجهل بالكلام والخصومة علم) "
والمتكلم هنا جاهل جعل العلم بالخصومة جهل وهى جملة مهناها أن المسلمين ومنهم الرسل (ص) كلهم جهلاء لأنهم اختصموا فى الله مع الكفار كما قال تعالى "هذان خصمان اختصموا فى ربهم فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار يصب من فوق رؤسهم الحميم يصهر به ما فى بطونهم والجلود ولهم مقامع من حديد كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها وذوقوا عذاب الحريق إن الله يدخل الذين أمنوا وعملوا الصالحات جنات تجرى من تحتها الأنهار يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حريرا وهدوا إلى الطيب من القول وهدوا إلى صراط الحميد"
ثم أورد التالى:
"قال: أخبرنا الحسن بن رشيق المصري إجازة، حدثنا محمد بن إبراهيم الأنماطي، وعبيد الله بن إبراهيم العمري قالا: حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح قال: سمعت الشافعي يقول: (حكمي في أصحاب الكلام أن يضربوا بالجريد، ويحملوا على الإبل، ويطاف بهم في العشائر والقبائل، ويقال: هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة وأخذ في الكلام) ."
وضرب المتكلمين هنا من الشافعى يناقض أنه طالب فقط بالبعد عنهم فى القول التالى:
"قال: وسمعت محمد بن محمد بن داود، سمعت ابن أبي حاتم، قال الربيع بن سليمان: نزل الشافعي من الدرج وقوم في المجلس يتكلمون في شيء من الكلام، فصاح عليهم وقال: (إما أن تجاورونا بخير، وإما أن تقوموا عنا) ."
وأورد الرجل عن الشافعى أن أهل الكلام لا يفلحون فروى التالى:
طقال: وقال زكريا بن يحيى الساجي، عن أبي ثور قال: قلت للشافعي: ضع في الكلام شيئا قال، قال: (من تزيا بالكلام فلا أفلح) .
قال: وأخبرني أحمد إجازة، حدثنا أبو عمرو عثمان بن محمد العثماني، حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن دينار، حدثنا الربيع بن سليمان قال: قال الشافعي: (ما رأيت أحدا ارتدى بالكلام فأفلح) ."
ثم أورد روايات تنهى عن النظر فى علم الكلام فقال:
قال الإمام أبو الفضل: وأخبرني أبو الحسين بن أحمد بن فارس بن زكريا إجازة قال: سمعت عبد الرحمن بن حمدان، سمعت هلال بن العلاء الرقي يقول: لما خرجت إلى البصرة في طلب الحديث كتب إلي أبي: (يا بني اكتب الحديث، وإياك والنظر في الكلام، فإن هشيما حدثني أن معاوية بن قرة أوصى إياسا ابنه فقال: يا بني إياك والنظر في الكلام، فإن الناظر في الكلام كالناظر في عين الشمس، كلما ازداد بصيرة ازداد تحيرا) .
قال: وأخبرني أحمد إجازة، قال: حدثني أبو بكر محمد بن يحيى، حدثنا جعفر بن محمد الفريابي، حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا الليث بن سعد، عن يزيد بن أبي حبيب عن عمر بن الأشج قال: قال عمر رضي الله عنه: (سيأتي قوم يجادلونكم بشبهات من القرآن، فخذوهم بالسنن، فإن أصحاب السنن أعلم بكتاب الله) .
هذا ما انتخبه الإمام أبو الفضل المقرئ من رد أبي عبد الرحمن السلمي على أصحاب الكلام.
اجمالي القراءات
3552