غالب غنيم Ýí 2015-04-16
في البحث عن الإسلام - الصلاة في القرءان الكريم – الصلوة الموقوتة - الجزء العاشر والأخير
بسم الله الرحمن الرحيم ، والحمد والشكر لله رب العالمين
( أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ) الزمر - 36
______________
عالمية هيئات الصلوة:
لسنين مضت، كنت كلما أنظر وأقرأ آية النساء وغيرها، أراها تصور لي فيلما حركيا أمام ناظريّ! ربما يظن كثيرون بأنني من الضالين، فأقول له، الله أعلم بمن اهتدى ومن ضل " سواء سبيله "، أما الآن، فلنتجرد أمام القرءان الكريم، ولنقذف بكل ما ظنناه سابقا من عند الله، وليس لنا به، من أي من الثلاث شروط التي وضعها الله تعالى، لتقبّل ما يأتينا من عنده، حين قال سبحانه يعلمنا كيف نقبل ما نرى ونسمع ونقرا ( وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُجَـٰدِلُ فِى ٱللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍۢ وَلَا هُدًۭى وَلَا كِتَـٰبٍۢ مُّنِيرٍۢ) الحج – 8 ، ومن هذه الآية البسيطة المحكمة، نرى أن مصدر المعلومات، الذي نقبله، حسب ظني، يجب أن يتم تعميده بواحد من ثلاث طرق :
- علم.
-هدى.
كتاب منير.
ومن فهمي البسيط، العلم مصدره أحد اثنين لا ثالث لهما، الكون من حولنا، والقرءان الكريم. وكذلك الهدى، ولن نختلف في الكتاب المنير وماهيته، فمن يأتينا بعلم يجب ان يثبته بأحد هذه الطرق لا غير، لنقبل به، أما من يقول، بأن ما وجدنا آبائنا عليه علما، فلن نأخذ بقوله، وسنزجي له بضاعته، فلم يأت لنا بعلم من الكتاب يفصل ما يتقوّل به على الله، بل أتى بهوى نفسه، وبالظن الذي لم يثبت عن الله الحق، بل وبكل بيان قال تعالى أن من بعد إبراهيم والأنبياء، أتى قوم أضاعوا الصلوات، ومنه فلا تواتر ولا ظن نتبعه، وليس لنا الا سبيل القرءان، الذي هو سبيل المؤمنين حقا.
وطيلة هذه السنين، وأنا اتفكر في قضية عالمية الصلوة، من كونها مقيّدة بصور معينة، كما حبسها التراث في قمقم على هواه! ولكي لا يكون في القرءان اختلاف، فعلينا فقه قوله تعالى ( أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُۥ مَن فِى ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلْأَرْضِ وَٱلطَّيْرُ صَـٰٓفَّـٰتٍۢ ۖ كُلٌّۭ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُۥ وَتَسْبِيحَهُۥۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌۢ بِمَا يَفْعَلُونَ ) النور - 41 ، قبل أن نبدا في البحث عن هيئة الصلوة ..
كما علينا فهم وتذكر، أن هناك ملل وشرع أخرى، غير التي بلغتنا في القرءان، وأن الله تعالى هو الذي بلّغنا أن هناك شِرَع أخرى، ولم يقل لنا أنها مرفوضه، ثم هنالك من لم يقصصهم، علينا في كتابه، ومنه، ليس لنا من الحكم من شيء، في هيئات الصلوة عند أقوام الأرض أجمعين، بأن نقبلها أو نرفضها، فنحن نلتزم فقط بما " بلغنا " ليس أكثر، فالله هو العليم بما نفعل جميعا!
ولكن الله تعالى في شرعة القرءان، ذكر لنا العديد من الهيئات المختلفة، وأظن افتراءا، بأن هذا، لتبليغنا أن الهيئة ليست هي المحور الأساسي، بل هي حسب الظروف الإنسانية المتقلبه، فمن لا يستطيع أن يقف، لن نقول انه لن يتمكن من الصلوة! وكذلك ليس من المعقول ان نقول لشخص في الأسكيمو أن يسجد على الثلج، أو شخص في الأمازون أن يسجد على الماء، فكان القرءان هو الدين المخفف الجميل بكل جدارة حسب فهمي المتواضع! فذكر لنا عدة هيئات للصلوة، حسب ظني وفهمي القرءان الكريم، ولكنه شرح لنا في آية مفصلة، الهيئة الأساسية التي وضعها كأساس لشرعته التي في القرءان ذاته.
هيئة الصلوة في شرعة القرءان:
قال تعالى يصف لنا كيف كان يصلي النبي ومن معه :
( وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ ٱلصَّلَوٰةَ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌۭ مِّنْهُم مَّعَكَ
وَلْيَأْخُذُوٓا۟ أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا۟ فَلْيَكُونُوا۟ مِن وَرَآئِكُمْ
وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَىٰ لَمْ يُصَلُّوا۟ فَلْيُصَلُّوا۟ مَعَكَ
وَلْيَأْخُذُوا۟ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ ۗ
وَدَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم مَّيْلَةًۭ وَ ٰحِدَةًۭ ۚ وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أَذًۭى مِّن مَّطَرٍ أَوْ كُنتُم مَّرْضَىٰٓ أَن تَضَعُوٓا۟ أَسْلِحَتَكُمْ ۖ
وَخُذُوا۟ حِذْرَكُمْ ۗ
إِنَّ ٱللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَـٰفِرِينَ عَذَابًۭا مُّهِينًۭا ) النساء – 102
وكما ادّعى كثيرون عن الآية التي تفصل أوقات العورات، كما ادّعى ذاتهم على هذه الآية بجعلها لا تصف الصلوة بل الصلوة وقت الخوف وقصر الصلوة!
ولكن من البديهيّ أن وصف الصلوة في هذه الآية، لا علاقة له بالخوف، ولا علاقة له " بمظهرها" أو هيئة تأديتها، بل بقصرها فقط، وهذا مايغصون عنه الأبصار هربا، فأعماهم الله، وكأنها أصبحت " صلوة الخوف" بينما هي الصلوة الموقوتة وقت الحرب، وليس الخوف، والفرق بينهما كبير !
فهي آية تشرح الصلوة بكل دقة وتفصيل، ولكنها تفصّل لنا كيف قصروا من الصلوة، بسبب الحذر من عدو حولهم، ولم تقل الآية انها صلوة خوف بل سمتها صلوة، أي بكامل اسمها ومن غير إنقاص في اسمها بزيادة مفردة شارحة لها كما فعل اللاغون في القرءان لجعله عِضين!
ومنه، نحن نردّ بكل قوة على من ادّعى ويدّعي انها " صلوة خوف" أو " صلوة قصر" ، بأن يأتينا باسمها هذا من القرءان الكريم وليس من عند هواه، ولن يأتي، فالحق نور لا يُطفأ بأفواه المتقولين واللاغين، فالله تعالى يقول في هذه الآية بكل وضوح وبيان ( فَأَقَمْتَ لَهُمُ ٱلصَّلَوٰةَ ) بكونها معرفة وليست نكرة، أي هي صلوة معلومة عندكم، وهي لا بدّ إحدى الصلوات الموقوتة، ليس غير، وإن كانت هذه الآية تشرح لنا كيف نصلي في مثل هكذا أزمة، فمن الأولى أن تكون هي معيار طريقة تأدية الصلوة بكل جدارة، في الأوقات الأخرى، وخاصة اذا انتبهنا لنهاية آيات أخرى تتعلق بهذه الآية، والتي فيها تحدٍّ كبير لكلّ متقول على الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير، والتي يقول فيها سبحانه
(حَـٰفِظُوا۟ عَلَى ٱلصَّلَوَ ٰتِ وَٱلصَّلَوٰةِ ٱلْوُسْطَىٰ وَقُومُوا۟ لِلَّهِ قَـٰنِتِينَ * فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًۭا ۖ فَإِذَآ أَمِنتُمْ فَٱذْكُرُوا۟ ٱللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمْ تَكُونُوا۟ تَعْلَمُونَ) البقرة – 238:239 ، حيث نرى هيئة جديدة غير التي في سورة النساء!
الناظر لهاتين الآيتين بدقة وبحث مخلص سيرى سؤالا مهما جدا في مورد البقرة، فما معنى قوله تعالى (فَإِذَآ أَمِنتُمْ فَٱذْكُرُوا۟ ٱللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُم) ؟
وأين علمنا الله أن نذكره بالطريقة المثلى وليس رجالا أو ركبانا ؟
مورد البقرة هو الذي يصف صلوات الخوف وعدم الطمأنينة وليس مورد النساء، بل ان مورد النساء هو الذي يصف ويشرح لنا، بدقة متناهية، هيئة الصلوة المثلى، لكن تم القصر فيها وليس الخوف!
ففي حالة الخوف لا يوجد هيئة صلوة، فنقوم بها ونحن نمشي أو راكبين ولا نتوقف في مكان ما، فيسقط ركن من أركان الميقات، وهو المكان، ويبقى ركني الزمان والطرف الآخر، وهنا يظهر خداع الذين يلغون في القرءان !
فأين علمنا الله تعالى؟ أليس في آية النساء علمنا كيف نصلي له؟ بل هي الآية الوحيدة التي قام النبي فيها بتعلّم الصلوة كما في شرعة القرءان، وتعليمها لمن حوله "من" القرءان الكريم بكل مصداقية وجدارة !
ففيها تم تعليم النبي، وأمره بأن يقيم فيهم الصلوة بالطريقة تلك ذاتها، وتم قسمتهم الى طائفتين، أو أكثر، لا نعلم كم طائفة كانوا، لقوله تعالى " طائفة " ولم يحدد العدد، ولم يقل فلتأت الطائفة الأخرى، بل ( وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَىٰ لَمْ يُصَلُّوا۟ فَلْيُصَلُّوا۟ مَعَكَ ) ، ومنه لا نعلم كم طائفة هم، ولكننا نعلم ان النبي كان يصلي أمام كل طائفة منهم ليعلموا القرءان أنه بلغ.
ومسألة الطائفة من طائفة دقة في التعبير الإلهي، تنفي عدد الركعات المزعوم!
ولنتصور حجم العلم الذي في القرءان، كل هذه البحوث التي كتبتها مبنية على عشر آيات أو أقل، بينات، مفصلات، لقوم يعلمون، يبتغون سبيل المؤمنين، الذي هو الصرط المستقيم، والذي هو في القرءان الكريم فقط لا غير.
ثم فلننظر مرة أخرى للآية بدقة، فلا نعلم، وأكرر، لم يحدد الله تعالى عدد الطوائف بحكم كونها مذكورة بشكل نكرة وليست معرفة، ثم لننظر الى السلاح، فما علاقة السلاح بالأمر؟ كل القضية توحي لنا بوجود عدو أمامنا أو خلفنا، ومنه، القول بالخوف هنا يناقض القرءان ويناقض قوة إيمان المؤمنين والنبي معهم، بل هو الحذر وليس الخوف ( وَخُذُوا۟ حِذْرَكُمْ ) والفرق بينهما كبير لقوم يتفكرون.
ثم يشرح الله تعالى الصلوة وهيئتها بسهولة ويسر، فهو يعلم النبي قبل ان يعلمنا، ولهذا الخطاب كان موجها للنبيّ وليس للمؤمنين جميعا، فالله تعالى بالذات، في هذه الآية، يعلمنا الصلوة وهيئتها، في الظروف الحرجة، فنقصر منها، وهي الإجابة الوحيدة على قوله تعالى في مورد البقرة (كَمَا عَلَّمَكُم)، فإن قال تعالى في ذاك المورد كما علمكم فلا بد أن نجد أين وكيف علمنا !!! فأتوني بعلم من عندكم على هذا الأمر من غير هذه الآية...
فهل نجده في مكان غير هذا المكان؟ هنا قام تعالى بتعليم النبي الصلوة، وهيئتها في شرعة القرءان، بأن يقف النبي ثم يسجد، ومن خلفه طائفة تقف خلفه، ثم تسجد، وتنتهي صلوة كل طائفة بالسجود، وحين تراها الطائفة اللاحقة، أتمت سجودها، وهذا أمر يحتاج لرؤية وليس علم، كما يدّعي أهل السجود القلبي، أقول، حين تراها سجدت، تأتي طائفة أخرى غيرها فتقف ثم تسجد، وهكذا، حتى يقيموها جميعا، فكان القصر في الوقت لكل طائفة، وليس كما ادّعى من ادّعى بأنه في العدد، فالقصر يكون لطول الشيء وليس لعدده، وهذا من البديهيات..
ومن بحثنا أعلاه في مفردة الميقات، وطبيعة الميقات، يتساهل الله تعالى في صلوة الحرب في الزمان، ويثبّت المكان، بعكس صلوة الخوف التي يتساهل فيها بالمكان ويثبّت الزمان، ففي الخوف نتحرك ونمشي على أرجلنا أو ركبانا، فلا يوجد مكان ثابت، وذلك بحكم خوفنا، وهذا هو فهم طبيعة الإنسان، فالإنسان الخائف لا يمكث في مكان واحد، فيكون متحركا، فخفف الله عن الخائف المكان، ولم يتغاضى عن ميقات الزمان، بينما في صلوة القصر لا خوف، بل ظرف حذر ليس أكثر، فيكون المكان ثابتا، والزمان، أي فترة الإقامة، هي المختصرة.
هذا تبيان للفرق بين ما سموه صلوة خوف وصلوة حرب وغيرها من تسميات لم يأت الله تعالى بها من سلطان، فالصلوة تقام ولو في البحر أو في السماء أنت، إن رغبت في إقامتها.
ومنه، الهيئة التي أتت في شرعة القرءان للصلوة هي وقوف ثم سجود، وتنتهي بانتهاء السجود.
أما قضية الوقوف من القيام، فقد فصلتها في بحوث سابقة، وبينّا الفرق بين استخدام الله تعالى مفردة (فَلْتَقُمْ ) والفرق بينها وبين فلتُقِم، بضم التاء وكسر القاف، ومنه، لن نجادل كل من يرغب في السجالات على هوى منه، ويتغاضى عن مفردات من دون غيرها، ففهم القرءان يكون مجملا بعد تفصيل، أي عليك أن تأخذ كل الآيات التي ورد فيها اللفظ، وتدرسها، تفكيكا، ثم تجمعها في بوتقة لا تكون متناقضة ولا اختلاف فيها، وهذا هو ما نحاول القيام به.
فالقرءان لم يذكر مفردتي الجلوس والوقوف التين نستخدمهما في اللغة، واستخدم بديلا عنهما الركوع والقيام وليس الاقامه! فلو كانت الإقامة، لقال " فلتُقِم " بضم التاء وكسر القاف، ولكنه قالها بفتح التاء وضم القاف، والفرق بينهما كبير لقوم يتدبرون.
أما في الشرع الأخرى، فهي هيئات كثيرة، مخففة، وقد نقوم بها أحيانا لسبب ما، من مرض أو عجز أو مكان غير ملائم أو غيره، ومنها السجّد الركوع، فيمكنك أن تصلي جالسا على ركبتيك، وساجدا على وجهك، وواقفا بدون أن تسجد أو تركع، أي بدون أن تقع على الأرض على وجهك أو على ركبتيك.
فالسجّد الركوع ارتبطت بمكان، بالدرجة الأولى، في قوله تعالى(وَإِذْ جَعَلْنَا ٱلْبَيْتَ مَثَابَةًۭ لِّلنَّاسِ وَأَمْنًۭا وَٱتَّخِذُوا۟ مِن مَّقَامِ إِبْرَ ٰهِۦمَ مُصَلًّۭى ۖ وَعَهِدْنَآ إِلَىٰٓ إِبْرَ ٰهِۦمَ وَإِسْمَـٰعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِىَ لِلطَّآئِفِينَ وَٱلْعَـٰكِفِينَ وَٱلرُّكَّعِ ٱلسُّجُودِ) البقرة - 125، وكذلك في وصف زكريا تم ذكر مكان محدد وهيئة لصلاته ( فَنَادَتْهُ ٱلْمَلَٰٓئِكَةُ وَهُوَ قَآئِمٌ يُصَلِّى فِى ٱلْمِحْرَابِ أَنَّ ٱللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَىٰ مُصَدِّقًۢا بِكَلِمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ ٱلصَّٰلِحِينَ) آل عمران – 39 ، أو مريم راكعة ساجدة في الأغلب في محرابها كما تم ذكرها في القرءان ( يَٰمَرْيَمُ ٱقْنُتِى لِرَبِّكِ وَٱسْجُدِى وَٱرْكَعِى مَعَ ٱلرَّٰكِعِينَ) آل عمران – 43 ، والتي بكل وضوح أتت في أقوام سبقونا في الإيمان، وعلمنا من قصصهم، بشِرعهم.
الخلاصة، أن الهيئة التي أتت في شرعة القرءان، لا تنفي ولا تنقض هيئات علمنا بها أو لم نعلم بها في قوم لم يقصص الله تعالى نبأهم علينا، ومنه، لا نحكم على من حولنا، بل على من يفتري على الله الكذب، بقوله ان هذا نزل في القرءان وهو لم ينزل، أو يقول هو من عند الله، ولا علم ولا هدى ولا كتاب منير، بين يديه، يهدينا به الى ما يقول به وينادي إليه !
______________
محتوى الصلوة :
لا يوجد في القرءان أمر بأن نقوم بقول كذا أو كذا في الصلوة، ولكن القرءان يعلمنا في كثير من الآيات عن انبياءه ورسله بما كانوا يفعلون في صلواتهم، فهي اشارات لطيفة، تدلنا على أنه في صلواتنا يمكننا كما زكريا أن نتفرغ للطلب من الله تعالى من أمور تشغل بالنا وتخصنا، فندعوه، أي نستحضر وجوده، لنستشعر وجوده وقربه من حولنا، كمن يغرق في البحر، ثم نناديه بما نرغب، ولا يجب ان نكون بدعاءه أشقياء، إن لم يلبي النداء مباشرة، فهو أعلم بما يخفى، لكن، لا بدّ أن يستجيب لنا حين نخلص له ديننا، ونتعلم أسلوب الطلب وحيثياته، فالشرك في الطلب لا تكون له تلبية ولو دعى مليارات من الناس نفس الدعاء، كما يحدث في وقتنا الحاضر.
وكذلك علِمْنا من الآيات أعلاه، أن قراءة القرءان أثناء الصلوة، هي ذكر وصلوة في الوقت ذاته، وأن نسبحه ونحمده ونشكره ونعظمه..
فلا يوجد صيغة معينة لما ستقوله في صلواتك كما قيل في التراث، فالصلوة ميقات بينك وبين ربك، وهو لقاء تصطلي به من القرب منه، لتهذب نفسك، فتضطرب له جوارحك، ويخشع له قلبك وبصرك، وتقشعرّ منه كل خلية في جلدك وتلين من هذا اللقاء، تشعر بقَدْرٍ الله، فتقدره حقّ قدْرِه، تتبتل إليه، تبكي أمامه، طمعا وحبا وخوفا ورهبة ورغبة معا، فقراءتك للقرءان أثناء صلواتك ليست تلاوة، بل هي استشعار لكل مفردة تقرأها، تتشربها، يمكنك أن تقيم صلوة من 45 دقيقة بسورة الفاتحة لوحدها، فمن لا يبكي حين يصل الى قوله تعالى ( ٱهْدِنَا ٱلصِّرَٰطَ ٱلْمُسْتَقِيمَ) ..!
______________
بين المطلق والنسبي :
نعم، كثيرا ما واجهت هذه المفردات، بكون فهمنا للقرءان نسبي، وغير مطلق، ولكن أجيب على هذا، بأن الله تعالى سيحاسبنا جميعا على هذا الفهم النسبي، فهو أعلم بنا وبعقولنا، ومنه، لا أرى تعارضا في كون فهمنا نسبيّ، بأن لا نفهم، أو نرفض الفهم، فاعلم أن القضية هنا فلسفية بحتة، ولكن، وبما أن الله تعالى أمرنا بتدبر القرءان، وربط تدبره بالعلم به، فإن كان فهمنا النسبي غير مطلق، فالله تعالى سيقبل النسبي، لأنه هو المطلق سبحانه.
أما قضية عالمية ومطلق الصلوة في العالمين، فالله تعالى قبل بشِرَعٍ أخرى، ولم يجعل الشرعة هذه هي المعيار الوحيد للإيمان أو لقبوله اعمال وأفعال الآخرين، فالله تعالى، يرى العالم كله، بينما نحن لا نرى سوى مجتمعاتنا وأحيانا قريتنا، فحكمه مطلق، وقام بتحديد حكمه حين قال " ومن بلغ " ، بل ولم يضع معيارا غير العمل الصالح والإيمان به واليوم الآخر، وهي أمور لا علاقة لنا بها، لأنها تخص الله تعالى وحده، أما الإدعاء بأنه لم يذكر هذا في القرءان، فهو ادعاء باطل، ونرده على أصحابه، فمن يتبع القرءان، سيعلم ما في القرءان، ومن لا علم له بالقرءان، أوملته غير ملة ابراهيم، فعلى الله حسابه، وهو اعلم به، فلا حكم لنا على غيرنا من أمم وبشر، بل ولا أرفض أن يصلي اهل التراث 10 صلوات بدلا من خمس، فذلك شأن كل منهم، وليصليها كما يراها، أو كما يظن أنه تعلمها من التراث المكتوب نقلا بغير علم، أو التراث المنقول عملا بدون برهان، فكذلك أهل بوذا تواتروا دينهم وافعالم الاف السنين، فليست هذه هي قضيتي، ما أرفضه هم أن يدّعوا أنها من عند الله، وهذا ما أحاربه.
______________
خلاصه :
- الصلوة الموقوتة مرتان، الفجر والعشاء.
- وقيام الليل لمن يستطيع أو يريد التقرب الى الله زلفا.
- ولا يوجد عدد للركعات.
- والصلوة تكون بالوقوف بين يدي الله في زمان محدد ولفترة محددة في مكان ما ثابت، ثم السجود على الأرض على الوجه واليدين والركب، لمن يستطيع، ثم تنتهي.
- ولا يوجد صيغة محددة لما يجب قوله أو تلاوته في الصلوة، فهي لقاء الفرد مع ربه، يقوم من خلالها بالبحث عن الهدى من ربه.
إنتهى.
والله المستعان
مراجع :
* المرجع الرئيسي الأساسي الحق – كتاب الله تعالى – القرءان الكريم
في البحث عن الإسلام – في البحث عن النبي – قوم النبيّ لم يأتهم نذير من قبل النبيّ – البحث الثالث -3
في البحث عن الإسلام – في البحث عن النبي – اصل قوم النبيّ – البحث الثاني - 2
في البحث عن الإسلام – في البحث عن النبي – اصل قوم النبيّ – البحث الثاني - 2
في البحث عن الإسلام – في البحث عن النبي – مقدمة في فهم واقعنا بين التاريخ والتأريخ – البحث – 1
في البحث عن الإسلام – مفهوم الأرحام بين التراث والقرءان – ما هي صلة الرّحِم – الجزء الرابع
دعوة للتبرع
سُنّى مخلص لدينه: تعليق ا على فتوى المور مون والفر قان .....
أهلا إبنى الحبيب: ، مرحب اً الدكت ور /أحمد صبحي منصور أولاً...
الخلفاء الفاسدون: سمعتك تتحدث عن الراس خين فى العلم ، واقتن عت ...
السلام على الرسل: لماذا تتمسك ون ب قول "عليه السلا م" بعد ذكر...
هولاكو وجنكيزخان: قرات مقالة طرفكم عن جنكيز خان. وبقدر مافيه ا ...
more