آحمد صبحي منصور Ýí 2010-01-12
مقدمة :
1 ـ تعرضنا فيما سبق لمفهوم الزكاة وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة ، وأنها تعنى التزكية للنفس والسمو بها ،وأن تأدية الصلاة وإعطاء الصدقة هى مجرد وسائل للتزكية، لأن التزكية هى المقصد الأصيل فى تشريع الصلاة والصدقة.
وهنا نستشهد بقول يقول رب العزة عن الزكاة المالية ودورها:(وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى وَمَا لِأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى إِلاَّ ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى وَلَسَوْفَ يَرْضَى)(الليل 15 :21 ) أى سينجو من عذاب النار ذلك المتقى الذى كان فى الدنيا يؤتى المال وينفقه تزكية لنفسه يبتغى به وجه ربه جل وعلا ، ولذا لا يلتفت الى رد الفعل من الناس ، ولا يعتقد أن باعطائه المال له فضل أو منّة على أحد ، و أنه ليس صاحب فضل أو نعمة على من يأخذ منه المال ، فكل ما يريده هو رضى الله جل وعلا عليه ، ولذلك سينعم هذا المتقى فى الآخرة برضى ربه عنه ، وسيرضى بمقام النعيم فى الجنة.
2 ـ واقع الأمر أن للزكاة المالية ( الصدقة ) دورا فى السمو بعقيدة المؤمن ، كما أنها الأساس فى السمو بأخلاقه ، كما أنها هى الأساس فى تشريعات الصدقة أو ( الزكاة المالية ) . وكلها تتداخل مع بعضها بحيث يصعب ـ أحيانا ـ الفصل بينها .
ومن خلال التزكية نفهم التشريعات القرآنية عن الزكاة المالية أو الصدقة ، واختلافها عن تشريعات (الزكاة ) فى الدين الأرضى السّنى.
ونتوقف هنا مع بعض ملامح التزكية العقيدية كأساس فى الزكاة المالية ،أو الصدقة. :ـ
أولا : الايمان بأن المال مال الله جل وعلا :
1 ـ وتفسير ذلك هو أن الله جل وعلا هو الرزاق ، وهو صاحب المال فى الأصل ، فأنت حين تنفق فأنت لا تنفق من مالك ولكن من مال الله الذى أعطاه لك (وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ ) ( النور 33 ) والمؤمن يجعل ذلك فى حسبانه ، ويعرف أنه ليس المالك الحقيقى للمال ، بل هو مستخلف فى ذلك المال الذى أعطاه الله تعالى لك .
2 ـ والاستخلاف هنا يعنى المسئولية ، والمسئولية تعنى وجود أوامر مفروض تنفيذها ، فالذى استخلفك على هذا المال هو الذى أمرك بالانفاق منه (آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَأَنفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ) (الحديد 7 ).
3 ـ والاستخلاف يعنى أيضا قدرة صاحب المال على عقابك بحرمانك من هذا المال طالما تسىء استخدامه ولا تدفع الحقوق التى عليك ، أى فالذى رزقك بهذا المال يستطيع ليس فقط حرمانك منه ، بل يستطيع أن يتحول ذلك المال الى محنة لك ، يظل معك ليؤرقك و يسلبك راحة البال ، ويعطيك كثرة الأمراض من ضغط الدم الى أمراض القلب و المعدة ، عدا الأمراض النفسية من القلق والتوتر والأمراض العصبية .
وفى النهاية فهذا المال إما أن تتركه بالموت ،أو أن يتركك بالخسارة ، وفيما بين هذا وذاك فأنت مسئول ومحاسب أمام الله جل وعلا عما أعطاك من رزق مالى أو عينى .
4 ـ وهكذا فهنا جانب عقيدى هو الايمان بأن المال مال الله جل وعلا ، وأنه استخلفنا فيه لنقوم بحقه ، ولنعطى حقه ، وفق التشريع الالهى فى إعطاء الصدقة أو الزكاة المالية.
ثانيا :إيمان البشر بالدنيا أم بالآخرة : أو : البشر وإرادة الدنيا أو إرادة الآخرة :
1 ـ كل إنسان يتمنى أن يكون ثريا مليونيرا ولا يرجو أبدا أن يكون فقيرا مملقا محتاجا ، ولكن توزيع الرزق بيد الله جل وعلا وحده ، ولا يستطيع إنسان أن يحقق كل ما يريده إلا بمشيئة الرحمن جل وعلا ، ولهذا يغتنى أناس ثم يفتقرون ، ويتحول فقراء الى أغنياء ، ولا يضمن أكبر بليونير فى العالم أن يظل هكذا الى نهاية العمر.
واقع الأمر أننا نحن ـ البشر ـ يتخللنا المال ذاهبا وآتيا و العكس ، يتنقل بيننا سواء كان مال سائلا وارقاما فى أرصدة البنوك ،أو مجرد عملات ورقية ،أو كان ملكية عينية من أرض وعقارات نتوالى على تملكها ، ونموت ليرثها آخرون بعد أن كانت لمن كان قبلنا ، ثم فى النهاية نحن محاسبون ومؤاخذون ومساءلون عما فعلناه بهذا المال وبتلك (الأعراض ) العينية فترة حياتنا فى هذا العالم .
2 ـ ويتصارع البشر ـ أو معظمهم ـ فى سبيل الثروة ، ومن أجلها يتعاركون للوصول الى السلطة و النفوذ. والثروة و السلطة وجهان لعملة واحدة ، تؤدى إحداهما للأخرى ، فالضابط فى جهاز الشرطة يستغل نفوذه وسلطته ليجمع المال والعقارات ، والثرى يصل الى مجلس الشعب ليحصل على نفوذ ، به يحمى ثروته ويحصنها بال ويضاعفها .
وفى سبيل السلطة والثروة ترتفع شعارات للضحك على الذقون ، منها شعارات دينية أو قومية أو وطنية أو اجتماعية للتلاعب بعقول البسطاء و العوام و اللأغلبية الصامتة ، ولركوب ظهورهم لبلوغ الهدف الحقيقى وهو الثروة و السلطة.
أسوأ وأحقر أولئك المخادعين هم من يخلط السياسة بالدين ..!!
وكما يقال فى أمريكا بكل بصراحة نحتاجها فى بلاد العرب و المسلمين:( كل شىء هو فى سبيل المال : It is all for money ) فالمال هو المقصود الأعظم لكل البشر إلا من هداهم الله جل وهلا و أرادوا الآخرة وعملوا لها وهم أحياء فى هذا العالم .
3 ـ وبالتالى فنحن هنا أمام تقسيم قرآنى للبشر فى هذه الناحية ، وهو تقسيم رائع وهام لم يأخذ حقه من التدبر برغم أهميته الاخلاقية والنفسية و برغم ما سيترتب عليه من خلود فى الجنة أو النار بغض النظر عن المسميات والألقاب و الشعارات .
3 / 1 : هناك من يريد الدنيا فقط ، يعمل لها ، وحتى لو صام وصلى وتبرع وتصدق فهو لأجل متاع هذه الدنيا وزخارفها من مال ومتعة وصحة وأولاد و جاه ، ولا وجود مطلقا للآخرة فى حساباته أو فى حسبانه ، يبذل فى سبيل الدنيا كل دقيقة فى صحوه ونهاره ،وعليها يغمض عينيه قبل النوم ويفتحهما عند اليقظة ، وفى سبيلها تتكون صداقاته وعداواته ومنافساته ورؤيته للدين والدنيا . عبد الدنيا هذا لن يحصل فيها إلا على الرزق المقدر له سلفا مهما ركض وقفز وجرى ، ومهما بكى وصرخ واشتكى ، فمثله بقية البشر من أغنياء وفقراء ، لا ينال أحدهم سوى الرزق المقرر له كثيرا أو قليلا .
وعبد الدنيا لن يرضى بالمقدر له وسيظل يطمع فيما فى يد الآخرين ، غنيا كان أم فقيرا.
ولكنه بهذا ( النصيب ) المقدر له فى الرزق من لدن الله جل وعلا لن يكون له فى الجنة نصيب مهما عمل من الصالحات لأنه لم يؤمن باليوم الآخر ولم يعمل له حسابا .
يقول جل وعلا : (مَّن كانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاء لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُومًا مَّدْحُورًا ) أى من كان يريد الدنيا العاجلة ،فإن الله جل وعلا يعجل له فيها رزقه حسب قوانيه هو جل وعلا (مَّن كانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاء لِمَن نُّرِيد ).
أى طبقا لارادة الله جل وعلا وطبقا لمشيئته هو يأتى الرزق وفيرا أو قليلا لهذا أو ذاك ، إختبارا لهذا أو ذاك . لا دخل هنا لايمان أو كفر ،أو للطاعة أو المعصية .
3 / 2 : يتعلق الأمر بشيئين : أولهما سبق قوله وهو مشيئة الرحمن وحده فى توزيع الرزق و التفاضل بين البشر فيه يبسطه لمن يشاء ، ويقلله لمن يشاء ، والآخر هو إرادة العبد ، هل هو عبد للدنيا لا يرى سواها أم هو عبد لله جل وعلا يؤمن أن الله جل وعلا خلقه وأعطاه حرية العبادة أختبارا له ، وأمره باخلاص العبادة له ، وقال له فى صراحة (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ) ( الذاريات 56 ـ ) وترك له حرية الطاعة أو المعصية .
إرادة الانسان هنا هى عقيدته ومدى إيمانه أو كفره ، وهو يتمتع بكامل حريته هنا ، ولادخل لايمانه أو كفره بحظه ونصيبه فى الرزق لأن الرزق أحد الحتميات الأربعة ( الميلاد و الموت والرزق و المصائب ) التى لا مجال للافلات منها ، ولا حساب عليها . الحساب فى حرية الانسان فى العقيدة وفى الطاعة و المعصية فى تعامله مع الناس ورب الناس جل وعلا .
والذى أراد الدنيا ووجه وجهه نحوها سيأخذ رزقه المقدر و الحتمى فى الدنيا وفق مشيئة الله تعالى وارادته وقسمته ، ولكنه فى الآخرة ليس له إلا النار.
3 / 3 : قد يقال : ولكن هذا الشخص الذى أراد الدنيا قد عمل الصالحات من حج وصيام وتشييد للمساجد و دور للايتام و المستشفيات ، فكيف ينتهى به الحال الى الخلود فى النار؟
ونقول إنه طالما وجّه وجهه للدنيا وسعى سعيه للدنيا فقط فكل أعماله الصالحة لم تكن لوجه الله تعالى و لكن للرياء و الشهرة و الاستحواذ على رضا الناس ، والله جل وعلا لا يقبل من الأعمال إلا ما كان خالصا لوجهه دون أدنى ذرة من نفاق او رياء .
3 / 4 : وقد يقال ايضا : ولكن لا بد لأعماله الصالحة التى أراد بها الدنيا أن يكون لها مقابل . ونقول هذا صحيح فله أجر فى الدنيا مقابل عمله الصالح للدنيا ، والله تعالى وعده بأن يعطيه أجره فى الدنيا ، ويوفيه هذا الأجر فى الدنيا ، ولكن ينتظره أيضا الخلود فى النار ، يقول جل وعلا (مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ )( هود 15 : 16 )( مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ ) ( الشورى 20 ).
4 هذا عمّن أراد الدنيا .. فماذا عمّن أراد الآخرة ؟
إرادة الآخرة ليس مجرد شعار يرفع ، ولكنه إيمان يؤكده سلوك ملتزم ،أى سعى فى الدنيا بالعمل الصالح والاخلاق الحميدة ينبغ من رغبة حقيقية تبتغى وجه الله جل وعلا فى كل تصرف ، دون اهتمام برضى الناس او سخطهم .
4 / 1 : هذا الذى يريد الآخرة ويسعى فى الدنيا من أجلها مؤمنا بالله تعالى و باليوم الآخر ، هو لا يتكاسل عن السعى للمعاش بل يسعى فى الدنيا فى جد واجتهاد مثل من أراد الدنيا ووجه وجهه نحوها . ولكن الفارق فى الايمان ؛ وفى المصير.
وهذا الذى إختار الآخرة تسرى عليه أيضا نفس القوانين الحتمية فى الرزق ، فقد يكون فقيرا أو غنيا ، أو تقلب بين الفقر و الغنى شأن من أراد الدنيا ، ولكن الفارق فى الايمان وفى المصير.
4 / 2 : يقول جل وعلا عن هذا الصنف الآخر من البشر : (وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا ) هذا أراد الآخرة وسعى لها سعيها الصالح أى عمل الصالحات وهو مؤمن صحيح الايمان ، ولذلك سيكون سعيه مشكورا فى الآخرة بينما أحبط الله عمل عبد الدنيا فلن يغنى عنه شيئا .
ومع أن الله جل وعلا لم يجعل للايمان أو الكفر دخلا فى قوانين الرزق إلا إن الفارق هائل بين هذين النوعين من البشر ،وهذا الفارق مترتب على إرادة هذا الدنيا ، وإرادة ذاك الآخرة .
4 / 3 : ومن الطبيعى ان الفائز فى الآخرة هو الذى اختار الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن ، موقنا ان هذه الدنيا التى تنتهى بالموت لا تستحق أن يقصر الانسان عليها إرادته وعمله ونيته و ايمانه .
أما الآخر فقد غفل عن هذه الحقيقة البسيطة ولم يقتنع بما يراه حوله من موت ينتهى اليه الجميع ، ومال يتنقل بين أيدى هذا وذاك لا يدوم لأحد . وبذلك يكون مريد الآخرة قد فعل الأفضل لنفسه فاستحق بايمانه وعمله ان يفضله الله تعالى على مريد الدنيا ، يقول جل وعلا :(كُلاًّ نُّمِدُّ هَؤُلاء وَهَؤُلاء مِنْ عَطَاء رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاء رَبِّكَ مَحْظُورًا انظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً ) ( الاسراء 18 : 21 ).
4 / 4 : أى لمريد الآخرة تفضيل فى الدنيا بما يتمتع به من رضا وصبر وحلم وتوكل على الله جل وعلا و راحة بال ، عكس صريع الدنيا ومريدها ، ثم تأتى الآخرة بالجنة لمريد الآخرة وبالنار لمريد الدنيا .
5 : ما يخص موضوعنا هنا عن دور التزكية أن من يريد الآخرة يسعى فى الدنيا بما معه من مال يبغى به وجه الله جل وعلا ، يشترى به الآخرة لينجو من عذابها ، يقول رب العزة :(وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى وَمَا لِأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى إِلاَّ ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى وَلَسَوْفَ يَرْضَى)(الليل 15 :21 ) .
صدق الله العظيم ..
إن ما يحرك الإنسان للإنفاق من ماله الخاص بكميات وافرة تتناسب مع حجم ثروته ومصانعه ومشاريعه العملاقة ، زائدة على الضرائب التي يدفعها للدولة ، يكون أحد أمرين .
إما أنه يفهم الدين فهماً صحيحاً وآيات الإنفاق، وإما أنه يؤمن بالقيم الإنسانية النبيلة التي يطلق عليها الخير والحق ويصل بها إلى حيز التنفيذ في الواقع العملي في مجتمعه.
ولنا عدة أمثلة من المسلمين وغير المسلمين ، فمن المسلمين( العيني باشا) كان أحد المسلمين الأتقياء والذي تزكي بنفسه وبماله في سبيل خدمة أبناء وطنه مصر ، وتبرع بقصره الكبير وأنشأ مدرسة الطب الأولى في مصر لعلاج أبناء وطنه ، واستقدم أساتذة انجليز لتدريس الطب للرعيل الأول من الأطباء المصريين .
المثل الثاني البارون باشا الذي صمم حي مصر الجديدة، وكان مهندساً بارعاً في التخطيط العمراني ، وأنشأ حي مصر الجديدة الذي يعتبر درة في جبين مصر في أوائل القرن العشرين ، وله قصر مشهور في حي مصر الجديدة يعرف باسم (قصر البارون).
هذان مثلان لأثرياء مصر الشرفاء الذين أحبوا هذا الوطن وأخلصوا له ، أحدهم مسلم ويؤمن بقيم التصدق والإنفاق في القرآن الكريم، والآخر يؤمن بقيم الإنسانية من الحق والخير والجمال .
إرادة الدنيا .. أو إرادة الآخرة هما المقياس الحقيقي .. مهما رفعنا من يافطات أو شعارات .. فالذي لا يقول كلمة الحق خوفا من حاكم ظالم مستبد .. هو في حقيقة الأمر هو يريد الدنيا مهما كانت حججه أو مبرراته ..ومن يطلب من صاحب رأي مثل الدكتور أحمد صبحي منصور وغيره أن لا يقول كلمة الحق كاملة وأن يراعي مصالحه ويوازن بين مصالحه وقول الحق .. فإنه يريد الدنيا أيضا .. ولو فعل أحمد صبحي أو غيره ذلك .. فيكون هو أيضا أراد الدنيا مهما رفع من شعارات .. .. لذلك فإن هذا المقال قد وفق جدا في تبسيط امر الجنة أو النار .. وجعلهما في إرادة الشخص نفسه .. أي أن كلا منا يختار لنفسه ويجتهد في تدعيم أختياره .. والله سبحانه وتعالى هو علام الغيوب (يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ) ولذلك فإن الله سبحانه وتعالى لن ينخدع في طول اللحية أو تقصير الجلباب أو.. أو ..
الدكتور الفاضل أحمد صبحي ذكرت في المقال أن الاستخلاف هنا يعنى المسئولية ، والمسئولية تعنى وجود أوامر مفروض تنفيذها ، فالذى استخلفك على هذا المال هو الذى أمرك بالانفاق منه (آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَأَنفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ) (الحديد 7 ).
نفهم من ذلك أن انفاق الغني من مال الله الذي استخلفه فيه رب العزة واجب ومفروض ، ويعرف أن المال مال الله وليس فقط نتيجة لعنت الإنسان وعلمه كما قال قارون : " {قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ القُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً وَلَا يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ }القصص78
لكن أليس لدى الفقير ما ينفقه سوى المال إن لديه الصحة والوقت وخدمة المجتمع والإصلاح وهو كثير ونتذكر موقف الفقراءعند الغزوة الذين لا يجدون ما ينفقون وعيونهم تفيض من الدمع :" {وَلاَ عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لاَ أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّواْ وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلاَّ يَجِدُواْ مَا يُنفِقُونَ }التوبة92 ، ما رأيكم في هذا الرأي ؟
الدكتور العزيز أحمد بعد التحية ..
نظام السلاسل في المقالات مثل الزكاة على سبيل المثال .. ربما لا تتناسب والقارئ الذي لا يريد أن يكون باحثا .. فربما تقع عين القارئ على مقال بعنوان الزكاة فيظن أنه المقال الوحيد لك الذي يعالج موضوع الزكاة .. لذلك لابد أن يكون هناك حل لذلك بمعنى أن يكون هناك عنوان رئيسي وعنوان فرعي .. لكي يتم التفريق بين المواضيع ..
1 - { الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُّهِيناً } النساء 37
2 - { الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ } الحديد24
تتحدث الآيات السابقة عن نمط من الناس لا يبخل فقط ، لكن يأمر الناس بالبخل وهذا النمط له وصاية على بعض الناس على المرجح ،إذ كيف يأمر الناس بالبخل ؟ ! لابد وأن يكون مسوع الكلمة حتى يأمرأر جو من استاذنا الدكتور أحمد وضح ملامح أو أوصاف لمن يقوم بهذا العمل ولك كل الشكر.
إلا من هداهم الله جل وهلا و أرادوا الآخرة ... كلمة علا مكتوبة خطأ
اهلا وسهلا
أضطر الى كتابة البحث الكبيرعلى مقالات وأجزاء لأن ظروفى الزمانية و المعيشية لا تسمح بغير ذلك ، حيث أعمل وحدى بدون مساعد باحث أو سكرتير للاعمال الادارية والتحريرية فى المركز .
أحمد الله جل وعلا أننى أتابع النشر فى معظم تلك السلاسل ، وأرجو أن أتمها كلها ، ثم تتحول الى كتاب ينشر مستقلا . والباحث ليس صعبا عليه ان يقوم بتجميع كل الحلقات معا فى ملف واحد .
كتاب الزكاة سيستمر عدة حلقات ، ولا تزال هناك حلقات فى ملاحق ( مصر فى القرآن الكريم ) و ( القضاء بين الاسلام و المسلمين ) وبدأت حلقات جديدة فى كتاب ( وعظ السلاطين ) وهناك حلقات تمت ولم تنزل كتابا مثل ( مدرسة الامام محمد عبدة ) و ( الشعوذة و الدين الارضى ) .وكتب كتبت فيها حلقة أو إثنتين ولم استكملها مثل (الاعجاز العلمى ) و مثل ( الرق وملك اليمين ) ..الخ..
وهناك حلقات اوشكت على الانتهاء ويتبقى فيها عدة مقالات مثل ( الصحابة ) و ( الهداية ) و ( الكفر العقيدى و الكفر السلوكى ) و ( تطبيق الشريعة فى تاريخ السلاطين والحكام المسلمين ) والأهم من ذلك كله الجزء الثانى من كتاب الصلاة ومن كتاب الحج ..هذا غير السلاسل الجاهز معظمها للنشر ، والكتب التى منتظر نشرها على الموقع ، ولا أجد وقتا لذلك كله .
أنا فى حيص بيص ..
وأرجو من الله تعالى العون .. وأتمنى أن أسدد كل هذه الفراغات باستكمال كتابة تلك الحلقات التى لم تكتمل ، قبل أن يطبقوا حد الردة المزعوم على شخصى الضعيف ..
والله جل وعلا هو المستعان .
بارك الله فيك ومكنك الله سبحانه وتعالى من أن تنهي .. ذلك بسرعة وأن يكون هناك غيره ، فإن ميكنة العقل قطعا لا تهدأ .. إلا بنهاية الأجل .. ولكن الكاتب والمفكر يبقى ما يكتبه حيا بعد موته .. وهذا الفارق بين شحصين أحدهم مات ولم يترك ورائه ما يتذكره الناس به ،وبين كاتب ومفكر يموت ولكن يبقى حيا بأفكاره ..وأهم من هذا كله أن يكون ما يكتبه الكاتب في سبيل الله سبحانه وتعالى ..
تاريخ الانضمام | : | 2006-07-05 |
مقالات منشورة | : | 5111 |
اجمالي القراءات | : | 56,685,998 |
تعليقات له | : | 5,445 |
تعليقات عليه | : | 14,818 |
بلد الميلاد | : | Egypt |
بلد الاقامة | : | United State |
دعوة للتبرع
شهادة الاسلام واحدة: بالنس بة للشها دة بان محمد رسول الله .. جاء...
الشيعة والارض والشمس: ورد في كتاب الكاف ي عن جعفر الصاد ق ان الارض...
الانتحار: فى برنام ج ( لحظات قرآني ة ) تكلمت عن...
ولا تركنوا الى : ما معنى ( وولا تركنو ا الى الذين ظلموا...
المحمديون والمسيحيون: في احدي المنا ضرات التي قام بها المست شار ...
more
الأستاذ الفاضل / أحمد صبحي منصور كما تفضلت بالقول أن " النفوذ. والثروة و السلطة وجهان لعملة واحدة ، تؤدى إحداهما للأخرى ، تتضح هذه الحقيقة جلية واضحة وضوح الشمس في رجال السلطة والثروة في مصر، فأحد رجال الثروة في مصر يتقلد رئيس لجنة الإسكان بمجلس الشعب ، يتكلم بمنطق الأثرياء ومن برج عاجي ، وأنى له أن يشعر بمعاناة الفقراء في الإسكان في مصر، فالكثير منهم أصبحوا من سكان المقابر -أحياء مجاورون للأموات- كما يقول المثل الشعبي (مدفونين بالحياة )، فكيف لهؤلاء أن يكونوا مخلصين في إيجاد حل لمشكلة إسكان الفقراء .
كما فعل المعماري الدكتور حسن فتحي الذي ألف كتاباً بعنوان عمارة الفقراء ، ونال جائزة الأمم المتحدة لتفانيه وقضاء عمره المديد في بناء مساكن للفقراء وتطويره بطريقة اقتصادية تجعل الشاب يبني مسكنه بأقل التكاليف من خاملت الطبيعة في غضون عدة اسابيع ، وليست عشر سنوات كما هو الحال هذه الأيام .
فهذا الرجل تزكى بنفسه وأنفق من علمه زكاة نفع بها الفقراء على مستوى العالم ومصر على مستوى الخصوص ، وللأسف الشديد فقد تمت محاربته من الأثرياء وقتها أصحاب مصانع الأسمنت والحديد ومحاجر الطوب والرمل ورجال الأعمال ألغير مخلصين .