الذهب:
لم نحرم ما احل الله(الذهب)
أيمـــن اللمـــع
Ýí
2008-06-30
في نهاية كل شهر تتجمع عائلتنا الصغيرة، فيلتقي جميع أقاربي بعضهم في ذلك المساء من اليوم لنعرض مشاكلنا وبعض من الحلول لها، وايضا حتى يطمئن بعضنا على بعض فنتشاور ونتحاور، جميل هذا اللقاء لما يحمله من معان لصلة الرحم والألفة والمودة،
احبهم واحب بساطتهم في منظورهم للحياة، كما احب ايضاً قريبي ضياء الدين الذي اشبهه بنفسي يوما من الأيام، ويذكرني بصغري مع أنه يكبرني سناً، الا اني اراه طفلا صغيرا في تناوله للأمور وخصوصاً المتعلقة بالدين،
فيتحول من ذلك الوديع المسالم الى شديد غليظ متعصب ،فيحتد ويصرخ حتى يُفقد أي أمل من أي مناقشة ،مع أني اُحبه واشفق عليه الا انه يراني خطراً على الاسلام والمسلمين وأفكاري مسمومة وقد تهُز عقيدة البسيطين- كما وصفني-.
وفي احدى تلك الاجتماعات خاض أحدهم بيني وبينه حواراً يسأل فيه عن خاتمي الذهبي فأجبته بهدوء حتى أنه لم يستطع أن يستوعب أن في عقيدته هو الخطأ، فلجأ الى صديقنا ضياء الدين مستنجداً، وهنا بدأت المصيبة عندما سُقت له الحديث الذي يُحرم فيه بخاري الذهب فيقول عن خاتم الأنبياء أنه اتخذ خاتم من ذهب وعندما قلده المسلمين في ذلك رماه،فسألته هل رماه لأن المسلمين قلدوه ،ألم يعلم بأن المسلم الحق هو من سيتبعه ويقتدي به في كل أمر!!فلم يذكر لنا ذلك الحديث سبباً الا ذلك.
نعم انها مصيبة فنهض محتجاً صارخاً وقد امسكني اخيراً متلبسا وانا افتري على النبي، على حد قوله.
طبعاً كان الاخرين في حيرة من أمرهم ،فالبعض- من لم يعلموا أساس موضوعنا- مذهولون ،والبعض يضحكون- من يعرف علاقتي الحميمة مع شيوخ الدين- ولكنه لم يدع مجالاً للنقاش بصراخه الذي أفزع جميع النساء في الداخل - عدا زوجتي التي عرفت مسبقا بأنني السبب- ،فطلبتُ منه ان يتروى حتى يتأكد أولاً من وجود ذلك الحديث عند بخاري، ولا ينكر وجوده لمجرد أنه لم يسمع به، لكنه أصر معانداً على انه حديث كاذب وأنا من لفقه-انا معه في الأولى ولست كذلك في الثانية-، ثم تحداني واثقاً بأن احضره له حتى أبرِء نفسي ،في الوقت الذي رفض بأن أخرجه له من جهازي الحاسب، الا أني انسحبت حتى لا تتحول الجلسة الى نكد، حيث أن ذلك التجمع كان في تلك المرّة عندي وبإسمي فكيف سأترك الجميع باحثاً عن كتاب البخاري ليلاً!!
ولكني حوّلت الأمر الى كوميديا فضحك من ضحك وبكى من بكى.
ولكن بقي السؤال قائماً : هل هذا الحديث -المفترى- موجود، وأين؟
أخي قبل أن تدافع عن أحد أو عن كتابه يجب عليك أن تعرفه جيدا حتى لا تتفاجئ أولا ثم تحرج أخراً.
والى جميع من يدافع عن كتاب البخاري معتبره الكتاب الثاني بعد القرآن، وكأن من كَتبه آله معصوم لا يخطئ ولاينسى، ياحبذا لو تقراءه بعين الانتقاد خالعاً عنه هالة التقديس، قبل أن تُعرَض الى ربك فيسألك عنه!!!
ولا يعني اذا لم يُعرض عليك أمر أنه ليس موجود.
فهل تعتقد بأن حديث رضاعة الكبير لم يكن موجوداً عند مُسلم سابقاً ثم ظهر فجأتا ؟
انه موجود فعلاً ولكن السبب هو عمى في البصر والبصيرة.
وبكل بساطة أفتح يا ضياء على باب اللباس في بخاري حديث رقم 5527
ستجده يقول: حدثنا مسدَّد: حدثنا يحيى، عن عبيد الله قال: حدثني نافع، عن عبد الله رضي الله عنه:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اتخذ خاتماً من ذهب، وجعل فصه مما يلي كفه، فاتخذه الناس، فرمى به واتخذ خاتماً من ورق أو فضة.
كما انك ستجده في: فهرس ابن حبان كتاب الزينة والتطييب رقم 5495، وعندالنسائي كتاب الزينة من السنن وفي سنن البيهقي كتاب الزكاة رقم 7354.
(((العجيب في الموضوع أن صديقنا ضياء اذا ما تأكد بأن الحديث فعلا موجود فسيتحول بلحظة واحدة من مزدرٍ مكذِب-بكسر الذال- الى مدافع عنيد))) !!!!
هذي صفات المحبين....
ذُكرحُكم الذهب في القرآن مرتين الأولى تنذر من يكنزه ولا ينفقها في سبيل الله
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّ كَثِيراً مِّنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} التوبة : 34
وفي الثانية وصفه بأنه زينة للناس:{ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ} آل عمران : 14
واذا تتبعنا الزنية في القرآن نقرأ قوله عز وجل { قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ }[الأعراف : 32]
هو يتكلم عن زينة أخرجت للعباد والجميع يعلم بأن المعادن تستخرج من باطن الأرض ، اذا ماهو المعدن الذي يستخدم كزينة في الحياة الدنيا ويوم القيامة، وقد حرم لبسه!!!!
الذهب سيكون جزاء للمؤمنين في الجنة،
{أُوْلَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَاباً خُضْراً مِّن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً} [الكهف : 31
{إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ} [الحج : 23
{جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ} [فاطر : 33
{يُطَافُ عَلَيْهِم بِصِحَافٍ مِّن ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [الزخرف : 71
يُحرم الله علينا زينة في الدنيا ستكون حِلية أهل الجنة!! كيف
طبعاً سيخطر ببالك الخمر، أولا الخمر ليس زينة ، كما أن الخمر فيه( أثم) أي ضرر يودي بسلبك عقلك.
وكما أن خمر الجنة يختلف عنه في الدنيا لأن وصفه المميِز له بأنه( لذة للشاربين) وليس مسكر لعقولهم،وايضا {لا فِيهَا غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ} (الصافات:)47
عصرُنا هذا هو عصرُ العقل والمنطق والاقناع والحجة والبرهان، وبما أن أشياخنا وصلوا الى اَنفاق مسدودة لجؤا الى الحُجج الواهية والبراهين الغريبة العجيبة،
فقد قرأت مقالة غريبة عن أحد (عُلماء الغرب) يكتشف بأن الذهب يؤثر على الرجل ولا يؤثر على المرأة ،بحيث يمتصه الجلد فيبقى داخل جسم الرجل بكميات بحيث تطرحه المرأة من خلال الدورة الشهرية ،ومن ذلك يصاب الرجل بمرض الزهايمر(التخريف المبكر) ،وهنالك من قال انه مرض الضعف الجنسي!!
يال ذلك العالِم الغربي الناكر للجميل، الذي اكتشف هذا الأكتشاف و آثر به للمسلمين وحدهم من دون مجتمعه !!
لماذا لم نسمع به منهم على الرغم بأني اعمل في المجال الطبي؟؟ولماذا لا يزاولن يلبسون الذهب؟
اسمعهم يذكِروني بالمؤامرة العالمية ضد الاسلام ،وكيف يخفون الحقائق حتى لا تؤكد صِدقنا نحن المسلمين.
ولكن جَدّي لهم بالمرصاد!
جَدّي رجل تعدى السبعين من العمر، لبس الذهب فترة طويلة من الزمن بحيث أنه أمتص كمية أكبر منه - بناءاً على نظرية ذلك الغربي- ،
والحمد لله لايزال ينعم بذاكرته الجيدة مع زوجته الثانية وطفلته الحديثة!!!
وما بالُ النِسوة فوق سِن الخمسين،واللوات انقطع الحيضُ لديهن والحوَامِل، فهل نمنعهُن من التزيُن بالذهب بحجة نظرية الامتصاص والطرح تِلك؟
يحتج الكثيرين بأن لِبس الذهب هو تقليد للمرأة وتشبُه بها, وكأن المرأة شيئ بذيئ يجب تجنبه خوفاً على رجولتنا من الاضمحلال، وكأنك اذا ما لبست خاتم الذهب فستفقد خشونتك ورجولتك.
برأيي هي عادات وتقاليد قد عشناها بمنظورنا الذكوري ، الذي يتمحور حول أن يكون الرجل هو المسيطر وهو الأول والآمر والناهي ،والمرأة هي جانب الضعف السالبة للُب الرجل ناقصة العقل والدين ذات الكيد العظيم!!
اذا كان التحريم بسبب التأسي والتشبه، اذا الأولى أن نبتعد عن اللون الذهبي ,أي أن الساعة ذات اللون الذهبي تشبه الأسورة الذهبية، كما أن الذهب المقلد يدخل في هذا الإطار، فالتشبه يكون مظهريا,اذاً ما أساس تحليلها!!
لسنا نحن من نحرِم ونحلِل، منهاجي واضح وشريعتي في القرآن, ومشرعي الله وحده،
وانصحكُم اخوتي واذكرَكم بقوله تعالى:
{وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ} النحل:116
وأتمنى لك يا ضياء أن يضاء قلبك وان لا يبقى اسمك هو الوحيد المضاء.
اجمالي القراءات
18130
السلام عليك أخى المؤمن وأضاء الله لك طريقك
وأوصلك إلى طريق الرشاد وستكون شهيدا على القوم اللذين أبلغتهم الأيات البينات وتحياتى لك وإحترامى