آحمد صبحي منصور Ýí 2023-08-27
( العدل والقسط )
كتاب ( ماهية الدولة الاسلامية )
الباب الأول : القيم الأساس للدولة الاسلامية
الفصل الثانى : العدل ( القسط ) والاحسان ( التسامح )
( العدل والقسط )
مقدمة :
القسط هو تمام العدل، والقسط هو الهدف من إرسال الرسل والأنبياء وإنزال الكتب السماوية، يقول تعالى ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النّاسُ بِالْقِسْطِ﴾ (الحديد 25) فإقامة الناس فى أى مجتمع للقسط والعدل هى إقامة لشريعة الله التى جاءت بها الرسالات الإلهية لكل عصر. والدولة الاسلامية تتبنّى القسط قيمة أساسا .
ونعطى تفصيلا :
أولا :
القسط والعدل مع الله جل وعلا :
1 ـ فالقسط فى التعامل مع الله يكون بالإيمان به جل وعلا إلهاً واحداً لا شريك له ولا نظير، ولم يلد ولم يولد. ومن هنا فإن الإشراك بالله تعالى ظلم عظيم للمولى جل وعلا ﴿إِنّ الشّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ (لقمان 13). وهذه قضية يختلف فيها البشر، ومرجعها إلى الله تعالى يوم القيامة.
2 ـ و( العدل ) فى التعامل مع الله جل وعلا يعنى الكفر به ، لأنه يعدل بالله جل وعلا غيره ، ويجعله عدلا له أو نظيرا له جل وعلا . عن المشركين الكافرين قال جل وعلا :
2 / 1 ـ ( ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ (1) الانعام )
2 / 2 ـ ( وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَهُمْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ (150) الانعام )
2 / 3 ـ ( أإله مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ (60) النمل ).
3 ـ العدل المطلوب هو فى تعامل البشر مع بعضهم البعض. قال رب العزة جل وعلا عن بعض قوم موسى عليه السلام فقال : ( وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ (159) الأعراف ).
ثانيا :
القسط فى التعامل مع البشر:
جاءت الأوامر بالعدل والقسط :
1 ـ داخل البيت، مع الزوجات أو الاكتفاء بزوجة واحدة . قال جل وعلا : ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً﴾ (النساء 3).
2 ـ فى التعامل مع الأقارب حتى لا تؤثر القرابة على القيام بالقسط فتقع المحاباة والظلم. يقول سبحانه وتعالى :
2 / 1 : ضمن الوصايا العشر: ﴿وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىَ﴾ (الأنعام 152).
2 / 2 : ﴿يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَآءِ للّهِ وَلَوْ عَلَىَ أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقَيراً فَاللّهُ أَوْلَىَ بِهِمَا فَلاَ تَتّبِعُواْ الْهَوَىَ أَن تَعْدِلُواْ﴾ (النساء 135) فالأمر الإلهى هنا للمؤمنين بأن يقوموا بالعدل والقسط، وأن يكونوا بذلك شهداء لله تعالى حتى على أنفسهم وأقاربهم إحقاقاً للعدل وابتعاد عن الهوى.
3 ـ مع الأعداء داخل الدولة الاسلامية : حتى لا يتأثر العدل والقسط بكراهية الأعداء فتحكم عليهم ظلماً، يقول سبحانه وتعالى ﴿يَا أَيّهَآ الّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوّامِينَ للّهِ شُهَدَآءَ بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىَ أَلاّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتّقْوَىَ﴾ (المائدة 8) أى أن يقوموا ابتغاء مرضاة الله تعالى بالقسط فلا يؤثر فيه كراهيتهم لقوم فيحكموا عليهم ظلماً..
4 ـ مع المخالفين فى الدين داخل الجولة الاسلامية : المواطنة فى الدولة الاسلامية هى بالاسلام السلوكى بمعنى السلام . فكل إنسان مُسالم هو مواطن بغض النظر عن إنتمائه الدينى وعلا قته بربه جل وعلا . المصريون الأقباط هم أولى الناس بالاسلام السلوكى الذى يعنى السلام ، فهم مسالمون امتلأ تاريخهم بالصبر على الاضطهاد وإيثار الاستشهاد على المقاومة للظلم . لذا فهم أولى الناس بالبرّ والعدل فى الدولة الاسلامية ، والذى يظلمهم مستحق لنقمة المولى عز وجل الذى لا يريد ظلما للعباد . ولكن تعرضوا للإضطهاد بعد الفتح العربى ، وحتى الآن مع علو النفوذ السلفى السُّنّى .
5 ـ مع الدول : إذا كان المختلفون فى العقيدة قوماً مسالمين لم يضطهدوا المؤمنين ولم يطردوهم من ديارهم ولم يساعدوا العدو فى اضطهادهم، فإن من حقهم على الدولة الاسلامية أن يُعاملوا ليس بالقسط فقط ولكن بالبر والإحسان. يقول سبحانه وتعالى : ﴿لاّ يَنْهَاكُمُ اللّهُ عَنِ الّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرّوهُمْ وَتُقْسِطُوَاْ إِلَيْهِمْ إِنّ اللّهَ يُحِبّ الْمُقْسِطِينَ﴾ (الممتحنة 8) .
6 ـ فى التعامل التجارى وفى الأسواق وفى كتابة الديون ومع اليتيم والتقاضى والشهادة . يقول سبحانه وتعالى :
6 / 1 : ﴿وَلْيَكْتُب بّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ﴾..
6 / 2 : ﴿فَلْيُمْلِلْ وَلِيّهُ بِالْعَدْلِ﴾ (البقرة 282) .
6 / 3 : ﴿وَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ﴾ (الأنعام 152)
6 / 4 : ﴿وَأَن تَقُومُواْ لِلْيَتَامَىَ بِالْقِسْطِ﴾ (النساء 127) .
6 / 5 : والقسط فى التقاضى بين الناس ﴿وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ﴾ (النساء 58) .
6 / 6 : وفى الحكم بين القوم الآخرين : ﴿وَأُمِرْتُ لأعْدِلَ بَيْنَكُمُ﴾ (الشورى 15) .
6 / 7 : والقسط فى الشهادة : ﴿وَأَشْهِدُواْ ذَوَي عَدْلٍ مّنكُمْ﴾ (الطلاق 2) .
6 / 8 : والقسط فى الحكم بين دولتين متصارعتين : ﴿فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوَاْ﴾ (الحجرات 9).
ثالثا :
( الميزان التوازن / القسط ) فى خلق السماوات والأرض :
الكلمة القرآنية ( الميزان ) تعنى فى عصرنا التوازن . والميزان / التوازن أو القسط هو أساس خلق الكون واستمراره :
1 ـ عن خلق السماوات والأرض وفق ميزان دقيق يقول سبحانه وتعالى ﴿وَالسّمَآءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ ( 7 ) أَلاّ تَطْغَوْاْ فِي الْمِيزَانِ ( 8 ) وَأَقِيمُواْ الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلاَ تُخْسِرُواْ الْمِيزَانَ﴾ ( 9 )(الرحمن ) . السماء وهى كل ما يعلونا تقوم على أساس دقيق من التوازن، وعلينا ألا نطغى على ذلك التوازن فى العالم الكونى من الغلاف الجوى أو فى ذرات الأرض وهندسة الجينات وعناصر التربة ومعادنها، وإلا فإن الطغيان على ذلك التوازن الطبيعى يفتح الباب للفساد، ويحدث هذا بين الناس إذا ضاع القسط فى التعامل فيما بينهم، لذا يقول تعالى يربط التوازن الطبيعى بالتوازن العادل فى التعامل بين البشر ﴿أَلاّ تَطْغَوْاْ فِي الْمِيزَانِ ( 8 ) وَأَقِيمُواْ الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلاَ تُخْسِرُواْ الْمِيزَانَ﴾ ( 9 ) الرحمن ).
2 ـ إن الميزان الإلهى فى خلق المادة تجده فى أوزان العناصر والذرات والمعادلات الكيماوية بنفس ما نجده فى حسابات الفلك والنجوم والكواكب، وعن طريق الحسابات الرياضية توصل أينشتين إلى نظريته فى النسبية قبل أن تتحقق بتفجير القنبلة الذرية، وعن طريق الحسابات الرياضية توصل علماء الفلك إلى اكتشاف بعض الأقمار والمجرات قبل أن يتعرفوا عليها بالمراصد. والله سبحانه وتعالى يقول عن منازل القمر : ﴿وَقَدّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السّنِينَ وَالْحِسَابَ﴾ (يونس 5) ويقول عن التقويم القمرى والشمسى : ﴿وَجَعَلَ الْلّيْلَ سَكَناً وَالشّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَاناً﴾ (الأنعام 96) . ونفس الميزان المحسوب فى المواد أشار إليه الخالق جل وعلا : ﴿وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِن كُلّ شَيْءٍ مّوْزُونٍ﴾.. ﴿وَإِن مّن شَيْءٍ إِلاّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزّلُهُ إِلاّ بِقَدَرٍ مّعْلُومٍ﴾ (الحجر 19،21). وهذا الميزان الدقيق فى المخلوقات الحية وغير الحية يستلزم عدم المساس به حتى لا يفسد النظام فى الذرة والعناصر والخلايا والغلاف الجوى.
رابعا :
( الميزان التوازن / القسط ) فى الكتب الالهية :
1 ـ الله سبحانه وتعالى خالق هذا الكون المتوازن أنزل كتاباً إلاهيا فيه الميزان الذى يهتدى به الناس فى تعاملهم مع الكون والبيئة وفى تعاملهم مع بعضهم البعض.
2 ـ وهو ( كتاب واحد ) لكل نبى . بل هو كتاب واحد لأكثر من نبى ، مثل موسى وهارون عليهما السلام : ( وَآتَيْنَاهُمَا الْكِتَابَ الْمُسْتَبِينَ (117) الصافات ) ، وهو كتاب واحد لثلاثة من الرسل : ( وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ (13) إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ (14) يس ). هو ( كتاب واحد ) لأنه ميزان واحد ( ليس كتاب وسُنّة كما تقول بعض المواشى البشرية التى تسير بقدمين فقط .!) . الميزان لا يتعدد ، هو فرد وليس مثنى . بل إن كل الكتب الالهية يأتى وصفها جميعا بالمفرد ( الكتاب ) ، والله سبحانه وتعالى يأمر خاتم النبيين أن يقول ﴿وَقُلْ آمَنتُ بِمَآ أَنزَلَ اللّهُ مِن كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لأعْدِلَ بَيْنَكُمُ﴾ (الشورى 15) . هنا ( كتاب ) إلاهى ، وهو أيضا أمر بالعدل .
3 ـ ويقول سبحانه وتعالى عن ذلك الكتاب الألهى الواحد : ( الميزان ) الذى نزلت به الرسالات الإلهية : ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النّاسُ بِالْقِسْطِ﴾ (الحديد 25) أى عن طريق الكتاب الالهى ( الذى هو الميزان ) يعتمد الناس القسط فى تعاملهم مع الله تعالى وفى تعاملهم مع أنفسهم وفى تعاملهم مع البيئة.
4 : ونزل القرآن الكريم خاتم الرسالات السماوية قبل قيام الساعة، يقول سبحانه وتعالى عن القرآن الكريم الذى جاء ميزاناً محفوظاً إلى قيام الساعة ﴿اللّهُ الّذِيَ أَنزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقّ وَالْمِيزَانَ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلّ السّاعَةَ قَرِيبٌ﴾ (الشورى 17).
خامسا :
الميزان ( القسط ) يوم الحساب
1 ـ فيه سيتم وزن الأعمال بالقسط وعلى أساس الذرة، يقول سبحانه وتعالى ﴿وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبّةٍ مّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَىَ بِنَا حَاسِبِينَ﴾ (الأنبياء 47).
2 ـ وفيه توزن الأعمال فى كفّة مقابل الكتاب السماوى الذى كان الميزان الذى ينبغى أن يحتكم إليه الإنسان فى الدنيا ، يقول سبحانه وتعالى : ﴿وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقّ فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَـَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ. وَمَنْ خَفّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَـَئِكَ الّذِينَ خَسِرُوَاْ أَنْفُسَهُم بِمَا كَانُواْ بِآيَاتِنَا يِظْلِمُونَ﴾ (الأعراف 8: 9) . لم يقل ( بآياتنا والسُنّة ) كما تعتقد بعض المواشى البشرية التى تسير بقدمين فقط .!
سادسا :
الفساد ضد القسط
1 ـ إذا تحكم الفساد فى علاقات البشر فلابد أن يفسد البيئة، وإشتهر قوم شعيب بالفساد . قال جل وعلا :
1 / 1 : ( وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ َأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ (85) وَلا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجاً وَاذْكُرُوا إِذْ كُنتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ وَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (86) الأعراف) .
1 / 2 :( وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلا تَنقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ (84) وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ (85)هود ) .
1 / 3 : ( أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلا تَكُونُوا مِنْ الْمُخْسِرِينَ (181) وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ (182) وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ(183)الشعراء ).
1 / 4 : (وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الآخِرَ وَلا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ (36) العنكبوت ) .
2 ـ الله سبحانه وتعالى يجعل حدوث الفساد المادى فى الأرض فى البرّ والبحر والغلاف الجوّى ــ ناشئاً عن فساد العلاقات بين الناس، يقول سبحانه وتعالى : ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الّذِي عَمِلُواْ لَعَلّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ (الروم 41) . أى هو عقوبة إلاهية لهم لعلهم يرجعون ويكُفُّون عن الفساد . ومن المعروف أن موسم الجرد يرتبط فيه إحراق المخازن والمنشئات للتغطية على السرقات.. أى تدمير البيئة بعد جرائم السرقة.
سابعا :
القسط أساس الاسلام وشهادة الاسلام
1 ـ شهادة الاسلام واحدة ( لا إله إلا الله ) ، وتكررت هذه الشهادة الواحدة مرتين فى آية التشهد والتى ابدلها المحمديون بعبارات كوميدية سمُّها التحيات . التشهد جاء فى قوله جل وعلا : ﴿شَهِدَ اللّهُ أَنّهُ لاَ إِلَـَهَ إِلاّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَـَهَ إِلاّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ (آل عمران 18) . والمستفاد هنا أن القيام بالقسط يشهد به الله سبحانه تعالى والملائكة وأولو العلم،( وليست المواشى البشرية التى تسير بقدمين فقط ).! .
2 ـ الظلم ضد القسط . ومن الظلم عدم المساواة بين المواطنين بسبب اللون أو الدين أو المذهب . أو أن يكون غير المسلم (أهل ذمة). فذلك من تشريعات الأديان الأرضية للمسلمين، ولم يعرفه عصر النبى محمد عليه السلام، ولم يأت ( أهل الذمة ) فى القرآن الكريم ، مع مجىء كلمة ( ذمّة ) فى سياق آخر وصفا للمشركين المعتدين ناقضى العهود والمواثيق ( التوبة 8 ، 10 )، ولكن أوجدته دولة الخلفاء الفاسقين.
أخيرا :
حساسية القسط :
1 ـ الله جل وعلا يجعل ميزان القسط متناهى الحساسية، فالقسط المطلوب هو بنسبة مائة فى المائة فإن تراجعت النسبة إلى 99% أصبح الحكم ظلماً، طالما دخلت فيه نسبة الواحد فى المائة من الظلم. نفهم هذا من التفرقة القرآنية بين كلمتين "قاسط" و"مقسط"؛ فالقاسط هو الذى يحول الحكم لهواه أو لصالحه ولو بنسبة 1%، والله سبحانه وتعالى يقول عن القاسطين : ﴿وَأَمّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُواْ لِجَهَنّمَ حَطَباً﴾ (الجن 15) ، أما المقسط فهو صيغة مبالغة من القسط أى الذى يراعى القسط دائماً وأبداً. وذلك المقسط يستحق حب الله سبحانه وتعالى،فتكرّر قوله جل وعلا : ﴿إِنّ اللّهَ يُحِبّ الْمُقْسِطِينَ﴾ ثلاث مرات (المائدة 45، الحجرات 9، الممتحنة 8) .
2 ـ الدولة الاسلامية شعارها : ﴿وَأَقْسِطُوَاْ إِنّ اللّهَ يُحِبّ الْمُقْسِطِينَ﴾. أما دول المحمديين فهى دول القاسطين : ( وَأَمّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُواْ لِجَهَنّمَ حَطَباً﴾.
تاريخ الانضمام | : | 2006-07-05 |
مقالات منشورة | : | 5111 |
اجمالي القراءات | : | 56,686,787 |
تعليقات له | : | 5,445 |
تعليقات عليه | : | 14,818 |
بلد الميلاد | : | Egypt |
بلد الاقامة | : | United State |
دعوة للتبرع
صلاة الجمعة: الرجا ء توضيح الآية ( اذا نودى للصلا ة من يوم...
اسرائيل والامارات: استاد كيف تفسر توطيد وتطبي ع العلا قة بصفة...
ثلاثة أسئلة: السؤ ال الأول : قررت أن أتوب . كنت صاحب نفوذ...
شكرا عمّار السامرائى: الدكت ور احمد صبحي منصور المحت رم تحية طيبة...
البرازخ: كنت ذات مرة اتحدث مع احد الاصد قاء فإذا به...
more