الحضاره ..تناقض وشيزوفرنيا
أ.د. عبدالرزاق منصور على

يقول الدكتور أحمد صبحى فى مقدمة كتابه شخصية مصر بعد الفتح الإسلامي " قد واجهت مصر قبل الفتح الإسلامي كثيرا من الغزوات والفتوحات وخضعت لأمم شتى من شرقيين وغربيين , من برابرة ومتحضرين .. إلا إن مصر كانت قد استكملت بنيانها الحضاري والثقافي والديني عبر تاريخ طويل متصل بلغ عشرات القرون فاستطاعت أن تهضم ما جاءالغزاه به من مؤثرات جديدة وتضفي عليه الطابع المصري لتصبح بعد حين رافدا من روافد الحضارة المصرية ومعبرا عنها , وذلك ما يعرف في التاريخ بالتمصير , وقد خضع غزاة مصر لهذا التمصير, فالهكسوس ما لبثوا أن عبدوا الآلهة المصرية وتشبهوا بالفراعنة ,والاسكندر الأكبر الفاتح المثقف دارس الفلسفة ذهب بنفسه خاضعا لمعبد (آمون ) في سيوة , وسار على نهجه خلفاؤه البطالمة في مصر فغلبت عليهم الصبغة الفرعونية أكثر من الصبغة اليونانيه.
ولوأخضعنا الحضاره والثقافه المصريه للتحليل العلمى واعتبرناها شخصا من لحم ودم وطبقنا معاييرعلم الوراثه والجينات الحديث وما يتضمنه من طفرات فإنه يمكن تفسير كل التناقضات الموجوده فى المجتمع المصرى. إذ أن الحمض النووى لنسيج الحضاره المصريه لابد أن يتأثر بدرجه كبيره من هذا الكم الهائل من الفيروسات أو الغزاه فيحدث إندماج لبعض جينات الحمض النووى للغزاه فى هيكل الحمض النووى للثقافه والشخصيه المصريه مما ينتج عنه طفرات جينيه تؤدى على المدى الطويل لما يعرف بالهجين الثقافى (إذا صح التعبير) ومايتبعه من مظاهر غير مألوفه مثل التناقضات فى العقل الجمعى والشخصيه المصريه المجتمعيه ليصل أحيانا إلى إنفصام شخصيه مجتمعى او مايعرف بالشيزوفرينيا. ولتقريب هذا الإنفصام نطرح الأمثله التاليه ولاداعى لذكر الأسماء حتى لا أتهم بالتجنى أوالمجامله والمحاباه:
1- نلاحظ أن أفضل علماء وخبراء الإقتصاد على مستوى العالم هم مصريون, فى المقابل فإن أسوء إقتصاد على مستوى العالم هو الإقتصاد المصرى.
2- أفضل العلماء على مستوى العالم هم مصريون, بالمقابل أسوء تعليم حسب المعايير العلميه هو التعليم المصرى( لاتثق فى أبواق المسؤؤلين التى تكذب وتخدع الناس بجودة التعليم فى مصر). بالمناسبه بما أن علماء مصر, هم الأفضل فالحق يقال بأن عوالم مصر(الراقصات) هم الأفضل عالميا وبلا منازع.
3- رواد الفكرالإسلامى الصحيح الذين ساهموا وتحملوا الكثير لنشر الوعى الدينى الصحيح وكشف عورات التراث ورواة الأحاديث والخرافات وتبيان إجرامهم فى حق الله ورسوله- انهم رواد مصريون, بالمقابل توجد مؤسسات مصريه مخصصه للدفاع عن التراث والخرافات ومحاولة إعطائه قبلة الحياه بعد حالة الموت السريرى المصاب بها - ونظرا للأرضيه العلميه الهشه التى تستند عليها هذه المؤسسات وخطابهم الركيك الذى يفتقد أدنى درجات الإقناع ما أدى لعزوف الشباب عنهم ودفع الشباب للإلحاد.
4- أفضل الأطباء على مستوى العالم مصريون, بالمقابل أسوء خدمه طبيه وتفشى للأمراض موجوده فى مصر.
5- أكثرية الناس لايخرج عن صنفين صنف متدين بالدين التراثى المليئ بالخرافات والصنف الآخر غير متدين بدرجة ملحد.
6- الصحفيون والحقوقيون والاعلاميون الشرفاء الأحرار المدافعون عن المقهورين وسجناء الرأى هم مصريون وهرب معظمهم من مصر, بالمقابل أسوء إعلاميين على مستوى العالم هم إعلام السلطه الذين لايجيدون إلا الكذب والتضليل والتعريض وهم المشهورون فى مصر- وهم يذكروننى بالمثل المصرى القديم" مايبقى على المداود إلا شر البقر".
7- هناك مصريون حصلوا على جائزة نوبل فى العلم والادب ومصريون آخرون حصلوا على الرياده العالميه فى الإرهاب والفكر الداعشى.
8- ميداليات الألعاب الرياضيه العالميه غالبا يحصل عليها اللاعبون من خلال جهود فرديه بعيدا عن رعاية الدوله ويتم اختطافهم من قبل أنديه دوليه عالميه فى حين أن الرياضيين الذين شبوا تحت رعاية الدوله المصريه غالبا لايصلون للعالميه بل يحصدون شهادات الخزى والعار.
9- البلاد التى تنتشر فيها الأغانى الوطنيه الحماسيه وعشق تراب الوطن غالبا مايقوم حكامها بسرقة ونهب خيرات البلد تحت شعار الوطنيه الزائف مثل (مصر ولبنان والعراق), وفى المقابل تجد بلادا لاتعرف الأغانى الوطنيه فى أدبياتها وتراثها الفنى ومع ذلك تجد حكامها يحترمون بلدهم ومؤسساتها وشعبها ولاينهبونهم- مثال ذلك (أمريكا وبريطانيا)
وأختم بأبيات من شعرأبوالطيب المتنبى الذى يلخص المقال:
-ضحكت فصرت مع القوم أبكي وتبكي علينا عيون السماء. .. وكم ذا بمصر من المضحكات ولكنه ضحك كالبكاء
-سكبت عليها الدماء دموعا أرطب تربتها بالدماء .... لك الله يا مصر قد كنت أما لقوم نسوك فيا للجفاء ..