دولة طالبان المصرية واتخاذ المصريين رهائن
أولاـ
عصابات الارهاب تجعل من خطف المدنيين واتخاذهم رهائن سياسة ثابتة . طالبان تتخذ نفس السبيل لأغراض سياسية لا يمكن تبريرها اسلاميا ، فالقاعدة القرآنية تقول ( ألا تزر وازرة وزر أخرى ) وليس الرهائن الألمان او الكوريون الجنوبيون أو الأوربيين مسئولين عن سياسة حكوماتهم .
لا نتصور عقلا أن يقوم أى نظام حاكم باتباع سياسة خطف المواطنين المسالمين واتخاذهم رهائن وترهيب عائلاتهم ، لأن المفروض أن هذا النظام قد أقسم على حماية الشعب وخدمته وليس تعذيبه وارهابه واهانته. ولكن النظام المصرى الراهن الذى فاق عجائب الدنيا السبع يفعل ذلك وبكل إصرار منذ أن تولى الداخلية الوزير حبيب العادلى عام 1977 فأصبح ـ بقانون الطوارىء وترهل النظام ـ هو الحاكم الفعلى لمصر.
حبيب العادلى لا تمر ليلة دون أن تنهال على رأسه ملايين الدعوات التى تنادى بالانتقام الالهى منه ومن زبانيته ، فقد أذاق المصريين خلال العشر سنوات الماضية من عهده أسوأ التعذيب و القهر البوليسى، وخلق عداءا مستحكما بين البوليس المصرى و الشعب المصرى ، وبعد أن كان البوليس فى خدمة الشعب أصبح فى عهد العادلى فى إذلال و قهر الشعب .
الأعجب من هذا العادلى أن يكون سلفه اللواء حسن الألفى على النقيض تماما.
ثانيا ـ
لقد تسيدت منظمات الارهاب الساحة المصرية فى وزارة عبدالحليم موسى فعجز عن مواجهتها فعقد جلسة سرية مع الشيوخ السلفيين ليتوسطوا لدى الدكتور عمر عبد الرحمن لوقف العنف ، وكان ذلك منتصف يوم الأحد الرابع من أبريل 1993 ، وعرفت بالخبر وتفصيلاته من صديق كان حاضرا فأبلغته الى الصديق ابراهيم عيسى فى روز اليوسف فنشرت الخبر فتسبب هذا فى إقالة الوزير عبد الحليم موسى .
وتولى الداخلية اللواء حسن الالفى الذى بدأ سياسة جديدة فى مكافحة الارهاب ،تقوم على:
1 ـ المواجهة الفكرية للارهاب ، فقد شجع المثقفين على الدخول فى حرب فكرية ضد فكر التطرف والارهاب ، وقام بدعم (الحركة الشعبية لمواجهة الارهاب) التى كنت مقررها الفكرى ومستشارها الدينى ، وتشجعت الدراما التليفزيونية و السينمائية على مناقشة الارهاب.
2 ـ المواجهة الحازمة المسلحة للارهابيين فى عقر دارهم وتقديم المئات منهم الى المحاكمة .
3 ـ المواجهة الحازمة القضائية للقيادات (المدنية ) للارهاب فى دوائر الاخوان المسلمين واتباعهم من القائمين على حراسة الفكر الارهابى .
4 ـ التعاون الدولى فى مكافحة الارهاب و تسلم قادة الارهابيين الهاربين .
5 ـ رفض أى محاولات لعقد أى صفقة أو هدنة مع الارهابيين طالما يتمسكون بنفس الفكر الارهابى .
6 ـ منع التعذيب واتخاذ الرهائن . ومع أن عدد المعتقلين من الارهابيين وصل عام 1993 الى 16 الفا فقد تضاءلت العمليات الارهابية وتضاءلت البلاغات المقدمة للمنظمة المصرية لحقوق الانسان بشأن التعذيب ، وقد أعلن حسن الألفى عام 1993 رفضه للاعتقال العشوائى واتخاذ الرهائن لاجبار المطلوبين على تسليم أنفسهم ، وقال :( إن الجريمة شخصية يعاقب عليها من ارتكبها فقط ، ولا تعميم للعقاب حتى لا تحصد الشرطة أعداءا ) وأعلن عزمه على دراسة أوضاع المعتقلين من المتهمين بالارهاب لاطلاق سراح من لم توجه له تهمة محددة ، وقرر تقديم 32 ضابطا للمحاكمة بتهمة التعذيب.
ثالثا : ـ
وكاد أن ينجح حسن الالفى فى تجفيف منابع الارهاب لولا أن حوصر بالتآمر من داخل وزارته وخارجها فى مجلس الوزراء و فى أروقة الاخوان و المحيطين بهم من اصحاب الولاء المزدوج ، وتلك قصة لم تتضح بعد معظم اسرارها ، ولكن المعلوم منها قليل ، فقد تم تزويد خصوم الألفى فى حزب العمل بأدلة مفبركة أقاموا عليها حملة صحفية ضده فلم يستطع إلا أن يقاضيهم فى المحكمة التى حكمت لصالحه في 21 يولية عام 1977 ، ولكن جهود الألفى تم إجهاضها بفعل مذبحتين لم يأت الوقت لكشف غموضهما هما مذبحة فندق أوربا بالهرم فى 18 ابريل عام 1996 والتى اسفرت عن قتل 18 من السائحين اليونانيين واصابة 15 آخرين ، ثم مذبحة الأقصر فى 18 نوفمبر 1977 التى قتل فيها 62 منهم 51 سائحا وتم تشويه الجثث بكل وحشية .
وفى المذبحتين فر الجناة أو انتحروا ليظل اللغز قائما : من هم الخائفون من نجاح حسن الألفى ؟ من هم المرتعبون من المواجهة الفكرية للتطرف وثقافة الارهاب ؟
رابعا :
أكبر مستفيد من مذبحة الأقصر كان حبيب العادلى ـ مدير مباحث أمن الدولة وقتها ـ فتم تعيينه وزيرا محل الألفى فى اليوم التالى لمذبحة الأقصر ، وبدأ سياسة مناقضة تماما ، قوامها :
1 ـ عقد صفقة مع الارهابيين باطلاق سراحهم بعد تدجينهم والسيطرة عليهم ، وقد إحتج على ذلك الباحث الصحفى الاستاذ عبد الرحيم على المتخصص فى جماعات الارهاب فأصدر كتابه الخطير ( المخاطرة فى صفقة الحكومة وجماعات العنف ) وقد حذر فى مقدمة كتابه من خطر( أن نجد أنفسنا أمام كارثة أكبر و أفظع وفوجئنا به فى أكتوبر من العام 1981 )( المخاطرة ص 6 ، ميرييت للنشرالطبعة الاولى عام 2000 )
2 ـ اتخاذ سياسة خطف الرهائن و التعذيب والاختفاء القسرى وترويع وارهاب المواطنين .
3 ـ حماية فكر الارهاب باضطهاد أصحاب الفكر التنويرى العلمانى والقرآنيين ليخلو الجو للفكر المتطرف ، ولهذا شهد القرآنيون موجتين من الاعتقال فى عهد حبيب العادلى فى عامى 2000 و 2001 . ثم الآن 2007 حيث تعرض بعض المسالمين من أقاربى للخطف والاعتقال و التعذيب ، وتمديد الاعتقال ، وحيث يتعاون العادلى مع الاخوان و الشيوخ فى إشاعة التكفير للقرآنيين لارعابهم خارج السجون ولتهديد حياتهم . ومعلوم ان السجون المصرية متضخمة بعتاة الارهابيين الذين يتوقون الى قتل أقاربى الخمسة بعد أن قتلهم النظام معنويا حين اتهمهم بازدراء الدين . يفعل ذلك النظام وهو يعلم أن أولئك المساكين من القرآنيين داخل وخارج السجن لا شأن لهم بما أقوم به ، ,انهم لم يرتكبوا أى جرم ، ولكنها سياسة الرهائن . أى اتخاذ أهلى رهائن لأقوم بتسليم نفسى .
ما يفعله العادلى بالقرآنيين هو نفس ما يفعله مع من يخرج على طاعته من المتطرفين ، حتى ينصاعوا للنظام العسكرى القائم بحماية الفكر الوهابى المتطرف . الفارق الوحيد أن القرآنيين مسالمون يدعون الى سبيل الله تعالى بالحكمة و الموعظة الحسنة دون هدف سياسى ، ودون أن يفرضوا رأيهم على أحد ودون ان يطلبوا أجرا من أحد . ولكن دعوتهم الاسلامية تمثل الخطر الأكبر على مستقبل الفكر المتطرف ، إذ تفضحه من داخل الاسلام ، ولأن قادة هذا الفكر يعجزون عن المواجهة الفكرية فلاسبيل لهم إلا استخدام العادلى وأجهزة تعذيبه ..
خامسا :
ولقد كنت أعتقد أن العادلى باعتقاله للقرآنيين إنما يمثل مؤامرة ضد مبارك تتحالف مع الاخوان ، ولكن اتضح أن رأس النظام قد تحالف مع الاخوان مقابل ان يدعموا التوريث ، وذلك ما نشره موقع الاخوان المعروف باسم المصريين : قال :
("الإخوان" يرحبون بترشح جمال مبارك لانتخابات الرئاسة بشروط )
ومن العجب أن يختفى هذا الخبر سريعا ، والحمد لله تعالى أن نسخناه قبل الاختفاء ونشرناه بالعربية والانجليزية على موقعنا ليظل وثيقة تثبت التآمر على البقاء فى السلطة بالتوريث مقابل أن ينفرد الاخوان المسلمون بالعقل المصرى و الحياة الدينية المصرية ليطوعوها ب( التربية ) حتى يحين وقت ( التمكين ) ويقتنع المصريون ب ( الحاكمية ) أى ان الاخوان هم ممثلو الله تعالى فى الأرض و المطبقون لشرعه والحاكمون باسمه . والى أن يأتى هذا الوقت بعد بضع سنين فلا مانع أن يحكم الوريث فترة انتقالية يكون فيها التحكم التام لثقافة الاخوان فى التعليم والاعلام و المساجد والكنائس و عقائد المصريين وفق شريعتهم القائمة على (حد الردة ).
وحتى ينفرد الاخوان وعملاؤهم وشيوخهم فلا بد من سحق القرآنيين لأن القرآنيين هم وحدهم القادرون على إثبات التناقض بين الاسلام وفكرالاخوان والسلفية و الوهابية التى تتمسح زورا وبهتانا بسنة الاسلام والرسول عليه السلام .
وقد شرحت استرتيجية الاخوان مرارا ومنها مقال ( يسألونك عن الاخوان ) :
http://www.ahl-alquran.com/arabic/show_article.php?main_id=68
ومن يقرأ ما نكتبه على موقع (أهل القرآن ) والمواقع الأخرى يتاكد ان التخلص من القرآنيين هو ضرورة لمستقبل الاخوان ودولتهم القادمة ، ولذلك كان من بنود صفقتهم مع النظام والقبول بالتوريث القضاء النهائى على القرآنيين ليخلو لهم الجو.
ولهذا أصبح القرآنيون رهائن لدى حبيب العادلى..
وليس هناك من سبب آخر لخطف وتعذيب القرآنيين المسالمين المستضعفين فى الأرض ..!!
سادسا :
إذا كان القرآنيون داخل وخارج السجن رهائن اليوم لدى العادلى فان المصريين كلهم رهائن فى قبضته وفق سوط الطوارىء الذى يلهب به ظهر مصر كل يوم . ولكن لن يمر وقت طويل حتى يصبح فرعون وهامان وجنودهما ضحايا لاتوبيس الدولة الدينية القادمة.
سابعا :
يقول تعالى فى سورة مكية تنبىء مستقبلا باهلاك المكذبين للقرآن الكريم (قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ. وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُل لَّسْتُ عَلَيْكُم بِوَكِيلٍ . لِّكُلِّ نَبَإٍ مُّسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ) ( الأنعام 65 : 67 )
تدبروا بامعان قوله تعالى (لِّكُلِّ نَبَإٍ مُّسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ) فقد تحققت فى الفتنة الكبرى و تحققت كثيرا فى تاريخ المسلمين ـ وستتحقق قريبا فى مصر إن لم يحدث ما ننادى به من إصلاح سلمى .
إذا حدثت الكارثة ـ لا قدر اهقق تعالى ـ فلن أفرح بما سيحدث لفرعون وهامان وجنودهما لأن حزنى على مصر سيكون أكبر من كل شىء ..!!
اجمالي القراءات
16203