قرآنيون عُصاة وملاحدة ومرتدُّون ( شهادة على العصر ).!!
قرآنيون عُصاة وملاحدة ومرتدُّون ( شهادة على العصر ).!!
مقدمة : ـ جاءنى هذا السؤال : ( واحد قرآنى أعرفه شكى لى حال أخته المريضة ، فأعطيته خمس مائة جنيه ليوصلها لها. إتصلت بها بعدين فقالت انها لم تتسلم المبلغ . قلت لها عن أخوها فقالت انه كان عندها من يومين يزورها ولم يخبرها بشىء. ما رأيك فى هذا القرآنى خاين الأمانة الذى يمدح فيك دائما ؟ ) وأقول :
أولا :
1 ـ هذا السؤال أثار مواجعى . أتذكر أننى كنت مسافرا بالطائرة ، وكانت جارتى فى المقعد سيدة أمريكية مثقفة ، ولأن الطريق طويل ، فقد تحدثنا . لما عرفت أنى مسلم سألتنى عن اضطهاد المرأة فى الاسلام . قلت لها الاسلام دين وليس أشخاصا . وشريعة الاسلام هى فى القرآن الكريم أوامر ونواهى . والحساب عليها يومم القيامة ، من يطعها يدخل الحنة ومن يعصها يدخل النار. وليس الله جل وعلا منحازا للذكر أو الأنثى ، وليس منحازا لقوم أو طائفة ، إنه جل وعلا خالق الجميع ورب الجميع ومالك يوم الدين . قالت إنها تعرف بعض المسلمين والمسلمات فى نطاق عملها ويقولون أشياء مختلفة . قلت لها : نحن مختلفون فى الدين . سألتنى عن مذهبى ، قلت نحن مسلمون نؤمن بالقرآن وحده ، ونرفض ما عداه . قالت : أنتم القرآنيون ، قلت نعم . قالت أعرف واحدا من القرآنيين ، وهو ( شاذ جنسيا ) ، إقشعر جسمى ، وقلت لها ليس كل من يزعم الايمان يكون صادقا . فى الاسلام دخول الجنة هو لمن آمن وعمل صالحا من كل البشر . الايمان الصحيح وحده لا يكفى بل لا بد أن يصحبه تقوى بعمل صالح نافع وإبتعاد عن المعاصى توبة منها . قالت هل تعتبره قرآنيا ؟ قلت : نحن ( أهل القرآن ) ، والقرآنيون تيار فكرى انتشر بمعاناتنا فى العالم كله ، وهم على أنواع من حيث الفكر والدين . ومن حيث العمل فقد عرفت قرآنيين من أنبل الناس ، تطوعوا بالمال والجهد ، منهم من أعرفه ولقيته ، ومنهم من عرفته وأتمنى لقاءه ، وأدعو الله جل وعلا أن نجمعنا فى رحمته وجنته . وعرفت أيضا قلّة ممن يزعم أنه قرآنى ، ومنهم من وجهة نظرنا عُصاة وملاحدة ومرتدون . وفى النهاية فالحكم علينا جميعا سيكون أمام الله جل وعلا يوم القيامة .
2 ـ عرفت وعايشت عُصاة منتسبين لأهل القرآن ، وهم من أحطّ من رأيت .
2 / 1 : بعضهم كان عميلا للأمن ، يلتصق بنا ويتقرب الينا بمعسول القول والمشاركة فى الصلاة . ثم إكتشفنا حقيقته بعد أضرار كبرى سبّبها لنا ، وحين إكتشفنا أمره كان على رأى المثل المصرى ( فصّ ملح وداب ) . ذاب فى الهواء بعد أن حاز ثقتنا وخانها .
2 / 2 : بعضهم كان مرتزقة ، يعتقد أنه تأتينا الملايين ، ومع أنه رأى حالنا المتواضع فلم يرأف بحالنا ، بل ظل يخدعنا ونصدقه ونعطيه . بعضهم إحتجناه ليساعد فى الموقع فرفض ، وقرن الرفض بسوء الأدب ، وبعضهم عندما أيقن أنه لم يعد لدينا ما نعطيه فارقنا ، وقرن هذا أيضا بسوء الأدب ، ولم يتوان عن الطعن فينا سرا وعلانية .
3 ـ وهناك من أعتبرهم ملاحدة ، يشوهون الاسلام تحت زعم أنهم قرآنيون . هم فى الأصل جهلة بالقرآن الكريم ، ولكنهم رأوا عجز الشيوخ وتخلفهم وما ينشرونه من خزعبلات . لم يصمد أولئك الشيوخ لما نقوم به من تحطيم الأبقار المقدسة من الخلفاء ( أبى بكر وعمر وعثمان وعلى ) وصحابة الفتوحات والأئمة من مالك الى الشافعى وابن حنبل والبخارى ..الخ ، وتحطيم الأساطير المقدسة من شفاعة البشر والفتوحات والنسخ والتفسير والتأويل . سبقنا الجميع فى هذا ونزعنا ألغاما إنفجرت فى وجوهنا سجنا وتشريدا وأضطهادا وملاحقة وتكفيرا . أصبح الطريق بعدنا ممهدا ، فظهر هؤلاء ينقلون عنا بعض ما نقول ، وهذا ما نريده ، ولكن فعلوا ويفعلون ما لا نريده ، وهو دخولهم على القرآن الكريم بلا خلفية علمية ، بل مجرد الهوى ، فمن يريد أن يستريح من الصلوات الخمس خصّص حياته وجهادة فى أن الصلوات ثلاثة فقط ، أو أقل ، أو مجرد قراءة القرآن هى كل العبادات ، ثم لايقرأون القرآن تعبدا . هذا شهدته مبكرا من أشخاص أعرفهم . ومستحيل إقناعهم إذ تركز دينهم فى إضاعة الصلاة ، ووهبوا حياتهم فى الدعوة لإضاعتها . ورأوا فى هذا تميزا لهم يجعلهم مختلفين عنّا . ونحن نسعد باختلافهم معنا .
3 ـ وهناك من كان قرآنيا ، صحبنا وتعلّم منا ، وأصبح معروفا بسببنا ، دعوناه الى اللقاء الفكرى الأسبوعى ( رواق ابن خلدون ) الذى كان أشهر ندوة اسبوعية ، كنت أديرها من يناير 1995 الى قفل أمن الدولة فى يونية 2000 ، حسب ما أتذكر . كان الرواق يحضره صحفيون ومثقفون وسياسيون من كل الاتجاهات ، ويحضره أيضا الملحقون من بعض السفارات من أمريكا وأفريقيا والبلاد العربية . ولأن السؤال الذى كنت أكرهه هو ( لماذا أنت وحدك ) فكنت حريصا على وجود آخرين الى جانبى . فنوّهت ببعض من توسّمت فيه الفكر والثقافة القرآنية . ولا داعى لذكر أسمائهم ، فقد أصبح بعضهم مشهورا. حين كان يتصل بى الصحفيون يسألون ويستفتون كنت أدلهم عليه فأصبح مشهورا . ومنهم من سعى الينا وإلتصق بنا مؤمنا بالفكر ، ثم تعرّض لاضطهاد بعد هجرتنا ، وقيل إنه دخل السجن ، فأعلن مخالفته لنا ، ولم يكتف بهذا ، بل هاجمنا ، وهو أول من يعرف ظلمه لنا . ونعفو عنه فنحن نعرف ما هو ( السجن ) فى مصر . وبعضهم إنضم فيما بعد الى ( موقع أهل القرآن ) ، ولم نلتق به من قبل ، وأصبح ممّن يكتب فيه ، وهو شخصية عالية الشأن ، فكشّرت له السلطات ، فامتنع عن الكتابة ، وكتب يهاجمنا ، ولم نردّ عليه كالعادة ، ولكن هجومه علينا أفاده ، فأصبح يتحدث فى بعض الفضائيات مركزا على مناهج الأزهر متحاشيا إعلان إنكاره للسُّنّة ، وظلت علاقته بالسلطة بين شدّ وجذب . إذا سخط الفرعون على شيخ الأزهر أوسع له فى الاعلام ، وإذا إحتاج الى الأزهر هدّده بالسجن متهما بازدراء الدين . وندعو بالهداية لنا ولهم .
4 ـ وهناك أطياف ممن يتبنّون بعض الفكر القرآنى فى مصر وخارجها مع الكثير من الحذر والقليل من التدبر القرآنى منهجيا ومعرفيا . الذى يجمع بينهم هو التركيز على الدعوة الدينية فقط ، دون النقد السياسى للاستبداد وفراعنة العصر ، ودون النقد للفراعنة السابقين من الخلفاء الفاسقين . أى إختار ركنا هادئا ، يظن أنه سينجيه من الأخطار .
ولكن ماذا عن عقوبة كتم الحق ؟ وماذا عن الاحتكام الى آيات القرآن الكريم فيما حدث من أكابر المجرمين الماضين وفى عصرنا ، وبهم أصبح الاسلام متهما بالظلم والعدوان والارهاب . نتذكر قوله جل وعلا عمّن يعرف الحق ويكتمه ويكتم الآيات البينات ويظل هكذا حتى موته : ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُوْلَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاَّعِنُونَ ( 159 ) إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ( 160 ) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ( 161 ) خَالِدِينَ فِيهَا لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ ( 162 ) البقرة ).
5 ـ الخطورة هنا فى :
5 / 1 : إنهم لا يقدرون الله جل وعلا ولا يؤمنون باليوم الآخر . لا يستطيع أحدهم الخوض فى سيرة الفراعنة وأعوانهم وأئمة الضلال . لكن يسهل عليه أن يخوض فى كتاب الله جل وعلا يتكلم فيه بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير ، يخلط الحق القرآنى بالباطل ويكتم الحق مثل بعض الكفرة من بنى إسرائيل ، والذين قال لهم رب العزة جل وعلا : ( وَلاَ تَلْبِسُواْ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُواْ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ) 42 ) البقرة ).
5 / 2 : بالنسبة للدعاة فليس هنا منطقة وسطية أو رمادية . ( إمّا حقُّ ، وإمّا باطل ) . قال جل وعلا :
5 / 2 / 1 : ( فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ ) 32 ) يونس ).
5 / 2 / 2 : ( ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ) 62 ) الحج )
3 / 2 / 3 : ( ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ) 30 ) لقمان )
5 / 2 / 3 ( المص ( 1 ) كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلاَ يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ ( 2 ) اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ( 3 ) الاعراف ).
أى إما أن تقول الحق مباشرا وصريحا وتصدع به ، مع الإعراض عن الجاهلين المشركين : ( فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ ) 94 ) الحجر ) وأن تعتذر عن باطل قلته من قبل . وإما أن تظل على قول الباطل فيكون عملك صدّا عن سبيل الله جل وعلا . .
6 ـ حين بدأت طريق البحث فى رسالة الدكتوراة فى جامعة الأزهر التى قدمتها عام 1977 بدأ الاضطهاد لأننى فضحت أئمة الصوفية وأئمة الحديث ، وإستمررت فى نفس الطريق ، وكنت مُحمّلا بأوزار ثلاثة عشر قرنا من التضليل ، فكنت أنظّف عقلى منها شيئا فشيئا ، وأعترف بخطئى . كنت فى البداية لا أرى عيبا فى الاستشهاد بحديث يوافق القرآن الكريم ، وظهر هذا فى أول كتاب لى ( السيد البدوى بين الحقيقة والخرافة ) المنشور عام 1982 ، ثم تبيّن لى بالقرآن الكريم أنه لا إيمان إلّا بحديث القرآن الكريم وحده ، فأعلنت هذا ، وتبرأت مما قلته سابقا . وإمتدحت ( الخلفاء الراشدين ) فى مؤلفات كتبتها للطلبة فى جامعة الأزهر فى عامى 1984 ، 1985 ، وإعتذرت عنها معلنا خطئى ، وكفّرت عنه فى كتب كثيرة لاحقة منها ( المسكوت عنه من سيرة الخلفاء الراشدين ). كتاب ( البحث فى مصادر التاريخ الدينى ) كان مقررا على قسم التاريخ بجامعة الأزهر عام 1984 ، وهو إبداع جديد غير مسبوق . وبسبب أهميته أعدت نشره مع تعليقات توضّح أخطائى .
7 ـ الذى يتصدّى للدعوة مؤمنا بالله جل وعلا واليوم الآخر لا يهتم برأى الناس ولا بارهاب الفراعنة ، ويعرف أنه يسير على خيط رفيع ، إذا أخطأ أضلّ الكثيرين معه ، لذا لا بد أن يصحح نفسه ويعلن أخطاءه لا يخشى فى قول الحق لوم لائم ، متمنيا أن يكون يوم القيامة من الأشهاد على قومه.
أخيرا
هذه شهاتى فى نهاية العمر على طريق بدأته من عام 1977 .
اجمالي القراءات
4297
يا سبحان الله كنت سأكتب بالأمس عن القرءانيين الجُدد وإبتعاد أغلبهم عن الكتابة أو القول فى إصلاح الحُكم والمُجتمع ،وأن القرءان جاء لإصلاح الحاضر المُستمر زمواجهة المجرمين والظالمين فى كل عصر وليس للحديث عن الماضى وعصر الجاهلية أو عصر النبى عليه السلام فقط فليس كل أية تتحدث عن الإصلاح يهربون منها أو يرجعونها للتنويه عن الكافرين والمنافقين فى عهد االنبى عليه السلام وكأن عصرنا هوعصر الملائكة الأطهار !!!!!! وبالمصادفة سألنى اليوم صديق قرآنى (كنت أظنه على الطريق الصحيح ) عن خلق آدم وطلب منى مُشاهدة فيديو لأحد القرءانين الجدد يتحدث عن هذا الموضوع .فشاهدت 3 دقائق وأغلقته .فعاد يسألنى فقلت له أن هذا كُفر بالقرءان وتكملة مُشاهدته خوض فى آيات الله .فهو يتلاعب بآيات القرءان ولا يفهم منها شيئا .فبدأ يحاورنى وعندما وصل الحوار للجدال أنهيت الحوار ..
فنعم أستاذى ومُعلمى دكتور -منصور . هناك من ينتسبون للفكر القرءانى إسما وهم أبعد الناس عن حقائق القرءان وطاعة القرءان ،ويظنون أنهم لأنهم نقدوا الحديث والروايات أصبحوا علماء وراسخون فى العلم وخاصة فى فهم القرءان .ولكنهم فى الحقيقة ابعد ما يكونواعن فهم وتدبر القرءان العظيم تدبرا وفهما صحيحا ويتلاعبون بأيات القرءان ويستشهدون بها فى غير موضعها ليصلوا إلى اثبات هوى وفكرة ضالة فى نفوسهم ...
اكرمك الله استاذى وبارك فى علمك وعُمرك وجزاك خيرا على ما بذلته وعانيت من أجله فى سبيل تجليتك لحقائق القرءان وتعبيد الطريق وتيسير السُبل لمدرسة أهل القرءان الحقيقية .