جدل عن الدعاء للراحلة شيرين أبو عقل رحمها الله جل وعلا
جدل عن الدعاء للراحلة شيرين أبو عقل رحمها الله جل وعلا
أولا :
أصدر المركز العالمى للقرآن الكريم بيانا عن إغتيال الصحفية الاعلامية شيرين أبوعقل جاء فيه :
( عن إغتيال الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة نقول :
1 ـ رحمها الله جل وعلا .
2 ـ من المؤسف أن الصحافة الغربية نشرته مجرد خبر دون استنكار ، مع أن الضحية هى زميلة فى المهنة .
3 ـ نحن نندد ونشجب هذا الاغتيال ، ونحن ضد قتل أى إنسان برىء فى أى زمان ومكان ، خصوصا إذا كانت سيدة تؤدى عملها وتحمل شارة عملها الذى يعطيها حصانة و بالتالى يكون إغتيالها مع سبق الاصرار والترصُّد .
4 ـ هناك تبادل للاتهامات بين اسرائيل والمقاومة ، وهناك من يقول إن اسرائيل هى الخاسرة بهذا الاغتيال . ونحن نقول : يجب إجراء تحقيق دولى ، تتبنّاه جهة محايدة ، وأن يؤتى بالقاتل الى العدالة الناجزة . ) .
توالت التعليقات كالآتى :
التعليق الأول :
1 ـ ( انهو جهة محايدة و انهو عدالة ناجزة ؟ أمريكا هي زعيمة الإرهاب تدعم الإرهاب يوميا و لا توجد عدالة داخلها حتى ببن مواطنيها و أما خارج أمريكا فهي لا تعرف إلا التقتيل إنها دولة البغي و الظلم و العدوان من أين اتيك بعدالة ناجزة ؟ هل من الجامعة العربية ؟ هل من الإتحاد الأوربي؟ هل من منظمة الأمم المتحدة ؟ ام أنك تقصد محكمة الجنايات ( الدولية )؟ او ربما منظمة العفو ( الدولية )؟ ).
رددت عليه : ( لا أملك سوى أن أُعبّر عن مشاعرى وغضبى . هل تظننى حاكما للعالم ؟ أنا مجرد كاتب غاضب لا يملك سوى قلمه . ليت كل انسان غاضب يكتب ساخطا مثلى ، فلعل هذا يؤسس رأيا عاما مؤثرا . سلاما وتحية .)
ردّ غاضبا : ( لا تدافع عن أمريكا . لا تدافع عن مجرمين . لا تغطي على إسرائيل ).
التعليق الثانى :
( ازاى حضرتك بتترحم على الصحفية على الرغم بقولك ان غير المسلم لا يدخل الجنة ،،، حسب علمى الصحفية مسيحية وشكرا جزيلا ؟؟ :)
ورددت عليه :
أولا : يقول جل وعلا للنبى محمد عليه السلام وللمؤمنين :
1 ـ ( قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْماً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (14) مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (15) الجاثية ).
2 ـ ( وَإِنَّ السَّاعَةَ لآتِيَةٌ فَاصْفَحْ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ (85) الحجر ).
3 ـ ( وَقِيلِهِ يَا رَبِّ إِنَّ هَؤُلاءِ قَوْمٌ لا يُؤْمِنُونَ (88) فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (89) الزخرف ).
ثانيا : وعليه فإنى أدعو الله جل وعلا أن يرحم كل من مات بغض النظر عن دينه وملته ومذهبه . وبمجرد قولى ( رحمه الله جل وعلا ) فإن لى ثوابا لأنى ذكرت اسم الله جل وعلا . يكفى أن يكون الشخص مسالما بمعنى السلام ( الاسلام السلوكى ) ومؤمنا سلوكيا بمعنى الأمن والأمان ليكون أخا أو أختا فى الاسلام السلوكى . أما الاختلاف فى العقيدة فمرجعه الى الله جل وعلا ليحكم بيننا فيما نحن فيه مختلفون .
ثالثا : قرآنيا فإن الجنة لا يدخلها إلا المتقون ، أى الذين آمنوا وعملوا الصالحات . أو المسلم المسالم ( سلوكيا ) والمسلم قلبيا بمعنى الانقياد لله جل وعلا وحده لا شريك له والايمان به وحده لا شريك له . هذا ما أومن به ، وأدعو اليه ، مع احترامى لحرية أى شخص فى أن يؤمن بما شاء وبمن شاء وكيف شاء . وننتظر الحكم علينا يوم الفصل)
التعليق الثالث :
( قرأت فتوى عن الترحم على الصحفية التي قتلت ، وددت لو انك بينت في الفتوى في قوله تعالى "وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِّلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ ۚ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ" ان النهى ارتبط بالبينة التي لا تحتمل تأويل او شك في كفر الطرف الاخر.. فالله يذكر لنا ان ابراهيم عليه السلام ترك الاستغفار لابية بعدما تبين له انه عدو لله وعليه ، نحن لم يتبين لنا ان شيرين عدوه لله. )
واقول له : الاستغفار غير الدعاء .
الاستغفار الممنوع :
يكون لشخص أو أشخاص بالدعاء بالغفران لهم مع رفضهم هذا الاستغفار لهم . قال جل وعلا عن المنافقين : ( وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ (5) سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (6) المنافقون ). كان النبى محمد يستغفر لعمه أبى لهب كما كان يستغفر للمنافقين . وكان من أواخر ما نزل من القرآن هو النهى عن هذا ، فى قوله جل وعلا :
1 ـ ( مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (113) وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ إِلاَّ عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأَوَّاهٌ حَلِيمٌ (114) وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (115) التوبة )
2 ـ ( الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (79) اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (80) التوبة )
أما عن الدعاء :
الدعاء للوالدين مأمور به حتى مع كفرهما . قال جل وعلا : ( وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنْ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً (24) الاسراء ). وحتى لو حاولا منع الابن من ( لا إله الله ) فالمفروض التمسك بالحق مع مصاحبتهما بالمعروف . قال جل وعلا : (وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنْ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (14) وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (15) لقمان ) . ومن المصاحبة بالمعروف الدعاء لهما .
التعليق الرابع
( قال البابا تواضروس : كما جاء فى جريدة الشروق : ( حزنت على مقتل شيرين أبو عاقلة ، وكنت أود أن ألقاها فى الملكوت ، ولكنها للأسف لن تدخله . ). وهذا تقريبا يتفق مع ما قاله الشيوخ المعممون عن شيرين أبوعقل حين حرموا عليها رحمة الله .
وأقول :
نحن ضد أكابر المجرمين من المستبدين ورجال الدين . لهم دينهم ولنا دين .
التعليق الخامس
أنت بذلك توالى النصارى ، وتخالف ما جاء فى القرآن الكريم : ﴿يَـَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنّصَارَىَ أَوْلِيَآءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلّهُمْ مّنكُمْ فَإِنّهُ مِنْهُمْ﴾ (المائدة / 51). كيف تزعم أنك قرآنى وأنت توالى هذه الصحفية النصرانية ؟
أقول :
1 ـ الاختلاف فى الملل والنحل والمذاهب والطوائف والأديان مرجعه لرب العزة جل وعلا يوم الدين . الله جل وعلا أمر الرسول محمدا أن يعلن : ( قُلْ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (46) الزمر ).
2 ـ هناك من يقدس البشر والحجر ، ومن ينسب لله جل وعلا ولدا ، ومن يتخذ مع الله جل وعلا أولياء وشفعاء من البشر ، وهم الأغلبية فى العالم ، أى هم طبقا لما جاء فى القرآن الكريم مشركون كافرون ، ولكن منهم مُسالمون لا يعتدون ، نحن مأمورون بمعاملتهم بالبرّ والقسط . قال جل وعلا : ( لا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8) إِنَّمَا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ (9)الممتحنة) . كتبنا فى هذا كثيرا ، ومنه هذا البحث المنشور هنا عام 2006 عن ( الولاء والبراء فى الاسلام : قراءة تحليلية فى سورة الممتحنة ). وقلت فيه عن :
معنى الموالاة
الموالاة عموما تعنى التحالف ( مع) ( ضد )، أى لا تكون إلا فى حالة حرب أو خصومة ملتهبة تستلزم ممن يهمهم الأمر تحديد الجانب الذى ينضمون اليه ، وبالتالى يكونون ضد الجانب الآخر. أى أن تكون مع واحد من خصمين ضد الأخر فى وقت خصام وحرب وما يستلزمه ذلك من معاداة الخصم الأخر .
الموالاة والتبرؤ فى الاسلام تعنى أن لا توالى أو تتحالف مع المعتدى الظالم الذى يهاجم المسالمين الآمنين، فاذا كف عن اعتدائه وتاب انتهت الخصومة .
الموالاة بالتعبير الأصولى فى الدين السنى تعنى ( الولاء والبراء ) وتعنى فى الدين الشيعى : ( التبرى والتولى ). وكل منها يختلف عن الباقين. .
التبرى والتولى فى الدين الشيعى تعنى موالاة ( على بن أبى طالب ) وذريته فى إمامة المسلمين ، وتقديسه وآله وتفضيلهم على الجميع ، ويصل معظمهم فى التفضيل والتقديس الى درجة التأليه. هذا هو العنصر الأول. العنصر الثانى هو التبرؤ من خصوم على السياسيين من أصحابه وهم أبو بكر وعمر وعثمان والسيدة عائشة ومعاوية وعمرو وطلحة والزبير ..الخ. وتصل درجة التبرؤ الى التكفير والتحقير..
الولاء والبراء فى الدين السنى تعنى موالاة من يتفق معهم فى العقيدة وكراهية وعداء وقتال المخالف لهم فى عقيدتهم. وهناك درجات فى البراء ، وهناك خلاف فى موقفهم من المسلمين العوام الذين لا انتماء لديهم ، هل يصح معاملتهم كالأعداء أم لا.
مشكلة الموالاة اليوم : الوهابية وسوء استخدام الموالاة فى تشريع الارهاب:
الوهابية تستغل نفوذها فى نشر عقيدتها فى البراء والولاء بزعم أنها تشريع الموالاة والتبرؤ فى الاسلام. على سبيل المثال فإن آيات الموالاة فى القرآن قد تم توظيفها ضد الأبرياء من المصريين الأقباط، وصرخ خطباء المساجد فى التحريض ضد الأقباط مستشهدين بقوله تعالى ﴿يَـَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنّصَارَىَ أَوْلِيَآءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلّهُمْ مّنكُمْ فَإِنّهُ مِنْهُمْ﴾ (5 / 51). وهم فى ذلك الاستشهاد الخاطئ يتناسون سياق الآيات وهى تتحدث عن عصر النبى محمد عليه السلام حين طرأت ظروف حربية خاصة فرضت تحالفات سرية بين المنافقين ـ وهم بعض الصحابة ممن كان يعيش داخل المدينة ـ وبعض القبائل اليهودية والنصرانية المعتدية على المسلمين. اذن هو تعليق على أحداث تاريخية ارتبطت بزمانها ومكانها وحكى القرآن الكريم بعض أحداثها وما دار فيها من أقوال فى الآية التالية ( فترى الذين فى قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة، فعسى الله أن يأتى بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا فى أنفسهم نادمين)(5 / 52 ) .لا بد من تنفيذ هذا التشريع اذا تكررت ظروفه بحذافيرها ، كان يهجم علينا عدو معتديا فيتحالف معه فريق منا ضدنا ، أى يواليه فى عدوانه علينا ، هنا يستحق اللوم ـ فقط ـ طبقا لهذا التشريع القرآنى .
إلا إن الارهابيين الذين يعتدون على الأبرياء ويقتلون المدنيين لهم عقيدة أخرى فى الموالاة يسمونها البراء والولاء، أساسها تقسيم العالم الى معسكرين متحاربين ، دار الاسلام ودار الحرب. وهم يعتقدون أن واجبهم هو الهجوم على الآخرين باعتبارهم معسكر الحرب او دار الكفر لارغامهم على دخول الاسلام طبقا للحديث الكاذب الذى رواه البخارى والقائل " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا اله الا الله ". وقد جاء اختراع هذا الحديث بأثر رجعى فى العصر العباسى ليبرر الفتوحات العربية التى حملت اسم الاسلام زورا وبهتانا، والتى استولى بها العرب على الامبراطورية الفارسية وهزموا الامبراطورية الرومية ، واستمرت الحرب بينهم وبين الروم لتقسم العالم الى معسكرين : عربى يحمل اسم الاسلام ورومى غربى يحمل اسم المسيحية، وجرى تقسيم العالم الى دار للحرب ودار للاسلام فى التراث الفقهى .
وفى عصرنا الراهن ازدهرت هذه المفاهيم التراثية العصر أوسطية بتأسيس الوهابية وهى أشد المذاهب الفقهية تعصبا فى الدين السّنى. وانتشرت الوهابية فأرجعت عقيدة تقسيم العالم دينيا الى معسكرين متعاديين متحاربين. وكل مسلم لا يتفق مع الوهابيين يعتبرونه مشركا ، شأنه شأن الأفراد فى دار الحرب. وبالتالى فان الأقليات الدينية من غير المسلمين تتعرض لاضطهاد كفريضة دينية ـ مهما كانوا مسالمين ، بل يعتبر التعامل معهم بعدل واحسان وتسامح خطيئة دينية لأنها تتنافى مع البراء والولاء بالمفهوم الوهابى السنى .
فالبراء عند الوهابية يعنى التبرؤ من كل من يخالف الوهابية ، سواء كان من أهل الكتاب أو من المسلمين . الكافر عندهم هم اهل الكتاب ، أما المشرك عندهم فهو المسلم غير الوهابى ، خصوصا الشيعة والصوفية. ومعنى البراء والتبرؤ عمليا هو الكراهية لهم واستحلال خداعهم والتحايل عليهم عند عدم القدرة عليهم ، اما عند القدرة والتمكين فلا بد من قتلهم أو قتالهم وأخذ الجزية منهم . هذا ما كان يمارسه المسلمون والروم فى العصور الوسطى، وانتهى ذلك بالعصر الحديث، ولكنه عاد يؤرق العالم المتحضرتحت اسم الوهابية ، وهى العقيدة الدينية للاخوان المسلمين وكل التظيمات المتطرفة المنبثقة عنها. ).
أخيرا
رحم الله جل وعلا الراحلة شيرين أبو عقل ، وألهم أهلها الصبر والسلوان .
اجمالي القراءات
3728