سالمة – ايميللي رويته - .. الأميرة العمانية التي تنّصرت .
التأريخ العماني تاريخ حافل بالأحداث ..
سعيد بن سلطان – 1791 / 1856 - هو والد سالمة في عهده التي امتد من 1806 و حتى وفاته 1856 اتسعت رقعة – الإمبراطورية العمانية لتشمل بندر عباس ( الإيرانية حاليا ) و حتى زنجبار على الساحل الشرقي لإفريقيا مرورا بالجزر الواقعة على بحر العرب و المحيط الهندي و حتى جزر القمر الحالية أمتلك أسطولا بحريا تجاريا هائلا تقول المصادر العالمية أنه ثان أكبر أسطول في المحيط الهندي و أرسل أول سفينة عربية لأميركا – سلطانه – عام 1840 بقيادة أحمد بن النعمان و بالتالي كوّن أول علاقة عربية بالولايات المتحدة الأميركية – توفي عام 1856 .
له من الأبناء 36 منهم 10 بنات إحداهن سالمة و هي محور مقالنا القصير هذا .. سالمة بنت سعيد بن سلطان آخر أبناء السلطان سعيد بن سلطان موتا حيث توفيت عن عمر ناهز الـ 80 ! عام 1924 ولدت بمدينة زنجبار و التي كانت تحت الحكم العماني عام 1844 في قصتها الكثير من المغامرة و الصمود .. هي بنت السلطان العماني الذي حكم إمبراطورية مترامية الأطراف و ازدهرت التجارة فيها و نمت الدولة كقوة اقتصادية هائلة .
أحبت تاجرا ألمانيا هو هاينريش رويته و هو ممثل لأحد الشركات الألمانية في زنجبار حيث كان يسكن بجوار قصر والدها الضخم المسمى المويني و بعد عدة محاولات لم يكتب لها النجاح تمكنت من الهرب لعدن على متن إحدى السفن الإنجليزية و هناك في عدن التقت بحبيبها و سافرا لهامبورغ حيث تعمدّت – و أصبحت مسيحية - و تزوجت به !! ( عدة روايات تقول أنها تزوجت في عدن حيث كانت حاملا بأنطونيا )
أنجبت السيدة سالمة و التي أصبح اسمها إيميلي رويته بنتين و ولد هم ( انطونيا و روزاريا قوتا و رودولف سعيد ) و في عام 1870 توفي زوجها في حادث حيث إنزلقت قدمه و دهسه قطار و قد كان يبلغ من العمر إحدى و ثلاثين سنة .
وجدت السيدة سالمة – إيميلي رويته – نفسها وحيدة و لديها ثلاث من أبنائها بعد فقدان زوجها و معيلهم وقتها لم تكن المرأه في أوروبا تتمتع بالحقوق ! ذلك أنه من الصعوبة بمكان أن تحصل على حقوقها من ميراث زوجها !!
تنقلت بين المدن الألمانية طلبا للعمل لتأمين مستلزماتها الحياتية لا سيما و أنها أصبحت المعيلة الوحيدة لأبنائها و لا سبيل لها للعودة لزنجبار حيث أنه مجرد التفكير في ذلك يدخلها في حالة من الرعب لمصيرها و مصير أبنائها فعملت مدرسة للغة العربية و مترجمة و في محاولاتها اليائسة للحصول على ميراثها من أبيها فقد باءت كل تلك المحاولات بالفشل .
استغل بيسمارك وجودها للعب بورقتها و رسم سيناريو حالم !! بحيث يُنصب ابنها سعيد ( رودولف سعيد ) حاكما على زنجبار بعد وفاة والدها السلطان سعيد ! لذا قرر سفرها على متن بارجة ألمانية حربية عام 1885 حيث كانت سالمة غطاء عسكريا في حال ما تعرضت إلى أي نوع من العنف من أخيها السلطان ( برغش ) و الذي تولى الحكم حينها في زنجبار و بهذه الحيلة يجد بسمارك مسوغا للتوسع الألماني بأفريقيا و لكن ما حدث هو رفض السلطان برغش مقابلتها و عدم الاعتراف بها و لا بأبنائها الذين اصطحبتهم معها لرؤية أخوالهم و خالاتهم و التعرف على موطن أمهم كان رفض السلطان برغش بناء على قرار السيدة سالمة بالزواج من ( كافر !! ) و تحولها للديانة المسيحية و ردتها عن الإسلام !!
بعدها بيومين و بعد محاولا فاشلة و مذلة للسيدة سالمة ووقوفها أمام قصر أخيها لمقابلته حدثت معاهدة هيلغولاند – زنجبار و التي بموجبها و التي بموجبها تحددت المصالح الاستعمارية المشتركة لبريطانيا و ألمانيا في إفريقيا و بالتالي سقطت ورقة السيدة سالمة من يد بسمارك و أصبحت وحيدة في مواجه مستقبلها !
لم يسمح السلطان برغش لها بمقابلته و أصدر أمرا بعدم استقبالها أو زيارتها في زنجبار مما أشعرها بالظلم و الغبن لا سيما و أن أهالي المنطقة كانوا في شوق لرؤيتها و التحدث معها و زيارتها بعد سنين من غربتها في ألمانيا و قبل الرحيل عن زنجبار على متن السفينة الألمانية طلبت من قبطانها أن يتريث لتزور القصر الذي ولدت فيه و كان رد القبطان أنه من الخطورة بمكان الذهاب هناك حتى لا تتعرض للأذى من جنود السلطان أو حتى من بعض الناس الموالين له .
أصرت على زيارة القصر و ذهبت برفقة أبنائها تتحسس المكان و تبكي على الأطلال .. كان القصر أطلالا و آيلا للسقوط و مهجورا ... تذكرت أمها و والدها و إخوتها .. تذكرت كيف كان السلطان الحالي ( برغش ) يلعب معها .. دمعت عيناها و هي تتذكر هذه الذكريات .. عادت من المكان متجه للسفينة و في الطريق قابلت رجلا ضريرا طاعنا يتؤكا على عصاه سمعها و هي تحدث أبنائها فأقترب منها إنه المؤذن الذي كان يؤذن في المسجد أصبح طاعنا في السن قبض على يديها و سقطت عصاه و همس في أذنها : سالمة .. أهذه أنتي ؟ عودي .. هكذا قالها و شد على يديها بقوة .. خاف ابنها من الموقف و سألها من هذا و ماذا يريد ؟ لقد ابتعد عنها و نسي عصاه !!
قلت لابنها إنه المؤذن .. لم يعد يؤذن الآن .. اقتصر عمله على الصلاة على موتى القصر !! حاول ابنها الحصول على إجابة لسؤاله فقالت : يريدني العودة للإسلام .. يا بني لا أستطيع فقد تعّمدت .
القصة طويلة .. مليئة بالتاريخ و الأحداث .. كتبت قصتها ( مذكرات أميرة عربية ) باللغة الألمانية كتبتها بنفسها .. حياة مليئة بالحب و الظلم .. حياة مفعمة بالتضحية من أجل الحب .. السيدة سالمة تعرضت للظلم من عائلتها و من الحكومة الألمانية أيام بسمارك .. ناضلت من أجل أبنائها و كتب حياتها قصة تروى .
اجمالي القراءات
15453
تهز المشاعر حين يختلط الحنين و الشوق بذكريات الماضي , و يكون الظلم حاجزاً يصدك عن معايشته ,
لم أفهم ردها حين قالت بأنها لا تستطيع من العودة للإسلام لأنها قد تعمدت !