( مع مجلة الجديد اللندنية ) : حوار لم يُنشر ..وأرجو أن يُنشر ..!!

آحمد صبحي منصور Ýí 2017-02-25


( مع مجلة الجديد اللندنية ) : حوار لم يُنشر ..وأرجو أن يُنشر ..!!

سؤال 1  : يرى التيار القرآني، الذي تتزعمه، أن الإسلام دين علماني والدولة وفق الفهم القرآني دولة إسلامية علمانية.. ألا ترى أن الإسلامية والعلمانية مصطلحان متناقضان في الخطاب الفكري الراهن؟ ما المقصود إذا بتلك الدولة؟

الجواب :

 نحن فى جهادنا السلمى الاصلاحى ندعو الى العلمانية المؤمنة . والفارق بينها وبين العلمانية الغربية ينبع من معنى الاسلام وعقيدة الايمان باليوم الاخر والمبدأ  الاسلامى فى الحرية المطلقة فى الدين . فالايمان باليوم الآخر يعنى مسئولية كل فرد على إختياره الدينى  يوم القيامة أمام الخالق جل وعلا ، حيث سيحكم بيننا فيما نحن فيه مختلفون ، ومن يتدخل فى هذه الحرية الدينية إنما يزاحم الله جل وعلا فى ألوهيته ، وبالتالى فالاختلاف الدينى والمذهبى أمر مقرر ، ولا سلطة فيه لبشر على بشر ، ولكن يجب حفظ حقوق ( العباد ) أو حقوق الانسان ، أى أن نعيش أخوة  مُسالمين نحترم فيها إختياراتنا الدينية ، ونؤجل الحكم فيها الى يوم الدين . هذا أيضا نابع من الاسلام بمعنى السلام فى التعامل مع الأفراد وبين البشر . أما الاسلام بمعنى التسليم لرب العزة إيماناه به وحده لا شريك له فهذا مرجعه له جل وعلا وحده يوم الدين . 

أُسُس العلمانية المؤمنة شرحناها فى مقال لنا وهى :  1: الانسان هو سيد هذا العالم الدنيوى.2 ـ لا سيد للانسان الا الله تعالى وحده ، ولا وساطة بين الله جل وعلا والناس وبالتالى فلا وجود للكهنوت أو أى مؤسسة دينية ، 3 ـ المساواة بين كل البشر والأخوّة بينهم بإعتبارهم أبناء آدم بغض النظر عن اللون والنوع والمستوى الاقتصادى والاجتماعى .4 ـ التوازن بين الفرد والمجتمع  ، 5 ـ عدم استغلال الدين فى السياسة والمطامع الدنيوية  

 ـ الدولة الاسلامية دولة علمانية  : لأنها دولة الديمقراطية المباشرة التى تقوم على رعاية حقوق الانسان والموازنة بين الحرية والعدل ، وتكفل للمواطن حقوق المواطنة بالعدل المطلق بغض النظر عن عقيدته ودينه. هى دولة الدين لله والوطن للجميع : بمعنى حرية التدين المطلقة بدون تدخل من أحد ليكون كل فرد مسئولا عن اختياره أمام الله تعالى وحده يوم الدين . وهى دولة الوطن فيها للجميع على حد سواء وفق عدل الله تعالى المطلق.وهى دولة يكون (الآخر) فيها ليس المختلف فى الجنس أو العقيدة أو المذهب أو اللغة أو الفقير، بل (الآخر ) فيها هو المجرم الارهابى الخارج عن القانون الى أن يتوب ويعطى حق المجتمع. وهى دولة لا تبغض ذلك الآخر المجرم المعتدى ولا تعاديه ، وانما تسعى لاصلاحه وتهذيبه، تكره فعله واجرامه دون أن تبغضه هو. بل ان عملها على اصلاحه يعنى حرصا عليه باعتباره انسانا قبل كل شىء, ولذلك فانها تعطيه فرصة أخرى ليتوب وبالتوبة ترتفع عنه العقوبة.

 الشريعة الاسلامية القرآنية : هى شريعة علمانية توازن بين الفرد والمجتمع ، الوطن فيها يتقسّم على عدد المواطنين بالمساواة المطلقة بغض النظر عن اللون والجنس والنوع والمستوى الاقتصادى والاجتماعى والثقافى . المواطن الفرد هو الأساس ، وفى نفس الوقت فان الفردية ترتبط بالتفاعل الايجابى بالمجتمع وفق فريضة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، وهى وظيفة مفروضة على الجميع من رجال ونساء وليست مرتبطة بطائفة واحدة أو طبقة معينة أو مجالا للتوظيف . وفى نفس الوقت لا تعنى الاكراه والاجبار والتدخل الرسمى فى حياة الآخرين ، بل هى هى مجرد نصح قولى وتوجيه يقوله كل شخص للآخر اذا وجده مستحقا للنصح والارشاد. والمعروف هو كل القيم العليا المتفق عليها ، والمنكر هو كل الشرور والرذائل المنهى عنها.(آل عمران ـ 104 ) (الشعراء 215 : 216 )(سورة العصر) . وفى نفس الوقت فان الحرية فى الشريعة الاسلامية تسمح بوجود حرية مطلقة للجماعات التى تأمر بالمنكر وتنهى عن المعروف قوليا  ( التوبة: 68 & 71 ) طبقا للحرية الدينية المطلقة فى الاسلام والتى تمنع الإكراه فى الدين .

و الشريعة الاسلامية العلمانية تعطى المجال الأكبر للتشريع البشرى ، لأن تشريعات القرآن الكريم محدودة لا تتجاوز مائتى آية، بكل التفصيلات والتكرار فى أوامرها وقواعدها ومقاصدها. وتفصيلاتها تحتكم الى العرف أو المعروف فى التطبيق . وتأتى أحيانا قواعد عامة بدون تفصيلات تحتكم للعرف فى وضع تفصيلات قانونية ومذكرات تفسيرية للتطبيق. وفى جميع الأحوال فان القيم العليا ( العدل السلام الحرية وكرامة الانسان والرحمة والتخفيف والتيسير ورفع الحرج )  هى الغاية التشريعية أو المقصد التشريعى لتفصيلات التشريع القرآنى وقواعده. وكل قانون يراعى القيم العليا فهو قانون اسلامى فى أى زمان ومكان .

والشريعة الاسلامية العلمانية مجالها محدود فى الزام الفرد وفى عقابه ، وهذا طبقا لقيمة الحرية المطلقة فى الدين ، فلكل فرد حريته المطلقة فى الايمان أو الكفر وفى إقامة الشعائر الدينية وبيوت العبادة وفى الدعوة الى دينه وتكفير الآخرين دون إكراه للآخرين أو دعوة لقتلهم ، إذا فعل ذلك يكون مُدانا بالقانون . ثم إن الدولة الاسلامية العلمانية ليست وظيفتها هداية الناس وإدخالهم الجنة لأن الهداية مسئولية شخصية وأيضا الضلال ، ومن إهتدى فلنفسه ومن ضل فعليها ، فليس للدولة  سلطة لها فى علاقة المواطن بربه فيما يخص العبادات والعقائد والدعوة الدينية لأى دين ، وليس لها سلطة الالزام إلّا فى الجانب العقابى الذى يحفظ حقوق الفرد فى الحياة وفى السمعة والعرض والمال والكرامة. وحتى فى الجانب العقابى فان العقوبات  ـ أو الحدود ـ تسقط بالتوبة التى تعنى الاعتراف بالذنب والتعهد بالكف عنه ، ورد الحقوق لأصحابها. ( البقرة 178 ) ( المائدة 33: 34& 38: 39 ) ( النور 2: 5 ) ( الفرقان 70 : 71 ).

الذى سيكون فيه الانسان مسئولا ومحاسبا أمام الله تعالى. وهذا هو معنى التقوى الذى يجعل المسلم ـ الحق ـ يخشى الله قبل أن يخشى الناس ، ويجعله يحاسب نفسه قبل أن يحاسبه ربه ، ويجعله حتى فى سريرته قبل علانيته يتحسب لما يفعل . وبهذه العقيدة الحية فى اليوم الآخر الذى لا مكان فيه لشفاعة بشر فان تطبيق الشريعة الاسلامية الحقة يخضع أولا وأخيرا لضمير المسلم المؤمن لأنه حريص على رضى الله تعالى ويخشى إغضابه جل وعلا. وبينما تؤمن العلمانية الغربية بالضبطية القضائية ويكون فيها المتهم بريئا الى أن تثبت إدانته فان المسلم الذى يتقى ربه ويعمل لليوم الآخر يهتم بضبط نفسه وكبح جماحها فى السر والعلن. ناهيك عن دول المسلمين الاستبدادية حيث يكون فيها البرىء متهما الى أن تثبت بالتلفيق إدانته.

وبعد

فهذا هو الاسلام القرآنى .وقد طبّقه خاتم النبيين محمد عليه وعليهم السلام.وكان تطبيقه مخالفا للسائد فى العصور الوسطى. ولذلك مالبث أن عاد منطق العصور الوسطى وطغى  على هذه الدولة الاسلامية العلمانية وأقام مكانها نظم حكم ديكتاتورية ثيوقراطية على النسق السائد فى أوربا وقتها وأنسى مبادءها القرآنية فى طوفان أكاذيب التراث والأحاديث والسند والعنعنة والخلافات الفقهية والكلامية الفلسفية. ثم صحت أوربا والغرب وأعتمدت العلمانية والديمقراطية بعد كفاح دموى امتد بضع قرون.  كانت مصر على وشك اللحاق بهذا التطور الغربى مبتعدة عن ثقافة العبيد للعصور الوسطى ، وكادت أن تنجح لولا ظهور الدولة السعودية ببترولها و بوهابيتها التى استعادت أردأ ما فى العصور الوسطى من فكر وثقافة، ونشرتها فى مصر والعالم العربى والمسلم على أنها هى الاسلام. ووقفت موقفا معاديا للغرب وثقافته معتبرة أنه "غزو فكرى" .  مع أن الفكر السلفى الوهابى الرجعى الدموى هو الذى يغزو الغرب والمساجد الاسلامية فيه، ويسعى لتحويل الأقليات المسلمة فيه الى طالبان غربية أسوة بطالبان الأفغانية. وقد نجحوا فى ذلك بسبب عوامل مختلفة محلية وأقليمية ودولية، وبهم أصبح الاسلام متهما بالتطرف والارهاب، وأصبح مثيرا للدهشة أن نكتشف الآن ـ بعد خمسة عشر قرنا من الزمان ـ أن الاسلام دين علمانى.

سؤال 2 : إن كان القرآنيون يتبنون العلمانية كتصور أساسي لفهم الدين والدولة.. فلم يتجاهل العلمانيون أصحاب التيار القرآني؟ وما أوجه الاختلاف الجوهرية بين التيار القرآني والعلماني؟

الجواب : نحن لا نتجاهلهم ، هم الذين يتجاهلوننا ، وإسألوهم هم عن السبب .

 نحن نعتبر العلمانيين والملحدين واللاديننين أخوة لنا فى الاسلام السلوكى الظاهرى ، حيث أن الاسلام الظاهرى السلوكى فى التعامل بين البشر هو السلام ، بغض النظر عن إختلاف العقائد الذى سيحكم فيه رب العزة جل وعلا بيننا يوم القيامة . وطالما هم مسالمون لا يقومون بإكراهنا فى الدين فهم أخوة لنا فى الاسلام السلوكى بمعنى السلام . خصومنا فى هذه الدنيا هم الارهابيون الذين يستخدمون الدين فى قتل الآخرين وإكراههم فى الدين . هؤلاء ليسوا أخوة لنا فى الاسلام السلوكى بمعنى السلام .

سؤال 3 : تدعو إلى ما أطلقت عليه "تدبر" القرآن كوسيلة وحيدة لفهمه، نافيًا وجود التفاسير والشروحات، ألا ترى أن ذلك يفتح الباب واسعًا لمزيد من الفروقات والخلافات الناجمة عن تعدد الرؤى والتفاسير دون أساس واضح؟ ألا ترى ضرورة وضع ضوابط لذلك التدبر الذي تدعو إليه؟

الجواب

للتدبر القرآنى منهجه وقد فصلناه فى بحث منشور فى موقعنا أهل القرآن بعنوان ( كيف نفهم القرآن ) :

http://ahl-alquran.com/arabic/book_main.php?main_id=41

وأسس هذا التدبر موجودة فى داخل القرآن نفسه ، وهى بإختصار : الدخول على القرآن الكريم بدون رأى مسبق يُراد إثباته أو نفيه ، أى البحث فى القرآن بتجرد وموضوعية إبتغاء معرفة الحقيقة . ثم تحديد المصطلح القرآنى للموضوع المراد بحثه من داخل القرآن نفسه . ثم متابعة الموضوع من خلال السياق المحلى ( اى الآية وماقبلها وما بعدها ) ومن خلال السياق العام للموضوع فى القرآن كله ، بعد تجميع كل الآيات الخاصة  بالموضوع فى سياقها المحلى والعام وما يقترب منها يتم بحث الموضوع كله متكاملا .

 نحن نستبعد القواميس فى فهم المصطلحات القرآنية لأن القواميس ترصد حركة ( اللغة ) فى عصرها لذا تختلف من عصر الى عصر . وقد نزل القرآن الكريم قبل تلك القواميس ، وله مصطلحاته العربية الخاصة والمختلفة عن مصطلحات الأديان الأرضية للمحمديين من سُنّة وتشيع وتصوف ، وحتى مصطلحاتهم الدينية مختلفة .

 نحن نطبق منهج التدبر هذا فى كتاباتنا ، وبهذا المنهج الذى بدأتّه لأول مرة فى تاريخ ( المسلمين ) تم إكتشاف آلاف الحقائق القرآنية المخالفة لما ساد فى تراث ( المسلمين ) وأديانهم الأرضية . وبهذا المنهج فى تدبر القرآن منشور لى فى موقع أهل القرآن عدة آلاف من المقالات والفتاوى والأبحاث والكتب كلها تحوى جديدا لم يكن معروفا من قبل . وأهل القرآن فى موقعنا يكتبون بنفس المنهج ، وبلا إختلاف بيننا سوى فى مستوى الخبرة البحثية ، ولدينا كوكبة من الشباب القرآنى يتأهلون لحمل مشاعل التنوير . وفى كل الأحوال فنحن نؤكد أننا لا نقول ( رأى الدين ) بل نقول وجهات نظر لا نفرضها على أحد وهى تقبل النقاش والنقد وليست معصومة من الخطأ ، فليس لدينا إحتكار الحقيقة كما يزعم الآخرون . وربما أكون الشيخ الوحيد الذى يعرض فتاويه للنقاش ، وتأتيه الفتاوى فى شتى فروع المعرفة .

سؤال 4 : قلت إن القرآن لا يحتاج إلى تفسير وأنه صالح لكل زمان ومكان، ولكن كيف تنظر إلى الآيات المتعلقة بسياق تاريخي معين، كيف يمكن تطبيقها في سياق مكاني وزماني مختلف؟

الجواب

قلنا وفق منهجنا فى تدبر القرآن أن تفسير القرآن هو بالقرآن ، فأحسن تفسير للقرآن هو القرآن نفسه  ( الفرقان 33 ) . ونحن نعتبر إستعمال كلمة ( التفسير ) البشرى للقرآن هو إهانة للقرآن لأن الله جل وعلا لم ينزل كتابا مبهما غامضا مليئا باللوغارتيمات ، بل أنزل كتابا مبينا و تبيانا لكل ما يحتاج الى تبيان . وجعله ميسّرا للذكر لكل من أراد الهداية . وفى نفس الوقت فيه مستويات للتعمق العلمى مفتوحة لمن أراد أن يتعمق ويتدبر . وقد شرحنا هذا كثيرا . والبرهان هو فى كتاباتنا القرآنية وخصوصا باب ( القاموس القرآنى ) ومنشور فيه مئات المقالات . ومن عجب أن من يقرأ فى ( التفاسير ) لا يفهم منها شيئا ، ولو قرأ القرآن بدونها متعقلا ما يقرأ لوجد القرآن مبسّطا مفهوما ميسّرا للذكر . وقد أثبتنا هذا فى كتاب منشور على الموقع:(  ملامح من الهجص فى تفسير القرطبى   )

http://www.ahl-alquran.com/arabic/book_main.php?main_id=86

وقد شرحنا فى موضوعات التشريع القرآنى الآيات التشريعية الخاصة بزمانها ومكانها عن النبى محمد وزوجاته وعلاقاته بمن حوله كما فى سورة الأحزاب مثلا ، وآيات التشريع التى يمكن تطبيقها إذا تكررت ظروفها مثل موضوعات القتال ، والآيات التى يمكن تطبيقها فى كل زمان ومكان . وننصح هنا بقراءة بحث ( لا ناسخ  ولا منسوخ فى القرآن الكريم ، النسخ يعنى الاثبات والكتابة وليس الحذف والإلغاء )

http://www.ahl-alquran.com/arabic/book_main.php?main_id=5

وبحث ( التأويل )

http://www.ahl-alquran.com/arabic/book_main.php?main_id=3

وبهذا يكون الاسلام بطبيعته العلمانية صالحا لكل زمان ومكان .

وللقصص القرآنى  باب خاص فى موقعنا نشرت فيه عشرات الأبحاث ، ومنه قصص قرآنى عن الماضى ( عن الأمم السابقة والأنبياء السابقين ) وقصص قرآنى معاصر لوقت النزول الذى نستخلص منه تاريخ النبى محمد ومن حوله . وأوضحنا الفارق بين منهجية القصص القرآنى  ومنهجية علم التاريخ . وأوضحنا منهجية القصص القرآنى فى  التأكيد على العبرة واعظة ـ خلافا للمنهجية التاريخية ، وبالتالى فالقصص القرآنى بما فيه من عظة وعبرة صالحة لكل زمان ومكان . وبالتالى أيضا فإن ما يعرف بأسباب النزول تخلط بين التاريخ والقصص القرآنى ولا محل لها فى مجال العظة .

سؤال 5 : وكيف يمكن الإقرار بصلاحية الإسلام لكل زمان ومكان دون الإقرار بانفتاح النص القرآني على تأويلات متعددة؟

الجواب :

سبقت الاجابة .

سؤال 6 : تنطلق من رفض حجية السنة النبوية كمصدر ثان للتشريع من الاختلافات المتعددة في الأسانيد للأحاديث ووجود العديد من الروايات الملفقة، في الوقت الذي تبرز فيه الدعوة لتفنيد تلك الأحاديث وغربلتها من المدسوس والمنافي للقرآن والعقل.. لم لا تتبنى هذا التوجه، خاصة وأنك تعترف بما أسميته السنة العملية في العبادات؟ وألا ترى أن اعترافك بوجود السنة العملية هو اعتراف بصحة جزئية لها في التشريع؟

الجواب :

حين كنت سُنيا ( معتدلا أدعو لاصلاح السّنّة ) كنت ادعو لعرض الأحاديث على القرآن ، وخصوصا ما يعرف ب ( صحيح البخارى ) .وبعد أن تعمقت فى التدبر القرآن آمنت أن تلك الأحاديث ليست جزءا من دين الاسلام ، وأنه لا إيمان إلا بحديث واحد هو حديث الله جل وعلا فى القرآن الكريم ( الأعراف 185  المرسلات  50 ، الجاثية  6 ـ ).

السنة فى المصطلح القرآنى هى الشرع الالهى والمنهاج الالهى فى التعامل مع المشركين ، لذا تأتى فى القرآن الكريم منسوبة لله جل وعلا وليست للرسول ، والنبى متبع لهذه السُنّة الالهية وهو لنا (أسوة حسنة ) فى التطبيق وليس سنّة حسنة . والعبادات تدخل ضمن سُنة الله أى شرع الله جل وعلا ، ونحن نطبقها بهذا المفهوم . شرحنا هذا بالتفصيل  فى  أبحاث : (القرآن وكفى )

http://www.ahl-alquran.com/arabic/book_main.php?main_id=31

 الاسناد

http://www.ahl-alquran.com/arabic/show_article.php?main_id=20

وهناك تحريفات أدخلها المحمديون فى العبادات عرضنا لها فى أبحاث عن الصلاة والزكاة والحج والصيام . برجاء مراجعتها فى سجل الكتب المشورة لنا فى الموقع :

http://www.ahl-alquran.com/arabic/show_books.php

 

سؤال 7 : التشكيك في المصادر التاريخية وراء الأحاديث ألا يستدعي بالضرورة البحث وراء سبل حفظ القرآن؟ لم كل هذا الشك والرفض لكل أسانيد الأحاديث في مقابل ثقة مطلقة في نقل القرآن وحفظه؟

الجواب :

الاعجاز فى القرآن ( علميا ورقميا وتاريخيا ( من علم التاريخ )) يؤكد إستحالة أن يكون من تأليف رجل عربى إسمه ( محمد ) عاش فى الجزيرة العربية فى عصور الجهل والظلام .

عندما كنت مدرسا مساعدا فى قسم التاريخ فى جامعة الأزهر وقدمت رسالتى للدكتوراة عن ( أثر التصوف فى مصر فى العصر المملوكى )وأوضحت فيها التناقض بين الاسلام والتصوف من خلال تحليل كلام الصوفية وعرض مصادر التصوف على القرآن الكريم تعرضت لاضطهاد جعلنى ألجأ الى تحليل آيات القرآن الكريم بنفس المنهج العلمى البارد ، منطلقا من حقيقة مرعبة ، أننى أكثر علما وخبرة علمية من ( محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ) بحُكم التراكم المعرفى بينى وبينه . وبهذا التراكم المعرفى حللت كتابات أعلام التصوف من أبى حامد الغزالى وغيره وأوضحت تناقضها وتخلفها ، وبالتالى فلو كان القرآن من تأليف محمد بن عبد الله فيمكننى إثبات ذلك . خلال فترة الاضطهاد والتى إستمرت من عام 1977 : 1980 ، قمت بمراجعة آيات القرآن وتحليلها باحثا عن تناقض فيها ، وخرجت فى النهاية ساجدا لرب العزة جل وعلا مؤمنا بأن القرآن الكريم لا يمكن أن يكون صناعة بشرية ، وخرجت بحصيلة علمية قرآنية لا زلت أعيش عليها حتى الآن ، بل وبعلوم قرآنية غير مسبوقة ، منشور بعضها الآن فى سجل كتبى فى الموقع وبعضها لم يتم نشره بسب ضيق الوقت وقلة الامكانات حيث أعمل وحيدا بلا مُساعد من أربعين عاما . 

 

سؤال 8 :  قلت إن عدد القرآنيين يتزايد بشكل مطرد.. ما سبب ذلك برأيك؟ ولم يجرى التعتيم على هذا الفكر؟

الجواب

نحن تيار إصلاحى فقير ضعيف الامكانات يواجه الوهابية بالبترودولار ، ومعها حكم المستبد الشرقى الذى لا يستغنى عن الكهنوت الدينى . وهم معا يبذلون جهدهم فى التعتيم علينا ليحافظوا  على سطوتهم . كل ما لدينا هو موقعنا (أهل القرآن ) الذى تعرض للتدمير مرات عديدة . ومن معنا من الكتاب والمفكرين من أهل القرآن هم أصحاب قلم ، ومثقفون أحرار . والمثقفون الأحرار الشرفاء لا يبيعون ضمائرهم ، ويجمعون بين الحرية والفقر . ولكن لدينا أمل ، فالقلم دائما يغلب السيف ، والفكر الذى يسبق عصره يلقى مصاعب فى عصره لكنه يبقى وينتشر فى المستقبل بعد أن يحطم الأصنام الفكرية الخرافات الدينية . والعادة ان الذى يبرق يذهب جفاءا ، وما ينفع الناس يمكث فى الأرض ، والتاريخ يؤكد أن الفكر الذى يتعرض للإضطهاد يستمر بعد موته أصحابه حتى لوكان فكرا دمويا فاسدا مثل فكر ابن حنبل وابن تيمية . فما بالك إذا فكرا إصلاحيا أخلاقيا ؟

 

سؤال 9 :قدَّم العديد من مفكري العصر الحديث العديد من التأويلات للقرآن الكريم التي تحتكم في كثير منها للقواعد المنطقية ومراعاة ظروف العصر.. لم يتجاهل التيار القرآني مثل هذه القراءات؟

 

الجواب : لهم منهجهم ولنا منهجنا .ونحترم حقهم فى التفكير كما نحترم حق الآخرين فى حريتهم الدينية . ونحن نرحب بكل دعوة للإجتهاد الدينى مهما إختلفت عن منهجنا ، ونرحب بأى حركة للإصلاح مهما إختلفت الخلفيات الفكرية ، علمانية غربية أو لا دينية . نتمنى أن نجتمع كلنا حول لواء السلام والعدل والحرية والاحسان أو التسامح الدينى

 

سؤال 10 ـ التعامل مع الآخر الفكري والديني، ووضع المرأة، والجهاد.. ثلاث إشكاليات كبرى ارتبطت بالإسلام.. ما هي قراءة القرآنيين لتلك القضايا؟ وما سبب ذيوع الأفكار المتشددة برأيك؟

الجواب :

الوهابية بتخلفها وتعصبها أعادت الدين الحنبلى المتشدد الى عصرنا عصر حقوق الانسان . وقد ناقشنا هذا ورددنا عليه فى كتاب (  الحنبلية ـ أم الوهابية ـ وتدمير العراق فى العصر العباسى الثانى  ) ، وكتاب (  المعارضة  الوهابية فى الدولة السعودية فى القرن العشرين )، بالاضافة الى هذا منشور لنا  : ( الاسلام دين السلام )و( المسكوت عنه من تاريخ الخلفاء الراشدين ) و (  الفتنة الكبرى الثانية  ) و (حق المرأة فى رئاسة الدولة الاسلامية ) و (حد الردة ) ، وبعضها مترجم الى الانجليزية ، بالاضافة الى كتاب بالانجليزية عن الحرية الدينية بين الاسلام والمتطرفين. برجاء مراجعتها فى سجل الكتب المشورة لنا فى الموقع .

 

سؤال 11 :في ظل الإقصاء والتهميش والمحاكمات التي يخضع لها المثقفون العرب. كيف يمكن الحديث عن دور ما يتعين عليهم القيام به؟ ما هي أدواتهم في التغيير في ظل محاصرتهم المتعمدة؟

الجواب :

نحن أول من بدأ تحطيم الأصنام الفكرية من عام 1977، داخل قلعة الأزهر ثم خارجها . وعلى هامش جهادنا ومعاناتنا تشجع كثيرون فساروا خلفنا بعد أن مهدنا لهم الطريق . نحن صامدون ونطلب منهم الصمود . الاصلاح ليس سهلا ، خصوصا فى عصر يسيطر فيه المستبد الشرقى والوهابية . ولكن بعد ما حققه صمودنا من تغيير نوعى فى العقلية والتفكير فإنه من المستحيل ـ بعون الله جل وعلا ـ الرجوع للوراء . إنطلق قطار التنوير بنا وبغيرنا ، واصبحت الوهابية برغم سطوتها فى حالة دفاع عن وجودها . وأثبتنا أنها لا يمكن أن تعيش  إلا فى حماية مستبد ، وبدونه لا تصمد للنقاش .

سؤال 12 : تعرضت لمصادرة كتبك والعزل والسجن جراء أفكارك التي بدأت في نشرها في السبعينات، وفي الآونة الأخيرة، صار الكتاب والمفكرون تحت مقصلة المحاكمات ومنهم فاطمة ناعوت، كرم صابر، إسلام بحيري، سيد القمني.. كيف ترى تلك الهجمة الشرسة على الكتاب والمثقفين؟ ومتى يمكن الخروج من دائرة محاكمة الفكر التي تحاصر العالم العربي بدعوى ازدراء الأديان؟

الجواب : 

كما قلت المستبد الشرقى والوهابية فى حالة دفاع عن وجودهم . المحاكمات والسجن والمصادرة لا يمكن أن تمحو فكرا ، خصوصا فى عصرنا ـ عصر العولمة والقرية الكونية والانترنت  الذى تقلّصت فيه سيطرة المستبد على العقول . لا يمكن للرصاصة أن تطارد فكرا . الصمود مطلوب .

 

سؤال 13 : رغم التركة الثقيلة من الاستبداد التي ورثتها الدول العربية والتي كان لها دور بارز في تعزيز التخلف الحضاري للعرب، إلا أنه نادرًا ما نجد النخبة المثقفة تأخد موقفًا مواجهًا له كمواجهتها للتيارات الدينية الأصولية.. ما سبب ذلك الانصراف عن محاربة الاستبداد رغم دوره في تعزيز التخلف والتردي؟

الجواب :

التيارات الوهابية المعارضة فى داخل دول الاستبداد العسكرى تسعى  للقفز على الحكم ولترسيخ إستبداها الدينى والسياسى ودولتها الدينية وهو أفظع من الاستبداد العسكرى. هو صراع على ركوب ظهر المواطن .

المثقف نوعان : نوع باع شرفه للمستبد ونوع صمد متمسكا بشرف الكلمة .

المستبد فى أشد الحاجة الى الكهنوت الدينى والاعلام ، وهو يسيطر عليهما معا ، وبالتالى يكون على المثقف أن يختار بين عبوديته للمستبد أو التمسك بحريته وشرفه ومعاناة الاضطهاد . بعض المثقفين إختار اللعب على الحبال ، وهو يخسر دائما لأن المستبد لا يرضى إلا بعبودية المثقف التامة ، وهو لا يسامح مثقفا أصعده الى حاشيته ثم يخرج عن الخط المرسوم له . والمستبد يحرص على إضطهاد المثقف المصلح وعلى التعتيم عليه وإجاعته إذا إستطاع ، وكم عانينا من هذا فى مصر .!!. من هنا فالمثقفون الأحرار ضعفاء وفقراء.

وهم ايضا مختلفون ومتشاكسون . وبعض المثقفين قصيرو النظر لا يرون أن الاستبداد الدينى والاستبداد السياسى وجهان لعملة واحدة . بعضهم يسبح بحمد البابا مثلا ويدعو المسلمين الى العلمانية والالحاد ، ويستسهل الهجوم على الوهابية ومتطرفيها وإستبداها مدافعا فى نفس الوقت عن إستبداد الكنيسة .

 

سؤال 14 : تعيش الثقافة العربية في الوقت الراهن بين غلو ديني يعززه الأصوليات الدينية الرافضة للآخر الفكري بكل ما يحمله بالمقابل من أفكار وغلو لا ديني يطالب بنفي الأديان والتراث الفكري للعرب.. ما السبيل لتجاوز تلك الحالة من التناكر. وهل ترى في الإمكان الوصول إلى منطقة وسطى تجمع بين المتناقضين في وحدة لا تتخلى عن الطابع العربي وتواكب العالم المعاصر فيما أطلق عليه زكي نجيب محمود في وقت سابق "خطوات مثلثة" من طرف إلى نقيضه إلى مرحلة تجمع بين النقيضين؟

الجواب :  

الحل هو أن نجتمع حول مبادىء الحرية ( الدينية والسياسية ) و العدل ( السياسى بالديمقراطية ) والعدل فى التقاضى والعدل الاجتماعى ، والتسامح وحقوق الانسان . وكل منا يدافع عن هذه القيم بخلفيته الفكرية .

 

سؤال 15 :ثمة أصوات تضج بها الساحة العربية في الوقت الراهن مطالبة بتجديد الخطاب الديني. برأيك، هل نحن بحاجة إلى تجديد أم إعادة بناء للخطاب الديني؟ وكيف يمكن التأسيس لخطاب ديني جديد يتلائم مع متطلبات العصر؟

الجواب : ( تجديد الخطاب الدينى ) مصطلح سياسى خاطىء مثله مثل ( مصلح التغيير ) . قد يكون التغيير الى الأسوأ ، وقد يكون تجديد الخطاب بإحلال التشيع مكان الوهابية ، أو إحلال التصوف بديلا عن هذا أو ذاك . لا بد من ضبط المفاهيم أولا . فنقول ( الاصلاح الدينى ) وهو لا ينفصل عن الاصلاح السياسى ، وهو مؤسس على إصلاح تشريعى دستورى وقانونى ينقى التشريع من كل ما يعوق حرية الفكر والدين . وقد كتبت فى إصلاح الأزهر فى كتب ( مبادىء الشريعة الاسلامية ..وكيفية تطبيقها ) و ( دين داعش الملعون ) و ( شاهد على .. عصر السيسى ) بالاضافة الى مقالات متفرقة منشورة مؤخرا ، وبرجاء الرجوع اليها فى موقع أهل القرآن .

سؤال 16 :في الوقت الذي نجحت فيه الأصولية الدينية في الوصول إلى القاعدة العريضة من الجماهير، ظلت الرؤى التنويرية محصورة في تلك النخبة المثقفة وهو ما فاقم عزلة المثقفين. ما هي برأيك العوامل التي قادت إلى ذلك؟ وكيف يمكن لتلك التيارات نيل الثقة لدى القاعدة الجماهيرية؟    

الجواب

المستبد الشرقى والوهابية البترودولارية هما أساس البلاء ، وهما معا يتحكمون فى المساجد والتعليم ووسائل الاعلام فى الداخل مع ترسانة من القوانين العقابية ، وبهذا يستعبدون المثقفين الذين يبيعون أنفسهم فى سوق النخاسة الفكرية والتى هى أحطّ من الرقيق الأبيض والبغاء . العاهرة تبيع جسدها ـ وجسدها له فترة صلاحية ، بعدها لا يكون صالحا للإستهلاك الآدمى . أما المثقف الذى يبيع قلمه فهم يبيع أروع ما يملكه الانسان وهو ضميره وعقله ، وهذا العقل تمتد فترة صلاحيته بل تزدهر بالتقدم فى العُمر . يستخدم مهارته فى التدليس وفى جعل الباطل حقا والحق باطلا ، ولا يستحى من تقديس المستبد وتدنيس الشرفاء .

بإمكانى توعية الجماهير ودحر الوهابية لو كان معى برنامج تليفزيونى ـ ولا أقول قناة فضائية ـ ظهرت فى عدة حلقات فى برنامج فى قناة فضائية مسيحية مشاكسة يذيعه الأخ رشيد الذى كان مسلما فتنصّر فكسبت آلاف المعجبين الذين راسلونى منبهرين . ولا تزال تلك الحلقات هى الأكثر رواجا . أنا ممنوع من الظهور فى وسائل الاعلام العربية طبقا لسياسة التعتيم المفروضة والحازمة والتى تجعل من هناك يتحاشون النطق باسمى . شيوخ الأزهر الذين يرعبون الرئيس السيسى مرتعبون من ذكر إسمى . ولو هدّدهم بأنه سيستعين بى لألقمهم حجرا ولأجلسهم تحت قدميه صاغرين . أغلبية الناس عطشى الى معرفة الجديد فى الدين بعد أم ملُّوا وشبعوا من تقىء نفس التراث وإجتراره من عصر الشيخ متولى الشعراوى وحتى الآن . ليس لهم جديد يقدمونه بل هو إجترار نفس القديم الذى يقال فى الأزهر وفى وسائل الاعلام ووسائل المواصلات . وحتى فى هجومهم علينا يكررون نفس الاتهامات بلا إبداع أو تغيير .

سؤال 17 : هل تعتقد بأن الإسلام السياسي يشهد اليوم بداية نهايته أم أن المستقبل سيشهد نهضة له من سقوطه المدوي الذي رافق تجربته الفاشلة خلال ثورات الربيع العربي؟

الجواب :

بكل قوة يملكها جسدى الضعيف الواهن أرفض مصطلح ( الاسلام السياسى ) وأرفض تسمية أطيافه بالحركات الاسلامية . هذا يقع فى دائرة التدليس التى روجتها الوهابية التى ترفع راية الاسلام وهى تتناقض معه فى العقيدة والتشريع. تسميتهم بالاسلامييين يعطيهم نصرا مجانيا مسبقا . هم وهابيون وهم أعدى أعداء الاسلام . يكفى إن الله جل وعلا أرسل سوله بالقرآن الكريم رحمة للعالمين ( الأنبياء 107 ) وليس لارهاب وقتل العالمين .!

بهذا المصطلح (الاسلامى ) المزيف نجحت الوهابية وإستشرت تنشر المذابح ، ولا تزال تجد لها الأنصار ، وأصبحت البديل للمستبد العسكرى .

فشلت ثورات الربيع العربى فى ظل تفتت البديل المدنى وهشاشته وهذا البديل المدنى لا يزال يعترف بنسبة الوهابية الى الاسلام ، ومثقفوه لا يناقش الوهابيين فى مدى أحقيتهم بهذا الشرف . وحتى الآن يطلقون على الاخوان ( المسلمين ) ولا يقولون الاخوان الوهابيين ، وقد أثبتنا أن عبد العزيز آل سعود هو الذى أنشأ الاخوان فى مصر ، ثم كان الاختلاف لاحقا بين السعودية والاخوان .

التحول الديمقراطى لم يكن صعبا فى شرق أوربا بعد سقوط الاتحاد السوفيتى لأنه لا وجود للوهابية هناك . التحول الديمقراطى صعب ومتعثر فى ولايات الاتحاد السوفيتى السابق فى أواسط آسيا بسبب أن تلك المناطق تعشش فيها أطياف السُنّة ، ومنها جاء أئمة الحديث المشهورين المقدسين من البخارى الى ابن حنبل ومسلم والترمذى والحاكم وابن ماجه والنسائى ..الخ . وقد إنتعشت الوهابية فيها الآن ، وهى تزود داعش بمقاتليها .

الموقف أصعب فى الشرق الأوسط التابعة فكريا للسعودية ، والسعودية فى نظرى هى محور الشّر فى العالم كله . لذا يظل النضال فى سبيل الديمقراطية صعبا ، ولكن الصمود يضمن النصر . ولا بد ان نتآزر فى هذا الصمود . مهما كانت خطورة الكلمة فهى لا تساوى نقطة دم من إنسان برىء .. فكيف بضحايا الوهابية من 1745 وحتى الآن . أقول إن ضحايا الوهابية يزيد عن 10 مليون من باكستان الشرقية ( بنحلاديش الآن ) الى افغانستان والشرق الأوسط وشمال أفريقيا والغرب .. وحتى لو تم محو داعش والقاعدة فستنتج الوهابية ما هو أضل سبيلا . لا بد من الحرب الفكرية من داخل الاسلام لإنقاذ ما يمكن إنقاذه فى الغرب والشرق .

 

سؤال 18 : في ظل انتشار التنظيمات الموصوفة بأنها إرهابية في الآونة الأخيرة، تصاعدت على الساحة الغربية موجة جديدة من "الإسلاموفوبيا".. ما هي قراءتك لتلك الظاهرة؟ وما السبب وراء انتشار تلك التنظيمات الإرهابية؟ وهل تعتقد بأن هناك تأييد أقليمي ودولي لها لتحقيق مصالح خاصة بشكل ما؟

الجواب :

السعودية الوهابية ربطت وهابيتها بالاسلام ووافقها العالم حتى من ضحايا الوهابية . وأصبح سهلا بل ومُستحبا الهجوم على الاسلام بينما أصبحت الوهابية كلمة مقدسة .

الأصل هو تلك الفتوحات العربية فى عهد الخلفاء ( الراشدين ) المٌسمّاة زورا بالفتوحات الاسلامية، وهى أكبر ردّة عن الاسلام كما أوضحنا فى كتاب ( المسكوت عنه من تاريخ الخلفاء الراشدين ) و ( المسكوت عنه من تاريخ عمر بن الخطاب فى الفكر السُّنّى ) . إستمرت هذا الفتوحات تتعدى على أوربا وعلى الشرق فى الدولة الأموية وأسست الأندلس على حساب أسبانيا ، وأٍسسّت صراعا مستمرا فى العصر العباسى مع الدولة البيزنطية ، و ردّت عليه أوربا بالحروب الصليبية ، ثم ظهرت الدولة العثمانية بفتوحاتها التى وصلت الى أسوار فينا  ـ على هامش هذا التاريخ الدموى تأسست عقيدة تقسيم العالم الى معسكرين ( دار السلام ودار الحرب )). وقد نشرنا مقالات من كتاب لم يكتمل عن مسلسل الدم فى عصر الخلفاء.

هذا التاريخ الدموى الذى بدأه الخلفاء ( الراشدون ) تحت راية الاسلام ــ زورا وبهتانا ــ وإستمر فيه الخلفاء القرشيون ثم العثمانيون ــ جعل الغرب يحمل ميراثا ثقافيا عدائيا ضد الاسلام ، ثم جاءت الوهابية تحمل شعار الاسلام بمثل ما فعل صحابة الفتوحات، وروّجت لعقيدة تقسيم العالم الى معسكري :دار السلام ودار الحرب .   وتمكنت السعودية بنفوذها من نشر الوهابية فى الجاليات ( المسلمة ) فى الغرب.

وبعد 11 سبتمبر 2001 ، وما تلاه إنتعشت ثقافة الخوف من ( الاسلام ) وعززها التاريخ القديم و دور داعش فى تجنيد ( المسلمين ) داخل الغرب وإتخاذهم طابورا خامسا . هذه ( الاسلام فوبيا ) جاءت رد فعل لارهاب الوهابية داخل الغرب .

وأعتقد أن الغرب مسئول أيضا لتحالفه مع السعودية طمعا فى بترولها ، ثم لأنه إنغمس فى الحروب التى أشعلتها الوهابية فى الشرق الأوسط مما أشعل المذابح القائمة الآن . صحيح أن الغرب لم يخترع الصراع السنى الشيعى فهو موجود ومترسخ من عصر الخلفاء ، ولكن الغرب ظن أن فى مصلحته التدخل العسكرى طمعا فى البترول وبيع السلاح للمتحاربين ، ولم يدرك الغرب أن هذا لعب بالنار ، وأن دين الوهابية سينقل المعركة الى داخل الغرب ، وإذا كانت فصائل الوهابية عاجزة عن مواجهة الجيوش الغربية فبإمكانها القتل العشوائى للمدنيين داخل الغرب كما تفعل فى الشرق الأوسط .

مسئولية الغرب أيضا أنه يواجه الارهابيين وفكرهم بالسلاح ولم يفكّر بمواجهتهم بالحرب الفكرية السلمية من داخل الاسلام . ونحن خبراء فى هذه الحرب ونعيش فى أمريكا ويعلو صوتنا لكى يستعين بنا الغرب ـ دون فائدة . إن لدينا مشروعات لوقف خطر الارهاب بالدراما وباصلاح المساجد والمدارس ( الاسلامية ) فى الغرب وفى مواجهة ثقافة الارهاب الوهابية عبر الانترنت . وتعبنا من عرض هذا على من يهمه الأمر فى أمريكا ــ بلا جدوى .!!. النفوذ السعودى يبذل كل وسعه فى التعتيم علينا كما كان يفعل معنا فى مصر . الفارق الوحيد أن أمريكا لم تقم بالتضييق علينا وسجننا. سمحت لنا بحرية الصُّراخ فى الفضاء الطّلق .

سؤال 20 : ما هو تقييمك لحال الثقافة العربية اليوم، وهل تظن أنها تمكنت من المواجهة وإعادة تأسيس نفسها كثقافة حية ومبادرة في ظل التحولات الكبرى التي فرضتها العولمة؟

الجواب

للانترنت فضل فى التوعية الثقافية بلا شك . ولكن المثقف العربى لا يقرأ ، وربما يكتب أكثر مما يقرأ . وهناك ما أُسمّيه بصعاليك الانترنت ، يتصور أحدهم أنه طالما يعرف الكتابة على الكومبيوتر أنه اصبح كاتبا ، وربما تتضخّم ذاته ، ويهاجم ما لا يعرفه لمجرد أنه لا يعرفه . السطحية هى سيدة الموقف . إنتهى عصر الكتاب وبدأ عصر الانترنت بالكُتّاب السطحيين ومقدمى البرامج الجاهلين وشيوخ الجهل الجاهليين المتدينين المخرّفين والذين يقولون منكرا من القول وزورا  . المشكلة أن هؤلاء يعدّون أنفسهم مثقفين .

لكى تكون مثقفا لا بد أن تتكون لك بالقراءة حصيلة علمية متنوعة ، ثم يكون لك رأى في كل ما تقرأ . هذا بغض النظر عن كون المثقف خاضعا للمستبد أو قائما بالاصلاح .نحن هنا نتحدث عن ماهية الثقافة والمثقف ، وليس عن توظيفه لثقافته مع أو ضد الاستبداد . فى حالة السطحية السائدة  لا أتعشم خيرا فى وجود طبقة مثقفة حقيقية قارئة ناقدة . فارق هائل بين مثقفى النصف الثانى من القرن العشرين ومثقفى عصرنا اليوم . هو نفس الفارق بين الطبقة الوسطى التى كانت تحضر حفلات أم كلثوم بمظهر حضارى راق رائع ، وبين همجية الغناء وهمجية المستمعين فى عصرنا. من أسف أن الحالة الثقافية العربية تتقدم بإصرار الى الخلف . وهذا لا ينفصل عن تخلف الدين الوهابى وسيطرته على الاعلام والحياة الدينية . والحياة الثقافية لا بد أن تتأثر بهذا .

 

سؤال 21 : ما الذي أفادتك به إقامتك المديدة في الغرب، هل تغير شيء في نظرتك عما كانت عليه من قبل؟ ما هي هذه العناصر الجديدة التي دخلت على تفكيرك بفعل احتكاكك بمفكرين ومثقفين غربيين؟

الجواب :

جئت لأمريكا فى اكتوبر 2001 ، قبيل القبض علىّ أطلب اللجوء السياسى جئت أحمل ميراثا من الاضطهاد جعلنى أدين بالولاء لأمريكا التى آوتنى وألحقت بى أسرتى وبعض أهلى وأنقذتهم من موجات السجن متلاحقة. إستفدت من الحرية الأمريكية فى نشر مؤلفاتى وتأسيس المركز العالمى للقرآن الكريم وموقع (أهل القرآن ) الذى نشرت فيه معظم إنتاجى الفكرى . وعملت فى مؤسسات علمية  كتبت لهم أبحاثا بالانجليزية .فى الوقفية الأمريكية للديمقراطية كتبت بحثا عن ( الاسلام الديمقراطى والاستبداد العربى ) وفى هارفارد قدمت بحثا عن إصلاح المدارس ( الاسلامية ) فى أمريكا ، وفى مركز الحرية الدينية قدمت بحثا عن التناقض فى الحرية الدينية بين الاسلام والوهابية ، واخيرا فى مركز ( وودرو ويلسون ) قدمت لهم بحثا عن قواعد الحرب الفكرية ضد الوهابية . وكل هذه البحوث منشورة فى موقعنا . هذه المراكز لها دور فى صناعة القرار الأمريكى . وبالتالى وصل صوتى الى من يهمه الأمر ، ولكن دون فائدة لأن النفوذ السعودى فى أمريكا هائل .

إستفدت من الثقافة الأمريكية الكثير ، ووقف الى جانبى كثيرون خصوصا من اليهود الأمريكيين النبلاء ومنظماتهم التى ترعى المضطهدين بغض النظر عن الدين والعرق. وقد فصّلت هذا فى مقال عن التسامح الاسلامى بين مصر وأمريكا ، وآخر عن الارهاب بين المطرية وبوسطن .

تغيرت نظرتى كثيرا بالثقافة الأمريكية وتأكدتّ أن ثقافة العبيد التى عايشتها فى مصر ظل لها بعض التأثير فى عقلى إلى أن قضى عليها الانفتاح على الثقافة الأمريكية . وبالمناسبة فمنشور لى فى الموقع مقال عن ثقافة العبيد وآخر عن كيفية التخلص من ثقافة العبيد . لم أّدرك خطورة هذه الثقافة إلا بعد مراجعة حياتى وأنا فى أمريكا . 

اجمالي القراءات 8567

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 5111
اجمالي القراءات : 56,688,822
تعليقات له : 5,445
تعليقات عليه : 14,818
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي