أغلب الدول العربية إتجهت للأزهر من أجل الإستعانة بالمعلمين لتدريس مادة التربية الإسلامية أكان ذلك في المدارس أو الجامعات و هؤلاء المعلمين درسوا و ألفوا تلك المناهج التي مازالت تدرس في المدارس و من ألف تلك الدروس إعتمدوا على كتب التراث و السيرة التي بدأ في كتابتها ( إبن إسحاق ) ثم ( إبن هشام ) و من تلك السير و كتب المغازي أوجدوا منهاجا و مادة يحفظها طلاب المدارس دون نقدها و تحليلها و الظروف التي كتبت في وقتها .
نستثني بعض الدول كسوريا و لبنان و تونس كون هذه الدول نهجت نهجا تقدميا في مجال التعليم ربما للاستعمار الفرنسي دورا في ذلك .
استبشر كل سكان منطقة الخليج بطفرة حقيقية لا سيما في مجال التعليم و أنتشرت المدارس في ربوع كل البلاد و أنشأت وزارات للتعليم و من أسف أن يعتمد التعليم على أساس ( حفظ ) المواد و حفظ النصوص و من يملك ذاكرة للحفظ فقد فاز !! و أصبح أغلب خريجي المدارس يعتمدون على الحفظ كأسلوب نجاح و مازالوا !!!
و من هنا و بهذا الأسلوب تقزم العقل الخليجي بإعتماده على هذا الأسلوب دون التركيز على البحث و الإستنباط و النقد و رفض الموروث من كتب التراث و حتى الكتب العلمية فلم يكن اسلوب الحفظ بعيدا عنها فأخذ الطلاب يحفظون قوانين الرياضيات و الكيمياء و الفيزياء و الأحياء دون البحث للتوصل لحقيقة تطبيقية لتلك القوانين و المبادئ .
أسلوب الحفظ واحدا من أسوأ الأساليب في تقزيم العقل و منعه من التسآول و النقد و الوصول أو محاولة الوصول للحقيقة و بالتالي فإن أسلوب الحياة أصبح به من الأدلجة التراثية الشئ الكثير و هو ما أدى إلى نشوء العقل الجمعي !! ذلك العقل المسير بكلمة من شخص له مكانه دينية دون نقد رأيه أو فكره فأصبحت عمليه نقد فكرته كأنها نقد للدين و نقد للإسلام و بالتالي تكفيره أو إقامه الحد عليه !! حدث هذا للعديد من المفكرين في مصر مثلا كالدكتور فرج فوده في مصر و منهم من هرب من المجتمع نائيا بنفسه فلم يتحمل العيش في مجتمع عاش و يعيش و سيعيش في الماضي لعل أهمهم المفكر عبد الله العصيمي .
قامت حكومات دول الخليج العربي و مازالت بإبتعاث العديد من الطلبة للدراسة في خارج بلادها و لعل إنجلترا و أميركا أهم هذه الدول و من أسف أنه وبعد كل تلك السنين مازالت الحكومات الخليجية تصرف الكثير من الأموال في بند الإبتعاث لتستفيد تلك الدول من هذه الأموال مع أن دولا آسيويه كسنغافورة مثلا بدأت من لصفر تقريبا و حققت مستويات عالمية في جودة التعليم و هنا نتسآل : ما الذي جعل دولة كسنغافورة تتبوأ هذا المستوى الرفيع من التعليم ؟ أليس حريا بدول الخليج العربي و هي تملك من الإمكانيات المالية الهائلة للتبوأ هذه المكانة !!
هناك نماذج غاية في الروعة و الجمال في مناطقنا العربية كان للمجتمع الليبرالي دورا رائعا في تقدم التعليم فيها كانت مصر إبان الملكية نموذجا رائعا قبل يصل إليها الفكر السلفي و تتراجع و تتقهقر و كانت العراق نموذجا أروع وصلت نسبة الأمية فيها إلى الصفر بل أكثر من ذلك أعطت العراق أمثلة رائعة في إستيعاب الطلبة الخليجيين و تعليمهم و العناية بهم بل و بعثهم على حسابها لتلقي بعضا من العلم المتقدم و الغير موجود وقتها في العراق إننا نتحدث عن علوم متقدمة لا سيما في الطب و كانت تونس رائعة في التعليم و جودته و ليست لبنان و سوري في ذلك الوقت عنها ببعيد .
التعليم هو واحدا من أهم الأسباب التي قزمت العقل الخليجي و مازال !! صحت دول الخليج على تغيير نوعي عام 1996 بتولي الشيخ حمد بن خليفة مقاليد الحكم في دولة قطر و تبنى تغييرا شاملا و نوعيا في كافة المجالات لعل أهمها التعليم و هو ما أحدث تحولا نوعيا جميلا فيها و من أسف أن يسيطر فكر الإخوان في التعليم الديني فيها و ربما لو عرفت قطر الفكر القراني وقتها لكان التغيير أفضل أقول ربما .
أختم هذه السلسلة بالقول كان بالإمكان أفضل مما كان و نحن نعيش أوقات صعبة ومن أسف أن مجتمعات كثيرة تدفع الثمن فهذه مصر وصلت إلى مستويات صعبة للغاية و هذه اليمن من صعب إلى أصعب و هذه العراق و يا أسفا على هذا البلد العريق و هذه سوريا و هل بقيت سوريا !! و هذه ليبيا تتألم و هذا الخليج يصارع المؤامرات و عينه على برميل النفط !!
كان بالإمكان أفضل مما كان لو كان تعليمنا يعتمد على النقد و التحليل .. كان بالإمكان أفضل مما كان لو أصبحت مدارسنا و جامعاتنا أماكن للبحث و التطوير و نأئينا بأنفسنا عن التركيز في التراث و التاريخ .
نسأل الله السلامة ... و نتدبر جملة ( لا يعقلون ) في القران الكريم لعلنا نصل إلى أن نكون نعقل .
اجمالي القراءات
9247
موضوع جديد من كاتب مثقف ينتمى الى المنطقة التى يتحدث عنها ، وهذا هو الابن الفاضل الاستاذ سعيد على . أتمنى أن يوجد فى جزيرة العرب الآلاف من هذه النوعية الراقية من المثقفين المسلمين . كما أتمنى أن يواصل الاستاذ سعيد الكتابة فى هذه النقطة يستعرض فيه أحوال أهلنا فى الخليج إجتماعيا وثقافيا لنتعرف على الأحوال ، خصوصا بعد فضح الفكر السلفى على الانترنت ..