آحمد صبحي منصور Ýí 2016-08-23
1 ـ ( السيدة ) هو اللقب الرسمى للجارية "شغب " التى أنجبت الخليفة المقتدر بالله ، والذى تولى الخلافة العباسية فى الثالثة عشرة من عمره ، فأسلم قيادته لأمه "شغب" ، فظلت تحكمه وتحكم الخلافة إلى مقتل ابنها سنة 320هجرية أى ربع قرن من الزمان ، ثم كانت نهايتها مؤلمة وحزينة . .
2 ـ بدأت هذه الجارية بين سطور تاريخ الطبرى حيث ذكرها باسم ناعم ، وكانت جارية للسيدة أم القاسم بنت محمد بن عبد الله ، وقد رآها الخليفة المعتمد فأعجبته فاشتراها واتخذها محظية له لمدة قصيرة فحملت منه وولدت له ابنه جعفر الذى تولى الخلافة فيما بعد باسم المقتدر بالله ، إلا أن الخليفة سرعان ما انصرف عن جاريته ناعم إلى محظياته الأخريات ، ولم تكن ناعم الصفراء النحيفة تحتمل الغيرة ولم تكن تقدر على منافسة الجوارى الشقراوات الكثيرات اللاتى يحطن بالخليفة ، وكان عددهن أربعة آلاف ، فاستمرت مشاغباتها ومعاركها فى دهاليز الحريم العباسى ، فاشتد الخليفة فى عقابها وأطلق عليها لقب"شغب"الذى التصق بها منذ ذلك الحين .
2 ـ عاشت شغب فى حلقات شجار لا تنتهى ومكائد لا تنقطع ، وعلى يديها الكريمتين لقيت جوارى محظيات حتفهن ، ومنهن العروس المصرية الرقيقة الجميلة ( قطرالندى) بنت أحمد بن طولون التى لقيت حتفها سريعا ، ومنهن دريرة التى استأثرت ردحا من الزمان بقلب الخليفة المعتضد، وقد أنشأ لها حمام سباحة ، واستحق على ذلك هجاء فاحشا من الشاعر ابن بسام ، وحين ماتت دريرة بكاها الخليفة شعرا.!
ومن ضحايا شغب أيضا كانت الجارية الأخرى التى ولدت للخليفة ابنا تولى الخلافة باسم القاهر بالله .وقد اضطرت شغب لكفالة ذلك الوليد وتربيته مع ابنها ، ولكنه لم ينس ثأر أمه فانتقم من شغب أفظع أنتقام حين تولى الخلافة فيما بعد .
3 ــ ولم يفطن الخليفة المعتضد للموت السريع لجواريه المحظيات خصوصا من تلد منهم ذكرا له ،وحين تنبه للأمر أشارت أصابع الاتهام إلى شغب ، إلا أن الأدلة لم تكن كافية ، فقرر قطع أنفها ، ثم عدل عن الأمر إكراماً لابنه منها( المقتدر بالله) وابنه الآخر (القاهر) وهما تحت رعاية شغب وكفالتها ، واكتفى الخليفة بعزلها فى بيت أصبح لها كالسجن ،حيث تُربّى ولدها ابن المعتضد حبيبها القاسى وتجتر فيه أحزانها وأحقادها ، ولا يؤنس وحدتها إلا رفيقتها الجارية "ثمل" التى كانت تأتى لها بالأخبار وتساعدها فى مؤامراتها.
4 ــ وفى فترات العزلة هذه كانت شغب تخطط لتولية ابنها الخلافة بعد أبيه المعتضد . وبدأت خطتها بإحكام سيطرتها على ابنها بحيث أصبح لا يطيق فراقها ولا يستطيع التصرف بدون أمرها ، ثم عملت من خلال "ثمل" رفيقتها وساعدها الأيمن على التخلص من الجارية الحسناء (جيجك ) ( أم على ) أكبر أولاد الخليفة ( المعتضد ) والمرشح وليا للعهد بعده ، وماتت جيجك بهدوء بحيث لم يتنبه الخليفة المعتضد للأمر . وكان الخليفة المعتضد شديدا فى قسوته ، بحيث كان إذاغضب على أحد من قواده دفنه حيا . والغريب انه مع سطوته مات فجأة سنة 289 ، وتولى ابنه (على) الخلافة باسم "المكتفى".
5 ــ وسمحت له شغب باعتلاء مقعد الخلافة لأن ابنها المقتدر كان لا يزال صبياً لا يصلح للخلافة .والغريب أنه فى الوقت نفسه الذى بلغ فيه إبنها المقتدر الحٌلم وأكمل عمره الثالثة عشرة فى نفس اليوم مات الخليفة الشاب "المكتفى " بالسم وتولى المقتدر ، أو بمعنى أخر تولت شغب مقاليد السلطة وظلت تتحكم فيها ربع قرن من الزمان
6 ــ وبدأت شغب سلطتها بتحريم النطق بلقب شغب الذى أطلقه عليها حبيبها القاسى المعتضد بالله ، وأصبح اسمها الرسمى "السيدة أم المقتدر" ، وكان القرار التالى هو مصادرة الجواهر التى كان المعتضد يزين بها جواريه الفاتنات من منافساتها السابقات ، وتحولت تلك الجواهر إلى أعوان شغب من الجوارى الخادمات اللائى ساعدنها فى المؤامرات ، وحصلت "ثمل" على النصيب الأكبر من جواهر الخلافة
، بل إن شغب أصدرت قرارا بتحريم لقب "ثمل" وأعطتها لقبا جديدا هو أم موسى القهرمانة ، وجعلتها وصيفتها الخاصة ، وأوسعت لها فى نفوذها بحيث كانت تعزل الوزراء .
7 ــ ثم وجهت شغب انتقامها واحتقارها للفقهاء وعلماء الدين السنى فى عصرها ، وذلك فى سابقة لا مثيل لها فى تاريخ المسلمين ، وذلك أنها أصدرت سنة 306هجرية قرارا بتعيين ثمل قاضيا للقضاة ، فأصبحت ثمل أو أم موسى القهرمانة تجلس فى الرصافة فى بغداد كل يوم جمعة لتنظر فى شكاوى الناس وقضاياهم ويجلس معها القضاة والفقهاء وكبار الموظفين والحجاب لتنفيذ أحكامها . وفى هذه الآونة راج حديث " ما أفلح قوما ولوا أمرهم امرأة" ، صنع الناقمون ذلك الحديث لينتقدوا به ضمن أحاديث أخرى انفراد النساء بالسلطة. هذا بينما التزم كبار الفقهاء الصمت.
8 ـ وكبار الأئمة المقدسين ـ الآن ـ كانوا يعيشون فى هذا العصر، فقد مات فى عصر المقتدر وأمه شغب محمد بن أبى داود الظاهرى وابن شريح والجنيد وأبو عثمان الحيرى والنسائى والجبائى وابن الجلاء وأبو يعلى والأستانى والرواندى والطبرى والزجاج والأخفش الصغير وأبو بكر السجتانى وابن السراج وأبو عوانة والبغوى وقدامة. كما عاش فى عصر قبيحة وابنها المعتز أئمة مشهورون مثل البخارى ومسلم وأبى داود والترمذى وابن ماجة والمزنى وابن عبد الأعلى والزبير بن بكار والرياشى والذهلى وداود الظاهرى وابن مخلد وابن قتيبة وأبوحاتم الرازى وابن شبه وابن حنبل.!!. كانوا مجرد صفر على الشمال ، لا يعبأ بهم البلاط العباسى .. ثم تحولوا ــ بفضل المواشى اللاحقين ــ الى آلهة وأنصاف آلهة فيما بعد .
9 ــ ونعود إلى شغب وهى تنتقم من خصومها ، ففى سنة299هجرية صادرت أموال فاطمة القهرمانة وعثروا على جثتها غريقة فى دجلة ، ولحقت بفاطمة القهرمانة بقية الجوارى المسنات اللاتى أصبحن وصيفات أو قهرمانات . ونال بعض الوزراء اضطهاد شغب ووصيفتها أم موسى ، كما حدث للوزير ابن الجراح الذى لم يبد كبير احترام للقهرمانة فتعرض للطرد والمصادرة. والتفتت شغب إلى كبار القوم تصادرهم وتتلاعب بهم ومنهم الوزير حامد بن العباس وعلى بن عيسى ، وكانت تتلاعب بالوزراء تعين هذا ثم تعزله وتصادره ، وهكذا.
10 ــ ومع ذلك فقد كانت لها محاسن ، فقد أقامت مستشفى على نهر دجلة سنة 306هجرية وجهزت جيشا من أموالها للدفاع عن بغداد ضد القرامطة سنة315هجرية .
11 ــ ولم تتوقف المؤامرات ضد شغب وابنها ، فقد حدث أن ثار الجند الأتراك وعزلوا المقتدر واعتقلوا شغب وعينوا أخاه القاهر خليفة ، إلا أن المؤامرة فشلت وعاد المقتدر للخلافة وعفا عن أخيه القاهر واستبقى حياته.
12 ــ ولكن نجحت الثورة التالية فى قتل الخليفة المقتدر سنة 320 هـ بقيادة القائد التركى مؤنس الخادم، وتولى الخليفة القاهر الذى قام بتعذيب السيدة شغب بيديه حتى كان يعلقها من قدميها ويتركها تصرخ ، وكانت تبول فى هذا الوضع فيغطى بولها وجهها ، وظل يعذبها حتى استخلص منها كل أموالها . ولم يقتنع مع ذلك فظل يعذبها إلى أن ماتت تحت العذاب .. (تاريخ الطبرى 10/139،تاريخ ابن الأثير 6/119_تاريخ ابن كثير 11/175:169:105 ــ تاريخ الخلفاء للسيوطى 604 - المنتظم لابن الجوزى 13/253 ـ الصفدى الوافى بالوفيات 16/ 167
أخيرا
هذا هو العصر الذى شهد تدشين الدين السنى رسميا . عصر بالغ السوء ، أنتج دينا بالغ السوء ..!!
تاريخ الانضمام | : | 2006-07-05 |
مقالات منشورة | : | 5111 |
اجمالي القراءات | : | 56,690,598 |
تعليقات له | : | 5,445 |
تعليقات عليه | : | 14,818 |
بلد الميلاد | : | Egypt |
بلد الاقامة | : | United State |
دعوة للتبرع
البقرة 204 : 206 : ما هو المرا د بقول الله سبحان ه وتعال ى : (...
النفس : ذلك المجهول: انا يا دكتور محتار في حادثة حصلت معي ،لاخي...
ليس للانسان سوى سعيه: في مقال لكم منشور في الموق ع بعنوا ن ( فقه...
ألمانيا وأهل القرآن: السلا م عليكم ورحمة الله وبركا ته لدي سؤال...
more
الجارية الصفراء النحيلة، تهفو نفس الخليفة المعتمد عليها ويضاجعها وتحمل منه وتنجب وليا للعهد اسمه المقتدر، ويكون لها مكانة كبيرة عند الخليفة لذلك الامر.
تتآمر وتقتل الجواري الأخريات المسلمات المسالمات لمجرد انهن انجبن ايضا ابناءا للخليفة، تقتل. الجارية جيجك ام الطفل القادر ، والذي اصبح فيما بعد الخليفة القادر، وقد تبنه شغب ليكون لها عدوا وحزناً ربته بعد ان قتلت امه ولم ينس الطفل ذلك.
وعندما كبر القادر تآمر على أخيه ابن شغب المقتدر ودبر مؤامرة لقتله وفشلت وحاول مرة أخرى وقتل أخيه ، وسجن شغب ولم يشفع لها ان ربته صغيرا ، فعذبها القادر بعد أن اصبح خليفة للمسلمين عذبها بنفسه واشرف على تعذيبها يوميا حتى فارقت الحياة على يديه،،! فارقت الحياة على يدي من تبنته بعد أن قتلت أمه!
وقد تمثلت الحكمة التي تقول من قتل يقتل ولو بعد حين.