آحمد صبحي منصور Ýí 2015-09-09
كتاب مقدمة إبن خلدون: دراسة تحليلية
القســــــم الأول : عـرض مقدمــــــــــة إبن خلــــــــــــدون
الباب الرابع : في عمران المدن والبلاد في البلدان والأمصار وسائر العمران
وما يعرض في ذلك من الأحوال
الفصل الأول:
الدول أقدم من المدن والأمصار ،
وأنها إنما توجد ثانية عن الملك
السبب
لأن بناء المدن من مظاهر الحضارة والترف الذي تصل به الدولة إلى غاية تطورها بعد مرحلة البداوة . وحيث يحتاج بناء المدن إلى التعاون بين كثرة الأيدي العاملة والإشراف عليها ويكون ذلك بالسخرة أو بالأجر ، ولا يُقدر على ذلك إلا بسلطة الدولة.
ويتوقف عمر المدن على عمر الدولة التي بنتها، فإذا كان عمر الدولة قصيرا إنتهى عمران تلك المدينة عند إنتهاء الدولة وتراجع عمرانها ، أما إذا طال عمر الدولة إتسعت المدينة المنشأة بأحيائها وأسواقها ، وحدث ذلك في بغداد والقاهرة والقيروان وقرطبة .
وإذا إنقرضت الدولة التي بنت المدينة : فإذا كانت المدينة تقترب من الجبال والبوادي فإن عمرانها لاينقطع، حيث يتوافد إليها أهل البوادي ويستقرون فيها . أما إذا لم يكن حولها مورد بشري يزودها بالعمران فلا يلبث أن يلحقها الخراب إذا إنقرضت دولتها ، وضرب إبن خلدون مثلا لذلك بمصر وبغداد والكوفة والقيروان والمهدية .
وربما يستقر بتلك المدينة مؤسس دولة أخرى لايريد أن يبني عاصمة جديدة، مكتفيا بتلك المدينة التي زال عنها مجدها ، وبذلك تتسع المدينة مع الدولة الجديدة .
الفصل الثاني
الملك يدعو إلى نزول الأمصار
أي أن السلطان يستدعي الإستقرار في المدن
القبائل إذا أسست ملكا أقامت ملكها في إحدى المدن أو الأمصار طلبا للراحة والإستقرار والتعمير والتحصن بهذه المدينة أمام الأعداء .
فإذا لم تكن هناك مدينة جاهزة للإستيلاء عليها أقاموا لهم مدينة جديدة .
الفصل الثالث
المدن العظيمة يقيمها الملك الكثير
منشآت الدولة تكون على مقدارها
فإذا كانت الدولة عظيمة سخرت في الإنشاءات كل ماتستطيع من أيدي عاملة وأموال وآلات، وتركوا آثارا هائلة ربما يتوهم من يراها أن من بناها كانوا عمالقة، مثل الأهرام وإيوان كسرى ، ويغفل عن التقدم الهندسي الذي مكن أولئك الأقدمين من فن المعمار .
ويؤكد إبن خلدون كذب القصاصين حين تحدثوا عن العمالقة القدماء ، من قوم عاد .
الفصل الرابع
الهياكل العظيمة جدا لاتستقل ببنائها الدولة الواحدة
تحتاج الأبنية الضخمة إلى قدر مضاعف من الجهد والهندسة وأزمنة متعاقبة وملوك متتابعين ، وتمر القرون فيظن الناس أن الباني دولة واحدة ، وهي في الحقيقة عدة دول .وضرب إبن خلدون مثلا على ذلك بسد مآرب الذي بناه سبأ ثم ملوكحمير بعده .
ويستدل إبن خلدون على مقولته بأنه عاصر مباني عظيمة عجز الملوك عن إتمامها فأتمها من جاء بعدهم ، كما عجز الرشيد عن هدم إيوان كسرى ، وعجز المأمون عن هدم الهرم الأكبر مما يدل على عظمة البناء الذي كان يفوق قدرة دولة واحدة .
الفصل الخامس
فيما يجب مراعاته في أوضاع المدن
ومايحدث إذا غُفل عن تلك المراعاة
شروط بناء المدن
المدن هي مستقر الأمم والدول
ويرى إبن خلدون أنه يجب أن يراعي في بناء المدينة وسائل الحماية وجلب المنافع وتسهيل المرافق . وعن وسائل الحماية من العدو الخارجي يقول أنه لابد من سياج أو سور يحمي المدينة ، وأن تقام على هضبة وعرة أو يحيط بها بحر أو نهر . وعن وسائل الحماية من الأمراض يرى أن يكون هواء المدينة صحيا بعيدا عن مواطن التلوث .
ويشترط في جلب المنافع وتسهيل المرافق أن يكون الماء متوفرا وقريبا من المدينة ، وأن يوجد إلى جانبها المزارع والمراعي والشجر ، لتوفير الدواجن والأنعام واللحوم والألبان والحبوب والخضروات والوقود ومواد البناء . ويفضل أيضا أن تكون قريبة من البحر ليسهل إتصالها بالعالم الخارجي .
العرب لم يراعوا تلك الشروط بعد الفتوحات
وقال إبن خلدون أن العرب في بداية الفتوحات إهتموا أكثر بما درجوا عليه عند البناء ، فلم يراعوا هذه الإشتراطات ، وتجلى ذلك في بنائهم للبصرة والكوفة والقيروان ، فلم يهتموا إلا بمراعي الإبل وأهملوا ماعدا ذلك .
شروط بناء المدينة الساحلية
واشترط إبن خلدون في المدن الساحلية أن تقام في منطقة جبلية أو قريبة من العمران ووسائل الحماية والدفاع حتى يسهل الدفاع عنها عندما يغير عليها العدو ، واستشهد بتسمية الإسكندرية بالثغر مع أنها ليست في آخر بلاد المسلمين ، وذلك لسهولة إحتلالها والهجوم عليها على عكس الموانئ الإسلامية البعيدة الحصينة مثل سبته وبجاية .
الفصل السادس
المساجد والبيوت العظيمة في العالم
طبقا لما جاء في الأحاديث جعل إبن خلدون مكة والمدينة وبيت المقدس أفضل بقاع الأرض وتحدث عنها بالتفصيل .
عن مكة والبيت الحرام
أشار إبن خلدون إلى تاريخ البيت الحرام منذ آدم إلى إبراهيم وإسماعيل ، ثم "جُرْهُم " إلى أن صار لقريش ، ثم إعادة بناء البيت قبيل البعثة حين احترق ، ثم بناء عبدالله بن الزبير للبيت بعد أن أصابته النار في حصار الأمويين الأول له ، ثم أعاد الحجاج بناء البيت ليكون على الأساس الذي بنتهقريش من قبل .
وعن ساحة البيت أي الحرم ، فقد كانت فضاء إلى عهدعمر الذي اشترى الدور المحيطة وهدمها وأحاطها بسور ، ثم زيدت مساحة الحرم باضافات في عهد عثمان ثم إبن الزبير ثم الوليد بن عبدالملك ثم المنصورالعباسي وإبنه المهدي واستقرت الزيادة على ذلك إلى عهد إبن خلدون .
وتحدثإبن خلدون عن شرف البيت الحرام، وجعل من تشريفه منع كل من خالف الإسلام من دخول الحرم ، وأوجب على من يدخله أن يرتدي ملابس الإحرام ، ومن دخله كان آمنا من الناس والطيور والوحوش والشجر .
وذكر إبن خلدون نقلا عن تاريخ مكة أنه كان يوجد كنز من الدنانير بالكعبة من النذور ، وقد رفضالنبي والخلفاء أخذه , إلى أن جاء الأفطس وهو الحسن بن الحسن حفيد على زين العابدين وثار سنة 199 في مكة فسلب ما في الكعبة من خزائن .
أما بيت المقدس
فيقول عنه إبن خلدون أنه المسجد الأقصى
وذكر أن بدايته أيام الصابئة كان " موضع الزهرة " أي كان معبدا لها حيث كان الصابئة يعبدون النجوم والكواكب ، ثم إتخذه بنو إسرائيل قبلة لصلاتهم .
وقال أن بني إسرائيل في عهد موسى وهم في فترة التيه نصبوا قبلة يصلون إليها ويقدمون لها المذابح ، ثم لما ملكوا الشام وضعوا تلك القبة على الصخرة ببيت المقدس . ثم بنى سليمان مسجدا على الصخرة بعد أربع سنين من ملكه أو خمسمائة سنة من وفاةموسى وجعل فيه تابوت العهد والقبة والأوعية والمذبح . ثم قامبختنصر بتخريبه بعد ثمانمائة سنة من بنائه ، وبعد الأسر البابلي عاد بنو إسرائيل إلى فلسطين فأعادعزير بني إسرائيل بناء بيت المقدس بمعونة" بهمن " ملك الفرس ، ثم حكم اليونان والفرس والروم المنطقة ويهودها . وأعادوا بناء بيت المقدس على الأصل الأول الذي بناهسليمان وذلك بقيادة هيرودس وأكمل بناءه في ست سنين .
ثم استولىتيتوس ( طيطش) الروماني على فلسطين وخرب بيت المقدس وزرع مكانه ، ثم دخل الرومان في المسيحية ، وتنصرتهيلانه أم الأمبراطورقسطنطين وذهبت إلى القدس تطلب الصليب الذي زعموا أن المسيح صلب عليه فأخبروها أن المسيح ألقاه على الأرض والقيت عليه القمامة ، فاستخرجته وبنت مكانه كنيسة القيامة ، وألقت بالقمامة على الصخرة عقابا لليهود حتى خفي مكانها .وفي الفتوحات الإسلامية جاءعمر لفتح بيت المقدس ،وسأل عن الصخرة فأروها له وقد علاها الثرى والقمامة فبني عليها مسجدا بدويا بسيطا .ثم أقام الوليد بن عبدالملك المسجد الأقصى على سنن الإسلام كما فعل في المسجد الحرام والمسجد النبوي ومسجد دمشق ، وبعد قرون إحتل الصليبيون بيت المقدس وبنوا الكنيسة مكان المسجد على الصخرة ، واسترد صلاح الدين بيت المقدس فهدم الكنيسة وأظهر الصخرة وبني المسجد الذي ظل قائما إلى عهد إبن خلدون .
وأما المدينة
( يثرب) بناها يثرب بن مهلائل من العمالقة ، ثم ملكها بنو إسرائيل ضمن ما ملكوه من الحجاز ، ثم أخذها بنو قيله من غسان . ثم هاجر إليها النبي وأصبح أهلها الأنصار ، ومات فيها النبي ، وذكر إبن خلدون حديثا يقول : المدينة خير من مكة ، ويقرر إبن خلدون أن المدينة تلي المسجد الحرام .
وبعد تلك المساجد العظيمة في مكة وبيت المقدس والمدينة ذكر إبن خلدون بيوتا أخرى كان يعظمها أصحابها إلا أنه شكك فيها وفي مشروعيتها مثل مسجدآدم في سرنديب (سيلان) وبيوت النار للفرس وهياكل اليونان وبيوت العرب بالحجاز التي هدمها النبي .
الفصل السابع
المدن والأمصار بأفريقيا والمغرب قليلة
عاش البربر آلاف السنين قبل الإسلام ، وهم بدو لم يستكملوا أسباب الحضارة ، والدول التي ملكتهم لم يطل ملكهم فيهم ، ولبداوتهم كانوا أبعد عن ممارسة الصناعة ، وهم أهل عصبيات وأنساب يحرصون عليها ، وحفظ الأنساب جعلهم يحافظون على بداوتهم ويبتعدون عن سكنى المدن .
لذلك كان أكثر عمران شمال أفريقيا والمغرب في الخيام ، بينما استقر الآخرون في مصر والشام والعراق والأندلس في مدن ، حيث لايهتم أهلها بالنسب والعصبية القبلية .
الفصل الثامن
المباني والمصانع في الملة الإسلامية
قليلة بالنسبة إلى قدرتها ، وإلى من كان قبلها من الدول
والعرب أيضا أعرق في البداوة وأبعد عن الصناعة وحين سادوا الأمم العريقة في الحضارة اكتفوا بما فيها من المباني والمصانع ولم يتح لهم الوقت الكافي لاستنباط الوسائل الحضارية ، كما أن الدين كان مانعا في بداية الأمر من الترف والإسراف وألزم بالبساطة والتقشف في البناء ، كما حدث في بناء الكوفة .
فلما دخل العرب في دور الترف إستعانوا بالفرس وغير العرب فأقاموا لهم العمائر والمصانع وكان ذلك مؤذنا بانقراض دولتهم .
والأمم الأخرى من الفرس والفراعنة ، والروم والعرب البائدة طالت عصورهم فترسخت فيهم الصنائع والعمائر.
الفصل التاسع
المباني التي كانت تختطها العرب
يسرع إليها الخراب إلا في القليل
لأنهم بسبب بساطتهم وبداوتهم كانوا يفضلون المباني البسيطة الهزيلة ولا يحسنون اختيار أماكن المدن من حيث الموقع والمناخ والقرب من المزارع والمياه . إذ كان اهتمامهم الأساسي مراعاة إبلهم ، وحدث ذلك في بناء الكوفة والبصرة حيث جعلوهما على حافة الصحراء بعيدا عن المرافق والعمران . ولذلك أتي عليهما الخراب حين انحل أمرهم وذهبت قوتهم .
الفصل العاشر
مبادئ الخراب في الأمصار
المدن في بدايتها تكون قليلة المساكن بسيطة في مواد البناء كالحجر والجير فقيرة في مواد التأنق كالرخام والزجاج والفسيسفاء.
فإذا عظم عمران المدينة تكاثرت آلات العمارة وأدواتها وموادها وخبراؤها ، فإذا تراجع العمران قلت الصنائع والآلات والأدوات ، وقل جلب مواد البناء الغالية كالرخام والفسيفساء ، ويستعيضون عنها بنقلها من القصور الفارغة ، ويستمرون في ذلك إلى أن ترجع المدينة إلى بساطتها وفقرها لتصبح قرية أو مدينة بدوية ، كما كانت من قبل .
الفصل الحادي عشر
تفاضل المدن والأمصار في كثرة الرزق والأسواق
في تفاضل عمرانها في الكثرة والقلة
وفرة الإنتاج تعني التصدير والترف والتأنق
لايستطيع الفرد وحده أن يستقل بتحصيل حاجاته من طعام ومعاش ولباس فلابد من أن يتعاون مع الآخرين . وحين يتعاون الجميع في تحصيل وإعداد القوت فإنه يفيض عن حاجاتهم، وينصرف الزائد في الكماليات والترف وتصديره إلى الآخرين ويصبحون بذلك أكثر ثراءا وغنى.
والمكسب هو قيمة العمل ، فإذا كثر العمل كثر المكسب ، وإذا كثر المكسب والمال الفائض إحتاج أصحابه إلى التأنق في المسكن والملبس ووسائل المعيشة والترف والسرف .
التأنق يعني إزدهار الصناعات والحرف
وهذا التأنق يحتاج إلى عمال مهرة وصناعات خاصة ، لذلك تتكاثر أسواق العمال المهرة ويزداد العمران وتزداد مكاسب أهل الحرف ، وتزداد خبارتهم وابتكاراتهم مع الدخول في عصر الترف والسرف ، إذ أنه كلما كان العمران أكثر كان الترف فيه أكثر ، والعكس صحيح ، وينعكس هذا على أحوال الناس ووظائفهم ، فالقاضي في المدينة العامرة يكون أغنى من زميله في المدينة الخاملة وهكذا الشرطي والسوقي والأمير . ثم يزداد البؤس حين تصل إلى المجتمعات الصحراوية البسيطة ، وأعطىإبن خلدون أمثلة لذلك في المقارنة بين مدن شمال أفريقيا والمغرب ، إلى أن يقول أن الشحاذ في فاس أحسن حالا من زميله في تلمسان أو وهران ، وقد شاهد بنفسه الشحاذين في فاس يطلبون من النساء ثمن الضحية ويطلبون أشياء مترفة ويقترحون على المحسنين أفخر الطعام ، ويقول " ويبلغنا لهذا العهد عن أحوال القاهرة ومصر من الترف والغنى في عوائدهم ما يقضي منه العجب حتي أن كثيرا من الفقراء بالمغرب ينزعون إلى النقلة إلى مصر لذلك " ويرىإبن خلدون أن ذلك ليس لكرم المصريين ولكن بسبب الثراء وكثرة العمران ، ويستشهد على ذلك ببيوت الأغنياء كثيرة الخير حيث تزدحم عليها الحشرات والحيوانات والطيور طلبا للرزق ، بعكس بيوت الفقراء التي تنفر منها القطط والكلاب والفئران والطيور .
الفصل الثاني عشر
أسعار المدن
تشتمل الأسواق على الضروري من الأقوات وعلى الكماليات منها ، بالإضافة إلى الكماليات في الملابس والأدوات ومواد البناء والصنائع .
العلاقة بين العمران والأسعار للسلع الضرورية والكمالية
وإذا زاد العمران رخصت أسعار السلع الضرورية وغلي سعر الكماليات ، وإذا نقص العمران كان الأمر بالعكس ، لأن الحبوب من الضروريات التي يحرص عليها الجميع فيكثر عليها الطلب داخل البلد وخارجه ، وكل منهم يحرص على شراء المزيد مما يجعله يفيض عن حاجته ، وهذه الزيادة تسد احتياج الآخرين ، وبزيادة الأقوات ترخص أسعارها في الغالب إلا إذا أصابتها الآفات " ولولا احتكار الناس لها لما يتوقع من تلك الافات لبذلت دون ثمن ".
وأما الكماليات فلا يطلبها الجميع ولا يعمل فيها الجميع . ولكن إذا كان المجتمع موفور العمران والترف أصبحت الكماليات مطلوبة فلا يكفي المعروض منها حاجة الطالبين ، فتزداد الرغبة فيها ويعلو ثمنها ويغلو .
العلاقة بين العمران وازدهار الصنائع والحرف
أما الصنائع والأعمال الحرفية فإن أجورها وأثمانها ترتفع مع زيادة العمران لكثرة الرغبة في الترف وكثرة المترفين ورغبتهم في استئجار واستخدام العمال المهرة, واعتزاز العمال المهرة بأنفسهم وبمهارتهم وعدم اضطرارهم للعمل نظرا لسهولة العيش ، وتنافس المترفين في استخدام العمال المهرة والأكثر مهارة من غيرهم في نفس التخصص .
أما في المجتمعات قليلة السكان فالأقوات قليلة لقلة العمل وقلة الإنتاج، ويحاول كل منهم احتكار ما تصل إليه يداه من الضروريات فيعلو سعرها ، أما المرافق والكماليات فلا تكون الحاجة ماسة إليها فيرخص سعرها .
وتزيد أسعار المدن عن البادية بسبب الضرائب العالية واستخدام الأسمدة وارتفاع تكلفة الإصلاح ، ولذلك ارتفعت الأسعار في الأندلس عنها في المغرب .
الفصل الثالث عشر
في قصور أهل البادية عن سكني المصر الكثير العمران
لأن المصر أو المدينة العامرة يكثر فيها الترف وتتعدد حاجات أهلها من الكماليات التي لا تلبث أن تتحول إلى ضروريات ، وتصبح أجور الحرف والمرافق غالية خصوصا مع التكالب عليها والضرائب المفروضة عليها وعلى الأسواق . وبذلك ترتفع الأسعار على قدر نسبة العمران ، ويحتاج رب الأسرة إلى دخل كبير ليغطي مصاريفه .
والبدوي الفقير لا يستطيع أن يعيش في تلك المدينة العامرة خصوصا مع بساطته وعدم اهتمامه بالترف ، وإذا لم يكن ميسورا قادرا على الكسب في المدينة فإن بقاءه فيها لا يطول.
الفصل الرابع عشر
الأقطار في اختلاف أحوالها بالرفاهية والفقر مثل الأمصار ( المدن)
إذا تكاثر العمران في أحد الأقطار بالسكان إزدهرت الأحوال والأموال ، بسبب كثرة العمل وتزايد الإنتاج مما ينتج عنه فائض على قدر زيادة العمران والعمل ، والأرباح والفوائض يستغلها الناس في أسباب الرفاهية ، وتكثر موارد الدولة من الضرائب وتتكاثر الأسواق ، وتقام العمائر والمدن الجديدة .
ويعطي إبن خلدون أمثلة على ذلك بازدهار أقطار المشرق مثل مصر والشام والعراق وبلاد العجم والهند والصين ، وأوربا ، حيث كثر العمران وكثرت الأموال فكثرت المدن ، وقال أنه لمس الثراء الذي يبدو عليه تجار أوربا، كما أنه سمع بالرفاهية التي يعيش فيها المسلمون في الشرق " فإنه يبلغنا عنهم في باب الغنى والترف غرائب تسير الركبان بحديثها ".
ويرفضإبن خلدون تعليل الثراء في المشرق بوجود الذهب والفضة هناك ، وقرر أن الذهب الذي في المشرق يجلبونه من بلاد السودان ، كما رفض أيضا التفسير الفلكي وحده ، وأكد أنه إلى جانب المطابقة بين الأحكام النجومية والأحوال الأرضية فإن هناك سببا آخر هو كثرة العمران في بلاد المشرق وما ينتج عن العمران من كثرة العمل والإنتاج . واستشهد على ذلك بخراب برقة وشمال أفريقيا حين تناقص عمرانها بعد أن كانت مزدهرة في عهد الفاطميين ، وكذلك المغرب في حكم الموحدين ، ثم تناقص ذلك كله وحل الخراب محل العمار فيما بين برقة والمغرب .
تاريخ الانضمام | : | 2006-07-05 |
مقالات منشورة | : | 5111 |
اجمالي القراءات | : | 56,688,102 |
تعليقات له | : | 5,445 |
تعليقات عليه | : | 14,818 |
بلد الميلاد | : | Egypt |
بلد الاقامة | : | United State |
دعوة للتبرع
We Take Pride in Bei: We Take Pride in Being an American Citizen P ublished in April 18,...
المرض والشفاء : هل يوجد ما يسمي بمرض وراثي ’ وكيف ؟ومن خلال...
ماذا عن جدتى ؟ : جدتى كانت تصلى باللي ل والنه ار وكانت تقدم...
ليس صحيحا .!!: هل صحيح أن القرآ ن يذكر أن الرجل الذي لم ينجب...
هل زواجى باطل ؟: السلا م وعليك م ورحمة الله وبركا ته، لدي...
more