كتاب ( المعارضة الوهابية فى الدولة السعودية فى القرن العشرين )

القسم الثالث المعارضة الوهابية التى أنجبت أسامة بن لادن 

 الفصل الثالث : الامر بالمعروف والنهي عن المنكر اطارا شرعيا لانتقادات اللجنة ضد الدولة  

اللجنة تستنكر السياسة الداخلية في المملكة: اللجنة واستنكار التدهور الأمنى  

مقدمة :

فلسفة الاستبداد تتأسس على تعذيب المعارضين وحتى الساكتين لفرض هيبة (الحكم ) أو ( هيبة الدولة ) . والدولة والحكم هما وصف للمستبد ( العربى الشرقى ) الذى يعتقد أنه يملك الأرض ومن عليها . هذا بينما تجد العكس فى الديمقراطيات الغربية حيث تكون الأمة هى مصدر السلطات ، وليس هناك حاكم فرد أو عائلة أو مؤسسة ، بل إدارات ( تخدم ) الشعب ، ينتخبها الشعب ويُسقطها الشعب ويحاسبها إذا أخطأت . ومن هنا تجد رئيس ( الإدارة الأمريكية ) أو ( الرئيس الأمريكي ) ليس حاكما للشعب الأمريكى بل رئيسا للإدارة

التنفيذية التى تخدم الشعب الأمريكى ، وتجد لقب العاملين فى تلك المؤسسات الادارية هو ( خدم الجمهور ) : (    Public Service) وتجد الثقافة السائدة أن الفرد الأمريكى أنه هو الذى يدفع مرتبات هؤلاء ( الخدم) أو ال ( Public Service  ) من الضرائب التى يدفعها . ولذلك فإن ( المسئول ( الخادم ) لا يمكن أن يكون ( فظّا غليظ القلب ) حتى لا ينفضّ الناس من حوله فيفقد وظيفته .( آل عمران 159 ) وحتى وهو فى منصبه قد تراه يأكل الطعام ويمشى فى الأسواق ( الفرقان 7 ) . وهذه التعبيرات المستوحاة من القرآن الكريم توضّح بأن ديمقراطية الغرب ( الكافر ) هو الأقرب الى الاسلام .

وتتفق اللجنة مع الدول الوهابية فى تكفير الغرب وديمقراطيته التى تخالف شرعها السلفى المنتمى للقرون الوسطى . وبناءا على تأسّس  عقائد الاستبداد لدى تلك الأنظمة فإن الأمن هو للمستبد فقط ،وليس للناس ، وأن الخدمات هى له وللملأ التابع له فقط ، وإذا تفضل و( منح ) بعض هذا وذاك فهى (إكرامية وتفضّل ) من ( ولى النّعم ) الذى يملك الأرض ومن عليها ، ومفروض على رعيته المملوكة له أن تسبّح بحمده قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ومن آناء الليل وأطراف النهار لعله يرضى . هذه هى ثقافة الحكم الاستبدادى للأسرة السعودية ، وهى نفس الثقافة فى إعتقاد اللجنة ، واللجنة تناضل حتى تستحوذ من الأسرة السعودية على ( كل كعكعة الثروة والسلطة ) وتستعيد الخلافة العباسية او حتى العثمانية القرون أوسطية . ولذا نراها تتعرض لاستنكار التعذيب وتدهور الخدمات ومصادرة الحقوق المالية دون تأصيل لأسس هذه الظلم فى فلسفة الاستبداد ، لأنها تؤمن بحق المستبد . تكتفى بتعداد المظاهر والملامح  دون تأصيل . وهم ( أصوليون ) ويعيشون فى الغرب وينعمون بديمقراطيته وتسامحه وحرياته ثم ينكرونها ، وأكثرهم لا يعقلون .!!

ونعرض لمظاهر التدهور الذى عرضت لها اللجنة فى معرض إنكارها على الأسرة أو الدولة السعودية

 التدهور الامني :

1 ــ في المنشور رقم  7 في 7/9/1994 تقول اللجنة انه وصلتها خطابات بتدهور الوضع الامني من سرقة واغتصاب وخطف بنات وصبيان وقتل جماعي في احدي قري رفحا ،وتزايدت سرقة السيارات في الرياض لتصل الي عشر سيارات يوميا ،وعللت اللجنة هذا التدهور الامني بأسباب سطحية مثل انتشار الفقر وحماية الحكومة للفساد الخلقي وانشغالها بالامن السياسي علي حساب الامن العام . وحثت اللجنة الجمهور علي تعلم وسائل الدفاع عن النفس .

وفي العدد 11 في 1/4/1995 وتحت عنوان المزيد من التدهور في الحالة الامنية ذكرت انه في اسبوع واحد في القصيم تم السطو علي عشرات البيوت مع حالات قتل وخطف واغتصاب .

وفي العدد 19 تحت عنوان (فضائح الوضع الامني تظهر علي السطح ) إعتراف الدولة بما وقع من اقتحام لمنزل الراجحي وتعرض استاذ جامعي للسرقة والضرب في وضح النهار.

وفي العدد 20 حديث عن كثرة السرقات في قاعدة الظهران الجوية.

وفي العدد 21 تحت عنوان مزيد من الانضباط الامني تتحدث اللجنة عن حالات قتل وتفشي المخدرات و تجارة السلاح واتهام الامن بالضلوع في الجرائم.

وفي العدد 26 تحت عنوان ( مزيد من التدهور الامني ) حديث عن محاولة اختطاف فتاة في المدينة المنورة نهارا واختطاف نساء في المدينة وجدة .

ثم حالات خطف اخري في بريدة في العدد 28 .

اما العدد 29 فيذكر انه يحدث في جدة جريمة قتل كل خمسة دقائق من السرقة والخطف والقتل والاغتصاب. وفي العدد 30 عنوان ساخر يقول ( الاحساء نموذج للامن والامان ) ،ويتحدث عن تحول الواحة الآمنة الي ( لوس انجلوس ) .!! . ويعدد مظاهر الجريمة فيها وتورط الشرطة في الجرائم.

وفي العدد 32 في 2/5/1995 عنوان خطير يقول   ( الحرم الامن لم يعد آمنا ) ،ويتحدث عن ارتفاع نسبة الجرائم في مكة والمدينة ، وتشمل القتل الجماعي .

وفي العدد 35 في 1/5/1995 تقول اللجنة : ( وداعا للامن والامان ) وتوضح ان  آل سعود لم يعودوا يفخرون بتحقيق الامن كما كان لانشغالهم بأمن الحاكم وحده ، و قيام كل امير بحماية اتباعه ، ،وتوضح اللجنة ان السرقة وصلت الي المساجد وكابلات الكهرباء وسرقة خزينة وزارة الداخلية .

وفي العدد 36 في 2/1/1995 وتحت عنوان ( ليلة آمنة في الرياض ) تذكر اللجنة احصائية للجرائم في ليلة واحدة هي 31 سرقة سيارات 3 حوادث طعن 6 اطلاق نار 5 سرقة .

وفي العدد 41 عنوان يقول (حالة الامن :شر البلية ما يضحك )حيث تم في شهر رمضان سرقة 1200 سيارة في جدة ومكة ،وسرقة كابينة تليفون بأكملها ،وسرقة سيارة نقل بما فيها من مواد غذائية .

وفي العدد 42 في 5/4/95 محاولة اختطاف في اتوبيس يقل مجموعة من المدرسات علي طريق الطائف بني مالك .

وعلي نفس النسق ،نقرأ في تقارير اللجنة ،سرقة الاستراحات ،وسطو مسلح في مكة والطائف وفي الخبر ،وخطف الفتيات واحتجازهن في القصيم بحيث اصبحت ظاهرة ،وتؤكد اللجنة علي مسئولية الدولة حيث انشغلت بالامن السياسي وتتبع الاصوليين ،بالاضافة الي اتهام بعض الامراء بتكوين عصابات للمخدرات والسلاح والدعارة في ظل حماية النظام لهم ،مع تورط بعض المتنفذين ورجال الامن في تلك الجرائم [60].

2 ــ وهذا التدهور الامني مهما بلغ فلا يعد شيئا بالنسبة لما اعتادته الجزيرة العربية قبل ان يوحدها عبد العزيز آل سعود ،حيث عاش البدو علي السلب والنهب والخطف والاغتصاب علي انه اسلوب حياة وليس جريمة او عارا .وانتهي ذلك في عهد عبد العزيز ولكن اللجنة لم تنصف عبد العزيز ، وعادت الأمور الى ( بعض ) ما كانت عليه ، إذا صدقنا كل ما تذكره اللجنة ..

3 ــ ولو كانت اللجنة علمانية لتساءلت ساخرة عن ( تطبيق الشريعة السلفية ) التى إذا سرق فيها الشريف تركوه وإذا سرق فيها الضعيف أقاموا عليه الحدّ .!وربما تساءلت عن وظيفة هيأة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ، التى تنشغل بالتدخل فى حريات الأفراد الدينية التى سيحاسبهم عليها رب العزة جل وعلا وحده يوم القيامة ، وتتركهم أحرارا فى إغتصاب حقوق البشر التى توجب الشريعة الاسلامية الحقيقية حفظها ( حق الحياة ، والثروة والعرض والأمن ).