آحمد صبحي منصور Ýí 2012-10-17
كتاب ( المجتمع المصرى فى ظل تطبيق الشريعة السنية فى عصر السلطان قايتباى):دراسة فى كتاب ( إنباء الهصر بأبناء العصر ) للمؤرخ القاضى ابن الصيرفى .
الباب الثانى : أحوال الشارع المصري في ظل تطبيق الشريعة السّنية فى عصر السلطان قايتباى:
الفصل الحادى عشر: نشرة أخبار مشايخالشرع السّنى فى عصر قايتباى
كان ينبغى أن تكون أخبار المشايخ تالية لأخبار السلطان والمماليك حيث أنهم يتلونهم في الترتيب الاجتماعي، وكنا نود هذا، ولكن أخبار المشايخ التى رواها لنا أحدهم وهو الشيخ ابن الصيرفي تندرج في قائمة الانحرافات والجرائم، وتعرضوا بسببها إلى نقمة السلطان وأحياناً إلى عقوباته، لذا فإن المنهج العلمي يحتّم أن نضع أخبارهم بعد أخبار الجرائم التى عاشها الشارع المصري في عصر قايتباى. وأخبار المشايخ تنقسم إلى انحرافات وصراعات.
انحرافات المشايخ وما ترتب عليها:
1 ــ وقد عرضنا لبعض هذه الانحرافات في معرض الأسباب والحوادث التى أدت إلى كراهية السلطان قايتباى للقضاة ومنعهم من القيام بوظيفتهم، حتى لقد أصابته نوبة من العدالة أسفرت عن قيامه بعقاب أعوانه من الظلمة. ومر بنا في أخبار الجرائم أن الشيخ زين الدين بن عبد الرحمن بن تقي الدين تعرض للضرب بالمقارع يوم الثلاثاء 21 شعبان 875 لأنه سافر للشام ومعه أوامر سلطانية مزورة بالعزل والتعيين وأنه سبق أن سرق سرجاً مفضضاً ولم يستردوه منه إلا بعد أن دفعوا له الأموال. وبعض الانحرافات لم يتعرض أصحابها للعقوبة، فقد كانوا في منصب الصدارة مثل قاضى القضاة الحنفي في عام 885، يقول المؤرخ القاضى الحنفي ابن الصيرفي في أخبار ذى الحجة 885 : ( شاع أن قاضى القضاة الحنفي أنه يقبل الهدايا من الأكابر كابن مزهر كاتب السر وابن الجيعان، وأنه أرسلوا له المأكل والمشارب لما حضر إلى الشام فقبلها وأكلها ولم يرد منها شيئاً، وزاد على ذلك أن الخواجا شمس الدين بن الزّمن أرسل له جاريتين فقبلهما وعمّر له المكان الذى هو ساكن فيه في الصالحية من ماله وبيضّه .. وحضر صحبته من دمشق جماعة مكلوبون على الدنيا ، فقرّر بعضهم في وظائف من مات وله ولد رجل بلحية صالح للوظائف ، بل كان يباشرهم وأبوه حىّ ، وجعل بعضهم في توقيع بابه، وولّى جماعة كان عزلهم الأمشاطي (القاضى السابق للأحناف) أحدهم عمر المناوى الذى نُسب إلى الزور مراراً في أيام قاضى القضاة محب الدين بن الشحنة، وضُرب وسُجن وله أقدام وجرأة على الأمور الفاسدة، والأخر الشريف المقسى فإنه عزله بسبب ما ثبت عنده من أخذ الفلوس الكثيرة والتزوير، واستمر هو مدة ولايته معزولاَ.).
2 ــ والقاضى المرتشى يختار معاونيه ووكلاءه والذين يقفون ببابه من أرادأ الناس ، وكان من أولئك شرف الدين الفيومى، وقد ضربه الأمير بردبك البجمقدار حين كان حاجب الحجاب وجرّسه على حمار مقلوب طاف به في البلد. وضربه الأتابك أزبك مرتين، ثم ضربه قونصوه الحاج ووضع الجنزير والحديد في رقبته، ثم كتبت عليه قسامة ــ أى تعهد ــ ألا يركب بغله ولا فرساً ولا يعمل وكيلاً ولا يتكلم بين اثنين ، فأصبح أشد ما يكون فقراً وخمولاً ، إلى أن تولى عبد الرحمن بن الكويز نظارة الخاص فتقرب منه شرف الدين الفيومي هذا ، وتحسنت أحواله في عهده. يقول ابن الصيرفي عن ذلك الرجل في تلك المرحلة من حياته: ( فلما باشر عبد الرحمن بن الكويز نظارة الخاص في أيام الأشرف اينال تقرب منه بالظلم والكذب والفجور والبهتان والجرأة الزائدة وصار كأنه لم يحصل عليه شيء مما ذكر، غير أن صار يركب حماراً وهو أجهل منه، لا يعرف مسألة كاملة من مسائل العلم ، بل ولا قرأ ولا فهم ولا وعى، وإنما كان في خدمة القاضى صلاح الدين المكينى على باب قاضى القضاة علم الدين صالح البلقينى، يخدمه ويرشيه في كل قضية تكون بالباب ، ويأخذ مثله ، وصار هو عنده يدخل عليه في الخلوات والجلوات. ) وأسهب ابن الصيرفي في وصف انحرافات ذلك الرجل ، وحاول في نفس الوقت أن يظهر غضب ابن مزهر عليه ليبرئ ابن مزهر وغيره من الانغماس في إنحرافه.
3 ــ وذلك الرجل شرف الدين الفيومى نموذج للمشايخ الذين كانوا لا يأبهون بالكرامة ولا بأى عقوبة تقع عليهم من المماليك حتى لو كانت التجريس والفضيحة العامة ، كل ذلك يهون في سبيل ارضاء شهواتهم من حطام الدنيا، فكانوا يسعون للمناصب ويعودون اليها دون أن تتغير سلوكياتهم إلا للأسوأ. فكانوا أبطال أخبار الفضائح التى يتداولها الشارع المصري، ودخلوا في صفحات التاريخ التى تتسع عادة لأمثال أولئك الناس وتنسى صناع الحضارة الحقيقيين من الفلاحين والحرفيين الذين يعملون في صمت وفي شرف ولا يحصلون إلا على ما يسد الرمق.
عقوبات تعرض لها الأشياخ:
ونعرض لبعض العقوبات التى تعرض لها بعض المشايخ.
1 ــ في يوم السبت 5 ربيع الثاني 876 أحضروا القضاة المالكي ابن حريز للسلطان لأن أقاربه اشتكوه للسلطان، وحقق قايتباى معه ثم أمر باعتقاله في القلعة، واستمر معتقلاً حتى يوفّي ما عليه للناس، وفي يوم السبت 12 ربيع الثاني أطلقوه إلى منزله بعد أن أقام بالمعتقل ثمانية أيام.
وفي يوم الخميس 24 ربيع الثاني 876 عزل السلطان القاضى الأرميونى، ولكمه ثلاث لكمات فسقط القاضى مغشياً عليه، وذلك بسبب قضية حكم فيها ذلك القاضى وكان فيها ظالماً.وشارك الداودار الكبير يشبك بن مهدى في عقاب هذا الشيخ.
وفي يوم السبت 9 جمادى الأولى 875 ضرب الداودار الكبير الوكيل لمحكمة القاضى الشنسي الحنفي وأشهره بالبلد، يقول ابن الصيرفي عن السبب ( لأنه صال وجال في الأحكام )، وبعد أن ضربه قال له: ( أنا منعتك من الكلام بين الناس وأن لا تعمل وكيلاً ولا رسولاً )، ويقول ابن الصيرفي : ( وكان قبل هذا ضربه لكن عفا عنه. وانتهى أمره بأن تدخل الأمير برقوق حتى عاد لمنصبه.). وفى دولة فاسدة تجد فيها من يتوسّط ويتشفّع للمجرمين المفسدين ليعودا الى مناصبهم وليواصلوا جرائمهم .ولكن الغريب هنا أن المماليك الأشدّ ظلما وقسوة كانوا هم الذين يحاولون إصلاح شيوخ الشرع ، ويستعملون معهم إسلوب العنف بلا فائدة . فالأساس هنا هو ظلم تقوم أعمدته على شريعة فاسدة ، يمثّلها أولئك الشيوخ أنفسهم.
وفي يوم 21 جمادى الثاني 875 طلب الداودار الكبير القاضى تاج الدين الأخميمي وحقق معه في طريقه مباشرته للقضاء، وقد أنكر القاضى ثم اعترف بالخطأ فأمر الداودار الكبير باعتقاله ثم توسط الشيخ علاء الدين الحصيني حتى عفا عنه الداودار الكبير. وتكرر ذلك في رمضان 875 إذ طلب الداودار الكبير الشريف المالكي القاضى وجماعته بسويقة السباعيين بسبب وقف فارس البكتمرى، وقد اتهم الداودار ذلك القاضى وجماعته بالتزوير، وقد شفع فيهم برهان الدين الكركي بعد أن حكم الداودار بنفيهم، وأطلق القاضى والشهود بعد جهد جهيد ، ولكن بعد أن أشهد على القاضى وشهوده بقسامة أى بتعهد ألا يشهد الشهود ولا يقضى القاضى.
وفي يوم السبت 10 شوال 875 كانت قضية القضاة ابن جنيبات، قاضى الإسكندرية معروضة أمام الداودار الكبير، وقد أمر الداودار الكبير بسجنه هو والقاضى جلال الدين البكري، ونقتطف عبارات ابن الصيرفي في تلك القضية: ( أن شخصاً من أولاد التجار المبذرين ضيّع ما كان يملكه، يعرف بابن النصري ، مات أبوه بالبلاد اليمنية أو الهندية ، وخلف بهذه البلدة دوراً وأموالاً وديوناً له وعليه، وكان الولد غائباً بمكة ، فلما حضر ليأخذ تركة أبيه، وجد قاضى الإسكندرية المعروف بابن جنيبات أثبت على التركة مالاً جزيلاً لشخص وأرسل حكمه إلى القاهرة فنفّذه له الجلال البكرى الشافعي. وحضر التركة أمين الحكم إذ ذاك تاج الدين الأخميمي الشافعي . وكان قاضى القضاة محب الدين بن الشحنة الحنفي عليه للمتوفى نحواً من ثلاثة آلاف دينار، وعلى المتوفي دين لشخص أكثر من ذلك ، فدفعه له بحضور الجلال البكرى وحكم له وعليه بذلك . وانفصل الحال وأخذه بيده مستنداً . فلمّا حضر الوارث طلب تركة موروثه وشكى حاله لعظيم الدنيا الداودار الكبير، ووقف له مرات، وذكر له أن القاضى ابن جنيبات قاضى الإسكندرية والقاضى جلال الدين البكري أثبت عليه ما ليس له حقيقة، وأن المحب الشحنة عليه لمورثه ثلاثة آلاف دينار وأن القاضيين المذكورين صنعوا له صورة وضيعوا ماله.).
وفي أول رجب 875 ضرب الداودار الكبير قاضى مدينة (صفد) الحنفي بسبب ما ثبت عليه من الظلم .
وأمر الداودار الثاني تنبك قرا باعتقال قاضى القضاة الشافعي نفسه، وهو كبير القضاة، بسبب قضية وقف، وقد حدث ذلك في شهر جمادى الآخر 875، وقد اشتكى مستحقو وقف المدرسة الجاولية أن قاضى القضاة الشافعي صلاح الدين المكينى "استبدل من الوقف رزقا" فاستدعاه وأغلظ عليه في القول،وقال له:( قُم في الترسيم ( الاعتقال )حتى ترد الرزق)، فقال له القاضى:( قاضى الشافعية يفعل به كذا؟ ) فردّ عليه الأمير المملوكى:(لا رحم الله الذى ولاك قاضى.!)،ويقول ابن الصيرفي معلقاً:( فلا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم، ومع ذلك أطلقه إلى حال سبيله.).
6 ــ والأمير آخور جانبك الفقيه ضرب ظُلما القاضى عز الدين البلقيني الشافعي المشهور بشفتر وذلك في شهر جمادى الآخر 875، يقول مؤرخنا "وفي هذه الأيام ضُرب صاحبنا القاضى عز الدين ابن بهاء الدين البلقيني الشافعي المشهور بشفتر من الأمير جانبك الفقيه.. الأمير آخور الكبير علقة على مقاعده) أى مؤخرته.. ياللفضيحة.!!. ويكمل ابن الصيرفي : ( وسببها أن باسمه تصوفاً في الظاهرية برقوق )" يعنى كان له معلوم ومرتب في خانقاه الظاهر برقوق ( والصوفية لهم مدة لم يصرفوا معلوماً، والمباشرون بالوقف يصرفون لمن يختارون من الصوفية ويمنعون من يختارون، فصعد عز الدين إلى القلعة وكلّم الأمير آخور الكبير بكلام مزعج فيه نوع إساءة به ما ذكرناه، ولم ينتطح فيها عنزان.). إنّ القاضى الشيخ عز الدين شفتر خيل إليه أنه يستطيع أن يرفع صوته مطالبا بحقّه الذى أكله شيوخ آخرون هم المباشرون للوقف فكانت النتيجة أن أكل علقة على مقاعده من الأمير جانبك الفقيه.!.وشعر مؤرخنا بالمرارة فكان تعليقه على هذه الحادثة يجمع بين الاستكانة والتذمر المكتوم فيقول: ( ولم ينتطح فيها عنزان، والقتل ما يهدي وأخر الأمر الرضى ، وكل مفعول مضى، وهذه الحادثة من أقبح ما يكون في حق الفقهاء ، فلا قوة إلا بالله، اللهم انتصر له.).!.ونسى إبن الصيرفى أن كرامة الشيوخ أضاعها الشيوخ أنفسهم ، لذا من كان له منهم حق ضائع فقد ضاع كما أضاعوا العدل ، وأضاعوا معه جاههم بحيث كان من حق أى أمير مملكى أن يضربهم ويهينهم.ـ وذكر ابن الصيرفي في نفس الصفحة أن هناك بعض المشايخ الذين أثاروا حمية الأمير المملوكي جانبك الفقيه حتى جعلوه يضرب عز الدين شفتر على مقاعده، وهو الشيخ البالسي الذى كان مباشر الخانقاه الظاهرية برقوق، يقول عنه ابن الصيرفي: ( كان هو الذى تعصب على عز الدين بن بهاء الدين شفتر البلقيني عند الأمير جانبك بن ططخ الفقيهة حتى ضُرب، وقد ظهر أن الشيخ البالسي كان يختلس أموال الخانقاه، مع شركاء له...وظهر في جهته للوقف ألف دينار)، وانتهى أمره بالسجن يقول عنه ابن الصيرفي" (وقاسى أضعاف ما فعل بابن البلقيني ، ولله الحمد، وكما تدين تدان ، والجزاء من جنس العمل.)
وشارك مماليك آخرون في ضرب المشايخ. فالأمير برقوق الذى كان كاشف للشرقية ثم نائباً للشام كان يعمل عنده القاضى هاني، وقد بلغه أن هانى ( مدّ يده وبلص (أى سرق) من الخولية والمشايخ نحو خمسمائة دينار، فطلبه، وسأله عن ذلك ،فأجاب بعنف فطلب غلامه ، فأنكر ، فضربه، فأقرّ، وأحضر المال في الحال . فعند ذلك ضرب هاني المذكور وبهدله ووضعه في الحديد وطب منه ثلاثة آلاف دينار، والأمر لله الواحد القهار. ) وقد حدث ذلك في أوائل شهر صفر 874.
وفي يوم الخميس 20 محرم 875 ضرب الأمير اينال الأشقر الشيخ زين الدين الأبوتيجي ( ضربه الأمير ضرباً مبرحاً نحواً من ثلاثمائة على مقاعده ، وسبب ذلك أن امرأة ادعت على ورثة الشيخ المناوي أن بيدها مكتوباً لها بأراضى أنبوبة(امبابه) وأن المناوي (وكان قاضياً للقضاة ) وضع يده عليها بغير طريق شرعي ، فسئل عن ذلك،( أى سئل الشيخ زين الدين الأبوتيجي،) كونه وصياً على أولاده القاصرين عن درجة البلوغ ، فأنكر أنه ليس بوصي. وفي نفس الوقت حاول أن يصالح المرأة ، ودفع لها عشرة دنانير لتسكت... فصالحها على عشرة دنانير وبخل على النقباء والرؤوس بشيء من الحطام.) أى لم يقدم لهم رشوة، ( فبلّغوا الأمير اينال المذكور عن ذلك فطلبه، وقال له : "كيف أنكرت وصالحت"؟ )أى كيف ينكر حق المرأة ثم يتدخل ليصالحها ؟ . وانتهى الأمر بضربه ضرباً مبرحاً.
وفي أواخر شهر محرم 875 ( عوقب الشيخ عمر المناوى القاضى الحنفي الذى كان عزل وضرب وحبس وفعل فيها ما لا يوصف بسبب ما اشتهر عنه من الزور في مكتوب وقف واستمر معزولاً، فركب شيخناً الشيخ تقي الدين الحصنى بسببه إلى قاضى القضاة محب الدين بن الشحنة وسأل في إعادته فامتنع فألح ففوض أمره إليه فأعاده.). أى هو فساد منّه فيه ..
صراعات المشايخ فيما بينهم في عصر قايتباى:
1 ــ في أواخر شهر جمادي الثاني 876 عزل السلطان القاضى الشريف الوفائى الملقب بدموع من القضاء، يقول ابن الصيرفي : ( ولذلك أسباب ، منها : أن الشيخ شمس الدين الأمشاطى الحنفي له مدة يسعى في ذلك ووجد له فرصة، وقد تكلم الناس فيه وفي عبد البرّ قاطبة بما تمجّه النفوس مما يصدر منهما، وبلغ ذلك مولانا الأعظم نصره الله وأنه يتعاطي كذا وكذا، ومنها أن العلائى سيدى علي بن خاص بك أعزه الله ، أخبروه عن الشريف ، أنهم وجدوا غلمانه وشهوده عند زوجة شخص من غلمانه، وأخبروه أنه يجلس بين القصرين في محل الحكم وهو غائب الذهن ، وطلبه وهدده، فيمكن أنه أعلم السلطان به. ).
والأسباب التى ساقها ابن الصيرفي لعزل القاضى دموع تعكس الصراع بين المشايخ، فالقاضي دموع وثيق الصلة بعبد البر ابن أبى الشحنة ووالده محب الدين قاضى قضاة لحنفية، هذا بالإضافة إلى نواح أخري من الانحلال الخلقى يشمل تعاطي المكيفات والعلاقات بالنساء وابن الصيرفي يشير دون إعطاء تفصيلات، وهذه طريقته فيما يخص السلوك المنحرف لأعيان عصره، وأن الشيخ شمس الدين الأمشاطي قد وجد في انحراف القاضى دموع فرصة الكيد له عند السلطان خصوصاً في فترة غياب عبد البر ابن أبى الشحنة في الشام وهو الحليف الأكبر للقاضى دموع.
لقد كان الصراع بين المشايخ هو الوجه الآخر لسلوكياتهم التى طغت على أخبار عصر قايتباى . وكان الصراع على المناصب أبرز تلك الخصومات، وشهدنا طرفاً منها في تدخل الشيخ شمس الدين الأمشاطي لدي السلطان ليعزل القاضى دموع.
2 ــ وفي يوم الخميس 19 صفر 875 تشاجر الشيخ القاضى أبو بكر الأبشيهي مع القاضى شهاب الدين الصوفي بسبب وظيفة الخطابة في مدرسة المغلبية طاز. وانتهى الصراع بينهما بالوقوف أمام السلطان، وتدخلت أطراف في ذلك النزاع، يقول ابن الصيرفي: ( والمؤلّب على الأبشيهي- كما بلّغني الشيخ الإمام البرهان الكركي إمام المقام الشريف نصره الله .! ) أى كان الشيخ برهان الدين الكركي إمام مسجد القلعة والذى يصلى إماماً بالسلطان منضماً للشيخ شهاب الدين الصوفي ضد الشيخ أبى بكر الأبشيهي، وربما كان الشيخ برهان الدين الكركي هو الذى أوصل القضية إلى السلطان قايتباى. ولأن مؤرخنا ابن الصيرفي من محبي الشيخ برهان الدين الكركي كما يبدو من سطور تاريخه (- كما بلّغني الشيخ الإمام البرهان الكركي إمام المقام الشريف نصره الله .! )، ومن انحيازه التام للسلطان وكل من حوله، لذا نراه بين السطور ينحاز ضد القاضي ابى بكر الأبشيهي، يقول عنه: ( أظهر الأبشيهي خفّة ، وصار يقول عن نفسه أنه عالم وله مصنفات ومؤلفات، فأهين ولم يلتفت إليه. ) ولقد كان للأبشيهي مؤلفات فعلاً تشير الى علمه وإطلاعاته ومن أهمها "المستطرف في كل مذهب مستظرف" . ويبدو أن وصول القضية إلى القلعة والسلطان حيث انحاز الكركي أمام السلطان ضد الأبشيهي قد قلب الأمور ضده فقد أهانه من هناك ولم يلتفتوا إليه، ثم تدخل كاتب السر فأنقذه، يقول ابن الصيرفي : (ولولا إغاثة الله تعالى بملاحظة رئيس الدنيا ابن مزهر الأنصاري ما حصل عليه خير .!) إلا أن السلطان تأثر بالجانب الأخر وكتب لنقيب الجيش أن يأخذ تعهداً على أبى بكر الأبشيهي بألا يعمل قاضياً ولا شاهداً. وولّى الأبشيهي وجهه شطر الداودار الكبير وشكى له حاله : ( فعطف عليه وشفع فيه ورسم أن يكون على عادته ومن عارضه يكون خصماً لعظيم الدنيا الداودار الكبير.). يهمنا هنا أنّ موقف مؤرخنا إبن الصيرفى المنحاز ضد الأبشيهى وتحامله عليه يفقده نزاهته كمؤرخ ، بل ويجعلنا نعتقد بأنه كان طرفا فى صراعات الشيوح ، وهذا متوقّع ممّن يصل الى منصبه ويكون قريبا من صنّاع السياسة ، وأهمهم إبن مزهر كاتب السّر اللصيق بالسلطان قايتباى والمؤتمن على أسراره.
3 ــ وقد تقع فتنة ومعارك لأسباب تافهة تؤكّد تفاهة الشيوخ وتدنى مستواهم الخلقى والحضارى ، فقد يتشاجرون على أمر تافه مثل الجلوس على مقعد ، فتثور أزمة يتدخل فيها العوام وينهبون قصر القاضى ويأسرون حريمه، وتصل الأزمة إلى السلطان في القاهرة . وقد وقعت تلك الحادثة في القدس في عيد الفطر 875، يقول ابن الصيرفي: ( ووصل جماعة من علماء القدس الشريف وأجلّهم أبو شريف بسبب مخاصمة وقعت بينهم وبين قاضى القدس وشيخ الصلاحية المسمي غرس الدين خليل أخى أبى العباس الواعظ، واختلف في الحضور على أقوال، فقيل أن المقر الشرفي الأنصاري،( يقصد كاتب السر ابن مزهر) لما حضر عائداً من البلاد الشامية زار القدس الشريف فحضر إليه العلماء والفضلاء فجلسوا عنده، فجلس الشيخ أبو شريف عن ميمنة الأنصاري وجلس غرس الدين القاضى على ميسرته،ثم قال لأبي شريف كلاماً معناه، أن هذا المجلس الذى جلست فيه مجلسي فقم منه، فأجابه بأن هذا مباح، وكان بينهما فتنة قديمة، فانتشر الكلام، واقتضى الحالى على ما بلغني أن عوام البلد هجموا على القاضى فى بيته ، وسبوا حريمه، ونهبوا ما فيه ، وكتبوا محضراً بأفعاله الذميمة وحضروا به إلى القاهرة ، وأرسل القاضى كتاباً بصورة الحال إلى السلطان وكتاباً إلى عظيم الدنيا الداودار الكبير، وهو يدعى أنه من جهته (أى من صنائعه ) ، وعرفهما بما اتفق له مع أهل القدس، فلما وصل خصومه تمكنوا من الوقوف بين يدى السلطان وتوجهوا لبيت عظيم الدنيا الداودار الكبير ، حفظه الله ، فحال وقوع بصره عليهم أمر بإخراجهم وبهدلتهم ، وهو معذور لما بلغه، فخرجوا على أقبح وجه. ). وما ذكره ابن الصيرفي يعطي فكرة صادقة عن نوعية أولئك الأشياخ، برغم أنه يصفهم بأنهم العلماء الفضلاء.
4 ــ وقد كان ( الحافظ ) شمس الدين السخاوى المؤرخ عالم الحديث أعلم أهل عصره في الحديث في الربع الأخير من القرن التاسع، أى في عصر قايتباى، ومع ذلك فقد أضاعوا منصبه في مدرسة دار الحديث بالمدرسة الكاملية في بين القصرين بسبب مبدأ التوارث الذى يجعل الورثة يرثون المنصب دون كفاءة ويحرم منه صاحب التخصص والكفاءة حتى لو كان فى منزلة شمس الدين السخاوى. يقول ابن الصيرفي: ( وقع لصاحبنا الحافظ شمس الدين السخاوي معه،( أى مع الشيخ ابن صالح الأزهرى) المجذوب بحضورى ،( أى بحضور ابن الصيرفي) فكان أمراً عظيماً ، وهو أن الشيخ شمس الدين المذكور أخذ درس الحديث بالمدرسة الكاملية بين القصرين التى هى دار الحديث عن الشيخ كمال الدين ابن إمام الكاملية المذكور بحكم وفاته وله أولاد ثلاثة رجال من الناظر الشرعى له به، فوقف أولاد الشيخ كمال الدين ينازعون في وظيفة والدهم، ووصل أمرهم للمقر العلائى ابن خاص بك وللمحتسب ولحاجب الحجاب وللسلطان وعجزوا أن يأخذوا الوظيفة من السخاوى ،لأمور ،منها أن الحق صار له وأنه من أهل التحدث ( الحديث ) بخلافهم،( أى بخلاف أولاد الشيخ كمال الدين)، ومنعوه ثم تعصبوا عليه ثم رسم له السلطان بكتابة توقيع باستقراره في وظيفته ومنع من يعارضه، وانقطع اليأس (هنا خطأ وقصده انقطع الرجاء) من الوظيفة لأولاد الشيخ كمال الدين، واتفق حضور صاحب الترجمة (يقصد ابن صالح الأزهري المجذوب) في ختمة قريبة بجامع الغمري وحضر فيه جمع جم ومن جملتهم الشيخ السخاوى فقال له: لا تغتر بأنك أخذت الوظيفة من أولاد فلان، عُد (أى أعد لهم) وظيفتهم، وإلا فنحن بعد يومين أو ثلاثة نأخذهم لهم، فما مضى ما ذكره، حتى رسم لهم بأخذ الوظيفة بمساعدة خوند وجوهر المعينى الساقي، وما ساع الشيخ شمس الدين السخاوى إلا الامتثال وأعذر( أى اعتذر لهم ) فيها وترك حقه.).وقد ذكر السخاوى هذه القصة في تاريخه الضوء اللامع 3/85، 8/438.
5 ـــ وقد يحدث صراع بين المشايخ بسبب الأراضي الزراعية وملكيتها واستئجارها والانتفاع بها . وهناك قضية من هذا النوع حدثت يوم الثلاثاء7 شوال 876 وعرضت بحضور السلطان وحضور قضاة القضاة ونوابهم، وكان صاحبها الشيخ برهان الدين العجلوني الذى جاء من القدس بسبب هذه القضية، وقد أورد ابن الصيرفي وقائع هذا المجلس من خلال حضوره فيه . يقول عن الشيخ برهان الدين العجلونى أنه (إستأجر من وكيلين عن أميرين بالشام قطعة أرض مدة معلومة ، وحكم بها حاكم شرعى، وتوجه ليزرعها فوجدها مزروعة لغيره، فأخذ من الذين زرعوها مقاسمته على عادة البلاد الشامية، فحضر الأميران اللذان وكلا الوكيلين إلى القدس وسألا عن ابن العجلوني فاجتمعا به وطلبا منه المال الذى استأجر به الأرض، فأجابهم : أثبتوا . فحصل عندهما قهر منه فعزلا الوكيلين، فلما حضر إليه الوكيلان وطالباه بالمال قال لهما: أنتما معزولان من التوكيل، فقام عليه ناظر القدس الذى هو محمد الشامى وجماعته وحضر فخاصمهم ووصل إلى القاهرة فشكى عليه من عند الأمير قانبك الداودار الثاني، وكان جالساً في مجلسه فقال له: قم اسمع دعوى غريمك أو وكّل، (أى اتخذ وكيلاً أو محامياً ) ، فغاظ وشاط وقال: أنا رجل عالم ما أكرم ؟، فلم يلتفت لكلامه ورسم عليه، فنزل من المقعد ،وسمع للدعوى ،مع أن المذكور من أهل العلم ،غير أنه خفيف العقل أهوج، فوقف للسلطان يشكو من الداودار، ويذكر عنه أنه سفيه وأنه كذا، ويقول السلطان ما يحل له أن يوليه ناظر القدس لأنه ضيع أوقاف القدس ،ويحط على علماء مصر ، ويقول أنهم ما يعرفون شيئاً من العلم، وأن السلطان مأكله حرام ،هو وجميع من في رعيته ، وأن السوهاجي حكم عليه بدفع المال، فأخرجه عن دائرة الإسلام بحضور السلطان وغيره، فلما عقد المجلس في هذا اليوم المذكور قال السلطان لرئيس الدنيا كاتب السر: أنت تأكل من حرام، وقال القضاة أنتم ما تعرفون شيئاً، هذا قال عنكم، أى ابن العجلوني، وقال عن ناظر القدس أن ولايته ما تحل، فقال السلطان نصره الله: هو لوطي أو زاني ويشرب الخمر، فرسم بنفيه في جنزير إلى القدس، فتدخلوا عليه بسبب ذلك ، ( أى تشفعوا فيه ) حتى بطل النفي. ووقع الثناء على الدودار الثاني وأحكامه وعدله في مجلس السلطان. ). فالشيخ العجلونى أكل حق الأميرين بالشام ثم حضر للقاهرة مقبوضاً عليه، ومع ذلك هاجم السلطان والعلماء، وانتهى أمره بالنفي ولكن تدخل أولاد الحلال وأبطلوا النفي.
6 ــ وحدث نزاع بسبب عقار وأموال، كان بطله قاضى القضاة محيي الدين بن الشحنة وذلك يوم 3 محرم 875 يقول ابن الصيرفي : ( وفيه ختم على حمام قاضى القضاة الحنفي المحب بن الشحنة المجاور لمنزله، وسبب ذلك أن الحنفي اقترض من شخص من نوابه، (أى من القضاة الأحناف التابعين له .! ) يسمى محمد إبن الدهانة أربعمائة دينار ، ورهن عنده الحمام المذكور. ثم عرف ابن الدهانة الذى استدان منه ابن الشحنة، أن ابن الشحنة رهن نفس الحمام عند تاجر من قبل، فاشتكى قاضى القضاة ابن الشحنة عند الأمير تغري بردى خازندار الداودار الكبير، وله به معرفة، فأوصله إلى أستاذه الداودار الكبير، وصمم الداودار الكبير على أخذ المكان. ووجدها فرصة الشيخ سعد الدين الديري ليسعى في قضاء الحنفية، ويكيد للشيخ ابن الشحنة، وقد بذل رشوة في ذلك المنصب قدرها ثلاثة آلاف دينار.). نحن هنا لسنا أمام قضاة بل مجموعة من الأفّاقين والنصّابين المحتالين .. ولكنهم يمثّلون بكل صدق شريعتهم السّنية ، ويطبّقونها بكل إخلاص ، وبهم وبها تأكّد الظلم ..
ونعود الى القاضى مؤرخنا إبن الصيرفى الذى ننقل عنه ، فبعدها بأيام ، وفي يوم الخميس 6محرم 875 كان هناك نزاع على ورثة قاضى القضاة حسام الدين بن حريز بين أولاده وأولاد أخيه وأخيه سراج الدين، وعقد مجلس للصلح بينهم في بيت كاتب السر ابن مزهر الأنصاري وانتهى أمرهم على غير شيء.!!.
7 ــ وقد وقعت خصومات بين المشايخ بسبب النساء. ففي شهر صفر 876 وقع نزاع بين القاضى عز الدين العيسي والشيخ شمس الدين الجوجري الشافعي كعادتهما، حسبما يقول ابن الصيرفي ووقع بينه وبين الشيخ شمس الدين الجورجي مخاصمة كعادتهما ، وترافعا عليه أنه قذف زوجته وأساء عليه ، وثبت ذاك عنده فأمر بحبسه ماشياً إلى البرج بالقلعة.
وفي يوم 13 جماد الثاني 876 حدث أن قاضى القضاة الشافعية السابق أبو السعادات البلقيني شكته زوجته وبنت عمه بنت البلقينى للسلطان بإغراء أخيها الشيخ صلاح الدين البلقينى فأرسل إليه السلطان واستحضره وأخافوا أهل منزله، وعقد لهما مجلس ببيت ابن مزهر كاتب السر، وحضرته زوجة قاضى القضاة أبى السعادات(.. وسألها كاتب السر، عن شكواها، فادعت أنها استدانت له مائتى دينار وخمسين ديناراً وأنها كلما طالبته بذلك يأسى عليها ولم يدفع لها شيئاً، فرسم لها أن يحضر غداً تاريخه في بيته ويحضر الشيخ جلال الدين بن الأمانة ويقضى بينهما في ذلك على الوجه الشرعى).ويقول ابن الصيرفي معلقاً على ذلك: ( فانظر إلى إهانة القضاة والعلماء والأصلاء .!! وانظر إلى النساء وكيدهن.!! وانظر إلى حقارته ودناءة نفسه كيف أبقاها في عصمته .!! ما ذاك إلا عدم عقل، فالله المستعان..!!).
8 ــ وقد يحدث التنازع بسبب رغيف خبز وطبق طعام.
في يوم الاثنين 3 ربيع الثاني 877، قبل سفره للشام أقام الداودار الكبير مأدبة حافلة للطلبة في جامع الأزهر على أمل أن ينتصر على شاه سوار، يقول بن الصيرفي :( صنع عظيم الدنيا أمير سلاح الداودار الكبير وباش العسكر المنصور ومع ذلك ــ نجاه الله من المهالك ــــــ معروفاً عظيماً للفقراء ( أى الصوفية ) القاطنين بجامع الأزهر في كل يوم من الخبز ألفاً ومائتا رغيف وطعام يطبخ لهم في كل يوم فجزاه الله خيراً ، وتقبل منه. ثم أنه بعد سفره تخاصم أهل الجامع فيما بينهم وصاروا يرافعون بعضهم ويقولون: هذا له وظيفة، هذا له قراءة، حتى بطل ذلك. والأمر بيد الله المالك.) بينما كان يتنازع الآخرون على المناصب والعقارات والأموال فإن الطلبة في جامع الأزهر كانوا يتنازعون على الرغيف.. حتى أضاعوه.
9 ــ هو مجتمع من الزبالة .كان يقوده شيوخ من زبالة المجتمع المصرى فى عصر قايتباى.
ولكن ما لبث أن أعادت الوهابية لمصر ( عصر الزبالة ).!
أخيرا: الوهابية دين الزبالة الأرضية
1 ــ عشت عصر عبد الناصر (المستبد العلمانى) ، ولا تزال الأفلام السينمائية المنتجة فى عهده تعكس واقع الحياة الاجتماعية وقتها. كان الفساد هامشيا وممثلا فى ( الحرامى ) وهو النشّال فى الاتوبيس والمحتال فى القطارات والمرتشى فى بعض المصالح الحكومية. وكان الانحلال الخلقى هامشيا مع إن فستان الأنثى كان يرتفع أحيانا فوق الركبة ، وكانت فساتين السهرة تكشف معظم الصدر والأكتاف، وكانت المصايف تعجّ بالمايوهات من القطعة الواحدة والقطعتين . وكانت لقاءات العشّاق والمحبين علنية حول النيل وفى المنتزهات وفى دور السينما تلاحقها الدعوات لهم بالزواج والاستقرار وليس باللعنات والاستنكار. وكان القبطى المصرى يمارس دوره الدينى والسياسى والاجتماعى بحرية، ولم يكن الحضور فى المساجد والكنائس كثيفا إذ إنشغل الناس عن المسجد والكنيسة بالمشروع القومى الناصرى . كان الأزهر بمناهجه المتخلفة المنتمية للعصور الوسطى معزولا عن التأثير الهائل فى المجتمع ، وكانت كتبه الصفراء العتيقة لا تخرج عن جدران التعليم الأزهرى ، لم تكن بعد قد إنتشرت وامتدّت الى المجتمع وأصبحت أكثر بياضا وأكثر تأثيرا وإنتشارا.وكنا ونحن طلبة فى التعليم الأزهرى فى الستينيات نشعر بغربتها عن المجتمع ، ونحسّ بالعار من قراءتها. كانت نغمة التدين خافتة وشأنا شخصيا لا يتدخّل فيه أحد ، ولا يتاجر به أحد. لم يكن هناك نفاق دينى ولا تدين سطحى مسيطر ولا وجود للإنحراف الدينى سياسيا وإقتصاديا ، لذا كانت الأخلاق أكثر تطهرا والمعاملات أكثر رقيا ، والعلاقات أكثر صفاءا. كل ذلك بسبب قلة تأثير الدين الأرضى فى حياة الناس.
2 ــ تسللت الوهابية منذ عصر السادات الى أن تحكّمت فى المجتمع المصرى ، فهبطت به الى الحضيض فى الاخلاق والسلوكيات والعلاقات . ساد الفساد وأفسد العباد ، إزدهر الفساد الخلقى بإزدياد جرعة الدين الوهابى وسيطرة الكنيسة على أتباعها والتكاثر المضطرد فى عدد المساجد والكنائس فى كل حارة وشارع وقرية ، ومع تغلغل التعليم الدينى فى التعليم العام ( العلمانى ) وفى مراحل التعليم الأزهرى من الحضانة الى الابتدائى والاعدادي والثانوي والجامعات الاقليمية التى تغطى الآن قرى ومدن العمران المصرى ، وإزدهار مماثل لمدارس الأحد ومؤسسات التعليم الكنسى حيث وجد المسيحى المصرى فى كنيسته ملاذا وعوضا عن الغربة التى يعانيها فى وطنه طالما يعجز عن الهجرة من وطنه. انتشر النقاب والحجاب واللحية والجلباب ومعها الانحلال الخلقى الجنسى العادى والشّاذ و إدمان التحرش الجنسى العلنى وسوء الاخلاق والبلطجة العلمانية والسلفية ، وإنتشر مع هذا النفاق إدمان هائل يتركّز فى أن يعذّب الناس بعضهم بعضا وأن يتحرّش بعضهم بعضا ، فى الشارع وفى المصالح الحكومية وفى المؤسسات الخدمية من مدارس ومستشفيات وفى وسائل المواصلات ووسائل الاعلام. وانعكس هذا على الشوارع والطرقات والأحياء والقرى المصرية ، فالفلاح يتعمّد حرق قش الأرز ليلوّث الجوّ ، ويتعمد الناس صرف المجارى فى النيل ليلوثوا ماء الشرب ، ويتعاون الجميع فى الإثم والعدوان لترتفع جبال الزبالة فى كل مكان دليلا على سمة هذا الجيل المصرى، فهو( جيل الزبالة ) أو( جيل زبالة ). هى زبالة فى القلوب ، وزبالة فى السلوك ، وزبالة فى البيئة والطريق.هذه الزبالة هى التعبير الواضح عن تحكم الوهابية السّنية وقادتها من (الزبالة البشرية ) فى الدعوة وفى العمل السياسى .
3 ــ هذه الزبالة بإختصار هى الوهابية السّنية .
4 ـــ و... آه من مجتمع يعيش ويسير متدثرا بالزبالة الأرضية أو بالوهابية ..!!
1) الهصر: 247، 502، 503، 337: 338، 341، 342، 224، 237، 238، 260، 266: 268، 235، 238، 239، 240، 129، 169، 201.
أعتقد أستاذة عائشة أنه مع كل المساوئ التي نقرأها في تاريخ السلاطين والأمراء . إلا انهم كانوا أقل انحيازا لعشيرتهم على عكس ما نراه من الرئيس لحزبه وولاءه الشديد للإخوان ومصلحة الجماعة .
لذلك فالعدالة التي من الممكن أن تتوفر وبسخاء من الرئيس مرسي سوف تكون لآصحال الحرية والعدالة الذين رفعوه على رؤس الشعب فلذلك يحق له أن يفعل ما يشاء بالشعب ، وأن يعمل لحزب الحرية والعدالة ما يشاؤون .
فهو من قال ويقول البلد بلدنا والدفتر دفترنا
تاريخ الانضمام | : | 2006-07-05 |
مقالات منشورة | : | 5111 |
اجمالي القراءات | : | 56,690,851 |
تعليقات له | : | 5,445 |
تعليقات عليه | : | 14,818 |
بلد الميلاد | : | Egypt |
بلد الاقامة | : | United State |
دعوة للتبرع
لا تقنطوا : أنا في حالة لا يرثى لها،ق انتة من رحمة...
اربعة أسئلة : السؤا ل الأول : ارجو ألّا تذكر اسمى . انا...
إثبات الزواج : هل لا بد من تسجيل الزوا ج رسميا ؟ وهل لابد من...
سبحان الله العظيم .!: عندما يتعجب الإنس ان من أي شيء هل يقول ( سبحان...
تفسير معتمد للقرآن: نريد ان نعرف المرا جع المعت مده فى نفسير...
more
السلام عليكم ، جاء في المقال أن القضاة في عصر قايتباي ، كانوا بين انحرافات في سلوكهم ، ونزاعات فيما بينهم ، يعني باختصار غياب تام للعدالة ، وسيطرة وظلم يقع أعظمه على البسطاء " العوام " الذين لا يملكون قوت يومهم ، وهم بالطبع لا يشعر بمعاناتهم إلا من رحم ربي ! فما أشبه اليوم بالبارحة في معاناة العامة وازدياد المعاناة يوما بعداليوم الذي قبله ، لكن مع اختلاف بسيط أنه يعاني وهو فاقد لكل شيء في انتظار جنة الخلد التي وعده بها أهل السنة إن هو تحمل ولم يقف في أي ميدان ولم يعترض ، وعليه ان يصبر طول حياته حتى تتحسن أوضاع البلد ، لآن هناك عجز في الميزانية ، ولا تريد الحكومة أن يزيد العجز ، حتى ولو كان ما يحتاجه المواطن البسيط حسبة لا تزيد عن مرتبات الحراسة للرئيس ، ومشتشاريه المحترمين ،بل القليل من فائض ما يٌنفق على وقود سياراتهم الفارهة ، جاءت يقظة عدالة فجأة للسلطان قايتباي ــ رغم كل عيوبه ــ فهل ننتظر مثل هذه اليقظة من رئيس مصر ؟ أم أنها أحلام وخيالات مستحيل تحقيقها ؟!!!!!!!!!